الرقابة النووية: مصرآمنة    وزير التموين: الاحتياطى الاستراتيجى من السلع آمن لأكثر من 6 أشهر    هروب جماعي| التصعيد بين إسرائيل وإيران يُشعل خسائر بورصات أمريكا وأوروبا    الخبراء العسكريون: إسرائيل وإيران.. من حرب الظل إلى المواجهة المصيرية    ترامب: الحرب بين إسرائيل وإيران «يجب أن تنتهي»    تعرف على القيمة التسويقية ل «الأهلي وإنتر ميامي» قبل موقعة المونديال    منتخب كرة اليد الشاطئية يحرز برونزية الجولة العالمية بالفوز على تونس    وزير الشباب والرياضة ومحافظ الإسكندرية يفتتحان ملاعب البادل بنادي سبورتنج    الكرة النسائية.. الزمالك يعلن التعاقد مع شروق إبراهيم في أولى صفقاته للموسم الجديد    لمدة 5 أيام .. غلق كلي بطريق الواحات لتركيب كمرة معدنية بكوبري زويل بالجيزة    "التعليم" تكشف تفاصيل الاستعدادات ل امتحانات الثانوية العامة غدًا    النيابة الإدارية تؤكد استمرار جهودها لمكافحة ختان الإناث ومحاسبة مرتكبيه    "المتحف المصري الكبير": استقبال الزائرين مستمر رغم تأجيل الافتتاح الرسمي    عمرو أديب عن دمار تل أبيب: «من يرى إسرائيل يظن أنها غزة»    فات الميعاد الحلقة الحلقة 2.. أسماء أبو اليزيد تخبر زوجها بأنها حامل    أدعية مستجابة في شهر ذي الحجة    الهلال الأحمر المصرى: تنظيم حملات توعوية لحث المواطنين على التبرع بالدم    على البحر.. ميرنا نور الدين تخطف الأنظار بأحدث إطلالاتها    خبير: إسرائيل تحاول استفزاز حزب الله لجره لساحة الحرب    إنفانتينو يكشف تفاصيل "ثورة فيفا": مونديال الأندية سيفتح أبواب الأمل للعالم    محافظ المنيا يُسلم 328 عقد تقنين لأراضي أملاك الدولة    رئيس جامعة طنطا يواصل جولات متابعة سير أعمال الامتحانات النهائية    بيعملوا كل حاجة على أكمل وجه.. تعرف على أكثر 5 أبراج مثالية    قائد بوتافوجو: مستعدون لمواجهة أتليتكو مدريد وسان جيرمان.. ونسعى لتحقيق اللقب    روبرت باتيلو: إسرائيل تستخدم الاتفاقات التجارية لحشد الدعم الدولى    السياحة: منع الحج غير النظامي أسهم بشكل مباشر في تحقيق موسم آمن    مصدر ليلا كورة: الزمالك يرحب بعودة طارق حامد.. واللاعب ينتظر عرضًا رسميًا    تعليمات لرؤساء لجان امتحانات الثانوية العامة بالفيوم    شركات السياحة: بدء تفعيل منظومة المدفوعات الرقمية فى موسم العمرة الجديد يوليو المقبل    "الإصلاح المؤسسي وتحسين كفاءة الخدمات الحكومية".. جلسة تثقيفية بجامعة أسيوط    بأغاني رومانسية واستعراضات مبهرة.. حمادة هلال يشعل أجواء الصيف في حفل «بتروسبورت»    شركة سكاى أبو ظبي تسدد 10 ملايين دولار دفعة مقدمة لتطوير 430 فدانا فى الساحل الشمالي    ديمبيلي يكشف عن الهدف الأهم فى مسيرته    والدة طفلة البحيرة بعد قرار رئيس الوزراء علاجها من العمي: «نفسي بسمة ترجع تشوف»    رئيس الوزراء يتفقد مركز تنمية الأسرة والطفل بزاوية صقر    الأكاديمية العسكرية تحتفل بتخرج الدورة التدريبية الرابعة لأعضاء هيئة الرقابة الإدارية    كأس العالم للأندية.. باريس الباحث عن موسم استثنائي يتحدى طموحات أتلتيكو    امتحانات الثانوية العامة.. الصحة تعتمد خطة تأمين أكثر من 800 ألف طالب    محافظ كفر الشيخ يُدشن حملة «من بدري أمان» للكشف المبكر عن الأورام    لطلاب الثانوية