رصدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية المساعي الحثيثة التي يقوم بها مسئولون غربيون من أجل تخفيف قبضة روسيا القوية على الغاز في أوكرانيا، مما يعد إشارة إلى الضغط المتزايد على موسكو بغية إنهاء الأزمة الأوكرانية. وقالت الصحيفة أن الخيارات التي يفكر فيها بعض المسؤولين الغربيين، بدءا من بروكسل ووصولا إلى واشنطن، تتمثل في إمكانية زيادة حجم الصادرات الأمريكية من الغاز الطبيعي، وتحويل اتجاه تدفق الغاز عبر خطوط أنابيب من أوروبا الغربية إلى أوكرانيا، فضلا عن تسريع خطط في جميع أنحاء أوروبا تهدف إلى شراء مزيد من الطاقة من دول غير روسيا. وسلطت الضوء على فشل تهديدات مسؤولي الغرب بفرض عقوبات على روسيا إذا واصلت احتلالها لشبه جزيرة القرم الأوكرانية، حيث أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الأحد دعمه لتحرك القرم للانفصال عن أوكرانيا، وقال زعيم في القرم مدعوم من الكريملين إن منطقة القرم يمكن أن تنضم إلى روسيا في غضون هذا الشهر. ولفتت الصحيفة إلى تصريح البيت الأبيض بأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما سيلتقي رئيس الوزراء الأوكراني الجديد في واشنطن بعد غد الأربعاء ، محذرا من أن موسكو قد تواجه مزيدا من الضغوط الخارجية إذا صعدت خطواتها لضم شبه جزيرة القرم. حيث من المقرر أن تجري القرم استفتاء بهذا الشأن في 16 مارس الجاري. ورصدت الصحيفة أن أوكرانيا تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 70 في المائة، كما تعد كييف أيضا نقطة عبور رئيسية للغاز الروسي المتجه إلى أكثر من 10 دول أوروبية. وأضافت أن هناك 6 دول أوروبية تعتمد على الصادرات الروسية من الغاز بنسبة 100 في المائة، بينما تستورد 7 دول أخرى على الأقل نصف احتياجاتها من الغاز من موسكو. ورأت الصحيفة أن اعتماد أوروبا بهذا الشكل الكبير على الغاز الروسي، يحد من الخيارات المطروحة في الوقت الحالي، إذا أوقفت موسكو شحناتها من الغاز الطبيعي التي تصدرها عبر أوكرانيا؛ التي توصف بأنها "الدولة الترانزيت". ولفتت إلى أن المناقشات التي يجريها مسؤولو الغرب حول أوكرانيا لا تزال في مراحلها الأولى، ومن المستبعد أن يكون لأي سيناريو تأثير فوري على الأزمة في كييف. وقالت الصحيفة إن المسئولين في موسكو مازالوا مقتنعين بأن التهديد الحالي الكبير يتمثل في أن الردود الغربية ستخفض من الأسعار التي تحصل عليها روسيا مقابل صادراتها من الغاز الطبيعي..مشيرة إلى أن الكرملين يتوقع ارتفاع الطلب الأوروبي في أماكن مثل النرويج، وبريطانيا، وانخفاضه في أماكن أخرى..كما يتوقع زيادة معدلات شراء العملاء في آسيا. وأوضحت أن الاستراتيجية التي ينتهجها بوتين في أوكرانيا، قد تقنع بعض عملاء روسيا الكبار المستوردين للغاز، بطلب جزء أكبر من احتياجاتهم في مكان آخر، بما في ذلك استيراد الغاز الطبيعي من الولاياتالمتحدة واسيا الوسطى. وتابعت الصحيفة بقولها "الكثير من الإيرادات الحكومية في روسيا تأتي عن طريق صادرات الطاقة، وتحتاج موسكو للعملة الأجنبية لدفع ثمن وارداتها من السلع والخدمات..مشيرة إلى أن تلك الاحتياجات تتزايد في الوقت الذي تتخلف فيه قاطرة الاقتصاد الروسي عن بلدان أخرى. وعلقت الصحيفة على تصريح المفوضية الأوروبية يوم الخميس - بأنها ستساعد في توسيع شبكة خطوط أنابيب الغاز الطبيعي في أوكرانيا كجزء من حزمة مساعدات -، بقولها إن "مثل هذه الخطوة من شأنها أن توجه نحو 5 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميا إلى أوكرانيا. في الوقت الذي تستورد فيه كييف من 30 إلى 40 مليار متر مكعب من الغاز الروسي يوميا. وقال بعض الخبراء إن الأزمة الأوكرانية أيضا يمكن أن تجلب موجة من الزخم للمشاريع التي تقترح إنشاء خط لنقل الغاز من حقل الغاز "شاه دينيز" في بحر قزوين إلى أوروبا عبر تركيا واليونان. ورأت "وول ستريت جورنال" أن أزمة كييف تدعم المطالبات بتسريع موافقة الولاياتالمتحدة على تراخيص بتصدير الغاز الطبيعي المسال إلى عدد من الدول يفوق تلك المسموح بها بموجب القانون الامريكي حاليا..لافتة إلى أن جهود التوسع في تصدير الغاز الأمريكي التي طرحها نواب امريكيون قبل الأزمة الأوكرانية، تجد فرصة أفضل الآن لتمريرها من الكونجرس، ولكنها نبهت الى ما ينطوي عليه ذلك من حساسية سياسية نظرا لأن تصدير الغاز الأمريكي يمكن أن يدفع الأسعار المحلية للارتفاع.