بالرغم من دعوة بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة لكافة الأطراف المتنازعة في ليبيا خلال زيارته للعاصمة بداية الأسبوع الماضي، بوقف إطلاق النار فورا بدون أي شروط مسبقة، وتأكيده أن المجتمع الدولي لن يقف صامتا تجاه نزيف الدماء المستمر بين المواطنين الليبيين، إلا أن الاشتباكات العنيفة تتواصل في مدينة بنغازي بين قوات الجيش الليبي و" مجلس شورى ثوار بنغازي" من جهة، وبجنوب العاصمة الليبية طرابلس بين قوات عملية "فجر ليبيا" وقوات القبائل وكتيبة القعقاع بمنطقة تكلا من جهة أخرى، ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات. ودعت الخارجية الأمريكية إلى وقف شامل لإطلاق النار في ليبيا، ودعت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جين ساكي، كل الأطراف المتصارعة الليبية للدخول في حوار سياسي بناء من أجل التوصل إلى تسوية للأزمة الحالية التي تواجه البلاد، وأكدت أن ليبيا تمر بتحديات خلال المرحلة الانتقالية السياسية حاليا، وأن واشنطن تدعو إلى عدم التدخل الخارجي في شئونها خلال هذه الفترة. وقتل مالا يقل عن 35 شخصا وأصيب العشرات خلال القتال الدائر في مدينة بنغازي منذ أول أمس بين قوات الجيش الليبي وقوات مجلس شورى ثوار بنغازي. وقال مصدر طبي بمركز بنغازي 1200 إن المستشفى استقبل 13 جثة من قتلى الاشتباكات الآخرى بالمدينة منهم أربعة قتلى بعد تعرضهم لإطلاق النار داخل سيارتهم بالقرب من مصرف الدم بمنطقة سيدي حسين في مدينة بنغازي ووزعت الجثامين الآخرى على المستشفيات. وقد أصدرت الحكومة المؤقتة بيانا بشأن الحراك الشعبي في مدينة بنغازي دعت فيه، المسؤولين عن حراك «15 أكتوبر» بالمدينة وكافة المواطنين، ضرورة التحلي بروح المسئولية، وأن يكون الحراك سلميا، ولا يمس الممتلكات الخاصة والعامة بأي ضرر. وأضاف البيان "أن مدينة بنغازي اجتاحتها على مدى السنوات الماضية أعمال إجرامية من قتل وخطف وتعذيب للمواطنين الآمنين على يد مجموعات وتنظيمات إرهابية، واستهدفت هذه الأعمال خيرة رجال وشباب وسيدات المدينة من نشطاء العمل السياسي والمدني والنخب المثقفة من أبنائها ورجال الجيش الليبي والسلاح الجوي والشرطة ورجال القضاء وغيرهم من موظفي الدولة "، وأضاف أن الحكومة تحترم أي فكر أوعمل فردي أو جماعي يعبر عن نبذه للإرهاب والتطرف وأن يتصدي له شريطة أن يكون في إطار شرعية الدولة وفي حدود القانون. من جانبه، أعلن الجيش الوطني الليبي سيطرته التامة على منطقة بنينا وكافة المحاور حولها بعد اشتباكات دامية شارك فيها أهالي مدينة بنغازي ضد قوات مجلس شورى ثوار بنغازي. وأكد مصدر عسكري - في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط - أن الاشتباكات مستمرة حتى الآن، مشيرا إلى أن قوات الجيش تواصل تقدمها في مختلف المحاور تجاه مدينة بنغازي وكبدت قوات أنصار الشريعة خسائر بشرية كبيرة. وبدوره، قال اللواء خليفة حفتر إن "عملية الكرامة" التي يقودها بدأت عقب تزايد عمليات الاغتيال في صفوف رجال الجيش والشرطة والقضاء والإعلام، وأنها تزامنت مع قرارات مشبوهة من السلطة القائمة حينها بتسريح ضباط الجيش والشرطة تحت دعوى العزل السياسي والإحالة للتقاعد حسب قوله، وأكد أن رئاسة الأركان استطاعت حشد وتنظيم تسليح قطاعات جديدة في الجيش الليبي لم تكن متاحة، واستطاعت أيضا من خلال العمليات الاستخباراتية جمع الكثير من المعلومات. وأردف: " اليوم أنقل لكم أن رجال الكرامة قد صاروا جاهزين لتحرير بنغازي ونحن لن نسمح بأن تذهب دماؤهم هباء وسنعمل على أن يلقى المجرمون جزاءهم في بنغازي مهد الثورة... وسنعمل على إعادة الانضباط في بيوتها وشوارعها حسب تعبيره ". ومع بدء العملية العسكرية، أكد آمر سلاح الجو بغرفة "عملية الكرامة" العميد رُكن صقر الجروشي، أن مُقاتلات سلاح الجو سوف تكثف غاراتها الجوية، بعد تحديد أهدافها بدقة، وقال إنه سيتم استهداف أي تجمعات أومواقع، أوتحركات لسيارات مُسلحة غير تابعه للجيش الليبي. ونفى رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح قويدر، ما تداولته إحدى الوكلات الإخبارية حول قيام مصر بشن غارات جوية داخل الأراضي الليبية لقصف معسكرات لمسلحين في مدينة بنغازي، وقال في تصريح له " إن هذه الاخبار عارية تماما عن الصحة جملة وتفصيلا، لافتا إلى أن قوات الجيش الليبي تقوم بدورها بدون مساندة عسكرية من أي دولة وهي تقوم بمحاربة الإرهاب نيابة عن المجتمع الدولي، ولم يصلها أي دعم من أي جهة". وأضاف قويدر أن الجيش الليبي يحمل تفويضا شعبيا من الشارع الليبي الذي يرفض أي تدخل عسكري،مشيرا إلى أنه على الإعلام أن يقوم بدوره الحقيقي وان يبتعد عن نشر الإشاعات خصوصا في الأوقات الراهنة التي تشهد فيها ليبيا أزمة سياسية. وعلى صعيد القتال بالعاصمة طرابلس، استقبل مستشفى مصراتة الليلة قبل الماضية، طائرتي إسعاف على متنهما 18 شخصًا تختلف إصاباتهم بين البسيطة والحرجة جراء المعارك التي تشهدها مدينة ككلة بين قوات "فجر ليبيا" وقوات القبائل وكتيبة القعقاع. وذكرت مصادر طبية بالمستشفى أنه تم استقبال جثتين من أبناء المدينة لقيا مصرعهما في المعارك الدائرة في مدينة ككلة بجبل نفوسة، وأشارت إلى وصول " مصابين من مدينة بنغازي إلى مستشفى المدينة"، وأن الحالات مازالت تتوافد على المستشفى. من جانبه، أكد آمر غرفة العمليات العسكرية في المنطقة الغربية التابعة للجيش الليبي العقيد إدريس محمد مادي أن قوات الجيش الوطني تسيطر على عدة محاور ومواقع بجبهة الجبل الغربي، وقال إنهم يُسيطرون على النصف الغربي من مدينة ككلة وأن المنطقة تمشط الآن، كما أن قوات الجيش الليبي تُحرز تقدمًا بمحور الكسارات ورأس اللفع، وأبو شيبة. وتابع قائلا:"إن قوات فجر ليبيا تكبدت خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، كما أن الجيش غنم العديد من الآليات العسكرية والدبابات" - حسب قوله - وأوضح أن الجميع يعمل وفق خطه عسكرية مُنظمة، مؤكدًا أن المعركة لم تنته بعد، وأن قواتهم ستستمر في التقدم.