لم يدرك الشاب، إسلام أبوعلي، حينما تعرض لحادث مؤلم، خلال عودته من رحلة مع أصدقائه من «سانت كاترين» بمحافظة سيناء، حيث انقلبت بهم السيارة، مما أدى إلى إصابته بكسر فى العمود الفقري، وأصبح مستخدمًا ل«كرسى متحرك» يلازمه طوال حياته، إنه سيبدأ صفحة جديدة فى حياته، يتحول خلالها لنموذج للإرادة والتحدى وصنع البطولات. حيث لم يركع أمام إصابته وإعاقته، وقرر أن يتجه للرياضة، ويحقق ما لم يحققه كثير من الأصحاء، ليثبت أن العجز الحقيقى هو عجز النفس والعزيمة، وليس الجسد، ليصبح بطلًا فى السباحة. يقول «أبوعلي» ل«البوابة نيوز»: «كان عمرى 23 عامًا، حين تعرضت للحادث فى يناير 2012، بعدها بعدة أشهر بدأت أتجه لتعلم السباحة، وكان ذلك بسبب مقولة قالها لى أحد من أصدقائي «هزقك تقع فى البحر وتغرق»، قررت وقتها أن أتعلم السباحة وأكمل مسيرتى التى بدأتها فى حبى للرياضة منذ الصغر، خاصة وأننى قبل الحادث، مارست الكثير من الألعاب الرياضية، منها، طائرة وسلة وكرة وتجديف، ومع تخرجى من الجامعة اعتدت الذهاب إلى صالات الجيم بشكل متواصل». ويضيف: «قررت بعد ذلك أن أنافس فى بطولات محلية فى السباحة، بعد 11 شهرًا من الحادث، وهو ما كان يراه البعض مستحيلًا، لكن المفاجأة حين أكرمنى الله، وحققت مركزًا أول فى ال50 متر صدر، ما شجعنى على الاستمرار وتكثيف تدريباتي، لأصبح أسرع سباح للسنه الثانية على التوالى فى 2014، لأبدأ فى تحقيق الحلم الأكبر، وهو أن أمثل مصر فى المحافل الدولية». مشيرًا إلى الصعوبات والتحديات التى واجهته، حيث كان المنتخب المصرى للسباحة، متوقفًا وقتها منذ عام 2002 لأسباب غير معروفة، وحاول التواصل مع المسئولين، وكانت الردود كلها محبطة ومخيبة للآمال، لعدم وجود ميزانية أولًا، وثانيًا: بسبب إصابته بشكل صريح، والأولوية للأصحاء، وثالثًا: إن أرقامه فى البطولات بعيدة، ولا تؤهله لأى بطولة دولية، وعندما سأل عن الأرقام المؤهلة للبطولات، ليواصل تدريبه عليها، جاءه الرد: «مش عارفين». وتابع إسلام: «لم أقف عاجزًا وحاولت كثيرًا إلى أن وصلت وقتها لوزير الشباب والرياضة، المهندس خالد عبدالعزيز، وقمت بإقناعه بإعادة المنتخب للمشاركة فى البطولات الدولية، وعودة نشاطه، وقلت له، أنا من حقى أنى أمثل مصر لأنى أسرع سباح سنتين ورا بعض، وبالفعل بعدها، بعدة أشهر، سافرت أول بطولة دولية، فى مدريد، وأكرمنى الله بتحقيق ميداليتين، وهو ما جعلنى أتحفز أكثر، وأصعد إلى بطولة العالم والبارالمبية، لكن للأسف أصبت بإصابة جديدة، منعتنى لفتره طويلة من التمرين، وضيعت فرصة المشاركة». عقب التعافى من الإصابة، أكمل إسلام تمريناته، وحصل على ميدالية برونزية فى برلين فى ال50 صدر، وتأهل لبطولة العالم فى المكسيك، وهنا كانت اللحظة الحاسمة فى حياته، حين قرر أن يترك عمله، ليتفرغ لحلمه الأكبر. بقوله: «قررت ترك عملى لأزيد من تركيزى فى التمرين لأحقق أرقامًا جيدة، فى بطولة العالم، وفِى نوفمبر 2017 أكرمنى الله، وحصلت على المركز الخامس على مستوى العالم فى ال100 متر صدر، فى بطولة العالم فى المكسيك، وكانت تلك البطولة الدولية الثالثة فى عمرى الاحترافى فى السباحة». وتابع: «لأول مرة فى أى بطولة دولية، أحقق مركز أول فى ال 100 صدر، كان فى بطولة شيفيلد الدولية فى مايو 2018، وتأهلت منها لبطولة العالم، العام المقبل، وبخلاف السباحة أنا بلعب رياضات مختلفة، مثل، الكروسفت، وأنا أول مصرى على كرسى متحرك يلعب هذه اللعبة، وأقنعت المنظمين لأكبر بطولات الكروسفت فى مصر، أنهم يدخلون من هم فى مثل حالتي، يتنافسون فى شريحة مختلفة، أيضًا لعبت الثلاثي، وأصبحت أول مصرى يمثل مصر فى بطولات الأيرونمان الدولية، فى البرتغال فى سبتمبر 2017». واستطرد: «قضيتى الحقيقية فى المجتمع هو أن اسمى الرسمى معاق، ذاك الاسم أصبح مرتبطًا دائمًا بالشفقة والعجز، أو بالمعنى الأدق التسول بك فى الطرقات، لكنى أثبت أن هذا المعاق، يستيقظ فى الخامسة فجرًا ليبدأ تمريناته، ويكون فى عمله فى تمام الساعة 9:30، وهناك تمرين آخر يقوم به بعد الانتهاء من عمله، كما أن هذا المعاق استطاع أن يعول نفسه ليصبح عضوًا منتجًا وفعالًا فى مجتمع، يمتلك الكثير من الأصحاء على المقاهى لا عمل لهم، يعول أسرتهم، وحلمى حاليًا منذ بدأت رحلة نجاحي، هو تمثيل مصر ببطولة طوكيو 2020».