في رصد من "البوابة نيوز" لرد فعل الجالية المصرية في برشلونة على التفجيرات الإرهابية التي هزت القاهرة أمس واليوم وجدنا أوصافا كثيرة يمكن إطلاقها على تأثر المصريين في برشلونة بالتفجيرات الإرهابية، ولكنهم رغم الأسى والحزن إلا أنهم أكدوا أن الإرهاب لن يفلح في تحقيق أهدافه في مصر، وأنهم على استعداد لفداء مصر بأرواحهم وأن قلوبهم وعقولهم متواجدة بالفعل في مصر وليس في إسبانيا، ومنذ ساعات الصباح الأولى لا يوجد موضوع بين المصريين الذين يعيشون في برشلونة سوى ما يجري في مصر. معظمهم يرى أن كابوس الإخوان، يطل برأسه من جديد، لكن هذه المرة بإرهاب صريح. مصر إلى أين؟ هو السؤال الذي يطرحه كل منهم على نفسه وعلى الآخرين بانتظار إجابة شافية، إجابة سحرية تخرجه من الحيرة والقلق والخوف لا عودة للخلف لكن، ماذا يحمل لنا المستقبل؟ إن مصرييبرشلونة يطرحون السؤال كأنهم يعيشون بأجسادهم وعقولهم وقلوبهم في شوارع وحواري القاهرة، كأنهم يلمسون بأصابعهم رعشة الأجساد المرتعدة بعد كل تفجير. الاشمئزاز كان حاضرا في كلمات كل من تحدثت معه اليوم، في نقاط مفصلية، تجاريا وسياحيا، يعمل ويلتقى بعض المصريين الذين يعيشون في برشلونة في سوق (جلورياس)، وأمام الطاولات المفروشة بالبنطلونات الجينز في ناحية والجوارب في ناحية أخرى. وبين لحظات البيع والتعامل مع الزبائن، كان وجه حمادة صبحي ابن السيدة زينب، يكتسي بالحزن العميق وهو يقول "والله ده حرام". ويتابع في هذا السوق الذي تم تجديده منذ عام يوجد بعض المصريين الذين يعملون حتى العصر تقريبا، حمادة يتعامل مع زبائنه بابتسامة دائمة، لكنها اليوم كانت مشوبة بالحزن، وعيناه تنظران من وقت لآخر إلى المكان الذي يوجد به "مصريون آخرون"، كأنه ينتظر أن يهب أحدهم فجأة ليخبره بأمر عاجل، بعد قليل سوف يجتمع المصريون العاملون في هذا السوق في مقهى ومطعم مصرى: مطعم الأهرامات، وبدلا من اللقاء للاستمتاع بالأطباق المصرية الشهية التي يعدها حسام، أو لمشاهدة مباراة كرة قدم، يجتمعون اليوم ولا حديث لهم سوى التفجيرات والإرهاب والقاهرة. حمادة يبلغ من العمر 45 عاما، أمضى منها ما يقرب من عشرين عاما خارج البلاد، يقول إنه لا يفهم لماذا يحدثه الناس (يقصد الأسبان) عن الانقلاب العسكري، ولا يرون أنه لم يكن انقلابا بل كان عزلا لجماعة إرهابية تتمسح بالدين ويضيف: "الإسلاميون هم بعبع أمريكا وأوربا، لكنهم يدافعون عنهم ويمدونهم بالسلاح طالما ظلوا في بلادهم". رامي محمود يعمل في مجال المطاعم لكنه يهتم بالمجيء دوريا لأماكن تجمع المصريين، يقول إن زبائنه وزملاءه لا يتوقفون عن سؤاله عما يحدث في مصر، يبدون الأسف على البلد صاحبة التاريخ بعضهم زار مصر قبل سنوات، انبهر بآثارها، ولا يستطيع تخيل أن تصل إلى هذا الحد من العنف. يقول رامي، إن خلف نظرة التعاطف والحزن على ما يحدث في مصر، يوجد هاجس لدى البعض وإن كانوا قلة، هذا الهاجس أن كل مصرى أو عربي يحمل في جيناته عنصر إرهاب أو عنف يمكنه الخروج للعلن في أي لحظة. ويضيف أن هذا الانطباع المعمم، يحزنه بعد أن كان الإسبان ينظرون للمصري باعتباره شخصا صاحب حضارة عريقة، بخلاف مهاجرين من دول أخرى، أصبح المصرى مجرد شخص قادم من بلاد مليئة بالعنف والدم والإرهاب. حسام رياض، لا يتكلم كثيرا، يبدو مشغولا بخدمة زبائنه وتقديم الطلبات عن الدخول في حوار طويل حول هذا الموضوع، لكنه يبدو اليوم مهموما وحزينا أكثر من أي مرة رأيته فيها. ومن مدريد، يأتي صوت محمود رجب عبر التليفون قائلا: "خلاص، كل حاجة راحت كده.. ليه بيكرهوا مصر والمصريين بالشكل ده؟". يشير محمود الذي يعمل في إحدى شركات السياحة إلى أن الأمل في استعادة معدلات السياحة الإسبانية إلى مصر يتلاشى مع كل عملية إرهابية، ويضيف أن الشركة التي يعمل بها أصبحت تهتم بجلب السياح الروس إلى إسبانيا، بعدما كانت نشأتها قائمة على جلب السياحة الإسبانية إلى مصر. عائلة محمود لا تعيش في القاهرة، بل في بني سويف، ورغم هذا اتصل بهم أكثر من مرة للاطمئنان عليهم. يقول بصوت مخنوق: "قلبي يتمزق بينما أفكر أن مكروها يمكن أن يصيب أحد أفراد عائلتي.