«أصلح وابور الجاز» اعتاد المصريون سماعها منذ زمن طويل فى الشوارع والحوارى فى القرى والأحياء الشعبية يرددها «السمكرية» الذين لم يتخيلوا أن يأتى يوم يجدون فيه مهنتهم التى توارثونها عن آبائهم وأجدادهم أوشكت على الاندثار مع مرور الزمن. فى منزل بسيط بمدينة قليوب التابعة لمحافظة القليوبية، لا تتعدى مساحته 100 متر يجلس رجل خمسيني، حائرًا بين ذكريات عاشها مع أبيه وجده وسط «بوابير» الجاز النحاس التى ما زلت تبرق فى ذاكرته عن الزمن الجميل ولم تنطف بعد مع مرور الوقت. يقول: «أمين مأمون»: أعمل فى هذه المهنة منذ اكثر من 40 عامًا، ورثتها عن والدى الذى توارثها عن والدة وجدة أيضًا. وأضاف: «أتقنت تلك الصنعة أنا وأخى الذى فتح محلا بإحدى المناطق الشعبية وترك منزل العائلة ولكننى أصريت على بقائى بقليوب بجوار أهلى وأصحابى وعشرة العمر لحبى الشديد لشوارع المدينة وملامح أهلها البسطاء». ويستكمل «مأمون» عن طريقة التصليح التى يعمل بها قائلا: يوضع داخل ماكينة تخرج من الفرن ينصهر منها اللهب الشديد، لتطهير المكان المراد لحمه أو إصلاحه بمياه النار، وبعدها يتم وضع بعض من مادة «القزير»، هى مادة لاصقة تشبه الصمغ على «الكاوية» وبدء إصلاح الجزء المراد منه. وعن حال المهنة يقول الرجل الخمسينى بنبرة حزن: «الحال مش زى زمان.. والمهنة خلاص انقرضت ومبقتش مربحة».. لكنى أحرص على ممارستها كل يوم منذ الصباح حتى المساء خوفا عليها من الانقراض ولتحقيق ربح معنوي بسيط لأسرتى وهو 5 جنيهات فقط لإصلاح وابور بالكامل».