الفرق بيني وبين أي مجنون هو أنني عاقل السريالية هي أنا لا تخف من الكمال، فلن تصل إليه أبدًا .... هكذا عبر الفنان الأكثر إثارة للجدل سيلفادور دالي عن نفسه، حيث عكس أعماله الفنية عن معتقداته التي طبقها بحذافيرها...!! وعكست أعمال الفنان العالمي سيلفادور فيليبي خاثينتو دالي إي دومينيتش، انفعالاته ومشاعره التي لم يحاول ترويضها أو تقنينها بل بكل بساطة أطلق عنانها سواء في التصرفات أو في أعماله، فبرع ليس فقط في الرسم بل في مجالات عدة كان أهمها النحت والتصوير الفوتوغرافي. بل أيضا شارك في إعداد أفلام تسجيلية علاوة على تأليف الكتب التي كان من أهمها "يوميات عبقري" و"الحياة السرية لسيلفادور دالي". مثل اهتمام دالي بما وراء الطبيعة أحد أهم روافد تميز دالي الذي قاده إلى نوع جديد من السيريالية الواقعة.. رد دالي هذا الاهتمام إلى أصوله المغربية التي اعترف بها هو نفسه.. ثم غذى هذا الاتجاه بدراسته المتأنية للفلسفة فقد تعمق في قراءة كتابات نيتشه، فولتير، كانت، سبينوزا، وقد وجّه دالي اهتمامه الكامل إلى أعمال الفيلسوف ديكارت الذي استند إلى أفكاره في الرسم فيما بعد. أيضا اهتم بعلم النفس وخاصة كتب فرويد، واستمد منه العديد من الأفكار التي ظهرت سواء في أعماله الفنية أو حتى في الأفلام التي أعدها مع المخرج لويس بلونويل، سواء فيلم "الكلب الإسباني" أو " العصر الذهبي"، التي لا تخرج عن نطاق الأحلام. لم تكن أهمية دالي في أعماله الفنية فقط، بل امتد أثره إلى تأسيس مدرسة جديدة في الفن عندما تعرف في باريس على الشاعر والطبيب النفسي أندريه بريتون والذي كان قد نظّم في عام 1924 "البيان الأول" الذي يُعتبر بمثابة الرسالة التأسيسية للسريالية. ثم عكف على دراسة المدرسة الكلاسيكية وتأثر بأعمال رفاييل؛ أحد أهم فناني عصر النهضة، ثم مزج ما بين السيريالية وأسلوب رفاييل، ظهر هذا في أهم أعماله "إصرار الذاكرة" و"مادونا بورت ليجا" التي تمثل مريم العذراء بوجه زوجته جالا، كما اهتم في أواخر أيامه بالخدع البصرية التي استغلها ليعبر عن حالة الجدل والصراع داخل النفس البشرية. تطرق دالي أيضا إلى التصوير الفوتوغرافي، فصمم العديد من الصور التي ظهر فيها، لكن السمة التي جمعت بين جميع أعماله هي إحساسه الشخصي بتميزه.. حيث كانت تدور حول هذا في البداية، وعندما ظهرت الفتاة الروسية التي اتخذها زوجة "جالا" أصبحا معا محور العالم، ففي واحد من أهم أعماله رسم نفسه وجالا نائمة داخل عينه. هذا العبقري الذي مزج بين المنظور والتشريح مع اللاوعي والأحلام.. هل كان مجنونًا... ساديّا... حالمًا.. ببساطة هو إنسان حاول ألا يخفي أيّا من انفعالاته غضبًا.. فظهرت في أعماله قبل تصرفاته.