سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فرقتهم العقيدة وجمعتهم السياسة.. "أبناء المرشد" تاريخ من الخيانة للأوطان.. "إيران" و"الإخوان" شبكة تتخطى العداء المذهبي لاصطياد المصالح.. اجتماعات التقريب وصال قديم بين "البنا" و"الخميني"
بينما يتجه الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» لتصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية عالمية على غرار الحرس الثوري الإيراني، قال وزير الخارجية الإيراني «جواد ظريف»: إن الولاياتالمتحدة ليست في وضع يؤهلها بأن تبدأ في تصنيف الآخرين كمنظمات إرهابية، ونحن نرفض أي محاولة أمريكية فيما يتعلق بهذا الأمر؛ ذلك ما يؤكد العلاقة بين الجانبين التي تخطت العداء المذهبي وليجتمعا على طاولة المصالح والأطماع السياسية. سياسة البحث عن الحلفاء بدايةً، ظنّ المتابعون للشأن الإيراني، أن قطيعة 34 عامًا لن ينهيها عِناق حار بين الرئيس الأسبق «أحمدي نجاد»، والرئيس المنتمي لجماعة الإخوان «محمد مرسي»، في اللقاء العابر الذى جمع بينهما بالرياض خلال القمة الإسلامية التي دعا إليها العاهل السعودي في صيف 2012، بيد أن «مرسي» سافر إلى طهران، ثم ردّ «نجاد» الزيارة، وحضر إلى القاهرة في مايو 2013، كأول رئيس إيراني يزور مصر منذ عام 1979. كان غريبًا أن يتفق «مرسى ونجاد» على فتح سفارة إيرانية في مصر، التي تُعد أكبر القوى الإقليمية في المنطقة، وترى نفسها قوة سياسية مناهضة لإيران ذات الأغلبية الشيعية، وما تمارسه من اضطهاد للسّنة على أراضيها، لكن سياسة البحث عن الحلفاء، دفعت الإخوان إلى الاستقواء بالنظام الإيراني والتطبيع مع دولة الملالي، في عام حكم الجماعة الإرهابية 2012-2013. بسؤال أحد شباب الإخوان - طلب عدم ذكر اسمه - عن تقييمه للعلاقة بين الجماعة وإيران، قال: « طهران مثل بيت الخلاء، نعلم نجاسته ونحتاج إليه »، ويمكن في ضوء هذه العبارة فهم السياسة الإخوان تجاه الشيعة وإيران؛ إذ كانت الجماعة تحرض على الشيعة في الداخل، وتغض الطرف عنهم فيما يتعلق بإيران، باعتبارها مصدرًا للدعم المالي وقوة عسكرية، إذا اقتضى الأمر الاستعانة بتجربة الحرس الثوري، التي أراد الإخوان تطبيقها في مصر. ويمكن فهم أسباب تنحية الخلافات المذهبية بين الإخوان كتنظيم سُّني، والدولة الشيعية، من خلال إعادة النظر في العلاقة التاريخية التي بدأت منذ أربعينيات القرن المنصرم، عندما قدّم حسن البنّا، مؤسس الجماعة، مصلحة «الإخوان» على الدين. اجتماعات التقريب بين المذاهب بحسب الدكتور ثروت الخرباوي، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، فإن هناك وثيقة تاريخية ترصد زيارة «مصطفى الموسوي الخميني» عام 1938، إلى المقر العام لجماعة الإخوان، وتوثق لقاءً خاصًّا تمّ بين المرشد الأول للجماعة و«الخميني»، الذى أصبح فيما بعد مفجر الثورة الإيرانية. وعندما تبنى الأزهر الشريف سياسة التقريب بين المذاهب، زار رجل الدين الإيراني «محمد تقي القمي» مصر، والتقى مؤسس الجماعة، وشاركا في اجتماعات التقريب بين المذاهب؛ لذا تزخر شوارع طهران بلافتات إعلانية، تظهر عددًا من مؤسسي الحركات الإسلامية، إذ تضم حسن البنا، ومنظر الإخوان سيد قطب، يجاورون «الخميني» وقائد تنظيم « حزب الله» حسن نصر الله. كما يُوصف «يوسف ندا»، مفوض العلاقات الدولية السابق للإخوان، ب«عرّاب» العلاقة بين الجماعة الإرهابية وإيران، لا سيما أنه تلقى دعمًا اقتصاديًا ضخمًا من دولة الملالي، بعد أن استقر في سويسرا، عند أحد الإخوان المقيمين هناك، وهو «إبراهيم صلاح» الذى