تحمل الأيام المقبلة بين طياتها الكثير من الأحداث الساخنة على الساحة السياسية في تركيا، في ظل التصعيد الذي تمارسه المعارضة وحركة الداعية فتح الله جولن. وتشهد تركيا موجة اضطرابات كبيرة على خلفية قيام الشرطة بشن حملة اعتقالات واسعة للإعلاميين بالتزامن مع الذكرى الأولى لقضايا فساد عائلة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والتي بدأت في ساعة مبكرة من صباح يوم الأحد الماضي، وطالت العديد من الصحفيين والكتاب ومنتجي الأعمال الدرامية وكتاب السيناريو. وفى ذات السياق كان مقتل شابا عمره 17 عاما بالرصاص في اشتباكات بين الشرطة ومسلحين بمثابة وقود النار في جنوب شرق تركيا ذي الأغلبية الكردية ليل الثلاثاء على حين أصيب ضابط شرطة، وقال أقارب الشاب لوكالة "جيهان" التركية إن الشرطة هي التي أطلقت النار عليه. ونقلت وكالة الأنباء التركية «جيهان» عن "أوموت أوران "عضو البرلمان عن اسطنبول الذي يمثل حزب الشعب الجمهوري الذي مزق أعضاؤه نسخة من لائحة الاتهام بحق مشجعي كرة القدم خارج المحكمة الثلاثاء :"لقد ظهر الوجه الحقيقي لتشكيل حكومة حزب العدالة والتنمية". وأضافت الوكالة إن لائحة الاتهام لمشجعي كرة القدم تضمنت تهماً مفبركة منها تهمة السعي إلى احتلال مكتب رئيس الوزراء التركي آنذاك " أردوغان" في اسطنبول القريب من استاد بيشكتاش «لخلق مظهر بأن هناك سلطة ضعيفة ظهرت في البلاد» وجلب وسائل إعلام أجنبية إلى مناطق الاحتجاج. وأكدت الوكالة أن الادعاء التركي طالب بالسجن المؤبد لكل مشجعي فريق بيشكتاش لكرة القدم. في سياق آخر أكدت مجموعات مدافعة عن حقوق الإنسان في تركيا وأخرى معارضة أن محاكمة 35 من رابطة مشجعي فريق بيشكتاش التركي لكرة القدم والمعروفة باسم «تشارشي» بتهمة محاولة القيام بانقلاب خلال مظاهرات حاشدة نظمت العام الماضي في ميدان «تقسيم» وسط اسطنبول تجسد انتهاكاً سافراً من الحكومة التركية للنظام القضائي بقصد الثأر. و يأتي ذلك في أعقاب سلسلة أحداث عنف دامية تبرز هشاشة عملية السلام التي بدأت منذ عامين بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني. وتتوالي الأحداث والاحتجاجات والتي لن تكون في صالح أردوغان، فجاء تصريح بن على يلدريم وزير المواصلات التركي السابق ونائب حزب العدالة والتنمية عن مدينة إزمير بغربي تركيا، أن رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان سيترأس اجتماع مجلس رئاسة الوزراء في الخامس من يناير القادم، كالنار في الهشيم، حيث توقع مراقبون أتراك تصعيد حاد من قبل المعارضة، وقال المحلل السياسي محمد أوزتورك إن تركيا تعيش الآن مرحلة تحول نظام الحكم السياسي إلى النظام الرئاسي أو شبه الرئاسي، بعدما كانت السلطات الأوسع تمنح لرئاسة الوزراء طيلة العقود السابقة، مضيفا أن التعديلات الدستورية "سهلت الطريق أمام أردوغان ليتمتع بصلاحيات أوسع من الرؤساء السابقين". ولعل ما أثار غضب الرئيس التركي ليشن حملة شرسة ضد المعارضة هو الاتهامات بالفساد التي ظهرت العام الماضي والتي اتهم فيها عدد من المقربين له ووزراء الحكومة وعائلاتهم، وألقى الرئيس اللوم على ما أسماه الدولة الموازية التي يتهم الداعية الديني المقيم في الولاياتالمتحدة فتح الله غولن بشنها ضده وحزبه، وجاء مصطلح الدولة الموازية منذ أغسطس الماضي في لقاء خاص مع قناة الجزيرة القطرية ، حيث وصف أردوغان آنذاك "جماعة جولن" والتي تحمل اسم حركة "خدمة" بالعصابة وتعهد باستمرار مكافحتها من أجل حفظ الأمن الوطني، مؤكدا أنه سيقوم بمهام منصبه وفق الدستور من أجل إقامة تركيا "جديدة ومختلفة"، وشدد مرارا علي أن جماعة جولن تحولت إلي مافيا مما دعا الدولة لتسجيلهم باسم الكيان الموازي. وبدوره أعرب "خلوق كوتش" نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، ردة فعل عنيفة على الموقف السلبي لرئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو في الذكرى السنوية لبدء عمليات الفساد والرشوة التي تكشفت وقائعها في 17 ديسمبر . وأدلى كوتش ببيان للصحفيين خلال اجتماع للحزب ألقاه وهو يقف أمام لافتات عليها صور ملثمة للوزراء المتورطين في عمليات الفساد في 17 ديسمبر العام الماضي والتي تعد أكبر عملية فساد ورشوة وقعت في تاريخ الجمهورية التركية. موقف المعارضة التركية من الاعتقالات : قررت قِوى المعارضة التركية بالتنسيق مع ناشطين مدنيين وجمعيات أهلية وخاصة "حزب الحركة القومية اليميني"، أمس الأربعاء، إحياء الذكرى السنوية الأولى لفضائح الفساد التي ظهرت على السطح العام الماضي وطالت مسؤولين بارزين في الحزب الحاكم، تأكيدا منهم علي أن حملة الاعتقالات لن تشتت انتباههم عن ذكري فضائح الفساد، وقام حزب الشعب الجمهوري، أكبر الأحزاب المعارضة، بالتحضير للمناسبة بتجهيز عدد من اللوحات الإعلانية، واللافتات المعادية للحكومة، للتنديد بالتضييق على المعارضة، فضلا عن طباعة كتيبات ومنشورات وصور بأقنعة سوداء للوزراء الأربعة السابقين " الاقتصاد والداخلية والبيئة والتخطيط العمراني ". ومن جانبه وجه حزب الشعب الجمهوري، اتهامات للرئيس التركي، بعرقلة التحضيرات لإحياء المناسبة، حيث إدعت بعض الصحف المعارضة أن أردوغان طلب منع نشر اللوحات واللافتات الإعلانية المعارِضة، وعليه تقدم حزب الشعب الجمهوري ببلاغ ضد أردوغان، وكبير مستشاريه، ورئيس بلدية أنقرة. وذكر معارضون أن عدداً من الشركات الإعلانات والدعاية الخاصة المسؤولة ، رفضت تنفيذ لافتات المناسبة بحجة ضيق الوقت، والمطالبة بأسعار مرتفعة جداً عن الأسعار الطبيعية.