هذا الملف.. لماذا؟ لم يكن مفاجئا ولا مُستغربا، أن يعمد البعض، للتصريح أو الإيحاء، بأن الانتقادات التي وجهها عبد الرحيم على لرجل الأموال نجيب ساويرس، تنطلق من اعتباره «مواطنا مسيحيا».. او لكونه رجل اعمال مسيحي، وكأن عبدالرحيم على الذي قضى اكثر من نصف عمره مهموما ومدافعا عن حقوق اقباط مصر، قد اصبح بين ليلة وضحاها طائفياً، متطرفًا يعادى الاقباط ويدعو لاضطهادهم..!! ومع يقيننا التام أن هذه الايحاءات والتصريحات «العبيطة»، لن تنطلي على المصريين، مسلمين ومسيحيين، وأنهم يتعاملون معها على انها «نكتة بايخة وسخيفة».. إلا أن الامر لا يعدم، ان تلقى بعض المرديين لها، بحسن أو بسوء نية. لذا رأينا أن نذكر ببعض المواقف والآراء والكتابات والتحقيقات الصحفية على مدار قرابة الثلاثين عاما – لعبدالرحيم علي، تناول فيها ما يتعرض له شركاء الوطن من اضطهاد وعدوان على الانفس والممتلكات الخاصة ودور العبادة «الكنائس والاديرة»، وما يلقونه من عدم جدية، - تصل حد التهاون – من مواقف بعض أجهزة الدولة الامنية والاعلامية والتعليمية تجاه ملف «الهموم والمشاكل القبطية».. تصدى عبدالرحيم علي لقضايا وهموم أقباط مصر بكل الصراحة والامانة والوضوح والشجاعة، وكان دائما – في قلب الاحداث الملتهبة، يشير دونما مواربة على «القاتل والضحية» يفتح الملفات المسكوت عنها، ويحذر من التواطؤ والتدليس في مواجهة السهام الطائفية البغيضة والمسمومة المنطلقة ضد أقباط مصر. هذه الشجاعة والمواقف الحاسمة، في تناوله للملف القبطي، جرت عليه الكثير من الويلات، من تهديدات بالقتل له واسرته، وهجوم ضاري عليه، من بعض كبار المسئولين والاعلاميين وجماعات الارهاب المتسترة بالدين، خاض عبدالرحيم هذه المعارك إيمانا منه بعدالة القضايا التي يدافع عنها، ووقتها كان البعض يخشى مجرد أن يشد على يده، حتى لا يتحمل تبعات مواقفه. دافع عبدالرحيم على عن حق اقباط مصر في العيش بحرية وكرامة، في دولة تحترم حقوق المواطنة وحرية العقيدة، ولا تفرق بين ابنائها بسبب الدين او النوع، دولة مدنية حديثة، توفر الحياة الكريمة والعدل الاجتماعي لكل مواطنيها من المسلمين والاقباط. في هذا الملف.. نستعرض نماذجاً من كتابات عبدالرحيم علي على مدار اكثر من ربع قرن .. حول هموم شركاء الوطن .. هذا الملف.. ليس دفاعاً عن عبدالرحيم .. بل تذكير وتوضيح، ونصيحة لمن يحاولون – عن جهل او قصد – خلط الأوراق .. واطلاق حملة مغرضة، سيكون مصيرها الفشل لا محال، تدعى أن عبد الرحيم علي ينتقد رجل أعمال بسبب معتقده الديني، حملة ليس لها اي مصداقية، ولن تجد من يصغى لها، إلا من في نفوسهم وعقولهم مرض أو غرض، فتاريخ عبدالرحيم علي ومواقفه تجاه الاقباط تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك تهافت وتفاهة تلك المزاعم.. ونحن على يقين تام.. أن أقباط مصر يعرفون عبدالرحيم ومواقفه ولن يخدعوا أو يقبلوا بالشعار الزائف المغلوط الذي يرى «إن أي انتقاد لساويرس انتقاد لأقباط مصر». طوال أكثر من ثلث قرن وبالتحديد منذ أن أسند الرئيس الراحل أنور السادات ملف الفتنة الطائفية لأجهزة أمن الدولة المصرية - بعد أحداث كنيسة الخانكة في نوفمبر من عام 1972 - محملا إياهم ما لا يستطيعون تحمله