لما مات النبي عليه الصلاة والسلام واستخلف “,” أبو بكر “,” ، ارتدت طوائف من العرب عن الإسلام ، وامتنعت طوائف منهم عن دفع الزكاة إلى “,” أبي بكر “,” ، وقالوا : نقيم الصلاة ولا نؤدى الزكاة ، وزعم مانعو الزكاة أنهم كاموا يدفعونها إلى النبي عليه الصلاة والسلام لأنه مان يطهرهم بها. وقد بعثت القبائل التي منعت الزكاة وفودها إلى “,”المدينة“,” لتعرض قضيتها على “,”أبى بكر“,” فعرضوا طاعتهم عليه على أن يقيموا الصلاة ولا يؤدوا الزكاة. وكانت حركة العصيان من المرتدين ومانعي الزكاة قد انتشرت بين القبائل حتى تزعزع أمر الإسلام بين العرب ، وانكمشت أطرافه إلى “,”المدينة“,” و “,”مكة“,” و “,”الطائف“,” و “,”عبد القيس“,” ، فتأثر بذلك أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام ، وأدركهم من الخوف ما أدركهم. كان رأى جمهور الصحابة قبول ذلك منهم ، وأنه لا يصح قتالهم على منع الزكاة ، فدافعوا عنهم عند “,”أبى بكر“,” ، وكان “,”عمر“,” أشدهم دفاعًا عنهم، ولكن “,”أبا بكر“,” رأى أنه يجب قتالهم، وقد دافع عن رأيه أقوى دفاع، حتى أقنع به جمهور الصحابة فوافقوه على ذلك بعد ما كان من إجماعهم على خلافه. وقد قال عمر لأبى بكر في دفاعه عن مانعي الزكاة: كيف تقاتلهم وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: “,”أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله؛ فمن قالها عصم منى ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه عل الله. فقال له “,”أبو بكر“,”: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام لقاتلتهم على منعها “,”. فلما وافق “,”عمر“,” وجمهور الصحابة “,”أبا بكر“,” على قتال مانعي الزكاة، حكم بقتالهم، وأرسل جيوشه إليهم فقاتلوهم قتال المرتدين، وأخذوا أموالهم وسبوا نساءهم، كما حكم بذلك “,” أبو بكر“,”. فلما كانت خلافة “,”عمر“,” رأى أن يعفو عنهم، لأن الإسلام كان قد استقر على عهده في بلاد العرب، فرد السبايا والأموال إليهم، وأطلق المحبوسين منهم. ولا شك أن “,” أبا بكر “,” فعل في ذلك ما تفعله كل دولة تخرج رعيتها عن طاعتها، وتأبى أن تدفع مالها من ضرائب عليها؛ لتنفقها في مصالحها، وتدبر بها أمور الدفاع عنها. وليس لأحد من الرعية أن يرى فيفضه بالقوة على دولته ، ويحملها بالسيف على أ، تذعن له؛ لأن في هذا قلبًا للأوضاع ، ولا معنى له إلا أن تصبح الرعية هي الحاكمة ، والدولة هي المحكومة ، فالذي يفعل ذلك يكون جزاؤه حربا بحرب ، وقتالاً بقتال.