ساعده في الحصول على مشروع تخطيط العاصمة الإيرانية، وتلقى مقابل هذا المشروع نحو مليار دولار. الدعم الإيراني للإخوان فيما كشفت وثيقة مسربة من مكتب إرشاد الإخوان عن لقاء سري بين مندوب عن المرشد العام للجماعة وقاسم سيلماني، قائد فيلق القدس، بخصوص أوجه التعاون والدعم الذى يمكن أن تقدمه «إيران» للإخوان؛ لمساعدتهم في الوصول للسلطة، بعد ثورة 25 يناير 2011. وحسب الوثيقة، فإن هذا اللقاء تم في 14 أبريل 2011 بمدينة إسطنبول بتركيا وكان مندوب مرشد إيران يرافقه مساعداه، وحضر اللقاء أحد عناصر الإخوان بالعراق ويدعى «رشيد العزاوى» وهو من أصل تركماني، كما حضر أيضًا أحد أعضاء الجماعة ويدعى «محمد فاضل»، وتناول اللقاء مستقبل العلاقة بين إيران والإخوان. وقد ذكرت الوثيقة أن مندوب مكتب الإرشاد أكد ل«سليماني» تأييد الجماعة للثورة الإيرانية وموقفهم المعارض لنظام «صدام حسين» أثناء الحرب بين إيران والعراق، وأوضح مدى توافق الجماعة مع الشيعة وأن موقفهم ثابت، قائلًا:«يجمعنا رب واحد ونبي واحد وكتاب واحد وقبلة واحدة» واستنكر مواقف السلفيين تجاه الشيعة في مصر الذين وصفهم بأنهم يقومون بعمليات شق لصف المسلمين، مطالبًا بتدخل إيران للإفراج عن بعض عناصر الجماعة المعتقلين آنذاك في دولة البحرين. وتضمنت الوثيقة رد «قاسم سليمانى»، بعد انتهاء مندوب الإرشاد من حديثه، مؤكدًا أنه كان حريصًا على هذا اللقاء، وأن المرشد الأعلى لإيران « علي خامنئي» يعرف الجماعة جيدًا وتربطه علاقات قديمة معهم وأنه قام بترجمة كتب سيد قطب، كما أطلقوا اسم حسن البنا على أحد شوارع طهران، وأبدى تقديرهم لدور الجماعة. وأكد صلتهم الوثيقة ببعض عناصر التنظيم الدولي للإخوان وذكر صلتهم بالقيادي بحركة حماس «خالد مشعل»، والرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، مؤكدا أن الوقت قد حان لربيع الإخوان في المنطقة ويجب الحرص على عدم التراجع، مُتكِئًا على دعم إيران الكامل للجماعة الإرهابية. بعدما أُزيح الإخوان عن الحكم إبان ثورة 30 يونيو 2013، توالت اجتماعات قيادات الجماعة الهاربين في قطر وتركيا؛ إذ التقى «إبراهيم منير»، الأمين العام للتنظيم الدولي للإخوان، بعدد من القيادات الشيعية المقربين من مرشد الثورة الإيرانية، على هامش المؤتمر الدولي العاشر لمنتدى الوحدة الإسلامية، الذى عُقد في العاصمة البريطانية يوليو 2017، بينهم «محسن الآراكي» أمين عام المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب، و«أحمد الحسني» القيادي الشيعي. وفسّر الباحث محمد سيد رصاص، في كتابه الذى حمل عنوان «الإخوان المسلمون وإيران الخميني - الخامنئي»، الدوافع الإيرانية في الدفاع المستميت عن الإخوان في مصر، وحركة النهضة التونسية، وحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، بأن «مرسي» كسر حظرًا فرضه سلفاه على نفسيهما بعدم زيارة طهران، وطرح مبادرة تشكيل مجموعة اتصال رباعية، تضم القاهرة والرياض وأنقرة وطهران؛ من أجل معالجة الوضع السوري، ورفضتها السعودية بوعي بخطورة إشراك إيران في شأن عربي، هي جزء من المشكلة فيه. قائلًا في كتابه: «تجاهلت الجماعة الشواهد المؤكدة بأن التقارب بين مصر بقيادة الإخوان، وإيران الخمينية، لن يكون في صالح العرب ولا المسلمين بأي حال من الأحوال، في ظل ما تقوم به إيران من أعمال تخريبية في أكثر من ساحة عربية، وسعيها إبراز هوية أطماعها الفارسية، التي تعتبر الإسلام عدوها اللدود لقضائه على الإمبراطورية الفارسية، وهذا العداء الذى ظل الفرس يتوارثونه جيلًا إثر جيل».