بفعل طبيعة وظيفتهم، سقط علي أرض مصر عشرات القتلي من الأقباط في حوادث اعتداء بشعة تعرضوا لها داخل دور عبادتهم وفي الطرقات المؤدية إلي منازلهم وفي أحضان زراعاتهم، بل إن البعض أجبر علي التهجير من دياره إبان تأجج الأعمال الإرهابية في المنيا بين عامي 1995 و1997 والمفارقة الواضحة أن أحدا من المسئولين عن هذه الاعتداءات الآثمة لم يقدم إلي المحاكم المصرية ليأخذ عقابه العادل والرادع، بينما اعتداء واحد تعرض له السيد الرئيس حسني مبارك علي أرض غير مصرية - في أديس أبابا - نال خمسة من مخططيه حكما بالإعدام .....حتي بات من الحقائق المعروفة أن دم القبطي في مصر ليس له دية، أقول هذا الكلام وأنا أتألم لغياب دولة القانون وسيادة مجموعة من الأعراف التي أدت وسوف تؤدي إلي مزيد من الفوضي يوما بعد يوم. هل ان نستعرض كيف تعاملت حكومتنا الرشيدة مع الاعتداءات علي الأقباط طوال هذه السنوات الطويلة، إنه صرخة لكل ذوي الضمائر في مصرنا المحروسة - نعم مصر وليس سواها فالقضية تخصنا وحدنا - أن يهبوا لإنهاء هذه المظالم ووضع حد لفوضي التعامل الحكومي مع ظاهرة من أخطر الظواهر في المجتمع. الخانكة وتسليم الملف لأمن الدولة: بدأت مأساة الأقباط الحقيقية - من وجهة نظري - مع بداية حكم الرئيس الراحل أنور السادات، الذي بدأه بالتصالح الشهير مع جماعة الإخوان المسلمين، والقطيعة الكبري مع رجال ورموز الحقبة الناصرية، تمهيدا لانقلابه الكبير علي كل موروثات حقبة سلفه الرئيس جمال عبدالناصر. وكانت حادثة كنيسة الخانكة بداية تحويل ملف الأقباط والفتنة الطائفية برمته إلي جهاز مباحث أمن الدولة، فبعد تشكيل لجنة تقصي الحقائق برئاسة جمال العطيفي، وبعد أن وضعت اللجنة تقريرا أشارت فيه لأسباب الاضطراب في العلاقات بين المسلمين والمسيحيين ووضعت برنامجا ناجعا لعلاج تلك المشكلات - التي مازالت بالمناسبة قائمة إلي يومنا هذا - وبعد أن أثني مجلس الشعب علي ذلك التقرير.. تم إيداعه أدراج المجلس وتم تسليم الملف برمته لأمن الدولة. الزاوية الحمراء أول نموذج لتعامل أمن الدولة مع المشكلة: كانت أحداث الزاوية الحمراء أول نموذج لتعامل جهاز مباحث أمن الدولة مع تلك المشكلة، وهو يذكرنا بالضبط بما حدث من تعامل مع مشكلة الإسكندرية، فإذا كنا في الحادثة الأخيرة نحتاج لأن نكون متخلفين عقليا حتي نصدق رواية وزارة الداخلية، فإن الأمر كان أشد غرابة في الحادثة الأولي، فقد وقف الرئيس السادات يشرح ما كتبه له إبانها وزير داخليته النبوي إسماعيل مشددا علي أن المسألة لا تعدو خناقة بين أسرة مسلمة وأسرة مسيحية حول قطرات من الماء العفن سقطت من شرفة إحداهن علي غسيل الأخري، كان الأمر أكثر غرابة من حالة مجنون الإسكندرية، والأغرب أن يروي تلك القصة الرئيس شخصيا. كان الأمر بالطبع أبعد من هذا بكثير، والمفارقة أن أحداث الزاوية الحمراء كانت بروفة نهائية لاستعراض القوة قامت بها جماعات العنف الديني في مصر قبيل اغتيال السادات، ففي محاولة لتحدي أجهزة الأمن واختبار القوة، جاءت إلي القاهرة مجموعة كبيرة من قادة الجماعة الإسلامية في الصعيد لإشعال تلك الأحداث تحت دعوي منع إقامة كنيسة علي قطعة أرض فضاء بالحي، ووصل بهم التحدي إلي طلب تغيير ضابط مباحث مسيحي