ملف أعده - إبراهيم المنشاوى وإلهام رفعت وأسامة فؤاد وعلا الحينى وحنان عليوه ومحيى الهنداوى ومنال حسين وسمير سرى ومحمود هيكل ومحمد العيسوى
أمهات الأبطال شهداء مصر اللاتى فقدن أبنائهن فى ساحات الشرف والفداء والدفاع عن تراب وراية الوطن، مضحيات بأعز ما يملكن «فلذات أكبادهن» من رجال القوات المسلحة والشرطة والمدنيين.. كيف يعشن الحياة بعد فراق ورحيل أغلى الأحباب؟!.. ما نجده من صبر وجلد وقدرة وتحد لدى أمهات الشهداء «عظيمات مصر» يثير الفخر والإعجاب الذى يصل أحيانا فى بعضهن إلى حد الاندهاش، خاصة عندما نرى والدة شهيد تطلق الزغاريد أثناء تشييع فلذة كبدها إلى مثواه الأخير فرحا باستشهاده.
«ماجدة زويل»: محمد وصانى أزغرد فى جنازته.. وأقول أنا أم البطل على الرغم من الحرب الشرسة التى تخوضها الدولة المصرية على الإرهاب الأسود، التى يستشهد فيها أبناء مصر البواسل من رجال القوات المسلحة والشرطة المدنية، إلا أن سقوط هؤلاء الشهداء لا يزيد أسرهم إلا تمسكا بالوطن، وكرها للإرهاب ومن يموله ويسانده. ففى محافظة كفر الشيخ تجد بين أسر الشهداء من يريد أن يتطوع فى الجيش ليكمل مسيرة الشهيد، وآخر يحتسب شهيده فداء للوطن، وغيره من يريد استشهاد بقية أبنائه من أجل أن تبقى مصر حرة أبية.. «أبنى مش خسارة فى مصر، واستشهد فداء للمصريين، وهذا يجعلنى أشعر بأنى أم لكل مواطن مصري».. بهذه الكلمات بدأت ماجدة حسن زويل، والدة الشهيد البطل «محمد فوزى فريد زبيدة» ابن مدينة سيدى سالم، الذى استشهد فى شهر يناير إثر هجوم إرهابى على كمين بالشيخ زويد فى شمال سيناء، حديثها ل«روزاليوسف» ، معبرة عن مدى سعادتها وفخرها أنها تحمل لقب أم الشهيد البطل. وتحكى أم الشهيد، أن ولدى الشهيد تحدث معى هاتفيا قبل استشهاده بيومين فقط، وأخبرنى بأنه لن يرانى مرة ثانية لأنه سيستشهد قريبا، وحملنى أمانة فى عنقى ألا أبكى عليه أبدا، وأن أزغرد فى جنازته، وأقول بأعلى صوت أمام الناس جميعا أنا أم البطل. والدة السواح: وصيتى أن يدخل شقيقه الشرطة ل«الثأر» تقول والدة الشهيد الرائد محمد جودة لطفى السواح بقطاع الأمن المركزى والذى استشهد إثر انفجار عبوة ناسفة فى العريش فى أكتوبر عام 2015: محمد ابنى مات بطل وكرمنى فى الدنيا بأعمالة فى حياته وحب الناس له وفى الأخرة إن شاء الله لأنه سيشفع لنا يوم القيامة.. وأضافت أن محمد عمل لمدة 5 سنوات فى سيناء ورفض النقل خارج سيناء وكان مصرا على تطهير سيناء من الخونة والثأر لزملائه وهذا الأصرار زاد بشدة بعد استشهاد زميله وصاحبه وشقيقة أحمد حجازى حيث كان من المقرر أن يطلع محمد ابنى المأمورية الذى استشهد فيها أحمد الذى قال لابنى يا محمد أنت متزوج وعندك بنتك «بتول» سأذهب المأمورية بدلا منك ولو استشهدت ترافق جثمانى إلى بلدى بكفر الشيخ، منوهة إلى أن زملاءه دائم الاتصال للاطمئنان على وعلى أسرته فمحمد لم يمت وأنا كتبت وصيتى لو مت وعمار لسه صغير يقدموا له ويدخل كلية الشرطة لكى يكمل المشوار وأمنيتى أن تتطهر سيناء ومصر كلها من الخونة الأنجاس وأن تنعم مصر بالأمن والأمان. «نجاة»: قدمت محمود فداء لمصر فى ريعان شبابه وتقول نجاة حسنى