قدمت محافظة بورسعيد عشرات الشهداء من رجال الجيش والشرطة بداية من 25 يناير 2011، مرورا بعهد الجماعة الإرهابية ثم ثورة 30 يونيو 2013، حتى الحرب ضد الإرهاب لتطهير سيناء من أعداء الوطن. والدة الشهيد «السيد عبدالعال» قالت ل«البوابة»: «اسم ابنى يزين مدرسة وشارعا فى محافظة بورسعيد، والمشروعات القومية لم تضع دمه هباء، ووالده يعلن استعداده للتطوع فى الجيش فى سيناء». والمجند السيد عبدالعال، أحد رجال الشرطة المصرية، استشهد وهو يدافع عن تراب مصر وشعبها فى سيناء. وبتماسك وفخر شديدين تحدثت والدة السيد عبدالعال، عن اللقاء الأخير الذى جمعها بابنها: «حضر ابنى من سيناء ليقضى إجازته معنا التى استمرت حوالى 15 يوما، لم تكن البسمة خلالها تفارق وجهه، كان صافيا، وكأن النور يخرج منه، وكلما قابله أحد يقول له (وشك منور يا سيد)، فلقد قابل خلال تلك الزيارة معظم أصدقائه وأقاربه، وكان حريصا أن يظل بجانبى أكبر فترة، وكأنه يعلم أنه اللقاء الأخير، وبعد مضى 15 يوما حان وقت عودته إلى سيناء التى كان يحارب هو وزملاؤه فيها الإرهابيين والخونة، كانت خطواته وهو يتوجه إلى سيناء أسرع من خطواته وهو متجه إلى المنزل لقضاء إجازته، فلقد كان متحمسا ويشعر بالفخر بما يقوم به، وكان دائما يتمنى الشهادة». وأضافت: «لا أستطيع أن أنسى عناقى الأخير له حتى الآن، فبعد نهاية إجازته، حان وقت عودته إلى سيناء، فحمل أمتعته سريعا متلهفا كعادته للعودة، فضممته إلى صدرى بشدة، وشعرت لحظتها بشعور غريب، أشعر به لأول مرة عند وداعى له، فلقد كانت نبضات قلبى متسارعة وفى نفس الوقت لا أريد تركه، فنظر إلى وابتسم ثم غادر إلى الأبد». وعن يوم تلقيها خبر استشهاد ابنها، هنا بدأ انهيار تماسكها، وانهمرت الدموع التى حاولت التحكم فيها منذ بداية حديثها، إلا أن نبرة الفخر بابنها فى حديثها كانت هى الغالبة، وأكملت: «فى يوم 3 نوفمبر 2012، التفت إلى صوت صراخ أحد جيراننا وهو ينطق باسم (السيد)، لحظتها وكأن قلبى قد انتزعه أحد من مكانه، وشعرت أن ابنى قد استشهد قبل أن يتم إبلاغى بالخبر، فتوجهت مسرعة نحو الباب، وعندما فتحته، وجدت مجندين من قسم شرطة المناخ لم يتمكنا من إبلاغى بما حدث فأبلغا أحد الجيران، فلم أشعر بنفسى إلا وأنا أصرخ وأبكي، عليه وعلى زملائه الثلاثة الذين استشهدوا معه، ثم حضر والده وبدأت فى التماسك تدريجيا، وتوجه والده إلى سيناء ليعود إلى بورسعيد بجثمان ابنها الشهيد البطل، ثم جنازة عسكرية ومنها إلى مثواه الأخير». والد الشهيد تحدث بنفس نبرة الفخر، وعلى الرغم من مستواه المعيشى الضعيف كونه يمتلك كشكا صغيرا متواضعا بداخله القليل من البضائع، إلا أنه تحدث قائلا: «ما تشهده مصر من مشروعات عملاقة وأمن وأمان هو نتاج تضحيات وبطولات ابنى وزملائه الذى قدموا أرواحهم فداء للوطن، وأنا بالرغم من كبر سنى فعلى استعداد للتطوع بالجيش فى سيناء من أجل مصر وشعبها، كلنا فداء للوطن، مطالبا من يتحدثون عن ارتفاع الأسعار بأن يتحملوا من أجل مصر فتضحيتهم بالصبر والتحمل أقل بكثير ممن قدموا أرواحهم ومن أسر فقدت أبناءها». والدة