كان يعمل بالمصادفة رئيسا لمباحث الشرابية وتمت الاستجابة لطلبهم علي الفور ونقل الضابط المسيحي، ولكنهم علي الرغم من ذلك أشعلوا الأحداث التي راح ضحيتها سبعة عشر مواطنا بينهم مواطن مسلم، بالإضافة إلي حرق ونهب ممتلكات عديدة للأقباط ولبعض المسلمين علي السواء. وكما تفعل أجهزة الأمن في كل حادث، واستمرارا لسياسة البعد عن وجع الدماغ، قامت بالقبض علي بعض البلطجية المسجلين خطر وقدمتهم علي أنهم أبطال الأحداث وتم إغلاق الملف. كان هذا الاستعراض للقوة من قبل جماعة كرم زهدي الجديدة هو الأخير قبل العرض العسكري في السادس من أكتوبر 81 والذي تم فيه اغتيال السادات، والمفارقة هنا أنه لو تم اكتشاف تلك المجموعة، وعرض الأمر بصورته الصحيحة علي الرئيس في حينه لتم تجنب وإحباط محاولة اغتياله في العرض العسكري في أكتوبر عام 1981. سرقة محلات الذهب وقتل الأقباط: وعلي نفس المنوال نسجت أجهزة الأمن في كل الحوادث التي تعرض لها الأقباط، ففي السادس عشر من يونيو عام 1981 توجه أربعة ملثمين يقودهم علي الشريف، عضو مجلس شوري الجماعة الإسلامية، إلي نجع حمادي بقنا حيث قاموا بقتل ستة من كبار تجار الذهب الأقباط وسرقة محتويات محلاتهم - وهي المحتويات التي تم تمويل حادث مقتل السادات واغتيالات أسيوط التالية له بها - ووفق الرؤية الأمنية صاحبة الحق في التعامل مع هذا الملف.. تم تعذيب عدد من المسجلين خطر سرقات للاعتراف بارتكاب الجريمة، ثم تم وضعهم في المعتقلات وأغلق الملف كالعادة، إلي أن تم اكتشاف اللعبة عقب اغتيال السادات وأثناء التحقيق مع المتهمين، الغريب أن الضابط المسئول عن هذه القضية ظل يترقي في سلم الوظيفة حتي رتبة اللواء وهو داخل جهاز مباحث أمن الدولة. التسعينيات وحوادث القتل علي الهوية واقتحام الكنائس: لم يختلف الأمر كثيرا في تسعينيات القرن الماضي عندما ارتفعت موجة العنف لتطال الجميع واتخذت الجماعة الإسلامية المصرية المسلحة.. الأقباط رهينة لإجبار النظام علي الرضوخ لطلباتهم، وبعيدا عن الاضطهاد الذي رأيناه بأم أعيننا للأقباط في حقبتي الثمانينيات والتسعينيات في المنياوأسيوط وسوهاج وقنا، والذي وصل إلي حد تطبيق الحدود عليهم في مسجد الرحمن بأرض المولد بالمنيا علي مرأي ومسمع من أجهزة الأمن، وكذا تعليق الرءوس علي أعمدة الإنارة بعد عمليات القتل، كما حدث بين عامي 1992 و1994 في أبوقرقاص بالمنيا، فإن الاعتداءات علي الأقباط بلغت ذروة لم تبلغها من قبل في تلك المرحلة التي شهدت مقتل أكثر من مائة قبطي في حوادث متفرقة، وظل الأمن كعادته يصف هذه الحوادث المنظمة بأنها حوادث فردية يقوم بها بعض الموتورين غير صحيحي العقيدة، ووصل الأمر بمدير أمن أسيوط اللواء مجدي البسيوني إلي أن وصف مذبحة عزبة الأقباط بأسيوط في فبراير عام 1996 - والتي راح ضحيتها ثمانية من الأقباط - بحادث عشوائي، واكتفي النظام بحفلات التقبيل بين الشيوخ والقساوسة عقب كل حادثة، خاصة عندما تكون عنيفة كحادثة اقتحام كنيسة ماري جرجس بأبي قرقاص في فبراير عام 1997 وإطلاق النار علي المصلين من الخلف، وهي الحادثة التي خلفت ثلاثة عشر قتيلا. وانتهي الأمر باحتفال واسع ضم مشايخ وقساوسة من الجانبين وحضره محافظ المنيا آنذاك اللواء عبد الحميد