يوافق اليوم 20 فبراير، اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، وقد كانت العدالة الاجتماعية مطلبًا ملحًّا في ثورات الربيع العربي، وكانت ثورة 25 يناير في مصر هي أكثر ثورات الربيع العربي استخدامًا لشعار العدالة الاجتماعية، فقد انتفض ملايين المصريين وخرجوا إلى ميادين الحرية بشعار "عيش، حرية، عدالة اجتماعية"، وحتى الآن لم يتحقق ولو جزء من ذلك، لطالما كانت العدالة الاجتماعية هدفا تسعى المجتمعات الإنسانية إلى تحقيقه، فالتهميش الاقتصادي، وغياب التوزيع العادل للثروات كلها انعكاسات لغياب مفهوم العدالة الاجتماعية الذي يحمل في مضامينه حق الإنسان بالحرية والمساواة والحياة الكريمة. الأساس يرجع تحديد اليوم للأمم المتحدة، عندما قررت إعلان الاحتفال سنويا بيوم 20 فبراير بوصفه اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، في 26 نوفمبر 2007 اعتبارا من الدورة الثالثة والستين للجمعية العامة بالأممالمتحدة؛ والتي تقوم فيه بدعوة جميع الدول الأعضاء إلى تكريس هذا اليوم الخاص لتعزيز أنشطة ملموسة، على الصعيد الوطني، والحاجة إلى زيادة تدعيم جهود المجتمع الدولي في مجال القضاء على الفقر وتعزيز العمالة الكاملة والعمل اللائق والمساواة بين الجنسين وتحقيق الرفاهية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية للجميع. ماهي العدالة الاجتماعية؟ وتؤكد الأممالمتحدة في مواثيقها أن العدالة الاجتماعية مبدأ أساسي من مبادئ التعايش السلمي داخل الأمم وفيما بينها وهو الأمر الذي يتحقق في ظله الازدهار للعالم. وتشير الأممالمتحدة إلى أنه "عندما نعمل على تحقيق المساواة بين الجنسين أو تعزيز حقوق الشعوب الأصلية والمهاجرين يكون ذلك إعلاءً منا لمبادئ العدالة الاجتماعية، وعندما نزيل الحواجز التي تواجهها الشعوب بسبب نوع الجنس أو السن أو العرق أو الانتماء الاثني، أو الدين أو الثقافة أو العجز نكون قد قطعنا شوطا بعيدا في النهوض بالعدالة الاجتماعية". وتعني "العدالة الاجتماعية" أيضا، رفع أسباب الشعور بالتهميش لدى أبناء الطبقات الفقيرة والمحرومة، والمساواة أمام القانون، والعدالة في توزيع مكاسب النمو الاقتصادي، ومنح أهمية وأولوية قصوى لمشاريع التنمية والبنية التحتية والخدمات الأساسية. سياسات أكثر إنصافًا وعن وضع الدول العربية بما فيها دول الربيع العربي في تحقيق مبدأ "العدالة الاجتماعية" دون النظر للجانب السياسي، أشارت المنظمة العربية لحقوق الإنسان أن الدول العربية لم تنجح منذ أن نالت استقلالها في تحقيق التنمية القائمة على العدالة الاجتماعية، وانخرطت في تطبيق سياسات تكرس الفقر والتهميش والإقصاء وعدم المساواة. وتدرك المنظمة أن تحقيق العدالة الاجتماعية هدف دونه الكثير من التحديات يرتبط بعضها بالبعد الدولي أو بتراكمات تاريخية وتعقيدات سياسية وجغرافية وتنموية، لكن ذلك لا يعفى البلدان والحكومات العربية من واجباتها والتزاماتها السياسية والاجتماعية والقانونية والأخلاقية، وشرعية أي نظام حكم يجب أن تكون على أساس قدرته على تحقيق العدالة الاجتماعية. وترى المنظمة أن العدالة الاجتماعية لا يمكن تحقيقها ووضع معايير وأهداف ومؤشرات لقياس مدى الوفاء بها إلا إذا توافرت الإرادة السياسية، فقد بات على البلدان العربية إصاخة السمع لمطالب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية قبل فوات الآوان. العدالة في مصر أوضح الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في آخر استطلاع له في نهاية عام 2013 أن هناك 40 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر في آخر الاحصائيات، ويوجد 3.6 مليون عاطل في مصر وهي نسبة مفزعة وكبيرة للغاية، و42% زيادة في معدلات البطالة في السنوات الماضية ومعدلات الفقر في ريف الصعيد زادت عن 50%. في هذا الصدد طالب المجلس القومي للمرأة بضرورة اتخاذ خطوات فعلية من صانعي القرار في الدولة، لتحقيق العدالة الاجتماعية، وذلك من خلال استراتيجية تتبعها الدولة، لتحقيق التكافل والتضامن بين الفئات المختلفة للمجتمع، ورفع أسباب الإقصاء الاجتماعي. وأكد المجلس في بيان أصدره، الأربعاء، بمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية ضرورة وضع الدول سياسة للأجور، لتحقيق حد أدنى يوفر حياة كريمة للمواطن، ووضع ضوابط للحد الأقصى للأجور، وإصلاح نظام الضرائب، ومحاربة الغلاء، وزيادة مخصصات معاش الضمان الاجتماعي، وضمان حقوق ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة، لضمان المساواة وتكافؤ الفرص في جميع المجالات، والقضاء على تهميش بعض فئات المجتمع مثل الفقراء وقاطني العشوائيات، والعمل على إيجاد حلول بديلة لهم وتوفير مساكن مناسبة تحقق لهم الحياة الكريمة.