الدكتور كمال الهلباوي: “,”إياكم وغضبة الحرافيش“,” يا مَنْ تهددون ثوار 30 يونيو - مبارك وحد المصريين في 25 يناير ومرسي جعلهم فصيلين “,”متحاربين“,” في 30 يونيو - الشارع المصري وصل إلى مرحلة الانفجار ولن يحافظ على سلميته طويلاً - المصري لم يعد أعزلاً وتهديدات الجماعات الإسلامية ستتحطم على سلاح الشعب - “,”مرسي“,” أحاط نفسه بالجماعات الإسلامية في مؤتمر “,”نصرة سوريا“,” ليظهر للمعارضين قوته - عاصم عبد المجيد لن يحمي نظام الجماعة طويلاً بتهديداته النارية - الجماعة تتشدق بشرعية صندوق فَقَد صلاحيته برئيس لم يحقق وعوده للناخبين - الإخوان المسلمين اعتبروا أن صندوق الانتخابات “,”شيك على بياض“,” ليتحكموا في مصائر ناخبيهم - الإسلاميون شوهوا المشروع الإسلامي واستعانتهم بالجماعات المتشددة دليل رعب من يوم 30 يونيو - مصر تعيش عصر الفتن العظمي والدم سيملأ الشوارع طالما فكر الإسلاميين قائم على مبدأ “,”شهيد تحت الطلب“,” - مؤتمر “,”نصرة سوريا“,” يؤكد أن مصر في عهد “,”مرسي“,” ستلعب الدور السعودي الذي لعبته في تحطيم العراق 1990 - لماذا لم يدع العريفي الشعب السعودي للجهاد في سوريا وجاء إلى مصر ليدعو شعبها - الإسلاميون لن يجرءوا على تنظيم مؤتمر لنصرة المسجد الأقصى والدعوة لجهاد الصهاينة لأنهم اقتحموا باحته - السلفيون يحرفون القرآن الكريم لتحويل دفة الصراع في المنطقة من عربي إسرائيلي إلى سني شيعي “,”إياكم وغضبة الحرافيش“,” يا من تهددون ثوار 30 يونيو.. بتلك المقولة التحذيرية بدأ الدكتور كمال الهلباوي، القيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين، حديثه مع “,”البوابة نيوز“,”، مؤكدًا أن تصريحات وتهديدات “,”عاصم عبد الماجد“,” للشعب المصري لن تحمي النظام القابع في الاتحادية طويلاً، مبينًا في الوقت نفسه أن سياسات “,”مبارك“,” وحَّدت الشعب المصري كله في 25 يناير، بينما نجح “,”مرسي“,” في جعلهم فصيلين متحاربين في 30 يونيو. “,” “,” وقال الهلباوي في حواره: إن الشارع المصري وصل إلى مرحلة من الانفجار جعلتنا نتيقن أنه لن يحافظ على سلميته طويلاً كما فعل في 25 يناير، خاصة وأن المصري لم يعد أعزلاً من السلاح، وأن تهديدات الجماعات الإسلامية ستتحطم على سلاح الشعب، مشيرًا إلى أن “,”مرسي“,” أحاط نفسه بالجماعات الإسلامية في مؤتمر “,”نصرة سوريا“,” ليظهر للمعارضين قوته. وإلى نص الحوار.. ** بداية.. هل تعتقد أن مصر في طريقها للموجة الثانية من الثورة الشعبية التي انطلقت في 25 يناير وسرقت منها، وإذا كانت ثورة حقيقية كيف تتوقعها، خاصة وأن الموجة الأولى لم يتم الإعداد لها بهذا الشكل ولم يتوقع المتابعون نجاحها؟ لا توجد ثورة في التاريخ تمكن أي شخص في العالم من التنبؤ بها على الإطلاق، أو توقع أن تحدث ضد أنظمة بعينها، وإلا ما نجحت تلك الثورات، ولكن هناك دائمًا مؤشرات على انفجار الشعب ضد الأنظمة السلطوية والفاشية الديكتاتورية، وما نعيشه اليوم لا يدل على أنه مبادئ ثورة؛ لأن الثورة انطلقت بالفعل في 25 يناير، وإنما يمكن أن نطلق عليه مبادئ لانفجار الشارع لاستكمال الأهداف التي نادى بها طوال 18 يومًا من الثورة على النظام السابق، ورأى أنها لم تتحقق على أرض الواقع بل إنه وصل إلى أسوأ صورة لم توجد في عهد مبارك نفسه. ** غالبًا ما ينتهي الانفجار الشعبي بكارثة، فثورة يناير بدأت بتغيير وزير الداخلية وبإلغاء مجلس الشعب المزور فقط، ولكن غباء النظام جعلها ترتقي إلى مستوى ثورة، بينما الانفجار الشعبي يمكن أن يصل بنا إلى شكل من أشكال الثورة الفرنسية الأعنف دمويًّا في التاريخ، أي سيناريو في رأيك يمكن أن ينتهي بنا 30 يونيو؟ للأسف هذا صحيح.. لأن جميع السيناريوهات المتعددة ستكون مطروحة وبقوة، خاصة وأن المشهد سيكون مفتوحًا ومختلفًا عن أحداث 25 يناير، ففي أحداث 25 يناير لم يكن الشعب المصري يقف في الميادين ضد بعضه البعض، كان الجميع إسلاميين وليبراليين وعلمانيين ويساريين وناصريين وحزب كنبة يقف ضد مبارك، بعكس اليوم هناك قطاع كبير من الإسلاميين يقف مع النظام وقطاع صغير من الإسلاميين يقف مع بقية الشعب الذي يصنفه البعض بغير الإسلاميين ولكنه يقف مع التغيير، وبما أن المشهد بهذا الشكل سيكون مختلفًا عن المشهد قبل 25 يناير إذًا كل الاحتمالات ستكون مفتوحة، أحد الاحتمالات أن يمر هذا اليوم بسلام سواء تحققت مطالب الشعب أو لم تتحقق، وهذا ما نتمناه، ولكني أعتقد أن هناك رائحة صدام ودماء وضحايا وصراخ وصراع بين طرفين بعد أن نجحت سياسات مرسي في تقسيم الشارع المصري لأول مرة منذ الملك “,”مينا“,” موحد القطرين إلى إسلاميين وغير إسلاميين. ** هذا الصدام الدموي سيقدم ضحايا كثيرة والجميع يعلم مَن سيكون الضحية في النهاية، الضحية سيكون الشعب الأعزل وسط جماعات إسلامية متشددة وصفت بالإرهاب. مقاطعًا.. من قال إن الشعب المصري بعد كل ما تعرض له طوال العام الماضي أصبح شعبًا أعزلاً سيقف صامتًا على قتله، لذلك نصيحتي للجماعات الإسلامية المتشددة “,”إياكم وغضبة الحرافيش“,”، فهؤلاء لم يستطع أي نظام حاكم أو مستعمر مستبد أن يسيطر عليهم منذ عهد الفراعين الأوائل، وحرافيش اليوم ليسوا كحرافيش الأمس، فقد انغمس الجميع في العمل السياسي، حتى أصبح الفلاح والعامل والصانع والتاجر والموظف والعاطل يمتلك أدواته التي ستدافع عن وجهة نظرة، ولا تنسى حجم الأسلحة الغريبة التي دخلت مصر من ليبيا وغزة والسودان. ** وهل ستقف القوات المسلحة موقفًا متفرجًا؟ هذا هو ما يخشاه الإسلاميون، فالجميع يعلم جيدًا أن العائق الوحيد أمام الإسلاميين بمختلف أفكارهم وأيديولوجياتهم يعلمون أن الجيش المصري لن يقف ساكنًا أمام الدم الذي سيسيل، وهو بالتأكيد لن يكون في صالح جماعة الإخوان المسلمين أو في صالح السلفيين ولا حتى في صالح الجماعات الإسلامية المتشددة التي تتصدر المشهد الترهيبي. “,” “,” ** قصدت من سؤالي الخاص بمفهوم الصدام مع شعب أعزل أن من تَعَوَّد على حمل السلاح هم الإسلاميون وليسوا الشعب، فالجماعة وحتى الجماعات والجهاديين. مقاطعًا.. لا أعتقد أنه أصبح هناك فرق بين الإخوان المسلمين والسلفيين والجماعات الإسلامية المتشددة؛ لأنهم في مؤتمر نصرة سوريا وقفوا جميعًا صفًّا واحدًا ضد إرادة الشعب المصري، وقفوا جميعًا يرهبون ويكفرون