بالنسبة لبعض الأطفال الذين نجوا من السرطان بعد أن خضعوا إلى معالجة إشعاعيَّة، قد يزيد خطرُ إصابتهم بالسكَّري في وقتٍ لاحق من الحياة، وفقًا لدراسة حديثة تُعدُّ الأولى من نوعها في إيجاد صِلة بين الإشعاع ومرض السكَّري. فحص الباحثون أكثرَ من 2500 حالة لأشخاص في فرنسا والمملكة المتَّحدة عُولِجوا من السرطان في الطفولة بين عامي 1964 و1985، وبقوا على قيد الحياة لمدَّة 20 عامًا على الأقل بعد أن خضعوا للمعالجة. عندَ بلوغ المرضى الخامسة والأربعين من العُمر، جرى تشخيص السكَّري عند 6.6 في المائة من الذين خضعوا للعلاج الشعاعي، و2.3 في المائة عند الذين لم يتعرَّضوا إلى العلاج الشعاعي، بحسب الدراسة. حدَّد الباحثون كيف جرى تطبيقُ الإشعاع على المرضى، ووجدوا أنَّ احتمالَ تشخيص السكَّري كان أعلى بكثير عند تعرُّض منطقة ذيل البنكرياس إلى الإشعاع؛ لكنَّ تعرُّض أجزاء أخرى من البنكرياس إلى الإشعاع لم يُؤثِّر من ناحية خطر الإصابة بالسكَّري. أشار الباحثون إلى أنَّ الاختلافَ قد يعود إلى حقيقة أنَّ ذيل البنكرياس يحتوي على نوع من الخلايا المسئولة عن إنتاج الأنسولين. كما وجدت الدراسةُ أيضًا أنَّ الأشخاصَ الذين تلقَّوا جُرعاتٍ عالية من الإشعاع على منطقة ذيل البنكرياس كانوا أكثرَ عرضة للإصابة بالسكَّري بثلاث عشرة مرَّة تقريبًا من الذين لم يتلقَّوا علاجًا بالإشعاع. وكان لنوع السرطان أيضًا تأثيرٌ في خطر الإصابة بالسكَّري. في عُمر الخامسة والأربعين، جرى تشخيصُ السكَّري عند نحو 15 في المائة من المرضى الذين تلقَّوا مُعالَجة لسرطان الكِلية مُقارَنةًً مع أنواع أخرى من السرطان تضمَّنتها الدراسة، مثل الورم اللِّمفاوي الخبيث (اللمفومة). غالبًا ما يُركِّز العلاجُ الشعاعي بالنسبة إلى سرطان الكلية على منطقة البطن، ممَّا يزيد من فُرصة تعرُّض ذيل البنكرياس إلى الإشعاع، كما نوَّه الباحثون. قال الدكتور فلورنت دي فاثاير، من مركز علم الأوبئة والصحَّة العامَّة للمعهد الوطني لأبحاث الطب والصحَّة في فرنسا: "يجب اعتبار أنَّ البنكرياس عضو حرج عندَ التخطيط لإجراء علاج بالإشعاع، لاسيَّما عند الأطفال". " تُشير نتائجُنا إلى أنَّ البنكرياس عضو يتعرَّض للخطر في أثناء العلاج بالأشعَّة، ولذلك يجب تجنُّب تعرُّضه لهذا الإشعاع عند التخطيط للمعالجة، من أجل ضمان جرعة إشعاع أقل بقدر المُستطاع". لكن، بينما كشفت الدراسةُ النقابَ عن ارتباط بين العلاج بالإشعاع في الطفولة وحدوث السكَّري في مرحلة لاحقة في الحياة، لم تُبرهن على علاقة سببٍ ونتيجة.