يحتفل أعضاء التعاونيات في كل أنحاء العالم هذا العام بالذكري ال 25 لليوم العالمي للتعاونيات، والذي يصادف السبت الأول من شهر يوليو من كل عام، والذي يوافق هذا العام يوم 6 يوليو الحالى. ويأتي أحتفال هذا العام 2019 تحت شعار " تعاونيات من أجل العمل اللائق"، حيث يسلط الضوء علي أن العمل اللائق - هو آلية أساسية للإدماج والعدالة الاجتماعية. إن العمل اللائق حقيقة واقعة للجميع يعد ضمن أهداف الأممالمتحدة للتنمية المستدامة. ويرتبط موضوع هذا العام بالهدف 8 من أهداف التنمية المستدامة بشأن " تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة، والعمل الكريم للجميع". ويصادف الاحتفال هذا العام الذكرى ال96 لإنشاء اتحاد التعاونيات، حيث يبرز تقدير دول العالم لاستدامة التعاونيات وقدرتها على التكيف من خلال قيمها ومبادئها وهياكل حوكمتها، فضلا عن اهتمامها بالمجتمعات المحلية. وتضطلع التعاونيات بطبيعتها بدور ثلاثي: فهي عوامل اقتصادية توجد فرص العمل والمعايش ومصادر الدخل؛ وهي مؤسسات ترتكز على الرأسمال البشري وتتمتع بأهداف اجتماعية تساعدها في الإسهام في العدالة والمساواة الاجتماعيتين؛ وهي مؤسسات ديمقراطية يديرها الأعضاء فيها، مما يعزز من دورها الريادي في المجتمعات، ففي الوقت الذي يزيد فيه التفاوت في الدخل في جميع أنحاء العالم، من المهم أن نتذكر أن هناك حلولا لذلك التفاوت، والنموذج التعاوني هو في المقام الأول من بين النماذج التي تشتمل على جوانب التنمية المستدامة في جوهرها، فضلا عن كونه قائما على القيم والمبادئ الأخلاقية. وبحسب إحصائيات الأممالمتحدة، تضم التعاونيات في العالم أكثر من مليار عضو مساهم، وتوفر نحو 100 مليون فرصة عمل، وتجاوزت عائداتها في السنوات الأخيرة تريليون يورو، ووفرت سبل المعيشة لنحو 3 مليارات نسمة في شتى أنحاء العالم. ووفقا لتقديرات حديثة، تعد التعاونيات في كل أنحاء العالم المصدر الرئيسي للتوظيف أو الكسب لأكثر من 279 مليون شخص، أي ما يقرب من 10 % من إجمال عدد السكان العاملين. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت بموجب قرارها 47/90 في ديسمبر 1992، الاحتفال بأول سبت من شهر يوليو من كل عام بوصفه اليوم الدولي للتعاونيات، ونص القرار على أن الجمعية العامة تعلن أول يوم سبت من شهر يوليو 1995 يومًا دوليًا للتعاونيات، احتفالًا بالذكرى المئوية لإنشاء الحلف التعاوني الدولي. ووقع الاختيار على هذا التاريخ للاحتفال بهذا اليوم حتى يتزامن مع اليوم الدولي للتعاونيات الذي يحتفل به الحلف التعاوني الدولي منذ عام 1923. ويعرف للتعاونيات أهميتها بوصفها رابطات ومؤسسات، يستطيع المواطنون من خلالها تحسين حياتهم فعلًا، فيما يساهمون في النهوض بمجتمعهم وأمتهم اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وسياسيًا، وبات من المسلم به أنها واحدة من الأطراف المؤثرة المتميزة والرئيسية في الشئون الوطنية والدولية، كما بات من المسلم به أن الحركة التعاونية تتسم بقدر كبير من الديمقراطية، وبأنها مستقلة محليًا ولكنها متكاملة دوليًا، وبأنها شكل من أشكال تنظيم الرابطات والمؤسسات يعتمد المواطنون أنفسهم، من خلاله، على العون الذاتي وعلى مسئوليتهم الذاتية في تحقيق غايات لا تشمل أهدافًا اقتصادية فسحب ولكن تشمل أيضًا أهدافًا اجتماعية وبيئية، من قبيل القضاء على الفقر، وكفالة العمالة المنتجة وتشجيع الاندماج الاجتماعي. وظهرت أولى التعاونيات في فينويك الإسكتلندية في مارس عام 1761، عندما اجتمع نساجون محليون في كوخ وملؤوا كيسًا بدقيق الشوفان ثم نقلوه إلى غرفة مطلة على الشارع يملكها جون ووكر وعرضوا الشوفان للبيع بأسعار مخفضة، مؤسسين بذلك جمعية نساجي فينويك. وفي عام 