قضت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمجمع محاكم طرة، برئاسه المستشار محمد شيرين فهمي، على القيادي الإخواني حسن مالك وآخرين في قضية اتهامهم بالإضرار الاقتصاد القومي وتمويل الإرهاب، بالسجن المؤبد. وقال نص منطوق الحكم: إن الأمة تصاب أحيانا من فئة من فئات فسدت ضمائرها، فئات تغلغل الشر في نفوسها وقل حياؤها، وانعدم الخير فيها، لا تبالى بأى ضرر يلحقون بالوطن، لا تهتم بمصالح الأمة ولا تقيم لأمنها واستقرارها أى وزن، فئات تسعى لنشر الفوضى في المجتمع، الذى يجب أن يكون يقظا حذرًا، منتبهًا لكل مجرم يريد للأمة شرا محسوبة على الوطن، انشقت على الإجماع، وانحرفت عن جادة الصواب، واختارت الوقوف مع الأعداء، في خندق التآمر على الوطن والمواطن. جماعة تأسست على غير سند من القانون عام 1928 على يد من يُدعى "حسن البنا"، أطلقت على نفسها جماعة الإخوان المسلمين، تهدف في حقيقتها غلى السيطرة على أكبر عدد من الدول الإسلامية وعلى رأسها مصر، والاستيلاء على الحكم فيها عن طريق هدم أنظمتها وتعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحريات والحقوق العامة والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى وقد لجأت هذه الجماعة على مر تاريخها الى استخدام القوة والعنف والتهديد والترويع والاعتداء على الآمنين للحصول على مبتغاهم فهم دائما في خصومة مع وطنهم يبحثون عن موقع ينصبون أنفسهم من خلاله كرموز وطنية، يروجون ضلالات ودعايات، ينخدع بها الكثيرين، دون ما تبصر في عواقب الأمور ومآلاتها، يدمرون البلاد ويمزقون الأمة ويضيعون المجتمع. هم ليسوا أصحاب قضايا فكرية يدافعون عنها، أو مبادى عقائدية يتمسكون بها بل هم يسعون من خلال دعواتهم الباطلة الى تسييس الدين واتخاذه مطية لتحقيق مكاسب سياسية لزيادة نفوذهم الطائفى وقبله وبعده مصالحهم الشخصية المشبوهة فيستغلون كل الوسائل لتحريف الواقع وتزيف الحقائق واثارة الفتن بين المواطنين ليحرضوا على التمرد والإرهاب والخروج على الدولة فغاية امانيهم الاستيلاء على الحكم ولو بهدم الوطن ونسف استقراره واحراقه وشهد بذلك أفكارهم وواقعهم وتاريخهم، هذه أخلاقهم وقيمهم، خدعهم الحلم على طيشهم فتمادوا في غيهم وباطلهم. وظلوا على هذا النهج حتى تمكنوا عن طريق مؤامرتهم من الوصول إلى حكم مصر في عام 2012، وتولى محمد مرسى العياط القيادى بالجماعة حكم مصر، إلا أن الشعب المصرى سرعان ما ثار في وجه تلك الجماعة نتيجة حدوث أزمات عديدة ترجع الى سوء إدارة الحكم في البلاد وتم عزل محمد مرسى من الحكم في 3 يوليو 2013، ولأن عزل الرئيس الإخوانى جاء على خلاف رغبه جماعة الإخوان وحمل في فحواه معنى الهزيمة وكسر الشوكة فقد كان له بالغ الأثر في احتقان نفوسهم، فثارت ثائرتهم وتملكتهم الرغبة في محاولة إجهاض عزل رئيسهم وحثوا انصارهم على التجمهر في الطرقات وافصحوا عن وجههم الحقيقى كدعاة للعنف والتخريب لإظهار هيبة جماعتهم وقوتها ولبث الرعب في نفوس العامة وارهابهم في محاولة لاجهاض ثورة الشعب وإعادة رئيس الجمهورية المنتمى لجماعتهم إلى الحكم، إلا أن الدولة تصدت لهم واتخذت الإجراءات اللازمة لحماية البلاد من ارهابهم. ونظرا لأنهم مبدعون في تأجيج الصراع وتخبيب الأفراد على وطنهم ويتفننون في المغالطات وركوب موجة التزلف والتضليل وتشويه صورة الوطن من خلال بذر الشبهات التي تجذب البسطاء من الناس روجوا ضلالات ودعايات تدمر البلاد وتمزق الأمة ونشر الفوضى. ومن هذا