بدوي، وألقيت عدة كلمات من الشيوخ والآباء والكهنة عبرت عن مكنون الود بين الأقباط والمسلمين. أبو قرقاص وصنبو والعجب العجاب: كنت قبلها بسنوات قد غطيت أحداث أبو قرقاص عام 1990 التي تم خلالها حرق مبان وسيارات مملوكة للأقباط في المدينة تحت دعوي قيام مجموعة من الشباب القبطي بتحريض فتيات مسلمات علي القيام بأفعال فاضحة - وهي الدعوي التي تطورت بعد عشر سنوات لتصبح علي أيدي كتاب كبار إجبارهم علي التنصير - كان أصحاب تلك الدعوي في ذلك الزمن البعيد هم قادة الجماعة الإسلامية بالمنيا، وعندما فضحنا التقصير الأمني آنذاك، رد مدير أمن المنيا إبان الأحداث اللواء ماهر حسن في رسالة نشرتها الأهالى في حينها متهما اللواء عبد الحليم موسي بأنه السبب وراء تلك الأحداث، وفجر الرجل مفاجأة عندما أكد، في الرسالة التي بعث بها ل الأهالى، أن الوزير رفض القبض علي الشباب الذين طلبت النيابة التحفظ عليهم حتي أدوا ما عليهم من مهام وأحرقوا البلدة، وأضاف أن الوزير طلب منه أن ينفذ قرار النقل تلبية لرغبة جهات سياسية عليا علي أن يتم تعويضه فيما بعد باعتباره كبش فداء، ولم يقف الأمر عند هذا الحد في التعامل الأمني مع تلك الظاهرة الخطيرة، فعندما ذهبنا إلي صنبو لتغطية المذبحة التي راح ضحيتها أربعة عشر قبطيا، فوجئنا بالأمن يقوم بحماية هؤلاء الناس ويحول إليهم شكاوي المواطنين وحصلنا في ذلك الحين علي شكوي لمواطن وقع عليها رئيس مباحث ديروط بالقول: الشيخ عرفة للتصرف، وعرفة هذا كان أميرا للجماعة الإسلامية التي أشعلت الأحداث بصنبو. كان اللواء عبد الحليم موسي وزير الداخلية يحلو له وصف الأحداث علي أنها صراع عائلي بين عائلتين لا علاقة له بالتطرف أو الطائفية، وقد شن وقتها هجوما شخصيا علينا متهما إيانا بإثارة الفتنة لأننا نطلق علي ذلك الحادث البسيط لفظ المذبحة. دير المحرق ودميانة وعزبة الأقباط وعزبة داود والتمساحية: كل هذه الأسماء السابق الإشارة إليها قري وأديرة شهدت مذابح بشعة ضد الأقباط بين عامي 1994 و1997 راح ضحيتها العشرات، وظلت الدولة تتعامل مع المسألة بنفس الأسلوب، لا طائفية في الأحداث، أحداث فردية، لا متهمين يقدمون إلي المحاكم ولا أحكام. مأساة حقيقية أن تضيع هيبة القانون في بلد يباهي الأمم بحضارته التي تعود إلي سبعة آلاف عام، بلد يسمح ببناء الخمارات وكازينوهات القمار، وملاهي الرقص والعربدة لتجار الفشة والكرشة، ويفكر ألف مرة قبل الإقدام علي منح قرار ببناء دار عبادة!، لقد تكشف لي أثناء سنوات متابعتي لهذا الملف، والتي وصلت إلي ما يقرب من العشرين عاما حتي الآن، أن معظم أسباب الفتنة تأتي من عدم السماح ببناء الكنائس، والبعض الآخر من التراخي في تطبيق القانون علي الجميع واحترام هيبة الدولة، إذ كيف يفهم أن يسمح لقاصر أن تتزوج لمجرد أنها مسيحية أحبت شابا مسلما وتريد الارتباط به، وكيف يسمح لقانون في مصر - كما صرح بذلك أحد المحامين في إحدي القنوات الفضائية - بتعيين وصي علي تلك القاصر بخلاف أهلها للسماح لها بتغيير الديانة، وماذا لو تم هذا مع فتاة مسلمة، إنها مشكلة تطبيق قانون وإعماله علي رقاب الجميع دون اعتبارات سياسية أو دينية. بناء الكنائس والتحولات الجوهرية: في العديسات بالأقصر والعياط بالجيزة ومنقطين بسمالوط ومدن أخري عديدة في ربوع مصر المحروسة راح مسلمون عاديون يحرقون كنائس يتعبد فيها الأقباط لسنوات، لا لشيء إلا لورود شائعة بأن الأقباط في طريقهم إلي ترميمها أو بناء جدرانها التي تهدمت دون إذن أو تصريح من الدولة، والسؤال هنا كيف تحول هؤلاء البسطاء من المسلمين إلي متطرفين، إن هذه الأفعال كانت، ولحقب عديدة، مقصورة علي فئة من الإرهابيين لهم مطالب سياسية معينة.. فماذا حدث؟ الغريب أنه لا يوجد أحد يطرح هذا السؤال ولا يوجد من يسعي بجدية للإجابة عنه، وبعيدا عن السؤال الذي طرحناه فإننا نري الحل أبسط من أن يظل دهرا كاملا حتي يتم تطبيقه واللجوء إليه، وهو ليس بسيطا وفقط وإنما أيضا في متناول سلطات الدولة التي تملك الحق وحدها في السماح ببناء وترميم الكنائس وحماية المتعبدين بها، ولكن يبدو لي أن البعض يريد وضع هذا الملف - دائما - علي سطح صفيح ساخن للمناورة به حينا وللضغط به حينا آخر وللتلويح به في أحايين كثيرة، ولكن ما لا يدركه هؤلاء أو ربما يدركونه ويفعلون ما يفعلون عن عمد، أن هذا الملف لا يجب أن يدخل حلبة الاحتراب السياسي مهما كانت الأسباب والدوافع، وإنما يجب وضعه في قلب اهتمامات الدولة بشكل عام، ورئيسها بشكل خاص باعتباره أخطر وأهم ملف في مصر. الأقباط مطالبهم محددة وواضحة، وقد كشفت عنها جميع الأحداث والمشكلات التي مرت بالبلاد طوال العقود الثلاثة الماضية: إيجاد حل سهل ومريح لبناء دور العبادة الخاصة بهم، والبحث عن حلول عملية لمشكلة تمثيلهم السياسي، وإزالة الاحتقان الطائفي بإيجاد قانون ينص علي احترام المعتقدات وتحريم إثارة الفتنة والتحريض عليها. هذه الإجراءات الثلاثة البسيطة كفيلة بإزالة الاحتقان الحالي ووضع حد لحوادث العنف المتكرر ضد الأقباط. أما علي المدي البعيد فمطلوب وضع تصور لقانون موحد لدور العبادة، مسلمة كانت أم مسيحية، والعمل بالقائمة النسبية في الانتخابات البرلمانية لإتاحة الفرصة للأقباط لدخول البرلمان والمساهمة في بناء وطنهم، هذا بالإضافة إلي إنشاء مجلس أعلي للوحدة الوطنية، يضم حكماء من المجتمع المدني من الجانبين، يكون له حق التدخل السريع واقتراح إجراءات محددة لعلاج الظواهر المسببة للاحتقان الطائفي، وبهذا نكون قد عبرنا بمصر إلي بر الأمان، أما الحديث عن مجانين مطلوقين في الشوارع لا هم لهم إلا الاعتداء علي الأقباط في دور عبادتهم فهذا غير مقبول، لا عقلا ولا خلقا. (من تقرير كتبه عبدالرحيم علي بعنوان"حريق الاسكندرية يطرح الاسئلة الصعبة"..نشر بصحيفة الاهالي في 19/4/2006) * عبدالرحيم علي أول من سلط الأضواء على "فتوى" الإخوان في حكم بناء الكنائس * كشف جرائم الجماعة الاسلامية في فرض "الإتاوات" على مسيحيي الصعيد وقتل الممتنعين * دعا منذ 20 عاما بقانون لبناء دور العبادة ووقف مسلسل افلات الجناة من الجرائم الطائفية بناء الكنائس ولأول مرة يتم الكشف عن فتوى الاخوان فى حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام، حيث تم الاعتماد على ما جاء فى العدد رقم "56" من مجلة "الدعوة "الصادرة عن الجماعة في ديسمبر 1980 ، أسئلة عن الرأي الإسلامي في مجموعة من القضايا التي تتعلق بغير المسلمين منها بناء الكنائس فى دار الاسلام، أجاب