أحلام كبيرة احتوتها أجساد صغيرة، لم يعرف أصحابها اليأس يومًا، مضوا فى طريقهم عازمين على تحقيق أهدافهم، إعاقتهم كانت الدافع الأول الذى جعلهم يقهرون الصعاب، منهم من صار بطلاً فى تنس الطاولة، وتفوق على الأسوياء، ومنهم من سبح بقدم واحدة، وحصد بطولات عديدة، هم أطفال التحدى والإرادة الذين أثبتوا للعالم أن الإعاقة ليست عقبة فى طريق النجاح، حققوا الكثير من أحلامهم وما زالوا يتعطشون للمزيد. «كريم عراقي» نافس الأسوياء وانتصر على إعاقته يمسك «مضربه» بحكمة، ويلعب بثقة تكلل دائمًا بفوزه، واجه الأسوياء بكرسيه المتحرك واستطاع حصد لقب أحسن ناشئ فى بطولة الجمهورية عام 2016، بدأ «كريم عراقي» ذو ال12عامًا مشواره فى لعب «تنس الطاولة» منذ 4 أعوام، فى نادى «العزيمة» بالإسماعيلية الذى قضى فيه ثلاثة أشهر. تقول والدته: «تنس الطاولة كانت الرياضة الأنسب له، الكابتن محمد فودة وضعه على بداية الطريق، نافس أسوياء كبارًا فى بطولة الجمهورية 2017 لعدم وجود معاقين فى مثل عمره كى يلاعبهم، وحصد لقب أفضل لاعب فى البطولة». اختاره مدرب منتخب مصر للمشاركة فى بطولة «كأس مصر» مؤكدة أن الخلافات التى نشبت بين نادى العزيمة، والكابتن الذى يدرب كريم، جعلتهم يشطبون اسمه من قائمة لاعبى البطولة: «كريم كان شديد التمسك بالكابتن، وحينما غادر النادى رفض أن يستمر هو الآخر»، علم «نادى السكة الحديد» بمشكلة «كريم» فقرروا فتح فرع خاص بالمعاقين لاستقباله: «انتقل مدرب كريم لنادى السكة الحديد، لم أتوقع أن يفعلوا ذلك من أجله». واجه «كريم» صعوبات عديدة فى التعليم بسبب إعاقته، فهو مصاب بمرض العظام الزجاجية، وضمور فى نمو العضلات: «لم يستطع أى طبيب تشخيص حالته، أجرى أكثر من 14 عملية، وباءت بالفشل، ظل فى معهد أزهرى حتى الصف الثالث الابتدائى، قررت نقله إلى مدرسة حكومية، وهنا بدأت المشاكل». اشترطت أغلب المدارس أن يكون ل «كريم» مربية خاصة به، لكن ظروف والديه لم تسمح بذلك، ظلت والدته تتنقل من مدرسة لأخرى، حتى وافقت مدرسة «الشهيد عبدالمنعم رياض» على التحاقه بها، انتهى كريم من المرحلة الابتدائية، وتجددت الأزمة مرة أخري: «رفضته جميع مدارس المرحلة الإعدادية، منهم من قال كثافة الفصول السبب، ومنهم من قال إنه ليس له مكان، حتى قبلته مدرسة الفاروق عمر التى كان يحلم بالالتحاق بها من البداية نظرا لارتفاع مستوى الدراسة بها». يلتقط «كريم» أطراف الحديث من والدته قائلاً: «شاركت فى بطولة الجمهورية العام الماضى، ونافست الأسوياء، وحصدت جائزة أفضل ناشئ فى البطولة، أتمنى أن أكون طبيب عظام، وبطلاً كبيرًا ومشهورًا فى تنس الطاولة، أتمرن 6 ساعات يوميًّا، باستثناء يومى الخميس والجمعة، فى البداية كنت أشعر بالملل من التمارين، لكنى الآن تعلقت بالتمارين والرياضة ولديّ إصرار أن أكون الأفضل». «محمد الحسيني» بطل من ذهب تميز فى سباحة «الدولفين»، محب للرسم والألوان، يستمع إلى الموسيقى فى أوقات فراغه، لديه شخصية فريدة من نوعها قادته إلى طريق التميز، ليكون أول متلازمة داون يحاول عبور المانش، اجتاز 16 كيلو سباحة فى 7 ساعات، فى ظروف قاسية، حيث دخل فى منطقة تيارات عكسية منعته من مواصلة السباحة، حصد بطولات عديدة محلية وعالمية فى السباحة، إضافة إلى حصوله على بطولة الجمهورية فى ألعاب القوي. يستيقظ «محمد الحسيني» باكرًا كل يوم، يسبح 