كشف الباحث الأثري سامح الزهار المتخصص في الآثار الإسلامية والقبطية أن فكرة " المولات التجارية " مستمدة من العمارة الإسلامية المعروفة بالعمارة التجارية، التي عرفتها مصر من أكثر من خمسة قرون، وذلك عكس ما يعتقده البعض من أنها ترجع للعصر الحديث ومستمدة من الغرب. وقال الزهار – في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم - إن هذه المولات كانت تعرف باسم " الوكالات " و هي نوع من انواع العمارة التي عرفتها الحضارة الاسلامية ، و شهدت تألقا ملحوظا في بنائها و زخارفها و عمارتها في مصر ، وكانت كأنها تحفه معمارية تتألق في شوارع القاهرة. واضاف ان تلك الوكالات وعمارتها خير شاهد على عظمة المعمار المسلم حيث ان الاهتمام فى الحضارات السابقة كان بالعماره المدنية و فى مقدمتها السكنية كالقصور و المنازل، أو فى العمارة الدينية كالمساجد ، لكن فى الحضارة الاسلامية بصفة عامه و فى مصر بصفة خاصه قد ارتفع شأن العماره بأسرها و على رأسها تلك العماره التجارية التي شهدت عليها عمارة الوكالات. وأوضح ان وكالة " بازرعة " احد أشهر الوكالات التجارية الاثرية في مصر بمنطقة الجمالية بالقاهرة، و تعد أجمل وكالات مصر في فترة الحكم العثماني و شيدت في القرن الحادي عشر الهجري، مشيرا إلى أنها قد عرفت سلفا باسم وكالة " الكيخيا " نسبة إلى حسن كتخدا الملقب ب(الكيخيا) و كان نشاطها فى بداية الامر في بيع الأخشاب حتى أواخر القرن التاسع عشر، حين اشتراها تاجر من أصل حضرمي و هو محمد بازرعة الذي أطلق عليها اسم وكالة بازرعة و قد خصصها لبيع الصابون النابلسي والبن اليمني. ووصف الزهار عمارة الوكالة ، موضحا انه تم وضع التخطيط العام لوكالة بازرعة على أساس التخطيط للداخل حيث تنتظم وحداتها حول صحن مستطيل مكشوف و ذلك بحسب النمط الذي كان سائدا آنذاك ، و تتكون من جزأين الاول تجاري يضم بعض العناصر المعمارية التي تنتظم بدورها حول الصحن بالطابقين الأرضي و الأول بالاضافة إلى بعض المحلات التجارية التي تطل على الواجهة الرئيسية للوكالة ، أما الجزء الثاني فهو الجزء السكني و يتكون من طابقين و تتكون كل وحدة سكنية من طابق أول فيه مدخل ودورة مياه و مطبخ وسلم وقاعة استقبال و معيشة بارتفاع طابقين. وتابع أن للوكالة مدخلين اولهما رئيسي يؤدي إلى فناء الوكالة و ثانيهما مدخل خاص يؤدي إلى الوحدات السكنية العلوية و ذلك للخصوصية و فصل الحركة التجارية عن حركة النزلاء أما بقية واجهات الوكالة فهي ملاصقة لمباني مجاورة ، لافتا الى ان كسوة الكعبة كانت تخرج من الوكالة وتحمل الكسوة بالقوافل لتغادر الى الحجاز . واشار الى ان وكالة " الغوري" تعد أيضا من أهم تلك الوكالات التجارية وهى انشأت في عهد قنصوه الغوري عام 909 ه ، و هي احدي درر العمارة التجارية فى مصر و احد النماذج القليلة المكتملة بالنسبة للوكالات ، ، مؤكدا ان وكالة الغوري هي جزء من المجموعة الأثرية التي بناها السلطان قنصوه الغوري و التي تتكون من مدرسة و خانقاه و سبيل و كتاب و المنزل و تنتهي المجموعة بوكالة الغوري الأثرية . واوضح ان وكالة الغورى تتكون من صحن مكشوف مستطيل تحيط به من جميع جوانبه قاعات على خمسة طوابق لها واجهة رئيسية تقع في الضلع الجنوبي و يقع بها المدخل الرئيسي للوكالة يتم الصعود إلى الطابق الأول عن طريق سلم من الحجر كما يوجد في الطابق الأول ما يقرب من ثلاثين حاملا ، اما الطوابق الثلاثة العلوية فيوجد بها حوالي تسعه و عشرين منزلا كما ان اغلب المصادر التاريخية تؤكد أن حوامل الطابقين الأرضي و الأول كانت تستخدم كمخازن للتجار .