حسن، والدة الشهيد البطل مجند «محمود أحمد عبدالعزيز دحروج» ابن مركز الحامول بكفرالشيخ، الذى استشهد إثر انفجار عبوة ناسفة زرعها الإرهابيون فى طريق القوات بالعريش، فى سبتمبر الماضي، أنها قدمت لمصر شهيداً فى ريعان شبابه، مؤكدة أن مصر تستحق الكثير والكثير من التضحيات حتى نعيش جميعا فى أمان وسلام دائم. واستطردت والدة الشهيد: ابنى كان يتبنى باستشهاده، لأنه بعد انتهاء آخر إجازة له جمع بعض ملابسه فى حقيبته وودعنى وذهب إلى الجيش، وبعد دقائق قليلة من مغادرته البيت عاد مرة أخري، وقال لي: «يا أمى أنا هستشهد، ودى أخر مرة هتشوفينى فيها اغسلى ملابسى جيدا ولا تعطيها لأحد، وخذى السلسلة دى من رائحتى وحفظى عليها كويس»، ثم غادر إلى الجيش، فبما أننى أم شعرت بغصة فى قلبى لكننى تيقنت أنه سيستشهد، وبالفعل بعدها نال الشهادة. «افتخار»: والد محمد مات ولم يحترق قلبه باستشهاده أما الحاجة افتخار محمد السيد بسيوني، الذى استشهد نجلها محمد السعيد المتولى سعد، 32 سنة أمين شرطة، فى الأسبوع الأول من رمضان عام 2013، بعد ثورة 30 يونيو، ومن لحظة استشهاده وحتى الآن وهى فى حالة انهيار. وتتذكر الحاجة افتخار ذلك اليوم الذى استشهد فيه نجلها، فى هجوم على كمين حراسته بقسم الشيخ زويد فى سيناء، وحينما أبلغها أبنها الأكبر «أشرف» باستشهاده وأنه سوف يدفن بمقابر العائلة فى المنصورة، وتوجهوا بسرعة إلى محافظة الدقهلية. وتكمل أم الشهيد ودموعها تنهمر على خدها: محمد كان عنده ولد تركه وعمره عامين ووالده توفى قبل حادث الاستشهاد ب6 أشهر وتركنى أشرب نار فقده وحدى لأن محمد كان «فاكهة البيت». «كوثر» والدة «شاهين»: اشترى لى «دهب» قبل خطيبته لم تكن محافظة المنوفية، بعيدة عن الأحداث الإرهابية سواء على الحدود الشرقية أو الغربية، فالمنوفية كانت متواجدة دائما فى قلب الأحداث، من خلال تقديمها لعدد من الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم فى سبيل رفعة شأن الوطن وحماية أراضية وحدوده، تاركين وراءهم أمهات ثكالا اعتصرت الآلام قلوبهم، عزائهم الوحيد أنهم توفوا أبطال شهداء للوطن. قدمت محافظة المنوفية الشهيد ملازم أول أحمد محمد حسانين شاهين، ابن قرية كفر الخضرة التابعة لمركز الباجور، الذى راح ضحية الهجوم الإرهابى الغادر على كمين البرث برفح، فى 7 يوليو الماضي، لينزل الخبر كالصاعقة على رأس والدته الحاجة كوثر إسماعيل خليفة، التى كانت تنتظر نزول الشهيد من عمله لتزفه على خطيبته، إلا أن الإرهاب الغاشم آبى أن تفرح الأم بنجلها الأكبر، لتزفه الملائكة إلى الجنة شهيداً مع الأنبياء والصديقين. تقول والدة الشهيد شاهين: إنها كانت تنتظر بفارغ الصبر نزول نجلها الذى يبلغ من العمر 23 عاماً، لعمل حفل خطبته، مضيفة أنها لم تصدق خبر استشهاده فى البداية، نظراً لقيام الشهيد بالاتصال بها تليفونياً وبشقيقه الوحيد محمود، الطالب بكلية النظم والمعلومات، قبل استشهاده بساعات ليبلغها بقرب نزوله لتجهيز حفل الخطوبة، مشيرة إلى أن آخر كلام الشهيد لها كان سؤالها وأخذ رأيها فى لون بدلة خطوبته، ليغلق بذلك الحديث نهائياً وللأبد مع والدته. وأوضحت أنه كان