1844 أنشأت مجموعة من 28 من الحرفيين العاملين في مصانع القطن في بلدة روشديل، في شمال إنجلترا أول الأعمال التعاونية الحديثة، جمعية روشديل للرواد المنصفين، وواجه النساجون ظروف عمل بائسة وأجورًا متدنية، ولم يتمكنوا من تحمل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع المنزلية، وقرروا أنه من خلال تجميع مواردهم الشحيحة والعمل معًا يمكنهم الحصول على السلع الأساسية بسعر أقل. في البداية، كانت هناك أربعة بنود فقط للبيع: الدقيق، دقيق الشوفان، السكر والزبدة، ويعتبر رواد روشديل النموذج الأولي للمجتمع التعاوني الحديث ومؤسسي الحركة التعاونية. وتشير إحصائيات المرصد التعاوني العالمي لعام 2018، إلى أن عدد أعضاء التحالف يبلغ حوالي 1.2 مليار عضو. والعمل التعاوني يجعل ما يقرب من 12% من مجموع السكان العاملين حول العالم من خلال مشاركة 300 جمعية ضمن الحلف التعاوني الدولي، تتواجد في 98 بلدًا حول العالم، كما يوجد 3 مليارات شخص استفادوا من العمل التعاوني حول العالم، وبلغ حجم رأس مال المؤسسات التعاونية في جميع أنحاء العالم حوالي 2.53 تريليون دولار أمريكي. كما يشير التقرير إلى أن الجمعيات التعاونية توفر فرص عمل كبيرة، ففي باراجواي، يعمل 783 ألف شخص أو 18% من السكان هم أعضاء في 740 تعاونية، ولهم تأثير مباشر على حياة أكثر من 6 ملايين شخص. وفي كندا، 4 من كل 10 كنديين هم أعضاء في تعاونية واحدة على الأقل، وفي مقاطعة كيبيك، حوالي 70% من السكان هم أعضاء تعاونية، بينما في ساسكاتشوان 56% من السكان هم أعضاء تعاونيات. وفي أوروغواي، تعتبر التعاونيات مسؤولة عن 3% من إجمالي الناتج المحلي، فهي تنتج 90% من إجمالي إنتاج الحليب، و340% من العسل، و30% من القمح، ويتم تصدير 60% من الإنتاج التعاوني إلى أكثر من 40 دولة حول العالم. وفي الولايات المتحدة، توفر 30 ألف تعاونية أكثر من 2 مليون وظيفة، وفي التعاونيات الكهربائية الريفية في الولايات المتحدة التي تخدم أكثر من 42 مليون مستخدم في 47 ولاية، تمثل 42 % من خطوط الطاقة في البلاد، وتمتلك التعاونيات الزراعية في الولايات المتحدةالأمريكية حصة تبلغ 28% في تصنيع وتسويق الإنتاج الزراعي. وﻓﻲ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ، ﺗﻮﻓﺮ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ 137888وﻇﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮة، و115988 وﻇﻴﻔﺔ إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺎت اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ - وﺗﻮﻓﺮ 3.65% ﻣﻦ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد. وتقدم التعاونيات الصحية في البرازيل الخدمات الطبية وخدمات طب الأسنان إلى 17.7 مليون شخص، أي ما يقرب من 10% من السكان، ولدى 6600 جمعية تعاونية مرتبطة بمنظمة التعاونيات البرازيلية (OCB) أكثر من 10 ملايين عضو، وتوفر فرص عمل مباشرة لما يقرب من 300 ألف شخص ؛ ويوجد في بوليفيا أكثر من 1600 تعاونية توفر أكثر من 32 ألف وظيفة مباشرة، وأكثر من 128 ألف وظيفة غير مباشرة. وفي الأرجنتين يوجد حوالي 13 ألف جمعية تعاونية مسجلة لديها 9.4 مليون عضو وتوظف بشكل مباشر أكثر من 265 ألف شخص، وتعتبر التعاونيات الزراعية الأرجنتينية مسؤولة عن أكثر من 20% من إجمالي صادرات القمح الوطنية ؛ وفي الجمهورية الدومينيكية تساهم التعاونيات بأكثر من مليون عضو وتوفر فرص عمل مباشرة لأكثر من 40 ألف شخص، وفي كوستاريكا تعتبر الاتحادات الائتمانية هي مالكي 8.5 % من أصول النظام المالي المحلي ؛ وفي السلفادور تجاوزت أصول التعاونيات المالية 1300 مليون دولار، أي ما يمثل 9.3% من إجمالي النظام المالي المحلي ؛ وفي الإكوادور