رأت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية، اليوم الأربعاء، أن السياسة التي ينتهجها الرئيس دونالد ترامب والمتمثلة في ممارسة أقصى قدر من الضغط على إيران قادت في حقيقة الأمر إلى طريق مسدود، داعية إلى تغييرها بالكامل من أجل حل النزاع مع طهران، مشيرة إلى أن دعم إيران للحروب بالوكالة سلط الضوء على استراتيجيتها الدموية في المنطقة. واستهلت الصحيفة تقريرًا لها في هذا الشأن نشرته على موقعها الالكتروني بالقول إن الشرق الأوسط أصبح الآن على شفا صراع عسكري جديد، مضيفة: "على الرغم من تأكيدات واشنطنوطهران بعدم رغبتهما في دخول مواجهة مباشرة، إلا أن جهود الجانبين لتحسين مركزهما التفاوضي قبل بدء أي مفاوضات محتملة تشبه اللعب بالنار، وتهيئ المنطقة لمزيد من الفوضى". وأضافت الصحيفة أن انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران والدول الغربية وإعادة فرض العقوبات، على الرغم من امتثال طهران لبنود الاتفاق، تسبب في اندلاع أزمة اقتصادية حادة في إيران، وتمكين المتشددين من النظام السياسي في البلاد وأثارت أيضا ردود فعل انتقامية خطيرة. ومن أجل تجنب الحرب، وتخفيف حدة التوترات وحل مشكلة إيران التي تؤرق الولاياتالمتحدة، دعت "ذا هيل" إدارة ترامب إلى التخلي عن الاعتقاد التقليدي بأن طهران فاعل شرير في المنطقة، مضيفة: "بصرف النظر عن الخطاب المتعالي للنظام في إيران، بدأت الأيديولوجية الثورية تفقد جاذبيتها بين صفوف الجمهور الإيراني، غير أن اظهار النهج العدواني يعد رد فعل طبيعيًا من بلد محاصر". وأعادت الصحيفة الأمريكية إلى الأذهان فترات تصالح المصالح بين طهرانوواشنطن، وقالت: "إن إيران دعمت في البداية الحرب الأمريكية ضد حركة طالبان في أفغانستان، بل وقدمت المساعدة العسكرية والاستخبارية، وطردت المتشددين السنة المتطرفين وأعضاء تنظيم القاعدة من أراضيها بناءً على طلب واشنطن، وذلك قبل أن يتعذر التعاون بين البلدين في عام 2002، عندما أدرج الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش إيران في خطاب "دول محور الشر" حتى تخوفت طهران أن تكون التالية على قائمة المستهدفين الجدد". وفي العراق، قالت الصحيفة إن مصالح واشنطنوطهران اتحدت في البداية، حيث عارض الإيرانيون الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وشجعوا حلفاء إيران السياسيين العراقيين على العمل مع الولاياتالمتحدة. ومرة أخرى، تغيرت الأمور بسبب سياسات الولاياتالمتحدة التي تهدف إلى قلب النظام السياسي في طهران. وتابعت الصحيفة: "دعم إيران للحروب بالوكالة سلط الضوء على استراتيجيتها الدموية في المنطقة، فبينما تكافح الولاياتالمتحدة للتأثير على التطورات السياسية في الشرق الأوسط، تسعى إيران لإعادة تشكيل المشهد الاستراتيجي، وتحاول التأثير على السياسات في العراق من خلال حلفائها الشيعة والأكراد". وفي سوريا، أبرزت الصحيفة زيادة تأثير طهران، بفضل حزب الله والميليشيات الشيعية، إلى جانب المساعدة العسكرية الروسية، حتى اكتسب حليف طهران طويل الأمد وهو الرئيس السوري بشار الأسد اليد العليا في مسار الحرب الأهلية في بلاده. وأردفت "ذا هيل" تقول:" إن إدارة ترامب بحاجة إلى أن تنأى بنفسها عن تغيير النظام، بجانب إسكات المتشددين الأيديولوجيين مثل مستشار الأمن القومي جون بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو، والبدء في إنهاء ما يقرب من أربعة عقود من انعدام الثقة المتبادلة بين البلدين. وأضافت: "أن مثل هذا النهج من شأنه أن يسحب البساط من تحت أقدام رجال الدين المتشددين في إيران، ويمكّن قوى أكثر اعتدالًا في النظام السياسي وربما يعزز أيضًا من التعاون في العراقوسورياوأفغانستان". ورأت "ذا هيل" أنه يتعين على الولاياتالمتحدة استخدام قدراتها الدبلوماسية لإنشاء خطوط اتصال مباشرة مع طهران وبين جميع دول الخليج، فهذا سيكون بمثابة خطوة أولى نحو آلية شاملة لتسوية المنازعات، والتي يمكن أن تمنع الحروب الفتاكة التي تندلع بالوكالة ووقف المواجهة العسكرية المباشرة.