يرى رونان ماكدونالد، أن دور الناقد الأكاديمي القائم على حكم القيمة، تراجع وتضاءل تأثيره وضعفت صلته بجماهير القراء في ظل مد النقد الثقافي الذي بات يتصدر المشهد النقدي في الوقت الراهن. ورونان ماكدونالد، أكاديمى بريطاني تخرج في جامعة ريدنغ، وهو يعمل الآن أستاذًا في جامعة نيو ساوث ويلز في سيدنى (استراليا)، وهو مدير لمركز الدراسات الايرلندية في الجامعة نفسها. أما رأيه ذاك فيتضمنه كتابه "موت الناقد" الصادر حديثًا عن المركز القومي المصري للترجمة، بترجمة الناقد الأردني فخري صالح. ويلاحظ ماكدونالد ذلك التحول الجذري في دراسة الآداب والفنون، والذي نجم عنه حلول القارئ غير المتخصص محل القارئ المتخصص الذي يعمل في المؤسسة الأكاديمية، أو حتى في الصحافة السيَّارة التي أتاحت في عقود سابقة تأثيرًا واسعًا للنقاد الذين ينشرون مقالاتهم وتعليقاتهم في المجلات المتخصصة في مراجعات الكتب، وكذلك في الملاحق الثقافية التي تصدرها الصحف الغربية الكبرى يوم الأحد من كل أسبوع، على سبيل المثال. ويعتقد ماكدونالد أن حضور الناقد تضاءل كذلك؛ بسبب ابتعاده عن كتابة ما يسمى في الحقل النقدي العربي "النقد التنويري"، وانسحابه إلى صومعته الأكاديمية، مكتفيًا بكتابة دراسات وبحوث لا يفهمها سوى النخبة المتخصصة العارفة باللغة الاصطلاحية والمفاهيم والمنهجيات، التي توجه هذا النوع من الكتابات النقدية التي لا تلقى بالًا لما تهتم به الجمهرة الواسعة من القراء من تعريف بالأعمال الأدبية والفنية، وتقديم إضاءات حولها وربطها بسياقات إنتاجها، والتعرف على مواضع تميزها ومقدار إضافتها إلى النوع الأدبي. ويخلص الكتاب، إلى أنه ليس من الممكن أن يحل المدونون محل النقاد، وأنه من حق الجميع التخوف من احتمال تلاشي المؤسسة النقدية وحلول نوع من الكتابات السريعة التي تعتمد على الذائقة لا المعرفة، محل الكتابة التي تضيء النصوص والكتابات، والتي ترينا بصورة جلية لماذا يكون الفن والأدب جديرين باهتمام الناس، فهذا هو الدور الأساسي للناقد والذي ينبغي أن يدافع عنه في عصر المعرفة السريعة عبر شاشات الكمبيوتر.