انطلقت اليوم الجمعة فعاليات المؤتمر العالمي السادس للإيمان والنظام التابع لمجلس الكنائس العالمي (WCC)، في مركز لوجوس البابوي للمؤتمرات الكنسية بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون، جنوب غرب الإسكندرية، تحت عنوان: "إلى أين نتجه نحو الوحدة المنظورة؟" يُعد المؤتمر واحدًا من أبرز اللقاءات المسكونية في العالم، إذ لم يُعقد سوى خمسة مؤتمرات عالمية مماثلة منذ أول انعقاد له في مدينة لوزان السويسرية عام 1927، وهو الحدث الذي أطلق ما عُرف لاحقًا باسم حركة الإيمان والنظام، والتي كانت من اللبنات الأولى لتأسيس مجلس الكنائس العالمي عام 1948. البابا تواضروس: الحوار اللاهوتي طريق نحو فهم مشترك للإيمان أكد قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، أن الحوار اللاهوتي هو مسيرة نحو فهم مشترك للإيمان، موضحًا أنه "ليس محاولة لإلغاء أو إذابة الاختلافات، بل لاكتشاف الإيمان العميق الذي يوحّد الكنيسة". وأضاف قداسته أن مجمع نيقية كان نقطة تحول في تحديد ملامح الإيمان الأرثوذكسي وصياغة العقيدة الجامعة التي تسلمتها الكنيسة عبر القرون، مشددًا على أن "استذكار مجمع نيقية لا يهدف فقط إلى الاحتفال بالماضي، بل هو دعوة متجددة للثبات في الإيمان الرسولي، والانفتاح على حوار بنّاء يوحّد الكنائس على أساس الحق والمحبة". 1700 عام على مجمع نيقية الأول: ذكرى تاريخية لوحدة الإيمان يُعقد المؤتمر هذا العام بالتزامن مع الذكرى ال1700 لانعقاد مجمع نيقية الأول عام 325م، والذي يُعد أول مجمع مسكوني في تاريخ الكنيسة الجامعة، دعا إليه الإمبراطور قسطنطين الكبير للحفاظ على وحدة الإيمان ومعالجة الانقسامات العقائدية. وشهدت الإسكندرية دورًا محوريًا في هذا المجمع من خلال القديس أثناسيوس الرسولي، أسقف الإسكندرية آنذاك، الذي تصدى للجدال الأريوسي وساهم في تثبيت العقيدة النيقاوية التي أصبحت حجر الأساس للإيمان المسيحي. كلمات ترحيب من مجلس الكنائس العالمي رحّبت الدكتورة القسيسة ستيفاني ديتريش، رئيسة لجنة الإيمان والنظام، بقداسة البابا تواضروس الثاني في افتتاح المؤتمر، إلى جانب الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي القس الدكتور جيري بيلاي. في كلمتها الافتتاحية، قالت ديتريش إن مجمع نيقية يمثل الذاكرة التاريخية الجامعة التي تقف وراء هذا اللقاء وتعطيه ثقله ومعناه، مؤكدة أن المؤتمر يسعى إلى استعادة روح الوحدة التي جمعت الكنيسة الأولى. أما القس الدكتور بيلاي، فأشار إلى أن هذا المؤتمر يمثل محطة رئيسية في "حجّ العدالة والمصالحة والوحدة" الذي يقوده مجلس الكنائس العالمي، مضيفًا: "مثلما اجتمع آباء الكنيسة في نيقية قبل 1700 عام سعياً للوحدة في الإيمان والاعتراف المشترك بالمسيح، نجتمع اليوم بحثًا عن وحدة جديدة قائمة على التضامن والمحبة". استضافة مصرية ومشاركة واسعة من الكنائس تستضيف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هذا الحدث العالمي بمشاركة ودعم من الكنائس الأعضاء في مجلس الكنائس العالمي في مصر، وهي: بطريركية الروم الأرثوذكس بالإسكندرية وسائر أفريقيا، الكنيسة الأسقفية - الأنجليكانية، الكنيسة الإنجيلية المشيخية بمصر – سنودس النيل الإنجيلي. يشارك في المؤتمر نحو 400 شخصية كنسية ولاهوتية من مختلف أنحاء العالم، يمثلون طيفًا واسعًا من التقاليد الكنسية والتوجهات الفكرية، في مسعى مشترك لتعزيز الحوار والوحدة بين الكنائس في عالم يموج بالتحديات. البابا تواضروس: طريق الوحدة مليء بالتحديات في ختام كلمته، أشار قداسة البابا تواضروس إلى أن طريق الوحدة ليس سهلاً، مؤكدًا أن الانقسامات التي نشأت بعد مجمع نيقية ما زالت تلقي بظلالها على الكنيسة حتى اليوم. وقال قداسته: "إن هذه الانقسامات لا يمكن تجاوزها إلا من خلال الحوار اللاهوتي الصادق، الذي لا يسعى إلى إزالة الاختلاف، بل إلى اكتشاف الإيمان المشترك الذي يجمعنا".