للعقيدة الإسلامية أثر بالغ فى نفوس معتنقيها لسماحتها وملاءمتها للنفس البشرية، وهو الذى انعكس بشكل كبير على الفنون فى شتى مجالاتها، كان أبرزها العمارة الإسلامية. فعلى مدار شهر رمضان المبارك تأخذكم «البوابة» فى رحلة بين مساجد مصر وأضرحتها، لنتعرف على تاريخ نشأتها، وتأثيرها الروحانى فى قلوب مُرتاديها. "باب شريف قد رقى ببنى الوفا.. الحب فيه أفضل الأقطاب" تلك الأبيات التى تم تسجيلها على أحد اللوحات الرخامية المنقوشة بأحد مداخل مسجد السادات الوفائية بسفح جبل المقطم، بالقرب من ضريح ابن عطا الله السكندري، وضريح أبى السعود أبى العشائر، وأقيم المسجد مكان زاوية كانت تعرف فيما قبل باسم زاوية السادات أهل الوفا، وذلك بناءً لفرمان أصدره السلطان عبد الحميد فى عام 1191 هجريًا. حيث نص المرسوم الملكى برسم عمارة الزاوية الشريفة كعبة الأسرار القدسية بسفح جبل المقطم المعروف ب«غراس أهل الجنة المعروفة بزاوية السادات أهل الوفا المشمولة بنظر سيد السادات الشيخ محمد أبى الأنوار بن وفا»، وقام بإزالة الزاوية وما تبعها من الغرف والخلاوى والمساكن والمنافع والمبانى القديمة، وتم إنشاء المبنى الجديد من واجهة بحرية مبنية بالحجر الفص النحيت الأحمر، وبها باب مقنطر «يعلوه عقد» على جانبيه جلستان ويعلوه لوح من الرخام الأبيض نقش عليه أربعة أبيات من الشعر، وفى اتجاه الباب من الخارج يوجد سلم ذو ثلاث درجات ومصطبة برسم الركوب، ويؤدى الباب إلى فسحة كبيرة مستطيلة مفروشة بالحجر النحيت وجهاتها الأربعة مبنية بالحجر، وعلى محور الباب الخارجى يوجد مدخل المسجد فى الجهة الغربية منه ويعلوه عقد من الرخام الأبيض وفوقه لوحه من الرخام نقش عليها بالحفر البارز كتابة عربية مذهبة، وبجانبى الباب دائرتان من الرخام الأبيض، ومكتوب عليها بحروف بارزة مذهبة، وبجوار باب المسجد توجد نافذة تطل على الإيوان البحرى للمسجد، يعلو عقدها دائرة من الرخام مكتوب عليها بالخط البارز المهب بيتين من الشعر. وعلى امتداد الحائط الغربى للمسجد يوجد المدخل الرئيسى وكذا النافذة يوجد باب يؤدى إلى طاحونة ومسكن فوقها، يعلو عقدة لوح من الرخام كتب عليه « قد كمل بناء هذا الحرم الوفائى السعيد بعناية الله الملك عبد الحميد فى غاية عام إحدى وتسعين ومائة ألف من هجرة من له العز والشرف صلى الله عليه وسلم. ويتكون باب المسجد الرئيسى من الخشب الجوز مصفحين بصفائح من النحاس الأصفر، وبكل منها حلقة من النحاس ويعلو الباب من الداخل لوح مكتوب عليه بيت شعر «الأولياء وإن جلت مراتبهم... فى رتبة العبد والسادات سادات». وتبلغ مساحة المسجد من الداخل 29 × 37 مترا ويتوسطه صحن منخفض عن الأروقة الجانبية تبلغ مساحته 9.5 متر × 14 مترا ويحيط بالمسجد من جهاته الأربع الأروقة، ويتكون إيوان القبلة من رواقين وصفين من البوائك، وتحتوى كل بائكة على خمسة عقود مدببة ترتكز على عمد رخامية مختلفة التيجان. أما الجهتين الشمالية والجنوبية خمسة يعلوها أربعة عقود مدببة، أما الإيوان الغربى المقابل لإيوان القبلة فيحتوى على أربعة عمد يعلوها خمسة عقود، كما يوجد بهذا الإيوان وأمام باب المسجد توجد طرقة منخفضة يبلغ عرضها أربعة أمتار وطولها عشرة أمتار، ويشتمل المسجد على محراب من الفسيفساء الرخامية الجميلة الصنع والزخرفة، ويتقدمه عمودان صغيران من المرمر الأبيض يعلوهما تاجان من الخشب الجوز، كما يحتوى المسجد على ثلاثة خلاوي، مكتوبا عليها بالحروف الذهبية، كما توجد المقصورة فى منتصف صحن المسجد، وهى مصنوعة من الخشب، وباب المقصورة مصنوع من خشب الجوز المصفح بالنحاس المذهب، ويعلو المقصورة قبة مدهونة بنقوش زيتية وذهبية بالأسلوب التركي، وترتكز على ستة أعمدة من الرخام. وتوجد بالمسجد مجموعة كبيرة من أضرحة عائلة السادة الوفائية من الأقطاب والعلماء والمتصوفين وداخل السور الخارجى توجد مجموعة من المبانى يحتوى على قصور ومساكن تحتوى على شربيات من خشب الخرط، ويعانى المسجد من إهمال شديد وهو مهدد بالانهيار.