شهدت الجماعة الإسلامية وذراعها السياسي حزب البناء والتنمية، تصدعا وانقساما جديدا بعد أن وصلت الخلافات داخل صفوفها تطورا خطيرا هو الأول من نوعه منذ قيام الجماعة بإصدار المراجعات الفقهية وإعلان تبرؤها من أعمال العنف والإرهاب من داخل السجون، منذ نحو عشر سنوات. وفجرت المقالات التي نشرها عبود الزمر، أحد القادة التاريخيين للجماعة، الأسبوع الماضى، ويدعو فيها للمصالحة مع الدولة، وينتقد جماعة الإخوان والرئيس المعزول محمد مرسي، بسبب سياسة الإقصاء التي مارسوها ضد القوى السياسية الأخرى أثناء توليهم الحكم، شروخا وأزمات تهدد بتفكك الجماعة الإسلامية التي حافظت على تماسكها أثناء الصراع العنيف التي خاضته ضد الدولة المصرية طوال ربع قرن، منذ منتصف الثمانينات في القرن الماضى. وظهرت بوادر الإنشقاق بصورة واضحة في انضمام عدد من القادة التاريخيين للجناح الداعى للمصالحة مع الدولة، وإنهاء التحالف مع جماعة الإخوان. وإنضم إلى عبود الزمر، فؤاد الدواليبى أحد أبرز قادة الجماعة وعدد كبير من الأعضاء في معاقلها بالمنيا وأسيوط، في حين إنضم طارق الزمر رئيس حزب البناء والتنمية وإبن عم عبود وشقيق زوجته، إلى الجناح المتشدد الذي يرفض أي مصالحة مع الدولة ومؤسساتها، ويصر على الاستمرار في التحالف مع الإخوان، فيما يسمى بتحالف دعم الشرعية. ومن أبرز المؤيدين للجناح المتشدد الذي يقوده طارق الزمر، كلا من صفوت عبد الغنى أحد المتهمين في قضية إغتيال الدكتور رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب الأسبق، وعاصم عبد الماجد أحد قادة الخلية التي هاجمت مديرية أمن أسيوط عقب إغتيال الرئيس السادات، إضافة إلى أسامة حافظ وعلاء أبو النصر وخالد الشريف المتحدث باسم الجماعة الإسلامية، الذي تمكن من الفرار إلى تركيا الأسبوع الماضى. وكشفت مصادر الجماعة الإسلامية، أن هناك اتجاها كبيرا داخل الجناح المؤيد للمصالحة مع الدولة، على ضرورة العودة من جديد إلى المسار السياسي والإندماج في العملية السياسية والمشاركة في انتخابات مجلس الشعب، وهو الأمر الذي يرفضه الجناح المتشدد بالجماعة، ويقوده طارق الزمر رئيس حزب البناء والتنمية الهارب إلى قطر، ويعتبرون أن المشاركة في الانتخابات البرلمانية تعتبر خيانة لما يسمونه بدماء شهداء رابعة واعترافا بما يصفونه بالانقلاب العسكري وخريطة الطريق التي أعلنها المشير السيسى عقب عزل محمد مرسي. من جانبه أصدر اليوم أسامة حافظ، نائب رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية، بيانا قال فيه، إن ما يحدث من ملاحقات أمنية لأبناء الجماعة وقادتها بدأته أجهزة الأمن منذ 3 يوليو 2013 وأن هناك مطلوبين من الجماعة لدى الجهات الأمنية. وأضاف أن "الجماعة وذراعها السياسية مكون أساسي في تحالف دعم الشرعية، الذي بات ضميرًا وطنيًا للطامحين للحرية، ممن يزالون مستمرين لأكثر من عام يقدمون أرواحهم في سبيل نيل حريتهم"، معتبرًا أن "ما يثار بين الحين والآخر عن محاولات لزعزعة التحالف الوطني غير صحيح، وأن الجماعة الإسلامية مستمرة في التحالف الوطني وأنها لن تترك دماء الشهداء". وأعرب عن استيائه من ملاحقة قادة "الجماعة الإسلامية"، التي وصفها ب "الاستفزازية"، وطالت قيادات الجماعة وعلى رأسهم الدكتور نصر عبدالسلام وغيره من قيادات التحالف "الذين باتوا صمام أمان لغضب الشباب الجامح، والذي بات على حافة الانفجار". وتساءل حافظ: "ما الذي تكسبه القوات الأمنية من القبض على دعاة السلمية، سواء من الجماعة أو غيرها"؟