شارع المعز.. واحد من أهم الشوارع التاريخية، ليس في القاهرة الفاطمية فحسب، وإنما في مصر كلها، وحينما بنى جوهر الصقلى القاهرة المعزيه أسس في سورها الشمالي بابين هما باب النصر وباب الفتوح. كان شارع المعز مليئًا بالوكالات والأسواق، لدرجة أن عدد المحال من خارج باب الفتوح لباب زويلة، كانت نحو 1200 محل، وظل الشارع محتفظًا بمكانته في العصر المملوكي، وكانت له تقاليد تُراعى، حيث كان ممنوعًا مرور جمال محمَلة أو أحصنة أو سقاء لا يغطي "قربته". إلى جانب قانون يحتم على أصحاب الدكاكين إنارة دكاكينهم بالقناديل طول الليل، ويكون عند كل صاحب دكان" زير" ممتلئ بالمياه مخصص لمكافحة الحرائق لو شبت، وكان هناك عمال قمامة ونظافة وحراس أمن. الآثار التي ذكرها المقريزي في الشارع هي: جامع الحاكم بأمر الله، وكالة قايتباى، بيت السحيمي، جامع سليمان أغا السلحدار، جامع الأقمر، سبيل عبد الرحمن كتخدا، قصر الأمير بشتاك، جامع السلطان قلاوون، مدرسة الظاهر برقوق، تربة الصالح أيوب، المدرسة الصالحية، المدرسة الكاملية، مدرسة الناصر محمد بن قلاوون، جامع الأشرف برسباى، مدرسة وسبيل السلطان الغوري، حمام المؤيد، جامع المؤيد، وغيرها. وقد عرف شارع المعز باسم شارع الأعظم، وشارع القاهرة، وشارع القصبة، وبنى جوهر الصقلي على جانبه الشرقى قصر للخليفه المعز باسم "القصر الشرقي الكبير" حيث كان لابنه العزيز بالله قصر صغير عرف باسم القصر الغربى الصغير ". في عهد وزير الثقافة فاروق حسني، تم ترميم آثار الشارع التاريخي وتم تطوير منطقته بعدما كان متهالكة بسبب الإهمال وقلة الاهتمام وأصبح يليق بمكانة مصر التاريخيه وتم تسجيله كموقع تراثي عالمي تابع لمنظمة اليونيسكو من سنة 1979. لكن الشارع عاد إلى سيرته الأولى عقب ثورة يناير وتعرضت أبوابه الإلكترونية التي صممت لمنع دخول السيارات للإتلاف والتدمير على أيدى البلطجية، كما صرح العديد من التجار وأصحاب المحال في الشارع. "البوابة نيوز" استطلعت آراء التجار وأصحاب المحال عن رأيهم في القرار الذي أصدره د. محمد إبراهيم وزير الآثار بغلق الشارع ومنع مرور السيارات فيه، حيث تباينت الآراء وإن كان تأييد الإغلاق كان الرأي الأعلي صوتًا. في البداية قال "محمود محمد" صاحب محل مشغولات نحاسية، إنه يؤيد قرار غلق الشارع تماما، وفي الوقت الذي كان فيه القرار ساريا كانت الحركة رائجة، كما أن زوار الشارع سواء من السياح الأجانب أو المصريين يشعرون بالأمان أثناء وجودهم في الشارع، وشدد "محمد" على ضرورة تفعيل القرار، ومراقبة تنفيذه بالفعل وليس فقط لعدة أيام ثم يعود الحال كما كان عليه. الحاج حلمي عبد الله الذي اتهم أصحاب المحال أنفسهم بالإصرار على دخول الشارع بسياراتهم الخاصة وتركها أمام محالهم رغم أن "جراج" الدراسة لا يبعد كثيرا عن الشارع ويتساءلون: لماذا تراخت القبضة الأمنية بعد الثورة رغم أنها كانت تطبق قرار غلق الشارع بصرامة قبلها؟ مؤيدًا قرار الإغلاق. أما الدكتور "عاطف واصف" صاحب محل مشغولات ذهبية، فمع تنظيم قرار الإغلاق مع مراعاة وجود مستشفى قلاوون للعيون بالقرب من الشارع، وهو الطريق المؤدى إليها، لذا يناشد المسئولين مراعاة كبار السن والمرضى الذين يمرون بالشارع، وتساءل أين السيارات التي كانت موجودة وتعمل بالكهرباء كوسيلة انتقال داخل الشارع. المواطن "محمد مصطفى" بادرنا بعصبية قائلا: الثورة أخرجت أسوأ ما فينا، واليوم لا يستطيع ضابط الشرطة أن يسجل مخالفة لمالك أي سيارة، فلقد اختفت الهيبة التي كانت تتمتع بها الداخلية، مما جعل البلطجية يفرضون بلطجتهم على الشارع، فمن يفرض سطوته على أحد الأرصفة ويتخذ منها "بارك" للسيارات يتقاضى عنها في كل سيارة 10 جنيه في اليوم، وفي مفارقة غريبة، فإن هناك من يستولي على "صناديق " المخلفات ويضع عليها بعض البضائع ليبيعها ولا يستطيع أحد منعه، أو الاعتراض عليه، وأردف: الله يرحم أيام فاروق حسني، كان يزور الشارع مرة واشتكينا له من القمامة فعاقب المسئول عن هذا التقصير وجاءت سيارات الحي ونظفت الشارع وواظبت على هذا. يوافقه الرأى "السيد صلاح" والذي اشتكى من تواجد الباعة الجائلين في الشارع أكثر حتى من أصحاب المحال التي تبيع البضائع السياحية، متسائلا: كيف يسمح لباعة "البطاطا" بالتواجد ونحن معرضون لنشوب حرائق في أي وقت، لعدم توافر وسائل لمكافحة هذا الأمر، باعة السمك افتتحوا محالا في الشارع والسيارات تمر طوال الوقت بعوادمها التي شوَهت المعالم الأثرية، كما أنها تثير فزع السياح، ومنذ يومين أصيب أحد السياح بالذعر عندما كادت تصدمه "فيسبا"، فكيف نضمن ألا تكون سيارة من السيارات التي تعبر، ليس بها متفجرات أو قنابل؟ قلة إحساس زوار الشارع قلل من الإقبال عليه، حتى كاد يختفي وبيوتنا اتخربت. أما سائقو السيارات "السوزوكي"، فيرفضون القرار رفضًا قاطعًا ويقفون أمامه، لأنهم ينقلون البضائع في هذه السيارات إلى خارج وداخل الشارع، ويرون أن هذا القرار شديد الظلم والإجحاف، لأنه سيقطع أرزاقهم ولا يقتنعون بأن الإغلاق محدد بساعات معينة من اليوم. وإلى هنا مازال الشارع الأثري العظيم، يخايل مكانه ما بين قرارات المسئولين والعشوائية.