العامة.. نصائح لتعزيز القدرة على المذاكرة دون إرهاق    رئيس جامعة القاهرة يهنئ عميدة كلية الإعلام الأسبق بجائزة «أطوار بهجت»    وزير الخارجية البريطاني يعرب عن قلقه إزاء التصعيد الإسرائيلي الإيراني وندعو إلى التهدئة    السجن المؤبد ل5 متهمين بقضية داعش سوهاج وإدراجهم بقوائم الإرهاب    تخفيف عقوبة السجن المشدد ل متهم بالشروع في القتل ب المنيا    خبير اقتصادي: الدولة المصرية تتعامل بمرونة واستباقية مع أي تطورات جيوسياسية    «التعليم العالي» تنظم حفل تخرج للوافدين من المركز الثقافي المصري لتعليم اللغة العربية    أهم أخبار الكويت اليوم السبت 14 يونيو 2025    غدا.. بدء التقديم "لمسابقة الأزهر للسنة النبوية"    غدا .. انطلاق فعاليات مؤتمر التمويل التنموي لتمكين القطاع الخاص    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" ومؤسسة "شجرة التوت" يطلقان فعاليات منصة "القدرة على الفن - Artability HUB"    مصرع شاب سقط من الطابق الرابع بكرداسة    إيران تؤكد وقوع أضرار في موقع فوردو النووي    طلب إحاطة يحذر من غش مواد البناء: تهديد لحياة المواطنين والمنشآت    مدبولي: الحكومة تبذل قصارى جهدها لتحقيق نقلة نوعية في حياة المواطنين    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    حجاج مصر يودّعون النبي بقلوب عامرة بالدعاء.. سلامات على الحبيب ودموع أمام الروضة.. نهاية رحلة روحانية في المدينة المنورة يوثقوها بالصور.. سيلفي القبة الخضراء وساحات الحرم وحمام الحمى    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خيارات الغرب للتعامل مع موسكو بعد ضم القرم
نشر في البوابة يوم 20 - 03 - 2014

يمثل ضم روسيا لشبه جزيرة القرم إلى أراضيها بعد يوم من إعلان استقلالها عن أوكرانيا، نقطة تحول إستراتيجية في العلاقات بين الشرق والغرب منذ انهيار الاتحاد السوفيتي السابق، ويدشن البداية الحقيقية لفترة الحرب الباردة الثانية، إذ وقع الرئيس فلاديمير بوتين معاهدة تاريخية ألحقت القرم بروسيا، على أن تدخل على الفور حيز التنفيذ، متحديا العقوبات الغربية التى تم إعلانها ضد موسكو، وبعد خطاب في قصر الكرملين وصفه محللون غربيين بأنه يمثل المشكلة الجيوسياسية الأكثر أهمية منذ الحرب الباردة، وقع بوتين مع قادة القرم الجدد الموالين لروسيا اتفاقا يؤيد انضمام منطقتين جديدتين إلى روسيا الاتحادية، هما القرم ومدينة سيباستوبول التي تتمتع بوضع خاص فى شبه الجزيرة.
والواقع أنه منذ اندلاع الأزمة السياسية في أوكرانيا والتي أطاحت برئيسها فيكتور يانوكوفيتش وموسكو مصممة على التدخل بقوة في هذه المنطقة رغم التحذيرات والتهديدات الأمريكية والأوروبية لها من مغبة التدخل العسكري في منطقة تعتبرها واشنطن إحدى مناطق نفوذها لمواجهة المد الروسي.
وثمة دوافع حقيقية وراء ضم بوتين لشبه جزيرة القرم، أول الدوافع، أهميتها الاقتصادية والسياسية والجيوسياسية بالنسبة للأمن القومي الروسي على المديين القصير والبعيد، لأنها توفر لها موطئا على البحر الأسود والبحر المتوسط القريب، فيما تشكل أوكرانيا عنصرا رئيسيا في طموحات بوتين لإعادة بناء تحالف ما بعد الاتحاد السوفيتي قادر على منافسة الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي معا.