تمتلك الاتحادات الائتمانية أصولًا بحوالي 2500 مليون دولار، تمثل حصة قدرها 9.12% في إجمالي النظام المالي المحلي. وفي فرنسا، توفر 21 ألف جمعية تعاونية أكثر من مليون وظيفة تمثل 3.5% من السكان العاملين ؛ وفي كينيا، يستمد 63% من السكان مصادر رزقهم من التعاونيات، حيث يعمل حوالي 250 ألف كيني أو يحصلون على معظم دخلهم من التعاونيات ؛ وفي إندونيسيا، توفر التعاونيات فرص عمل ل 288،589 فردًا. وتعتبر التعاونيات من العوامل الاقتصادية الكبيرة التي تساهم في دعم الاقتصادات الوطنية، ففي الدنمارك تساهم التعاونيات الاستهلاكية بما نسبته 36.4 % من سوق التجزئة للمستهلكين ؛ وفي اليابان تساهم التعاونيات الزراعية بما يقدر ب90 مليار دولار أمريكي، ويعمل 91 % من جميع المزارعين اليابانيين في عضوية هذه التعاونيات، وقد ساهمت تعاونيات المستهلكين بإجمالي قيمة تداول بلغت 34.048 مليار دولار، مع 5.9 % من حصة سوق المواد الغذائية في اليابان ؛ وفي موريشيوس، تلعب التعاونيات في القطاع الزراعي دورًا هامًا في إنتاج السكر والخضروات والفاكهة والزهور والحليب واللحوم والأسماك، ويتم تجميع ما يقرب من 50 % من مزارعي قصب السكر في التعاونيات. وفي كوت ديفوار، استثمرت التعاونيات 26 مليون دولار في إنشاء المدارس، وبناء الطرق الريفية وإنشاء عيادات للأمهات ؛ وفي نيوزيلندا، يتم إنشاء 3 % من الناتج المحلي الإجمالي من قبل المؤسسة التعاونية، وتعتبر التعاونيات مسؤولة عن 95% من سوق منتجات الألبان، و95% من سوق منتجات الألبان التصديرية ؛ وفي ماليزيا، قطاعات كبيرة من السكان هم أعضاء في التعاونيات ( 6.78 مليون شخص أو 27 % من مجموع السكان هم أعضاء في التعاونيات) ؛ وفي النرويج من أصل 4.8 مليون نسمة هناك مليونا عضو في التعاونيات ؛ وفي إسبانيا، 15% من السكان أو 6.7 مليون شخص هم أعضاء في تعاونية ؛ ويوجد في ألمانيا ما يزيد عن 7500 جمعية تعاونية تضم حوالي 20 مليون عضو، وهي في ازدياد مستمر. فعلى عكس باقي الأنواع من الشركات والتجمعات لا تعمل الجمعيات التعاونية فقط من أجل الربح التجاري أو المادي، حيث أن هدفها في المقام الأول تحقيق العدالة الاجتماعية ومراعاة البيئة، وغالبا ما يكون أعضاء الجمعية التعاونية موظفين أو زبائن في ذات الوقت. وأشار التقرير إلى التعاونيات في الوطن العربي، حيث تعتمد غالبية الدول العربية على التعاون كأداة للتنمية، لاسيما في الريف. وتشير إحصائيات الاتحاد التعاوني العربي إلى وجود 40 ألف جمعية تعاونية في الوطن العربي، منها 43% جمعيات تعاونية زراعية، و33% جمعيات تعاونية استهلاكية، و8.5 % تعاونيات سكنية، و7.8% جمعيات متعددة الأغراض، و3.89% جمعيات خدمية، و3.4% جمعيات حرفية، و0.4% جمعيات أسماك، و0.01 % جمعيات أنشطة علمية وثقافية. وتضم هذه الجمعيات في عضويتها أكثر من 16 مليون عضو تعاوني في مختلف أنواع التعاون. إن العمل التعاوني يقدم خدماته للبشر دون تفرقة بينهم لأي سبب، كما أنه وسيلة الفقراء أوالضعفاء من أجل العيش الكريم. ويهدف التعاون إلي البناء والإعمار والتنمية ولا يهدف أبدًا إلي الحرب أو الدمار، ولا ينتهز ظروف الحرب ليحقق الأرباح كما يحدث في النظم الاقتصادية الأخرى ومنها النظام الرأسمالي. وتؤكد الهوية التعاونية، أن أحد أهم مبادئ التعاون هو الحياد السياسي والديني والعرقي وهنا مهمته كمهمة الطبيب الذي يعالج الجريحين المتحاربين دون انحياز. وتتبلور الهوية التعاونية وتظهر في مقومات ومكونات الحركة التعاونية ومبادئها المشكلة والمجسدة للصبغة والصفة التعاونية المميزة للعمل التعاوني المنظم والمتمثلة في الشعار التعاوني والقيم التعاونية والمبادئ التعاونية وكلها تشكل مبادئ الحلف التعاوني الدولي.