* يسأل سامح عبدالرحمن خليل من السويس: لماذا قاتل أبو بكر مانعي الزكاة؟ وما حكم المرتدين؟ ** يجيب الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر الأسبق: ويجاب عن ذلك بما قاله النووي نقلاً عن الخطابي: إن أهل الردة كانوا صنفين. صنف ارتدوا عن الدين ونابذوا الملة وعادوا إلي الكفر. وهم الذين عناهم أبو هريرة بقوله: وكفر من كفر من العرب. وهذه الفرقة طائفتان: إحداهما أصحاب مسيلمة من بني حنيفة وغيرهم الذين صدقوه علي دعواه في النبوة وأصحاب الأسود العنسي ومن كان من مستجيبيه من أهل اليمن وغيرهم. وهذه الفرقة بأسرها منكرة لنبوة محمد صلي الله عليه وسلم. مدعية النبوة لغيره فقاتلهم أبو بكر رضي الله عنه حتي قتل الله مسيلمة باليمامة والعنسي بصنعاء. وانفضت جموعهم وهلك أكثرهم. والطائفة الأخري ارتدوا عن الدين وأنكروا الشرائع وتركوا الصلاة والزكاة وغيرها من أمور الدين وعادوا إلي ما كانوا عليه في الجاهلية. فلم يكن يسجد لله تعالي في بسيط الأرض إلا في ثلاثة مساجد. مسجد مكة ومسجد المدينة ومسجد عبدالقيس في البحرين في قرية يقال لها "جؤاثي". بالصلاة وأنكروا فرض الزكاة ووجوب أدائها إلي الامام. وهؤلاء علي الحقيقة أهل بغي. وإنما لم يدعوا بهذا الاسم في ذلك الزمان خصوصاً لدخولهم في غمار أهل الردة. فأضيف الاسم في الجملة إلي الردة إذ كانت أعظم الأمرين وأهمهما. وأرخ قتال أهل البغي في زمن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه إذ كانوا منفردين في زمانه لم يختلطوا بأهل الشرك. وكان في ضمن هؤلاء المانعين للزكاة من كان يسمح بالزكاة ولا يمنعها. إلا أن رؤساءهم صدوهم عن ذلك الرأي وقبضوا علي أيديهم في ذلك كبني يربوع. فإنهم قد جمعوا صدقاتهم. وأرادوا أن يبعثوا بها إلي أبي بكر رضي الله فمنعهم مالك بن نويرة من ذلك وفرقها فيهم وفي أمر هؤلاء عرض الخلاف ووقعت الشبهة لعمر رضي الله عنه فراجع أبا بكر رضي الله عنه وناظره واحتج بقول النبي صلي الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتي يقولوا لا إله إلا الله. فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم نفسه وماله". وكان هذا من عمر رضي الله عنه تعلقاً بظاهر الكلام قبل أن ينظر في آخره ويتأمل شرائطه. فقال له أبو بكر رضي الله عنه: ان الزكاة حق المال. يريد أن القضية قد تضمنت عصمة دم ومال معلقة بإيفاد شرائطها. والحكم المعلق بشرطين لا يحمل بأحدهما والآخر معدوم. ثم قايسه بالصلاة ورد الزكاة إليها. وكان في ذلك من قوله دليل علي أن قتال الممتنع من الصلاة كان إجماعاً من الصحابة. وكذلك رد المختلف فيه إلي المتفق عليه...... إلي أن قال: وقد بينا ان أهل الردة كانوا أصنافاً منهم من ارتد عن الملة ودعا إلي نبوة مسيلمة وغيره ومنهم من ترك الصلاة والزكاة وأنكر الشرائع كلها. وهؤلاء هم الذين سماهم الصحابة كفاراً ولذلك رأي أبو بكر رضي الله عنه سبي ذراريهم وساعده علي ذلك أكثر الصحاب فأما مانعو الزكاة منهم المقيمون علي أصل الدين فإنهم أهل بغي ولم يسموا علي الانفرادمنهم كفاراً وإن كانت الردة قد أضيفت إليهم لمشاركتهم المرتدين في منع بعض ما منعوه من حقوق الدين. وذلك إن الردة اسم لغوي. وكل من انصرف عن أمر كان مقبلاً عليه فقد ارتد عنه. وقد وجد من هؤلاء القوم الانصراف عن الطاعة ومنع الحق. وانقطع اسم الثناء والمدح بالدين. وعلق بهم الاسم القبيح لمشاركتهم القوم الذين كان ارتدادهم حقاً.