10 كيلو، يواصل تدريباته نهاراً وليلاً، بدأ مشواره وعمره 6 سنوات، لُقب ب «نيمو» لسرعته فى السباحة، تقول والدته «هالة الطوبجي»: «حصد أكثر من 70 ميدالية ذهبية منها اثنتان فى بطولة ألعاب القوى، شارك فى بطولة العالم فى إيطاليا، فى فلورانس للسباحة، وكان أصغر سباح على مستوى البطولة عمره 16 عامًا». حقق ترتيبًا متقدمًا على مستوى العالم ونزل ب12 سباقًا، فى هارفارد الدولية، اشترك فى 3 بطولات دولية فى الغردقة، سباق 2 كيلو فى البحر وحصد «مركز أول»، حصل على 3 بطولات في3 سنوات متتالية، وحقق مراكز أولى، فرد علم مصر على قناة السويس 5 كيلو سباحة برفقة مجموعة من السباحين». لم تقتصر إنجازات «الحسيني» فى السباحة فقط، فقد حصل على مجموع %90 فى المرحلة الإعدادية، وهو يعتبر الكابتن «خالد شلبي» الذى عبر المانش بذراع واحدة مثله الأعلي: «كابتن خالد المدرب الخاص به يحفزه دائمًا للأفضل، لذلك رشحه لعبور المانش، لكنه لم يوفق بسبب منطقة التيارات العكسية التى دخل بها، حيث قضى أكثر من ساعة ثابتًا فى المياه، حتى توقفت ذراعه وقدمه عن الحركة من شدة برودة المياه، وتم إخراجه من قبل المدرب والفريق المرافق له». يقطن محمد فى «مدينة نصر» برفقة والديه وشقيقيه الاثنين، يفضل ركوب الدراجات، يحب أن يخلو بنفسه، ويكتب مذكراته ويدون كل لحظة يعيشها: «محمد اجتماعى، أرافقه فى كل خطوة وكل حلم يحلم به، تركت حياتى بأكملها لأجله، أشاركه البطولات والتمرينات لحظة بلحظة، وقتى كله لأجله لأن رعايته تحتاج لمجهود، يدرس فى مدرسة لغات ومتحدث لبق يحب أن يناقش من حوله». «نور الدين» كرمته رئاسة الجمهورية تعرض لحادث مؤلم وعمره 6 سنوات، قلب حياته رأسًا على عقب ليتحول إلى بطل سباحة، ولاعب كرة قدم فى آن واحد، لم يستوعب «نور الدين عزت» فى البداية ما حدث له، فكان يظن أن قدمه سوف تنمو مرة أخرى مثل أسنانه، ومع الوقت تأقلم على عالمه الجديد، واستقبله بصدر رحب، واجه تحديات كثيرة، لكنه سرعان ما تغلب عليها، واستكمل مشواره بإرادة قوية. يدرس «نور» فى الصف السادس الابتدائى، ويقطن فى منطقة «المطرية» التابعة لمحافظة القاهرة، حصل على 10 بطولات جمهورية فى السباحة، تقول والدته: «حصل على بطولة على مستوى الدول العربية والأفريقية، كما يمارس الجرى وركوب العجل»، مؤكدة أن الكابتن «خالد حسان» أول من عبر المانش بقدم واحدة شجعه للانضمام إلى فريق «المعجزات» الخاص بكرة القدم لمبتورى الساق: «كابتن الفريق كان سعيدًا به، وسجل هدفين فى أول مباراة له، وتم إدراج اسمه ضمن الفريق». تتذكر والدته التحدى الأول له، بعدما استخرج كارنيه المعاقين: «نور يحب السباحة منذ صغره، نزل وسط فريق سباحين، وعام معهم، وسبقهم، وأثبت تفوقه»، يلتقط «نور» أطراف الحديث من والدته قائلاً: «كنت أثق فى نفسى طوال الوقت، أتمنى أن أصبح مهندسًا، والدتى دائمًا تشجعنى، سوف أستكمل مشوارى فى الكرة والسباحة، وسعيد لأنى أصغر لاعب فى فريق كرة القدم». تم تكريم نور الدين عزت كونه أصغر سباح 13 سنة، بالإضافة لحصده العديد من الألقاب أبرزها الفوز بالبطولة العربية للناشئين، كما حصل على المركز للثانى فى بطولة شرم الشيخ والمركز الثانى فى بطولة الجمهورية، والمركز الأول فى بطولة الجمهورية للسباحة الطويلة، والمركز الأول فى بطولة الجمهورية 50 مترًا حرة، بالإضافة لانضمامه لمنتخب مصر.