يواصل المخرج سامح عبد العزيز، تشريح أحوال الوطن من خلال حارته المتميزة في فيلم "حلاوة روح"، بعد فيلميه الرائعين "كبارية " ثم " الفرح". وتعرض "حلاوة روح" لبعض الانتقادات باعتباره فيلما مبتذلا يستغل إمكانيات هيفاء وهبي لتحقيق الإثارة من خلال تقليد فيلم " مالينا" للمخرج العظيم تورناتورى وبطولة مونيكا بيللوتشى إلا أن الفيلم ابعد ما يكون عن الابتذال. ربما استخدم عبد العزيز نفس التيمة المستخدمة في فيلم "مالينا" وهي المرأة الجميلة المثيرة التي يغيب زوجها ويشتهيها الجميع بمن فيهم الصبي المراهق الذي يتلصص عليها، إلا أن على الجندي وسامح عبد العزيز قدما فيلما مصريا خالصا، فالحارة المصرية المعاصرة تمثل مصر بكل أوجاعها ومآسيها، والأمل المتمثل في الجيل الجديد الذي يحاول الكبار قتله فيهم بالقسوة والظلم.. على الجندي يؤكد في أولى أعماله أننا بصدد مؤلف متميز سينضم لقائمة الكتاب القادرين على التعبير عن أفكارهم بسلاسة من خلال حوار متميز وذكي ومعاصر، ورسم دقيق للشخصيات. يدور الفيلم حول " روح" وهي أمراة مثيرة فاتنة الجمال، سافر زوجها بعد الزفاف بشهرين فقط لتعيش مع والدته، التي تعمل دائما على كبتها، لادراكها بأنها جميلة ويشتهيها كل رجال الحارة وخاصة طلعت الشهير ب"جاجوار" نظرا لتجارته في السيارات، ويؤدي دوره محمد لطفي، ويعمل على الإيقاع بها من خلال " عرفة البنص" الذي يعمل قوادا، وعندما يفشل في اقناعها يقومان بترتيب حيلة لفضحها من خلال علاقة مفتعلة مع أحد رجال طلعت، ما يؤدي إلى وفاة والدة زوجها، ثم طلاقها. تعيش "روح" بعد طلاقها وحيدة، لا يؤنس وحدتها سوى الصبي سيد، الذي يشتهيها أيضا إلا إنها تشعر أنه يحميها رغم صغر سنه، وكذلك الموسيقي الضرير الذي ادي دوره صلاح عبد الله بشكل نمطي، وتلجأ روح إلى الراقصة المعتزلة "نجوي فؤاد" إلى أنها أيضا تلتقي عندها بالطامعين، ولا يجد طلعت حلا لإشباع رغبته سوي اغتصابها في مشهد درامي مؤلم، يشبه النتيجة المنطقية لما شاهدناه في كبارية ثم فرح ونشاهده أخيرا "حلاوة روح"، حيث تغتصب روح في الوقت الذي يكبل فيه الصبية الذين يمثلون الأجيال الجديدة بأحلامهم في الحرية والكرامة.. كان اختيار الممثلين ملائما تماما، حيث أدي باسم سمرة دور القواد الذي لا يخجل من مهنته ويري أنها وسيلة مناسبة لجمع الأموال، لذلك لا يتردد في تعليمها لابنه، " سيد" الذي قام بها أحمد فتحي بتمكن، وان كانت كثير من تصرفاته غير مبررة وليست ملائمة لتربيته في بيت أحد القوادين، كذلك كان محمد لطفي مقنعا في شخصية تاجر السيارات الذي يسعي لاشباع رغباته بكافة الأساليب. كذلك عبر الفيلم عن كثير من مدعي الشرف الذي يمتليء بهم مجتمعنا من خلال النساء اللائي يتهمن روح بعدم الشرف، في حين انهن يبعن اجسادهن ليلا لمن يدفع. هيفاء وهبي كانت مناسبة جدا للدور بل هي الأنسب فالفيلم لم يحتاج لممثلة بل احتاج لامرأة جميلة ومثيرة، وقد تم توظيف هيفاء بشكل جيد دون ابتذال وكانت مساحة التمثيل في دورها ضئيلة للغاية وجملها الحوارية يمكن عدها على الاصابع. ملابس هيفاء كانت غير ملائمة لشخصية امرأة تعيش في حارة مصرية، كما أن مشهد الرقص كان مقحما لإبراز جسد هيفاء رغم انها لا تجيد الرقص كما تأكد في المشهد، الذي تظهر فيه كما انها لو كانت تتمني أن تكون أمراة لعوب على عكس احداث الفيلم الذي يؤكد انها شريفة بحق وليس ادعاء. احتوت مشاهد هيفاء في تيتر البداية على مبالغة في الاثارة الجنسية توحي بأننا أمام فيلم بورنو حتى يظهر في النهاية انها حلم للصبي المراهق كما كانت هناك نقلات درامية غير مبررة، مثل تحول صبي عرفة إلى النقيض بمجرد أن قال له سيد ""اعتبر روح اختك"، فانضم إليهم في معاداة طلعت، كذلك تحول هيفا من الاستكانة والخجل إلى الجرأة المبالغ فيها بمجرد أن قالت لها الراقصة المعتزلة "انتي حلوة وفيكي الطمع ولو فضلتي منكسرة كده هيدوسوكي برجليهم" جاءت موسيقي خالد داغر معبرة عن أجواء الفيلم، كما كان مونتاج شريف عابدين متميزا خاصة في مشهد الاغتصاب. ورغم أن النهاية كانت قاسية ومحبطة إلا إنها لم تخل من الأمل في مشهد تقارب سيد من فتاة في عمره لينطلقا نحو المستقبل.