الشعب الذي سيخرج عليهم في 30 يونيو، بل ووصل الحد إلى تكفير مبدأ المعارضة، وهذا يثبت أن الإخوان كمصطلح لم يعد موجودًا، فهذا الرئيس كان ينتمي للإخوان، واليوم أصبح محاطًا بالجماعات الإسلامية، هو يرى أن وجوده بجوار “,”عاصم عبد الماجد“,” صاحب التهديدات النارية، والمشايخ أصحاب المذاهب التكفيرية والجهادية رغم أنهم في يوم من الأيام كانوا مادحي مبارك سيحقق له الأمان. ** ما قبل 25 يناير لم يكن هناك مبدأ التكفير الذي شاهدناه بكثرة في مؤتمر نصرة سوريا، وهذا يؤكد أننا سنرى أحداثا أكثر دموية في 30 يونيو؟ الأهم والأخطر من قضية التكفير في مؤتمر نصرة سوريا هي المؤشرات التي خرجت بها من هذا المؤتمر، فأنا أعتقد مصر بهذا المؤتمر تقوم بالدور الذي قامت به السعودية سنة 1990 بالنسبة للعراق، فالفتاوى نفسها من نفس العلماء المعروفين بالتفرقة والتمزيق بين السنة والشيعة، تلك الطائفية الموجودة تمهد الأرض لصراع طائفي في سوريا تحت رعاية الولاياتالمتحدةالأمريكية التي أعلنت أنها ستسلح المعارضة السورية. ** معنى ذلك أن دعوة العلماء بالجهاد في سوريا تأتي وفقا لرغبة أمريكية بمهاجمة النظام السوري؟ بالطبع.. وإلا فلماذا جاءت الفتاوى التي أطلقها العريفي واتحاد العلماء المسلمين برئاسة القرضاوي بعد دعوة أوباما بتسليح المعارضة السورية بثلاثة أيام فقط، فمؤتمر نصرة سوريا جاء برعاية ورغبة أوباما وليس برغبة “,”مرسي“,”، ومن تحليلاتي ومعايشتي لأزمة الخليج الأولى، أستطيع أن أؤكد أنها السيناريو الثاني لمحاصرة العرب. ** هذا لا يمنع أن نظام بشار الأسد يقمع ويقتل شعبه؟ بالتأكيد.. ولكن السؤال الأهم، لماذا يأتي الشيخ العريفي من السعودية ليدعو المصريين إلى الجهاد في سوريا؟، لماذا لم يقم العريفي بدعوة الشعب السعودي للجهاد؟، وكيف ينظر هؤلاء المشايخ الأجلاء إلى الأولويات والتحديات التي تواجه الأمة العربية والإسلامية؟، هل الأولويات الآن أصبحت تدمير سوريا رغم بشاعة النظام الديكتاتوري هناك؟، وما موقفهم من القواعد الأمريكية الموجودة في الخليج؟، ولماذا لم يدع العريفي المسلمين للجهاد في الخليج ضد هذه القواعد؟، ستظل هذه الأسئلة معلقة بلا إجابة. ** وهناك تساؤل آخر لم تطرحه، هو: لماذا لم تخرج تلك الدعوات حينما هاجم الصهاينة باحة المسجد الأقصى الشهر الماضي؟ هذا أيضا يجعلنا نشك في دعوة المشايخ، فطوال ستين عاما وإسرائيل والحركة الصهيونية تتعامل بشكل عدواني مع الشعب الفلسطيني، وتحتل جزءا من سوريا في هضبة الجولان، ولها يد أيضا في سد النهضة الإثيوبي، ولكنهم لم ولن ينظموا مؤتمرا للجهاد ضد الصهاينة، وكما شاهدنا في مؤتمر سوريا، تحول الهتاف والشعار من “,”على القدس رايحين شهداء بالملايين“,” إلى “,”على دمشق رايحين شهداء بالملايين“,”. ** هل تعتقد أن دور الإسلاميين الآن أصبح ممثلا في تحويل دفة الصراع من عربي إسرائيلي إلى سني شيعي أي صراع طائفي؟ بالتأكيد المجموعات السلفية تفعل هذا، وللأسف يقومون بتحريف كلام الله عن موضعه، لأن الله سبحانه وتعالى يقول “,”لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا“,”، بعض السلفيين يقولون إن الشيعة هم أشد عداوة وأكثر من اليهود وهذا تحريف لكلام الله. ** عندما ضرب الصهاينة الإذاعة المصرية قالت دمشق “,”هنا القاهرة“,”، و“,”الإخوان“,” دائما كانت تطالب بغلق سفارة القردة والخنازير، ولكنهم لم يفعلوا، وبادروا بغلق السفارة العربية السورية، كيف سنفهم مفهوم القومية العربية الذي دائما ما تنادي به القاهرة في ظل تلك التطورات؟ المؤتمر القومي العربي كان هنا منذ أسبوع أو أسبوعين وتحدث وناقش قضية سوريا وقضية إسرائيل وفلسطين، باعتبارهما أهم قضيتين على الساحة العربية الآن، ولكن الغريب أن القرار الوحيد الذي خرج كان بطرد سوريا من الجامعة، ومصر تقوم بغلق سفارة سوريا وتقطع الاتصال وتقطع الصلة الدبلوماسية وفي نفس الوقت السفارة الإسرائيلية في القاهرة شاهدة على الهيمنة الأمريكية والصهيونية. ** إذن الجهاد في سوريا حرب “,”صهيو أمريكية“,” بالوكالة؟ هناك توافق بين ما أرادته أمريكا وما أفتي به العلماء وما قاله مرسي وما فعله، وهذا نفس ما حدث في أزمة الخليج الأولى، وشاهدنا كيف اجتمع العلماء ليخرجوا بفتوى بالاستعانة بالقوات الأجنبية لطرد صدام حسين، فجاءت القوات الأجنبية ومات صدام حسين وظلت القواعد الأمريكية كما هي، ولم يقل لنا أي من العلماء المسلمين متى ستخرج تلك القواعد؛ لذلك أخشى أن يتكرر نفس السيناريو، ونجد في يوم من الأيام دولة عربية كبرى تم تدميرها ومزيدا من القواعد الأمريكية وحروبا طائفية سنية شيعية، المستفيد منها بالطبع سيكون إسرائيل. ** نعود إلى أحداث 30 يونيو وأنت تحدثت عن احتمالية سيطرة الجيش على الأمور أذا انفلت الأمر في الشارع، ماذا عن الشرعية والصندوق والانتخابات التي تتشدق بها الجماعة؟ الصندوق انتهت شرعيته بالفعل، ومن يتحدث بشرعية الصندوق اليوم جاهل بالسياسة والديمقراطية، لأن شرعية الصندوق ليست “,”شيك على بياض“,” ليتحكموا بمصائر ناخبيهم، ونسوا أن شرعية الصندوق في عقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم، في أن يقوم الرئيس والحزب الحاكم بتنفيذ كل الوعود التي قطعها على نفسه، ولكنهم لم يلتزموا بمبادئ تلك الشرعية فسقط من حسابات الشعب. “,” “,” ** في رأيك ما هي الخطيئة التي ارتكبها “,”مرسي“,” وتنظيم الإخوان المسلمين؟ أكبر خطيئة ارتكبها الإسلاميون أنهم قسموا المجتمع المصري إلى إسلاميين وغير إسلاميين، والوصول بهم لمرحلة الصدام والصراع وليس التنافس السياسي، تلك هي أكبر خطيئة. ** تلك ليست خطيئة، ولكنها يمكن أن تكون الصخرة التي سينكسر عليها الإسلاميون وتعني نهاية وجودهم لفترات طويلة؟ بالتأكيد آثار هذا الانقسام ستكون سيئة بالنسبة للمشروع الإسلامي، وإن كنت أحب أن أميز بين مشروع إسلامي تعلمناه في الحركة الإسلامية، وبين ما أراه الآن ويطلق عليه المشروع الإسلامي، هناك اختلاف بين ما أراه اليوم وشاهدته في مؤتمر نصرة سوريا، فلا يمكن أن يكون هذا هو المشروع الإسلامي، فما تعلمناه يشتمل على نظام أخلاقي وعلى نظام سياسي وعلى نظام سلوك محترم، والنظام السياسي قوامه الحرية والعدل والمساواة وحقوق الإنسان، وقوامه المشاركة الجماعية في المجتمع دون