عندما يحيا الحب في سطور الرسائل .. أدباءٌ عاشقون دعونا نتخيلْ كم تكون عذبةً الكلمات النابعة من وجدان شاعر، وكم هو رقيق بوحُ كاتبةٍ امتهنت التعبير !
ثم دعونا نتخيل مدى الجمال حين تتماهى تلك الكلمات في عاطفة صادقة نقية ، فتصير مزيجاً عطرياً ينسكب على السطور حاملاً عبير ورودٍ غفت في طيات الرسائل، ورائحة أوراق صُفر تطيب كلما عتّقتها السنوات … من عاصر زمن المراسلات الورقية يدرك تماماً عن أي متعة نتحدث ، ويعرف اللهفة التي كانت ترافق انتظار رسالة ما ، وقد يتذكر كيف كانت رسالة منتظرة حطّت داخل صندوق البريد بعد طول انتظار كفيلة بإسعاد يومه وربما أكثر من ذلك… بالحديث عن الرسائل والمراسلات ، دعونا هنا أيضاً نرجع بالزمن لنلقي نظرة على بعض أشهر قصص الحب التي جمعت بين أعلام الأدب ، و التي كانت الرسائل رسولها الأمين حتى وصلت إلينا بكل شفافية و نقاء حتى بعد رحيل بعض أبطالها …
من أعظم الرسائل بين عاشقين رسائل غسان كنفاني الى غادة السمان من نوع أدب المراسلات وقد نشرتها غادة السمان بعد وفاة غسان كنفاني و قد ساهمت هذه الرسائل في تغيير صورة غسان عند القراء حيث أن القراء قد تعودوا عليه في صورة الاديب الذي يهتم في كتاباته بالقضية الفلسطينية فقط وقد ظهر غسان في صورة الاديب العاشق المتمكن من ألفاظه و الذي يجيد التعبير عن مشاعره على أفضل وجه مقتطفة من الرسائل “على مائدة الفطور تساءلت : هل صحيح أنهم كلهم تافهون أم أن غيابك فقط هو الذى يجعلهم يبدون هكذا ؟ ثم جئنا جميعا إلى هنا : أسماء كبيرة و صغيرة, ولكننى تركت مقعدى بينهم و جئت أكتب فى ناحية , و من مكانى أستطيع أن أرى مقعدى الفارغ فى مكانه المناسب , موجود بينهم أكثر مما كنت أنا”
عشّاق في الشمس ..غادة و غسان : (غادة، عندما أمسكت الورقة لأكتب، كنت أعرف أنّ شيئاً واحداً فقط أستطيع أن أقوله، وأنا أثق من صدقه وعمقه وكثافته، وربما ملاصقته التي يخيل إليّ الآن أنها كانت شيئاً محتوماً وستظل كالأقدار التي صنعتنا: إني أحبك) غسان جاء في أحد المراسلات :(غادة يا حياتي، أنتِ، بعد، لا تريدين أخذي، تخافين مني أو من نفسكِ، أو من الناس أو من المستقبل، لست أدري ولا يعنيني أنك لا تريدين أخذي، وأن أصابعك قريبة مني تحوطني من كل جانب، كأصابع طفل صغير حول نحلة ملونة، تريدها وتخشاها، ولا تطلقها ولا تمسكها، ولكنها تنبض معاً، أعرف حتى الجنون، قيمتك عندي، أعرفها أكثر وأنت غائبة).
رسائل جبران (..جبران) لقد كتبت كل هذه الصفحات لأتحايد كلمة الحب. إن الذين لا يتاجرون بمظهر الحب ودعواه في المراقص والاجتماعات، ينمي الحب في أعماقهم قوة ديناميكية قد يغبطون الذين يوزعون عواطفهم في اللألأ السطحي، لأنهم لا يقاسون ضغط العواطف التي لم تنفجر، ولكنهم يغبطون الآخرين على راحتهم دون أن يتمنوها لنفوسهم، ويفضلون وحدتهم، ويفضلون السكوت، ويفضلون تضليل القلوب عن ودائعها، والتلهي بما لا علاقة له بالعاطفة. ويفضلون أي غربة وأي شقاء (وهل من شقاءٍ في غير وحدة القلب؟) على الاكتفاء بالقطرات الشحيحة
ما معنى هذا الذي أكتبه؟ إني لا أعرف ماذا أعني به، ولكني أعرف أنك محبوبي، وأني أخاف الحب. أقول هذا مع علمي أن القليل من الحب الكثير. الجفاف والقحط واللاشيء بالحب خير من النزر اليسير. كيف أجسر على الإفضاء إليك بهذا. وكيف أفرط فيه؟ لا أدري.