نموذج مشرف يفتخر به أهالي قريته في كل مكان، هو الشاب الكفيف "أحمد ناصر"، ابن قرية دملو التابعة لمركز ومدينة بنها بمحافظة القليوبية، والذي قاوم إعاقته وتغلب عليه، وأصبح علما يمشي على الأرض، بعد تخرجه بتقدير عام امتياز بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، ويكون ترتيبه المركز الثالث على دفعته، بالإضافة إلى إجادته التامة للغتين الإنجليزية والفرنسية، ودراسته وإتقانه للقراءات العشر، ناهيك عن براعته في استخدام الكمبيوتر، وحله للأمور المعقدة التي لا يستطيع الأشخاص الأصحاء القيام بها. انتقلت "البوابة نيوز" إلى قرية دملو والتقت بالشاب الكفيف "أحمد" أو كما يلقبه أهالي القرية بالشيخ أحمد، وبداخل منزله كان أحمد يتصرف بطبيعته، لا يدل على أنه شاب كفيف، ويوحي إليك بضحته الهادئة والواثقة بأنه شاب يرى كل شئ، وأنه ليس كفيفا. يقول "أحمد"، للبوابة، لم أولد كفيفا بل كنت أرى بعين واحدة والعين الأخرى لم أكن أرى بها، سعيت أسرتي من أجل علاجي، وأجريت عدة عمليات لتصحيح النظر، ولكن أراد الله أن يأخذ النور من عيني المتبقية، حينها قررت أن أتفرغ للعلم وحفظ القرأن الكريم، وبالفعل حفظت القرأن كاملا، وأتقنت القراءات العشر، مشيرًا إلى أنه حصل على المركز الرابع في الشهادة الإعدادية الأزهرية على مستوى الجمهورية في عام 2013، وبعدها حصل على المركز الثالث على معاهد القراءات الأزهرية 2015، وحقق المركز الأول للمكفوفين على مستوى الجمهورية في الثانوية الأزهرية 2016، وحقق نجاحا في الفرقة الرابعة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنينالقاهرة الدور الأول 2020، بحصوله على تقدير ممتاز تقديرًا عامًا في هذه السنة وحصوله على تقدير عام امتياز ليحتل المرتبة الثالثة بالكلية. وأضاف "أحمد"، أنه كان يذاكر بالطريقة "البرايل"، ولكني كنت أواجه صعوبة لأنها لم تكن منتشرة في ذلك الوقت، فساعدتني والدتي على التحصيل الدراسي، عن طريق تسجيل المناهج لي صوتيا، حتى أتمكن من المذاكرة، وبعد ذلك تشاء الأقدار أن يضع الله عز وجل في طريقي صديقي الوفي، الذي لم يتركني يوما واحدا، وكان نعم الصديق ورفيق الدرب، حيث كان يساعدني على المذاكرة، إلى أن تنتهت فترة الثانوية الأزهرية، ودخلت أنا كلية الدراسات الإسلامية، ودخل هو كلية الطب، ورغم ذلك لم يتركني بمفردي، وقررنا تأجير شقة سويا بمدينة شبرا الخيمة، مكث معي فيها سنتين، ورغم أنه كان ينتهي من يومه الدراسي قبلي، كان ينتظرني في أحد المساجد ليرافقني خلالها إلى المنزل. وطالب "أحمد" بتحقيق أمنيته بتعيينه معيدا بكلية الدراسات الإسلامية، وتحقيق حلمه، قائلا "أنا وهبت حياتي للعلم، وأتمنى تحقيق حلمي"، مشيرًا إلى أنه سيستكمل دراسته العلمية، ويصبح أحد علماء الأزهر الكبار.