الشهيد مصطفى جاويش، قالت ل«البوابة»: «ابنى كان دائما يقول لي، إنه مشروع شهيد، واحفظى دموعك يا أمى ولا تبكى على يوم أن ألقى ربى شهيدا، فلقد كان حريصا جدا أن يتم تكليفه كضابط فى العريش، لذلك عندما استلم هو وزملاؤه أماكن عملهم صعد إلى قائده أكثر من خمس مرات ليطلب منه أن يخدم بالعريش، حتى تمت الموافقة على طلبه». وعن اللحظات الأخيرة فى حياة ابنها، قالت: «استيقظ مبكرا وجهز ملابسه ليبدأ حياته العملية كضابط أمن مركزي، وكان ذلك يوم الجمعة، وأدى صلاة الجمعة، ثم تحدث إلى زميل له بالقوات المسلحة وأخبره أنه تم تكليفه شهيدًا بالعريش». المحافظة الباسلة، أيضا، ودعت فى جنازة عسكرية خلال عام 2016 الشهيد المجند ياسر ممدوح الشربينى، أحد أفراد الأمن فى شمال سيناء، الذى استشهد معه 15 فردًا من رجال الشرطة عقب سقوط قذيفة هاون على كمين الصفا جنوب مدينة العريش من إحدى المناطق الجبلية. وتقول والدة الشهيد ياسر الشربيني: «ابنى كان بارا بى وبوالده، فلقد كان يشارك والده فى نفقات العائلة، ويهتم بأخته الصغيرة، ويعطينى حقنة السكر ويهتم جدا بصحتي، لقد فقدت السند». وعن لحظة استقبالها خبر استشهاده قالت والدموع تنهمر من عينيها: «اتصل بى ياسر قبل يوم واحد من استشهاده، وكان مرحا وصوته فرحا، وقال لى إنه سيتناول الغداء معنا غدا، وسيأتى خصيصا لرؤيتي، ولكن الاتصال الهاتفى لم يكتمل فجأة فصرخت وشعرت وقتها أن ابنى استشهد، وبالفعل كان شعورى صحيحا، فلقد استشهد بعدها بساعات». وشهدت محافظة بورسعيد خلال عام 2011، استشهاد النقيب عمرو الغضبان، نجل شقيق اللواء عادل الغضبان، محافظ بورسعيد الحالي، وقائد قوات تأمين المجرى الملاحى لقناة السويس وقت استشهاد نجل شقيقه. وتحدث اللواء عادل الغضبان: «لقد استشهد بعد تخرجه بأشهر قليلة، وكان فخورا بخدمته فى سيناء ومشاركته زملاءه فى الحرب على الإرهاب وتطهير سيناء من أعداء الوطن، وجميع أفراد العائلة بالرغم من استشهاده إلا أنها أعلنت أنها بكامل أبنائها ورجالها تحت أمر الوطن فى مواجهة الإرهاب وخلاياه التى تهدد أمن الوطن»، مضيفا: «يا ليتنى استشهدت بدلا منه». وعن يوم استشهاده، تابع المحافظ حديثه: «لقد تلقيت خبر استشهاد ابن أخى وأنا أؤدى عملى كقائد لتأمين المجرى الملاحى لقناة السويس، وعند توجهى لاستلام جثمان الشهيد شعرت من نظرة أعين زملائه بأن الثأر لدمائه الطاهرة لن يتأخر، وبالفعل أقسموا على الثأر له ولزملائه الشهداء، وهو ما حدث وما زال يحدث». وعام 2015، استشهد اللواء أركان حرب سيد أحمد فوزى صالح المصيلحى، ابن محافظة بورسعيد، فى هجوم إرهابى غاشم. زوجته سهير سعد، تتحدث عن زوجها الشهيد: «فقدت أعز الناس، فقد حرم هؤلاء المجرمون أولاده منه، فلقد ترك لى 3 أبناء، الأكبر «أحمد» وكان وقت استشهاد والده فى الصف الأول الثانوى، وصمم على الالتحاق بالكلية الحربية، وهو الآن طالب بها، ودائما يقول على نفسه إنه (مشروع شهيد)، وسيكمل مسيرة والده فى حماية الوطن والتضحية من أجله، كما لدى طفلتان «نور» وكانت وقتها فى الصف الرابع الابتدائى، و«بسملة» فى الصف الثانى.