بيَّنت دراسةٌ حديثةٌ أنَّه عندما يتعلَّق الأمرُ بإنشاء صداقات في المدارس الثانويَّة، يبدو أنَّ الفصولَ الدراسيَّة التي يختارها الطالب تُمارسُ دورًا مهمًَّا في العمليَّة. حلَّل باحِثون بياناتٍ لما يقرُب من 3 آلاف طالبٍ في 78 مدرسة ثانويَّة في الولايات المُتَّحدة؛ ووجدوا أنَّ المُراهقين كانوا أكثرَ ميلًا لتكوين صداقاتٍ في الفصول الدراسيَّة الأصغر. كانت هذه الفصولُ الدراسية غير إلزاميَّة عادةً، وهي تُعرف بكونها اختياريَّة، ممَّا ميَّز هؤلاء الطلبة عن البقيَّة من عموم طلاب المدرسة. قال مُعدُّو الدراسة إنَّ الصداقات كانت أكثرَ ميلًا لأن تتشكَّلَ في فصول اللغة اللاتينيَّة وفصول أعمال النِّجارة، مُقارنةً مع فصول التربية البدنيَّة الأكبر، والتي يحتاج جميعُ الطلاب إلى الالتحاق بها. أشار الباحِثون إلى أنَّ الطلابَ، الذين ينضمُّون إلى مجموعة المناهج نفسها، يميلونَ لأن يعرفوا بعضَهم بعضًا بطريقة جيدة، وقد يُركِّزون بشكلٍ أقلّ على الحالة الاجتماعيَّة، مثلما هي الحالُ عندما يُنظر إلى الشخص على أنَّه هادئ الأعصاب أو عكس ذلك. يكون هؤلاء الطلاب أيضًا أقلَّ ميلًا لأن يحكموا على زملائهم في الفصل بناءً على بعض السمات، مثل العِرق والجٍنس. كما وجد الباحِثون أيضًا أنَّ الفتيات كُنَّ أكثر ميلًا للالتحاق بفصول الرياضيات التي تتطلَّب مهارةً، وذلك إذا الحتقت الفتياتُ الأخريات ضمن المجموعة المُشتركة من المناهج بفصول الرياضيات المُتقدِّمة. كان نموذجُ تأثير المناهج في الصداقة مُميَّزًا وخاصًا بكل مدرسة ثانوية بشكلٍ مُثير للاهتمام؛ فعلى سبيل المثال، قد تتشكَّل الصداقة بين الطلاب الذين يلتحقون بفصول أعمال النِجارة واللغة الإسبانيَّة والتاريخ الأوربي في مدرسةٍ ما، بينما قد تتشكَّل الصداقة في مدرسةٍ أخرى بين الطلاب الذين يلتحقون بفصول إدارة الأعمال الزراعيَّة والمُحاسبة المُتقدِّمة وحساب التفاضل والتكامُل. قال مُعدُّ الدراسة كينيث فرانك، الأستاذ في كليَّة التربية والتعليم لدى جامعة ولاية ميتشيغان: "يعتقد الناسُ بشكلٍ عام أنَّ الأطفالَ يختارون أصدقاءهم من الفئات المعروفة جيِّدًا، مثل فئة المشاكسين أو البارعين في النشاطات الرياضية، وفئة الإنطوائيين أو العاكفين على الدراسة". "لكن، نحن نرى أنَّ فُرصَ اختيار المُراهق لأصدقائه تُؤثِّرُ فيها المناهجُ التي يلتحق بها والطلاب الآخرون الذين يلتحقون بهذه المناهج معه. وإضافةً إلى هذا، يختلف نموذجُ الفرص من مدرسةٍ إلى أخرى". "تحتوي نتائجُ الدراسة على مضامين هامَّة بالنسبة إلى إدارة المدرسة، حيث يجب على المدارس أن تُوفِّرَ صفوفًا تتمحور حول فكرة الجمع بين الطلاب المتفوِّقين والطلاب الذين يُعانون من ضعف الأداء؛ وإلاَّ سينتهي الأمر بهم إلى مواجهة خطر الاختلافات الاجتماعيَّة والأكاديميَّة