عليها جميعا الشيخ محمد عبد الله الخطيب عضو مكتب الإرشاد الحالي . وفيها أجاب مفتي الإخوان بقوله: يقسم حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام على ثلاثة أقسام، الأول بلاد أحدثها المسلمون وأقاموها مثل المعادي والعاشر من رمضان وحلوان، وهذه البلاد وأمثالها لا يجوز فيها إحداث كنيسة ولا بيعه، والثاني، ما فتحه المسلمون من البلاد بالقوة كالإسكندرية بمصر والقسطنطينية بتركيا، فهذه أيضا لا يجوز بناء هذه الأشياء فيها، وبعض العلماء قال بوجوب الهدم لأنها مملوكة للمسلمين، والقسم الثالث، ما فتح صلحا بين المسلمين وبين سكانها، والمختار هو إبقاء ما وجد بها من كنائس وبيع على ما هي عليه في وقت الفتح ومنع بناء أو إعادة ما هدم منها وهو رأي الشافعي وأحمد إلا إذا اشترطوا في عقد الصلح مع الإمام إقامتها، فعهدهم إلى أن يكثر المسلمون على البلد. وواضح أنه لا يجوز إحداث كنيسة في دار الإسلام. ويقول صلى الله عليه وسلم "لا تبنى كنيسة في الإسلام ولا يجدد ما خرب منها" المغني ج8. وطالب عبد الرحيم على جماعة الاخوان إما بتكذيب ما نشرته مجلة الدعوة على لسان كبار قادتهم وفى مقدمتهم الشيخ محمد عبد الله الخطيب، ، على أن يكون التكذيب مصحوبا باعتذار للمصرين جميعا، وإما أن يؤكد الإخوان تمسكهم بما نشرته مجلة "الدعوة"، وأن تكون لديهم الشجاعة الكافية للإصرار على أن هذا هو رأيهم الحقيقي الذي لا يحيدون عنه. دفن غير المسلمين فى مقابر المسلمين وحول الموقف من دفن غير المسلمين في مقابر المسلمين، جاءت فتوى الشيخ محمد عبد الله الخطيب في نفس العدد 56 من مجلة الدعوة ، وفيها أكد مفتى الإخوان أنه لا يجوز شرعا أن يدفن غير المسلم في مقابر المسلمين حتى لا يتأذوا بعذابه في القبر، مشيرا بقوله "نظر علماء السلف في المرأة الكتابية التي تموت وهي حامل من مسلم فقالوا تدفن وحدها لا في مقابر المسلمين ولا في مقابر غيرهم، روى البيهقي عن وائلة ابن الأسقع: أنه دفن امرأة نصرانية في بطنها جنين مسلم في مقبرة ليست بمقبرة للنصارى ولا المسلمين، واختار هذا الإمام أحمد بن حنبل، وقال: لأنها كافرة لا تدفن في مقابر المسلمين فيتأذوا بعذابها، ولا في مقبرة الكفار لأن ولدها مسلم فيتأذى بعذابهم، وأجمع سلف هذه الأمة أن الميت إذا مات يكون في نعيم أو عذاب، وأن ذلك يحصل لروحه وبدنه لذلك لزم التفريق في الدفن بين مقابر ومثوى المسلمين وبين غيرهم". وفى رده على هذه الفتوى، أكد عبد الرحيم على أن السؤال مريب وغير منطقي، وكان واجبا استبعاده لغياب عنصر الجدية، حيث يعلم الجميع أن للمسلمين مقابرهم وللمسيحيين مقابرهم ولليهود أيضا مقابرهم، والإجابة الموجزة تتمثل في الرد بأنه لا يجوز الدفن، لكن الشيخ الإخواني لا يريد أن يفلت فرصة تلوح وتتيح إهانة المسيحيين وتسفيه عقيدتهم إلا ويغتنمها، ويجزم الشيخ في رده بحتمية عذاب غير المسلمين في قبورهم، ولغة التكفير والإهانة هي السائدة المهيمنة، المرأة النصرانية كافرة، والجنين المسلم في بطنها يتأذى بعذاب أمه ومن يشاركونها في الكفر، كما أجمع العلماء أن الميت يتعرض للنعيم والعذاب في قبره، ولكنهم يتفقون أيضا على أن الأمر كله بيد الله وحده، فلا أحد غيره يملك ادعاء العلم بمن يعرف النعيم