بدأ يوم الأحد استفتاء على الحكم الذاتي في شرق أوكرانيا يجريه زعماء انفصاليون موالون لروسيا بينما تجدد القتال في صراع أثار مخاوف من نشوب حرب أهلية وتسبب في أسوأ أزمة بين روسيا والغرب منذ الحرب الباردة. واندلعت الاشتباكات حول برج للبث التلفزيوني على مشارف مدينة سلافيانسك معقل الانفصاليين قبل وقت قصير من بدء توجه الناخبين إلى مراكز الاقتراع واجتيازهم طرقا مغلقة بمتاريس من الأشجار والإطارات. وقال جينيا دنيش وهو طالب يبلغ من العمر 20 عاما أدلى بصوته في مبنى جامعي "أردت أن أحضر مبكرا قدر الإمكان.. جميعنا نريد أن نعيش في بلد خاص بنا." وردا على سؤال حول ما يتوقع أن يحدث بعد الاستفتاء قال "ستظل الحرب قائمة." وفي بلدة ماريوبول القريبة التي شهدت قتالا شرسا الأسبوع الماضي قال المسؤولون إن هناك ثمانية مراكز للاقتراع فقط لخدمة نحو مليون ناخب. وامتدت الطوابير لمئات الأمتار. وهدد زعماء غربيون بفرض المزيد من العقوبات على روسيا في مجالات مهمة كالطاقة والخدمات المالية والهندسة إذا مضت في جهود يقولون إنها تقوض استقرار أوكرانيا. وتنفي موسكو أي دور لها في التمرد أو أي طموحات لضم شرق أوكرانيا إلى الاتحاد الروسي بعدما ضمت شبه جزيرة القرم في أعقاب استفتاء جرى في مارس آذار. وتتوقف أمور كثيرة على استفتاء يوم الاحد في شرق أوكرانيا واتسمت عملية التصويت بعدم التنظيم. وأطلقت مدينتا لوهانسك ودونتيسك على نفسيهما اسم "جمهورية دونيتسك الشعبية". وجرى طبع أوراق التصويت دون إمدادات من الأمن كما اقتصرت مراكز التصويت على مناطق محددة وسادت حالة من الارتباك بشأن ما الذي يجب أن يصوت الناس بشأنه على وجه التحديد. وقال سيرجي وهو مهندس يبلغ من العمر 33 عاما وهو يدلي بصوته في بلدة ماريوبول إنه سيصوت بنعم على السؤال المكتوب باللغتين الروسية والأوكرانية في ورقة التصويت وهو "هل تؤيد الحكم الذاتي لجمهورية دونيتسك الشعبية؟" وأضاف "كلنا نؤيد استقلال جمهورية دونيتسك.. إن هذا يعني تجاوز الحكومة (الأوكرانية) الفاشية الموالية لأمريكا والتي لم تجلب خيرا لأحد." ومن المقرر أن ينتهي التصويت في 53 موقعا في تمام الساعة العاشرة مساء يوم الاحد (1900 بتوقيت جرينتش) ويأمل الانفصاليون أن يجري الانتهاء من فرز الأصوات بحلول بعد ظهر يوم الإثنين لكن النتيجة لن تحظى باعتراف واسع دوليا ولا من كييف. وبدأ التمرد في شرق أوكرانيا بعد فرار الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش إلى روسيا في فبراير شباط نتيجة لمظاهرات حاشدة على حكمه نظمها نشطاء موالون للغرب احتجاجا على تخليه عن اتفاق على التعاون مع الاتحاد الأوروبي وتفضيله علاقات أقوى مع موسكو. ويرى البعض في "نعم" كنتيحة لاستفتاء يوم الاحد إقرارا للحكم الذاتي داخل أوكرانيا بينما يرى آخرون فيها خطوة نحو الاستقلال أو لفتة لانضمام المنطقة لروسيا. وقالت وزارة الدفاع الأوكرنية إن متمردين هاجموا جنودا تابعين لها كانوا يحرسون برحا للبث التلفزيوني على مشارف سلافيانسك وأصيب جندي أوكراني في القتال. وألقى سيرجي وهو مقاتل تحدث بالقرب من نقطة تفتيش باللائمة في الاشتباكات على القوات الأوكرانية وقال "ربما كانوا يحاولون إبعاد الناس عن التصويت لكن هذا لن ينجح." ويجرى استفتاء يوم الاحد على الرغم من دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الأربعاء إلى تأجيله في خطوة أحيت الآمال في تهدئة التوتر. واتهم زعماء غربيون بوتين بزعزعة استقرار أوكرانيا ووصفت واشنطن زيارة بوتين للقرم يوم الجمعة بأنها "استفزازية". وتعتزم كييف إجراء انتخابات رئاسة يوم 25 مايو أيار لكن الغرب يقول إن روسيا تريد عرقلتها وهدد بفرض عقوبات اقتصادية على موسكو مطلع الأسبوع. وقالت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند يوم السبت إنهما سيدعمان فرض المزيد من العقوبات على روسيا إذا لم تجر انتخابات الرئاسة الأوكرانية في موعدها بسبب الاضطرابات في الشرق. وأبلغ أولكسندر تيرتشينوف رئيس أوكرانيا المؤقت المناطق الشرقية الموالية لروسيا يوم السبت بأنها إذا اتجهت نحو الانفصال فإنها ستكون خطوة نحو الهاوية والانهيار الاقتصادي. وقالت شركة ميتينفست إنها نشرت ميليشيا من المتطوعين في مدينة ماريوبول بشرق أوكرانيا وإنها تضم عمالا في مصانع الصلب. ويملك رينات اخميتوف أحد أغنى رجال الأعمال الأوكرانيين أسهما في الشركة التي تعمل في مجال الفحم وصناعة الصلب. واشتبكت قوات أوكرانية مع انفصاليين الأسبوع الماضي للسيطرة على المدينة ولقى ما بين 7 و20 شخصا حتفهم قبل أن تنسحب القوات الأوكرانية لكن الاضطرابات استمرت. وحثت ميتينفست كييف على عدم ارسال المزيد من القوات إلى المدينة إذا استعاد مقاتلو الميليشيا التابعة لها النظام. وقالت الشركة "ستبدأ هذه الميليشيا في تنظيم دوريات في شوارع المدينة لحماية المدنيين السلميين من المجرمين واللصوص." وأضافت أن الفرصة لازالت سانحة لإجراء مفاوضات.