المسرح هو أبوالفنون، الذى تمتزج فيه أشكال التعبير عن الأفكار المختلفة والمشاعر الإنسانية فى صورة تمزج الأداء والحركة بالمؤثرات المتنوعة من الصوت، والإضاءة، والديكور. تلك الخشبة التى يعتليها الفنان حاملا رسالته السامية، أخرجت هذه الخشبة العديد من الفرق المسرحية التى ساهمت بشكل كبير فى خلق جيل واعٍ بالفنانين والمخرجين والكتاب؛ أصبحت أحد رموز الحركة المسرحية فى مصر والوطن العربي. وعلى مدار 30 ليلة من ليالى شهر رمضان الكريم، تلقى «البوابة» الضوء على عدد كبير من الفرق المسرحية المصرية والعربية على مر العصور، التى تركت بصمة واضحة فى تاريخ المسرح من خلال تجاربهم الإبداعية الهادفة، قدمت خلاله مواسم مسرحية لاقت نجاحًا كبيرًا داخل مصر وخارجها، توقف نشاط تلك الفرق عقب رحيل مؤسسيها، ولكن ظلت أعمالهم وتجاربهم باقية وخالدة رغم رحيلهم. «تليماك»، «الفرج بعد الضيق»، زفاف عنتر»، «فرسان العرب» أعمال مسرحية بدأ بها سليمان القرداحى فرقته الذى أسسها فى 1882 بتشجيع من زوجته ناظرة المدرسة بالإسكندرية، ثم توقف نشاطها لفترة وعادت مرة أخرى فى 1885 بعد انضمام المطرب مراد رومانو إلى فرقته وبدأت الفرقة تعود لنشاطها بقوة وقدمت موسمًا حافلاً على خشبة مسرح البوليتياما بالإسكندرية وحقق نجاحًا مثمرًا، ولكن انفصل عنه فرقته المطرب رومانو وانضم فى ذلك الحين إلى فرقة سلامة حجازي. أعطته الحكومة قطعة أرض بجوار شاطئ الإسكندرية فى منطقة هيئة البريد بالمنشية فى 1894 ليقيم عليها مسرحًا وبالفعل تم الانتهاء منه وأطلق عليه مسرح قرداحى وبدأت فرقته أول عرض وهو «أوتللو»، وظل يقدم أعماله عليه حتى سافر إلى القاهرة ليقدم مجموعة من العروض على المسرح الوطنى بالأزبكية، وكذلك مسرح القباني، خاض خلالها جولة إلى أقاليم مصر فى رحلة فنية طويلة قدم من خلالها مجموعة من المسرحيات التى تميز بها وحققت نجاحا ملحوظا، حيث تميز أسلوبه فى التمثيل الذى يعتمد على الفخامة فى الأداء على صعيد حركات الجسد، إضافة إلى الصوت الجهورى الرنان فى الإلقاء، هذا أسلوب هيمن إلى حد ما على معظم المسارح المصرية فى ذلك الحين، حتى عاد الفنان جورج أبيض من فرنسا بفكرة الأكاديمى وخبرته الأوروبية على مستوى الأداء الطبيعى الواقعي، الذى ساعد على التغير فى مفاهيم التمثيل بصورته الجذرية. جمعته شراكة فنية مع سليمان حداد وكون فرقة وأطلق عليها «جوق المنتخب» فى 1899، بشكلها الجديد وقدمت مجموعة من المسرحيات المتنوعة وأطلق عليها مسرح الابتهاج، وكان أول هذه العروض هى «حمدان»، حتى هدمت الحكومة مسرحه فى 1900، ولم يستسلم القرداحى وتوجه على رأس فرقته إلى تونس وقدم موسمًا متميزًا من الأعمال المسرحية محققًا نجاحًا باهرًا جعلته ينال نيشان الافتخار من الدرجة الثانية، سافر إلى المغرب العربى وزار الجزائر، واستقر فى تونس إلا أنه توفى بعدها بقليل وهو فى أشد فترات نجاحه فى 1909 ولم تستكمل فرقته تجربتها المسرحية.