وأما الدافع الثاني، فيتمثل في نظرة القادة الروسيين إلى عملية انهيار الاتحاد السوفيتي السابق بأنها كارثة جيوسياسية كبيرة، وبالتالي فبوتين يسعى إما لإعادة إحياء الاتحاد أو إلى "روسيا أعظم"، مما يتطلب توسعها لتضم شبه جزيرة القرم، وربما لتضم جنوبي وشرقي أوكرانيا على حد سواء.
ولكن طموحات الدب الروسي الأبيض في تقوية نفوذه انهارت بإسقاط حليفه فيكتور يانوكوفيتش رئيس الوزراء الأوكراني السابق، وبذلك خرجت أوكرانيا من فلك الكرملين بعد أن عبرت الحكومة الجديدة في كييف بوضوح عن إرادتها إخراج البلاد من التبعية لموسكو وتقريبها من الغرب.
خيارات المشهد السياسي:
أمام هذا المشهد السياسي المعقد، بعد قرار الضم الروسي لشبه جزيرة القرم، باتت خيارات الغرب في التعاطي مع روسيا بوتين، متعددة ومتنوعة وإن كان الخيار العسكري مستبعدا، بعد أن دخلت العلاقات الغربية الروسية في منعطف الحرب الباردة الثانية، ومن هذه الخيارات:
أولا: خيار العقوبات الاقتصادية والتشكيك في جدواها: بعد قرار الضم الروسي لشبه جزيرة القرم، صدرت قرارات لكل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بعقوبات اقتصادية شملت مسؤولين روسا وأوكرانيين بالمنع من دخول دول الاتحاد وأمريكا وتجميد أموالهم، بل إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما استخدم ما هو أكثر من التهديد بالعقوبات الاقتصادية، إذ هدد بعزل روسيا دولياً، ولم تقف موسكو مكتوفة الأيدي تجاه هذه التصريحات والقرارات الأوروبية والأمريكية، إذ صرح أليكس لنغاتشيف نائب وزير الاقتصاد الروسي بأن بلاده ستفرض عقوبات اقتصادية على الاتحاد الأوروبي وأمريكا إذا ما نفذا العقوبات الاقتصادية، وأنه يفضل أن تكون العقوبات سياسية.
ولكن السؤال المطروح هو: هل ستكون آلية العقوبات الاقتصادية ناجعة في التعامل مع روسيا؟
إن العقوبات الغربية على روسيا ستجعل موسكو تدفع بثقلها نحو المحور الآسيوي، وقد تسرع في بذل الجهود الرامية إلى تعزيز علاقاتها الصناعية والاقتصادية في آسيا، وخاصة مع الصين.
كما قد تستفيد روسيا من التجربة الإيرانية الطويلة في مواجهتها للعقوبات الاقتصادية التي فرضها الاتحاد الأوروبي وأمريكا، ولكن هل ستنتهج روسيا سياسة إيران نفسها وهي "النفط الرخيص"، بحيث تسوق نفطها لدى آخرين مثل الصين والهند ودول آسيوية أخرى بسعر منخفض؟ الملاحظ أن أسواق النفط العالمية لم تتأثر بشكل كبير بالأزمة الأوكرانية، وذلك بسبب استمرار الطلب على النفط في الدول الصاعدة.
وقد يساعد روسيا على هذا الأمر عضويتها في مجموعة بريكس للاقتصادات الصاعدة والتي تضم أيضا البرازيل والهند والصين وجنوب أفريقيا، إذ يستهدف هذا التجمع زيادة التعاملات الاقتصادية والتجارية بين أعضائه، وبالنظر إلى وجود أزمة الطاقة لدى الدول الصاعدة فسيكون من السهل على روسيا تسويق نفطها لديه.
وإذا كان من السهولة بمكان أن تصعد أمريكا عقوباتها الاقتصادية على روسيا بسبب ضآلة حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، فإن الوضع في الاتحاد الأوروبي مختلف، إذ إن الروابط الاستثمارية والمصالح الاقتصادية المتبادلة أعمق، فهناك شركات أوروبية عديدة تعمل في السوق الروسية حيث تنشط فيها 6000 شركة ألمانية، كما قدرت الوظائف المرتبطة بعلاقات ألمانيا بروسيا اقتصاديا بنحو 400 ألف وظيفة. ولكن في حالة تصعيد هذه العقوبات بحيث تؤثر على طبيعة العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا من جهة وروسيا من جهة أخرى، فإن اقتصاد الطرفين لا شك أنه سيتضرر.