محبوباً من الجميع، باراً بوالديه، لا يتأخر عن أحد، وكان دائم الوقوف بجوار الصغير قبل الكبير غير منتظر الرد، مضيفة أنها لم تنسى أبداً موقف للشهيد عندما قام بشراء مصوغات ذهبية لها قبل شرائه مصوغات شبكته لخطيبته. أم شهيد «إسطال»: أحمد كان العائل الوحيد للأسرة أيام تمر يبدأ فيها الحزن كبيرا ثم يصغر فى النفس، إلا الأم حزنها لا يمكن أن يقل يوما ما، لذلك كانت الكلمات الأولى لأم كل شهيد عندما نتحدث معهن: «حد ينسى ضناه.. دا ابنى جاور القلب قبل العين». تقول والدة الشهيد أحمد ضاحى عباس، ابن قرية نزلة اسطال التابعة لمركز سما لوط، الذى استشهد بحادث البدرشين فى شهر يوليو الماضي: إن أحمد كان لنا كل شيء، وكان عائلنا الوحيد كان يعمل حتى فى إجازته لتوفير لقمة العيش لنا فوالده توفى منذ 8 سنوات وشقيقه أقعده المرض وأضافت: أحمد كان طيب القلب رحيما بى، وكان دائما يطمئن ويقول لى لا تخافى يا أمى سوف أنهى خدمتى وأعمل ليلاً نهاراً حتى نعيد بناء المنزل فمنزلنا بيت صغير وأزوج اختى وعندما تزوجت شقيقته لم يستطع حضور زفافها. وقالت: أنا مش حزينة وابنى مش هنساه ابنى مات فداء لتراب مصر وإن شاء الله عندما يكبر شقيقه الأصغر سوف آخذه من يده وأسلمه بنفسى للقوات المسلحة ليستشهد هو الآخر فداء لتراب هذا البلد. «سمية الركايبى»: أعتز باستشهاد نجلى.. وراضية بقضاء ربنا وقدره تقول الحاجة سمية الركايبي، والدة الشهيد المقدم عماد الركايبي، رئيس وحدة تنفيذ الإحكام بقسم شرطة العطارين، الذى استشهد فى أبريل الماضى أثناء تصديه لانتحارى أمام مدخل الكنيسة المرقسية بالإسكندرية: إنها فخورة بابنها الشهيد الذى ضحى بروحه من أجل وطنه، حيث إن كل المحيطين بها ينادون عليها بأم الشهيد وهذا قمة التفاخر والاعتزاز به قدمه نجلها الشهيد. وأضافت أن ابنها الشهيد من أوائل دفعته 2001 بكلية الشرطة وعمل بالإسكندرية وتدرج حتى وصل رئيس وحدة تنفيذ الأحكام بالعطارين ومتزوج ولديه 3 أبناء هم ملك «11 عاما» و يوسف « 8 سنوات» و ياسين « 3 سنوات» ولديه شقيقان ياسر ضابط شرطة وأحمد محاسب ببنك، أما والده فهو اللواء أركان بحرى متقاعد لطفى الركايبي. وأوضحت أننا راضون بقضاء الله وقدره وان ابنى كان لا يخاف ويستحق الشهادة وكان من الضباط الأكفاء ولم يظلم أحداً طوال فترة عمله بالشرطة لذا كان الكل يحبه ويحترمه لتفانيه وإخلاصه فى العمل وكان نعمه الابن البار بكل أفراد أسرته والمحيطين به وكل ما يطلب منه المساعدة فى أى مشكلة يحلها فى الحال كما كان دائم الاتصال به يوميا للاطمئنان على أفراد عائلته. والدة «بطرس»: ابنى عريس فى السماء تقول والدة المجند بطرس مسعود، ابن قرية التوم بأبوقرقاص: ابنى كان يحبه الجميع، وأمضى 3 سنوات بالخدمة العسكرية، وكان باقى على انتهاء خدمته أيام وكنا نستعد لزواجه، لكن ابنى عريس فى السماء، فبطرس جهز شقته حتى يتزوج فيها وكان دائما عندما يحصل على إجازة يقضى معظمها فى العمل سواء فى الحقول أو فى القاهرة ويرسل لنا المال ويأخذ لنفسه جزءا بسيطا، ورفض أن يتعلم وقرر العمل بالزراعة لمساعدتنا فهو منذ أن كان صغيرا كان الجميع يحبه ويتعامل معه باحترام.