المنطلق قامت قيادات الجماعة بوضع مخطط لإثارة الفوضى والإضرار بالاقتصاد القومى للبلاد بغرض اسقاط نظام الحكم القائم بها يعتمد على القيام بأفعال غير مشروعة كالاستمرار في التجمهر والتظاهر وقطع الطرق والمواصلات العامة، وقام المتهمان حسن مالك "المتهم الأول" وعبدالرحمن سعودى "المتهم الثانى" باعتبارهما قياديين بتلك الجماعة الإرهابية يتوليان مسئولية اللجنة الاقتصادية المركزية التابعة لمكتب الارشاد العام للجماعة بالعمل على ترويج الضلالات والدعايات ونشر الشائعات التي ممن شأنها شيوع اليأس والإحباط بين صفوف المواطنين وخلق مناخ التشاؤم حول المستشقبل الاقتصادى للبلاد وحاز أوراق هذا المخطط المتهمون حسن مالك "الأول" وكرم عبدالوهاب "الثالث" وفارس سيد "الرابع" وفاتن أحمد إسماعيل "الحادية عشرة" "وتم ضبطها لديهم وتضمنت عناوين خطة تغير الراى العام نحو الجماعة استراتيجية عمل التنظيم خلال الثلاثة أشهر للجان العمليات النوعية بالقطاعات الجغرافية بالإضافة الى أوراق بعنوان "كيفية بث روح التفاؤل لدى أعضاء التنظيم" وكيفية تصعيد العمل الثورى ومستوى الحراك بالمكاتب الإدارية للجماعة وواجبات للافراد في التصعيد الثورى "اقتصادى" ونماذج لبعض الرسائل والموضوعات الإعلامية ورسائل ينشرونها بين المواطنين لخلق ما أسموه "مناخ من التشاؤم حول المستقبل الاقتصادى للبلاد بغرض المساهمة في خلق حالة من الركود الاقتصادى عن طريق نشر شائعات وأخبار محبطة واستمرار الجهر بالشكوى بالمواصلات العامة والخاصة عن سوء الأوضاع الاقتصادية بلزمات معينة مع نشر شائعات غير صحيحة من شأنها اثارة غضب المواطنين. وانضم لهذه الجماعة كل من المتهمين كرم عبدالوهاب عبدالعال عبدالجليل (الثالث)، وفارس سيد محمد عبد الجواد (الرابع)، وفاتن أحمد إسماعيل علي (الحادية عشر)، وأحمد أبو زيد أحمد أبو زيد (الرابع عشر)، ومدحت محمد حسن (السادس عشر)، وناجي فرج عبد الصمد فرج (السابع عشر)، وأشرف محمد محمد (التاسع عشر)، وحمزة حسن عز الدين مالك (الرابع والعشرين)، مع علمهم بأغراضها بوسائلها الإرهابية في تحقيقها، وتلاقت إرادتهم نحو الأغراض غير المشروعة التي تتوخى هذه الجماعة الإرهابية ارتكابها، وتداولت الأوراق التنظيمية التي تحوي مخطط الجماعة بين هؤلاء المتهمين مما يدل على اتجاه ارادتهم إلى الانخراط في عضوية هذا التنظيم، وأنهم من بين من أوكلت لهم الجماعة القيام بمهمة تنفيذ المخطط لهدم الاقتصاد المصري. إن من حق أوطاننا أن نكون بتحقيق مصالحها سُعاة، ولدرء المفاسد عنها دُعاة، ولأمنها ورخائها واستقرارها حُماة، ولوحدة شرائحها وأطيافها رُعاة". المحكمة قامت بدورها في البحث عن الحقيقة، من خلال محاكمة منصفة، تحققت فيها كافة ضمانات الحقوق والحريات، في إطار الشرعية الإجرائية التي تعتمد على أن الأصل في المتهم البراءة، فاستمعت إلى جميع شهود الإثبات الذين تقدمت بهم النيابة العامة، واستدعت من رأت لزومًا لسماع شهادته للإحاطة بالدعوى عن بصر وبصيرة، واستمعت إلى دفاع المتهمين، وأتاحت لهم كل الفرص الممكنة، لتقديم دفاعهم شفاهة وكتابة، ليطمئن وجدانها إلى أنها أعطت كل ذي حق حقه. وبعد جلسات بلغ عددها 26 جلسة، حققت المحكمة خلالها كل قواعد العدالة والمحاكمة القانونية المنصفة، دون إخلال أو التفات عن حق أحد، وعكفت على دراسة جميع أوراق الدعزى دون كلل أو ملل وصولًا للحقيقة حتى استقر في يقين المحكمة عن جزم ويقين، لا يخالجه شك أو عوار، يقينًا ثابتًا لا