ثانيا: خيار الدعم الأوروبي والغربي لأوكرانيا: إذ يتوقع المراقبون أن يبرم الاتحاد الأوروبي والقادة الأوكرانيين في بروكسل في الأيام المقبلة الشق السياسي لاتفاق الشراكة بين الاتحاد وأوكرانيا والذي أدت العودة عنه في نوفمبر الماضي إلى انطلاق حركة الاحتجاجات التي آلت إلى عزل الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، كما سيبحث الغربيون خطة مساعدة للاقتصاد الأوكراني الضعيف من أجل مقاومة تعليق القرض الكبير الذي وعدت موسكو بتوفيره.
ومن ناحية أخرى، فإن الغرب الذي يريد مساعدة حلفائه في حكومة أوكرانيا المؤقتة في الفوز بالانتخابات العامة في 25 مايو المقبل لابد أن يتحول في استراتيجياته من تطبيق سياسة التقشف على أوكرانيا إلى تذكير صندوق النقد الدولي بأن الأولوية القصوى لابد أن تكون للاستقرار السياسي، وليس مجموعة من الإصلاحات الطارئة المثيرة للجدال، لأن صندوق النقد الدولي سعى طويلا لفرض مجموعة من "الإصلاحات" الاقتصادية على أوكرانيا، مثل خصخصة معاشات التقاعد، التي تم تنفيذها قبل ذلك في بلدان أخرى ولم تنجح.
وينبغي لصندوق النقد الدولي والحكومات الغربية منح أوكرانيا فرصة لالتقاط الأنفاس، ويتعين على المؤسسات المالية الدولية حينئذ أن تحول انتباهها إلى صياغة حزمة مساعدات لا تتطلب ضبط الميزانية على حساب الفقراء. فبدلا من خفض إعانات دعم الاستهلاك، يستطيع صندوق النقد الدولي أن يساعد أوكرانيا لتحسين عملية تحصيل الضرائب.
ومن هنا يمكن القول إن إستراتيجية الغرب في التعامل مع أوكرانيا تتلخص في تحفيز الاقتصاد الأوكراني حتى انتخابات مايو ثم التفاوض على حزمة إصلاحات مع الحكومة التي ستأتي بها الانتخابات.
ثالثا: خيار الضربة العسكرية: وهذا الخيار مستبعد، ليس فقط بسبب الاستراتيجية الأمريكية الجديدة والتوجه نحو آسيا لمواجهة القوى الآسيوية الصاعدة بقوة اقتصاديا وسياسيا، وإنما بسبب المشكلات التي يواجهها حلف الناتو على خلفية الانتقاد الأوروبي الواضح للموقف الأمريكي منذ بداية الأزمة، إذ اعتبر عدد من الحلفاء الأوروبيين أن سياسة أمريكا المتهورة هى التي دفعت بالمعارضة الأوكرانية إلى الانقلاب على اتفاق 25 فبراير وبالتالي قادت للمواجهة المباشرة مع روسيا في القرم، وها هي سياسة واشنطن تدفع أوروبا إلى جحيم حرب جديدة على غرار الحرب اليوجوسلافية خلال التسعينيات أو على الأقل ظهور دولة جديدة في القرم تابعة لروسيا.
وفي النهاية كانت واشنطن ترى أن الأزمة الأوكرانية فرصة ذهبية للدفاع عن مصالحها عبر استعادة النفوذ على الحدود الغربية لروسيا وتعطيل مشروعات الغاز الروسي العملاقة في شرق أوروبا ودفع دول المنطقة المجاورة إلى التراجع عن التودد إلى موسكو والعودة لحضن البيت الأبيض الدافيء، ولكن أوباما لم يضع فى حساباته أن الدب الروسي لن يسمح بجرج كرامته وتهديد مصالحه في منطقة البحر الأسود خاصة وأنه يدرك جيدا أن أمريكا ليست هي أمريكا التسعينيات المبادرة والقوية بل أمريكا ضعيفة استراتيجيا في مشاكل الشرق الأوسط.
ويبقى تفضيل أحد الخيارات على الآخر أو الأخذ بأكثر من خيار في وقت واحد مرهون بطبيعة ومعطيات البيئة الدولية والمصالح الاستراتيجية لكل أطراف الأزمة من جهة، ومصالح القوى الآسيوية الأخرى من جهة ثانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.