تفرقة بين مواطن أو آخر بسبب الدين أو الجنس أو أي شيء آخر، ما أراه اليوم استقطاب ولا يمكن أن يطبق المشروع الإسلامي بالقوة، ولا يمكن أن يخشى أصحاب المشروع الإسلامي النزول إلى الشارع ولا يمكن أن يكونوا مكروهين من المجتمع بهذا الشكل. ** حينما نتحدث عن الإسلام السياسي أو الإسلاميين الجدد سنجد أنها قصرت قضية تطبيق الشريعة في الحدود رغم أن الشريعة ليست في الحدود فقط، وهذا جعل الشارع يرفض فكرة تطبيق الشريعة؟ بمنتهي البساطة لأن هناك من لم يكن ينتمي لمشروع الإسلام السياسي ومن لم يكن مؤمنا به، وأصبحوا جزءا أساسيا فيه، فقد كان هناك أشخاص لا يؤمنون بالعمل السياسي على الإطلاق، ومنهم جزء كبير من السلفيين، فإذا بهم بعد الثورة وبعد تشكيل الأحزاب، دخلوا العمل السياسي، هؤلاء لم يكن في ذهنهم العمل السياسي، وفي ذهنهم أن العمل الديمقراطي حرام وأن الحاكم يجب أن يظل حاكما إلى أن يموت، وهذا يؤكد أنهم لا يفهمون الإسلام السياسي، وهناك قطاع كبير منهم على الأخص الصوفية ليس لهم علاقة بالإسلام السياسي، وهذا نتاج الفهم الخاطئ للحركات الإسلامية الحديثة، والتي بدأها محمد عبده والأفغاني وسيد رضا المودودي ومالك ابن نبي ونجم الدين أربكان في تركيا، هؤلاء هم أصحاب ورواد الإسلام السياسي. ** هناك 34 تيارا إسلاميا تنتمي لفكر الإسلام السياسي، وأغلبها تخطى القرن من الزمن، وقد حاول بعض الإسلاميين أن يصل للحكم...؟ مقاطعا.. لم يكونوا سلفيين ولم يدخلوا العمل السياسي إلا قريبا. ** أقصد أن الجماعة عمرها تخطى التسعين عاما، ولكنها لم تمنح نفسها فرصة تسعين دقيقة ليتعلم قياداتها سياسة إدارة شئون الدولة، وأعتقد أن هذا العيب طال كل من ينتمي للإسلام السياسي في الجزائروباكستان وأفغانستان والسودان؟ أولا، الجانب الدموي في الجزائر كان بين جبهة الإنقاذ والجماعة الإسلامية المسلحة، والجماعة الإسلامية المسلحة لا تؤمن بالإسلام السياسي، ولكنها تؤمن بالانقضاض على الدولة عموما، والديمقراطية بالنسبة أن الاسلام السياسي ليس له وجود، ونفس الشيء ينطبق على الإسلاميين في باكستان وأفغانستان والسودان. ** وماذا عن السلفيين.. ألا يمثلون الإسلام السياسي؟ “,” “,” السلفيون ليس لهم في الإسلام السياسي، ولكن لهم في العبادة والدعوة، وأنا أعتقد أن الدعوة كانت من أهم إسهامات الحركة الإسلامية في الإسلام السياسي، رغم أنها جاءت من الحركات الإسلامية التي تفهم الإسلام فهما شاملا وربانيا وعالميا، ومنها الإخوان المسلمون، فالجماعة الإسلامية في باكستان حزب إسلامي وحتى في ماليزيا، وحركة النظام والرفاه نجم الدين أربكان في تركيا، هؤلاء أهم جماعات تحدثت في الإسلام السياسي. ** البعض يقول إن الإسلام السياسي ظلم وإنه لم يحصل على فرصته وإن الإخوان المسلمين نتاج لحالة استبداد تعرضوا لها في الماضي، فهل تعتقد أن ما يحدث على الساحة عبارة عن حالة انتقام من أجهزة الدولة التي تعتقد أنها ظلمتهم؟ ولماذا لا ننظر إلى تجربة “,”نيلسون مانديلا“,” في جنوب إفريقيا، هذا الرجل لم ينتقم من أجهزة الدولة التي سجنته 27 عاما، لو أراد الإسلاميون أن يستمروا في الحكم، فعليهم أن يتعلموا من هذا الرجل، ولا أعتقد أن أفعالهم نتاج استبداد أو ظلم بقدر ما أنه نتاج جهل بالمشروع الإسلامي وما فيه من أخلاق. ** الإسلاميون يؤكدون على أنهم من قاموا بالثورة على مبارك، وأنهم على استعداد للقيام بثورة إسلامية إذا أسقط الشعب “,”مرسي“,”، فهل تعتقد أولا أن هناك علاقة بين ثورات الربيع العربي والإسلاميين؟ قد يكونون قد شاركوا في الثورة، ولكن كعادة الجميع متأخرا، ولم يثبت التاريخ أن الإسلاميين أشعلوا ثورة، في تونس من أشعل الثورة بوعزيزي، وفي مصر الشباب التقني بادر بالثورة، والإخوان والجماعات والأحزاب انضموا إليهم فيما بعد، وفي ليبيا نفس الشيء. ** الإسلاميون يتحدثون عن دولة الخلافة، والبعض يتحدث عن أنه تكرار لسيناريو ولاية الفقيه الغائب، فهل تعتقد أن الإسلاميين السنة يسعون لتكرار نفس السيناريو؟ لا أعتقد أن الفكر الشيعي يمكن أن يتحقق على أرض الواقع، فالسلفيون وأصحاب المشروع الإسلامي الحقيقي لا يفكرون في ذلك، ولا أعتقد أن فكرة الخلافة التي يبحثون عنها ستتفق مع النموذج العثماني أو العباسي أو الفاطمي، ولكنها تبحث عن الحكم الراشد والوحدة الإسلامية، وهي هنا لا تفرق بين الفقه السني والفقه الشيعي، ولا بين كل من يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله. ** ولكنهم لا يتحدثون عن مصر بكونها دولة، ولكن بكونها ولاية أو إمارة وسط العالم الإسلامي؟ لا أعتقد أن الإخوان المسلمين والسلفيين قالوا هذا، فلا أحد يستطيع أن يفرط في حدود هذا البلد، قد يكون هناك فكر أو اثنان من أفكار الجماعات الإسلامية التي تبحث عن الكيان الواسع. ** ولكن ما حدث في النهاية شوّه صورة الإسلاميين؟ تلك هي النتيجة التي خرجنا بها في النهاية، فالإسلاميون شوّه بعضهم البعض بتصرفاتهم الخاطئة، فمنذ أول حادثة قام بها البلكيمي ثم ونيس وما فعله في الطريق العام وأداؤهم في البرلمان وما يحدث الآن في مجلس الشورى والإعلان الدستوري والاستفتاء على الدستور وغزوة الصناديق وتكفير المعارضة، كل هذا ليس من المشروع الإسلامي، لكنه في النهاية شوّه صورة الإسلاميين. ** ما حدث شوّه المشروع الإسلامي وأدى إلى خروج الشارع المصري في احتجاجات طويلة، واحتمالية اشتعال ثورة جديدة، وفي النهاية جعل الإسلاميين يخشون سقوطهم؟ مقاطعًا.. وما يحدث في الشارع اليوم وتحديدًا بعد خروج حركة تمرد إلى النور يؤكد على أن الشارع لن يصمت على تلك الأخطاء، لذلك يستعينون بالجماعات الإسلامية المتشددة؛ لأنهم يخشون ثورة شعبية في 30 يونيو، وذلك دليل أيضا على أنهم خسروا السلطة. ** البعض أكد على أن الإسلاميين الذين اتفقوا مع المجلس العسكري على الخروج الآمن، مقابل استلام السلطة، يخططون الآن لتكرار التجربة، مقابل خروج قيادات إخوانية خروجًا آمنا. “,” “,” مقاطعا.. لا أعتقد أن الإخوان المسلمين سيخرجون بمنتهى السهولة، والجماعة الإسلامية لن تهرب، فأعضاؤها يعتقدون أنهم يجاهدون في سبيل الله، ومن يسقط فهو شهيد سيذهب إلى الجنة. ** والمعارضة في النار. ضاحكا.. الله أعلم، اسألهم، سيقولون لك: الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “,”إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار“,”، قالوا: لِمَ يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: “,”لقد كان أحرص على قتل صاحبه“,”. ** بعض الجماعات الإسلامية منذ أيام الحشاشين والإسماعيلية منذ ألف عام، وهم يفكرون بهذا الشكل الدموي، ويقولون: إنه ضمانة دخول الجنة. الحقيقة أن الفكر المتشدد كان موجودا منذ الصحابة، وتمثل في الخوارج الذين خرجوا على سيدنا علي، لكننا اليوم نعيش في فتن كثيرة: فتنة التكفير، وفتنة الصراع العلماني الإسلامي، وفتنة ما يسمى بالسلفية الجهادية وما تفعله في سيناء، إن كان هذا صحيحا، وفتنة الهروب من قضية فلسطين وتدمير سوريا. فتن كثيرة يغيب معها العقل والحكمة، ولك أن تتخيل أي شيء ما دام الدين أقحم في كل شيء، فلا تسأل عن التضحيات، خاصة أن الجميع يعتقد نفسه شهيدا تحت الطلب. ** والدولة الدينية. لا يوجد ما يسمى بالدولة الدينية، ولا أحد يفكر فيها على الإطلاق. ** ولكنك تحدثت عن إقحام الدين في الشئون السياسية. ليس هذا معناه بدء تأسيس دولة دينية، لكنني أقصد إصدار الفتاوى التي تحرض وتقول: من يجاهد المعارضين سيدخل الجنة، ومن سيمنح صوته للإسلاميين سيدخل الجنة، هذا ما قصدته بإقحام الدين. ** الدولة الدينية تبدأ من هنا، تبدأ من فرض المشايخ إرادتها على الناس بمبدأ “,”وأطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم“,”. ليس إلى هذا الحد.. فالدولة الدينية ترى أن ظل الله يحكم في الأرض، وهذا الظل هو الحاكم، ولكن مقولة المشايخ فقط تفرض رأي الحاكم على الناس لمصالح ليست دينية. ** تقصد مثلما حدث في أوربا في العصور الوسطى؟ بالضبط.. هذه يمكن أن نطلق عليها الدولة الثيوقراطية، ولكن ما يحدث في مصر اليوم هو مجرد سوء فهم. ** شاهدت “,”مرسي“,” والجهادين في ستاد القاهرة، كيف حللت هذا الأمر ونحن مقبلون على ثورة جديدة؟ لقد أخطأ “,”مرسي“,” في عدة أمور: منها تحويل الصراع العربي إلى سوريا، وأخطأ عندما قال: إننا سنساعدهم ماديا وأدبيا، ولا أعلم كيف سيتحقق هذا، وأخطأ عندما قال: إننا لا نتدخل في شئون الدول وطالب بالجهاد هناك، وأخطأ عندما اتهم المعارضة بالخيانة وأنهم فلول وأتباع نظام سابق. ** مفهوم الشريعة والإسلام الوسطي.. فمصر دولة استطاعت أن تمصر الإسلام وتصدره للعالم الإسلامي بوسطيتها، الآن الجماعة ضد هذه الوسطية، فهل يمكن أن يكون هناك اتجاه لتحويل الأزهر وتغيير صورة وسطية الإسلام؟ لا أحد يستطيع أن يغير من وسطية الأزهر التي استمرت 1000 عام، وأعتقد أن هناك أصواتا متشددة داخل الأزهر، قبل ثورة 25 يناير وقبل مجيء الإسلاميين، ورغم هذه الأصوات الشاذة فإن الأزهر سيظل مؤسسة وسطية. ** هل ستنزل الشارع مع المتمردين في 30 يونيو؟ سأنزل إلى الشارع مطالبًا بإسقاط النظام الذي شوّه الإسلاميين. ** ولماذا لم توقّع على وثيقة تمرد؟ رغم موافقتي على النزول في 30 يونيو لم أوقع على وثيقة تمرد، رغم أني معجب بتلك الفكرة وأهدافها، ولكن لم تعجبني كلمة “,”تمرد“,”، فلو كان اسمها وثيقة “,”إصلاح“,”؛ لأننا سنكون إصلاحيين، وليس متمردين.