مرية فيه، كافيًا لإدانة من رأت إدانته، بعد أن اطمأنت إلى شهادة شهود الإثبات، التي عززتها تحريات الشرطة، ويرتاح وجدانها إلى الأخذ بالاسباب سندًا للإدانة وتعتبر أن اقتنعها بأدلة الإثبات المار بيانها رفضًا نها لما أثاره دفاع المتهمين من اعتبارات وأوجه دفاع موضوعية قصد بها التشكيك في تلك الأدلة، لحمل المحكمة على عدم الأخذ بها، ولا تعول المحكمة على إنكار المتهمين أمامها بحسبان أن تلك وسيلتهم في الدفاع لدرء الاتهام بُغية الإفلات من العقاب. وذكرت المحكمة في بداية تلاوتها للحكم بأنه وبعد الإطلاع على القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ، وقرار رئيس الجمهورية رقم 510 لسنة 2017 بشأن إعلان حالة الطوارئ، وقرار رئيس الجمهورية رقم 647 لسنة 2017، بشأن مد حالة الطوارئ، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 840 لسنة 2017 بتعيين أعضاء محاكم أمن الدولة، وبعد الاطلاع على المواد 304 و313 و1/384 من قانون الإجراءات الجنائية، والمواد 86 و86 مكرر و86 مكرر أ من قانون العقوبات، والمواد 1 و3 و12 على 1 و2، 37 بتد 8، و39 من القانون رقم 94 لسنة 2015 بشأن إصدار قانون الإرهاب، والمواد 17 و28 و32 عقوبات. وحكمت المحكمة حضوريًا للأول ومن الثالث حتى الثالث عشر، والخامس عشر، والثامن عشر، ومن العشرين حتى الثالث والعشرين، وغيابيًا للباقين، بمعاقبة كل من: حسن عز الدين يوسف هلال مالك، وعبدالرحمن محمد محمد مصطفى سعودي، وأحمد أبو زيد أحمد أبو زيد، ومدحت محمد حسن محمد، وناجي فرج عبد الصمد، وأشرف محمد محمد عبدالناصر، وحمزة حسن عز الدين مالك، بالسجن المؤبد. ومعاقبة كل من: كرم عبدالوهاب عبدالعال عبدالجليل، وفارس سيد محمد عبدالجواد، وفاتن أحمد إسماعيل علي، بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات، مع مصادرة الأوراق المضبوطة بحوزة المحكوم عليهم والهاتف المحمول المضبوط بحوزة المحكوم عليه الأول "حسن مالك" وألزمت المحكوم عليهم بالمصاريف الجنائية، وإلزام المحكوم عليهم بالاشتراك في دورات إعادة التأهيل، وإدراج المحكوم عليهم والكيان الذي يتبعونه "جماعة الإخوان" في القوائم المنصوص عليها في القانون رقم 8 لسنة 2015، مع وضع المحكوم عليهم تحت مراقبة الشرطة لمدة 5 سنوات بعد انقضاء العقوبة المقضي بها. وقضت المحكمة ببراءة كل من: شهاب الدين علاء الدين علي أبو العلا، عمر علاء الدين علي أبو العلا، أحمد ميزار عبد الوهاب عبد العال، محمد علي أمين أحمد، محمد إبراهيم محمود صالح، عبد التواب السيد الجبيلي، نجدت يحيى أحمد بسيوني، أشرف محمد أحمد أبو زيد، محمد ميزار عبد الوهاب عبد العال، علي عبد العظيم كمال ميزار، كمال يونس محمد النوحي، خالد إسماعيل أحمد السيد، عطوة سليمان سلامة إبراهيم، حسن سليمان سلامة إبراهيم. صدر الحكم برئاسة المسستشار محمد شيرين فهمي، وعضوية المستشارين رأفت زكي وحسن السايس، وأمانة سر حمدي الشناوي. كانت نيابة أمن الدولة العليا بإشراف المستشار خالد ضياء الدين، المحامي العام الأول للنيابة، قامت بضبط "مالك" وأجرت تفتيشا لمسكنه فعثرت على مطبوعات تنظيمية تضمنت خطط جماعة الإخوان الإرهابية للإضرار بالاقتصاد القومى عن طريق خلق طلب مستمر على الدولار الأمريكي لخفض قيمة الجنيه المصرى أمام العملات الأجنبية، وتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف رجال القوات المسلحة والشرطة وقطاع السياحة، خاصة الوفود الروسية والأوروبية.