أو يطوله العذاب". فتاوى الإخوان ضد الأقباط وفى سلسلة من المقالات فند عبد الرحيم على مواقف الاخوان وفتواهم من المسيحيين، والتأكيد على أن موقف الإخوان من المسيحيين سياسي لا علاقة له بالدين، وهم لا يحتكرون الإسلام ولا يتحدثون باسمه، فما أكثر وأعظم العلماء المسلمين الذين يقدمون خطابا مغايرا مضيئا، يجسد ما يدعو إليه الإسلام الصحيح من نسامح وإخاء. وفى 5 سبتمبر 2007 ، كتب عبد الرحيم على فى المصري اليوم إن جوهر ما يسعي إليه الإخوان تأسيس دولة دينية، كما أن ن الدستور في برنامج الإخوان ينحصر في المادة الثانية، وفق تفسيرهم ، والمواطنة تعني الالتزام بأحكام الشريعة، حتي فيما يتعلق بغير المسلمين، والأمن القومي يعني تدعيم الأمن القومي لدول إسلامية بعينها، وفق مبدأ أولويات دوائر الانتماء الحضاري لمصر، بغض النظر عن المصالح العليا للوطن. الجزية ضد مسيحيي الصعيد وفى سلسلة من المقالات والتحقيقات بجريدة الأهالي، حذر عبد الرحيم على فى 1997 من الجماعات الارهابية فى صعيد مصر، وتهديدها للأقباط وفرض الجزية والاتاوات عليهم، وإلا القتل، وفى تحقيق حمل عنوان " أسبوع الدم فى الصعيد"، بتاريخ 19 مارس 1997 ، نشر قائمة ل 37 فردا مسيحيا تم قتلهم بيد الجماعات الاسلامية لعدم دفعهم الجزية، حيث كانت يتم استخدام هذه الأموال فى تمويل الإرهاب. وفى عدة مقالات نشرها عبد الرحيم على فى جريدة نهضة مصر فى شهري مارس وابريل 2008، تساءل حول موقف الاخوان المسلمون من حرية الاعتقاد، وحق غير المسلم في ممارسة شعائره الدينية وبناء دور العبادة التي تستوعب أنشطته الخاصة به، وكيف يتعامل الإخوان مع مفهوم "لا إكراه في الدين" وكيف ينظرون إلى قضية الردة، مفندا مواقف وتناقض الاخوان، والتركيز على الفتاوى المتناقضة، والمواقف الملتبسة. أهل الذمة وفى جريدة الوفد، أثار عبد الرحيم على النقاش حول مفهوم اهل الذمة، خاصة عندما حاول البعض جاهدين إشعال الفتنة الطائفية في مصر بالرغم من بزوغ مفهوم المواطنة ، والاستعانة بالمذاهب الفقهية ، وتفنيد هذه المزاعم. كذلك أثار أزمة حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية، وضرورة احترام غير المسلمين فى صلواتهم، وتوفير الكنائس اللزمة لممارسة هذه الشعائر التى تنص عليها الاديان السماوية، والمواثيق الدولة لحقوق الانسان. الجماعات الجهادية والأقباط وفى ديسمبر 2007 كتب عبد الرحيم على فى جريدة وطني ، عن موقف الجماعات الاسلامية والجهادية من الأقباط ، حيزاً كبيراً في مناقشات النخبة ، لمواقف واصدارات الحركات الاسلامية بشكل عام ، والاشارة إلى ما صدر عن مفتى الجهاديين باعتبار أن الأقباط عند المسلمين أهل كتاب غير معاهدين ، بما يعني بوضوح لا لبث فيه ، أنهم كفار محاربون. «أسبوع الدم في الصعيد» تحقيق ميداني لعبدالرحيم علي نُشر في صحيفة الأهالي في مارس 1997، أحدث ضجة كبيرة وقتها لكشفه مخطط جماعات الارهاب الدينية في استهداف أقباط الصعيد بفرض الإتاوات عليهم، وانفراده بنشر قائمة تحوى اسماء 27 قبطياً من محافظة المنيا تم قتلهم على يد الإرهابيين لرفضهم دفع الإتاوة التي فرضت عليهم، وبوضوح وحسم يحمل عبدالرحيم علي أجهزة الأمن والمحافظ ووزير الداخلية مسئولية تلك الجرائم.