اهتمت الصحف الأوروبية والفرنسية بالانتخابات الأوروبية لاختيار أعضاء البرلمان الأوروبي الجديد البالغ عددهم 751 عضوا، باعتبار أن هذا البرلمان هو الذي سيحدد سياسة الاتحاد الأوروبي خلال الخمسة أعوام المقبلة. اليوم نحو 380 مليون ناخب أوروبي مدعوين لاختيار ممثليهم في البرلمان الجديد الذي يضم قوائم في 28 دولة أوربية، حيث افتتحت مقار الانتخاب أبوابها في الساعة الثامنة صباحًا وسوف تستمر حتى الساعة السادسة أو السابعة أو الثامنة مساء حسب مواعيد غلق المكاتب في كل دولة، بينما سيتم إعلان النتائج في الساعة الحادية عشرة مساء بعدما تغلق آخر دولة وهي إيطاليا مكاتب الاقتراع فيها. وفي فرنسا يذهب نحو 46 مليون مواطن لانتخاب 74 نائبا أوربيا من أجل البرلمان الكائن في ستراسبورج في اقتراع يخيم عليه سمة المقاطعة الشاملة. ومن جانبها، أوضحت الصحيفة الفرنسية " لو باريزيا" إذا كان يوجد تشويق حقيقي حول الفائز في الانتخابات، فإن الامتناع الشامل عن المشاركة في الانتخابات هو الطرف الفائز حتى الآن، ففي فرنسا تعدت نسبة الامتناع 60% وهي أول مرة في التاريخ السياسي للبلاد. وبينت الصحيفة المذكورة أن نسبة الامتناع عن التصويت تزداد تدريجيًا منذ الانتخابات الأولى للاتحاد الأوربي وحتى الآن، حيث امتنع 39. 29% من الفرنسيين عن المشاركة في انتخابات البرلمان في عام 1979، حتى وصلت نسبة الامتناع إلى 59. 37% خلال الانتخابات الأخيرة في عام 2009. ولا يتوقف الأمر على الفرنسيين فقط، حيث إن نحو 67% من الأوربيين يعتبرون أن أصواتهم ليست لها قيمة في الاتحاد الأوربي وفق دراسة أجراها " أوروبارومتر" وهو مكتب تابع للاتحاد الأوربي يجري دراسات على الرأي العام حيال الاتحاد. ولا تتوقف نسبة الامتناع عن المشاركة في التصويت في انتخابات البرلمان الأوربي في التصاعد ففي انتخابات 2004 وصلت نسبة الامتناع عن المشاركة إلى 54، 53% من الأوروبيين، وارتفعت النسبة في الانتخابات التالية في 2009 لتصل إلى 56، 92%. ووفق المحلل الفرنسي أن الانتخابات الأوربية مليئة بالعيوب وأول هذه العيوب أنها انتخابات جماعية، أي انتخابات بالقوائم، ولا أحد يعلم لمن يصوت. وبحسب الصحيفة فإن العزوف عن المشاركة في الانتخابات لا يتوقف فقط على الانتخابات الأوربية، لكن تعدى إلى جميع الانتخابات التي تجرى في البلدان الأوربية بما فيها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ففي جميع الانتخابات تتزايد نسبة الامتناع عن المشاركة من كل انتخابات إلى الأخرى. وتسليط الضوء على الفرنسيين، يرى مدير معهد الأبحاث " Cevipof" أن الفرنسيين ملوا من السياسة التي أصبحت لا تحقق تطلعاتهم، ونتيجة لذلك فإن الانتخابات تظهر لهم على انها لعب سياسية صغيرة يحاول خلالها السياسيون أن يقدموا وعودا ليست في أيديهم. ووفق الموقع الإخباري الفرنسي " أر تي إل فرانس" فإن قادة الاتحاد الأوربي فشلوا في اقناع الشعوب الأوربية بالمشاركة في مثل هذه الانتخابات المهمة خاصة مع تصاعد شعبية الأحزاب والأطراف التي تدعو إلى حل الاتحاد الأوربي الذي تسبب في أزمات اقتصادية قوية للعديد من الدول الأوربية خاصة في الجنوب. وفي هذا السياق يوضح الموقع أن آلية الاتحاد الأوربي لا تزال غامضة بقوة، وهو ما يتسبب في تزايد نسبة العازفين عن المشاركة في الانتخابات. وبحسب الموقع، فإن الحملات الموالية للاتحاد الأوربي تحولت إلى الدور الدفاعي ضد الاطراف التي تدعو للمقاطعة، وهذا ما تسبب في ضعف دور هذه الحملات التي لم تلعب دورا مهما في اقناع الأوروبيين بالمشاركة، إضافة إلى افتقاد هذه الحملات للرموز الكاريزمية التي تمتلك وسائل قوية للاقناع. ومن جانبها، أعلنت القناة الفرنسية " القناة الثالثة" على موقعها أن هناك مقاطعات أوربية لا تتعدى نسب المشاركة عن 16% في المتوسط خلال الاثني عشرة ساعة الأولى من الاقتراع، كما في مقاطعة بورجوني الفرنسية " 16، 13%"، ومقاطعة كوت داور " 13، 30%"، ساون لوار " 19، 13%" ومقاطعة نيفر "14، 61%". وبحسب صحيفة " لو فيجارو " الفرنسية فان معدل المشاركة في فرنسا حتى منتصف اليوم كان" 15، 70%" وفق ما أعلنته وزارة الداخلية الفرنسية. ومن جانبها أعلنت صحيفة " فرانس بوليتان" بحسب ما نقلته عن الداخلية الفرنسية في الساعة الخامسة مساء أن نسبة المشاركة قد ارتفعت في فرنسا إلى 35، 07% وهو يزيد بفارق أقل من 2% عن نسبة المشاركة في فرنسا حتى هذه الساعة خلال الانتخابات البرلمانية الأوربية السابقة.