دعا المشاركون في مؤتمر المنظمات غير الحكومية المانحة للشعب السوري إلى ضرورة الإسراع بتدخل المجتمع الدولي للتصدي للنزيف الدموي الذي يراق على الأراضي السورية ووقف المأساة الإنسانية هناك. وأكد ممثلو المنظمات النسانية والخيرية وغير الحكومية وشخصيات معنية بالعمل الخيري من معظم أنحاء العالم خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر اليوم الثلاثاء ضرورة تحلي المجتمع الدولي بالعزيمة والمسئولية لتكون حافزا لهم لمساعدة الشعب السوري وتنسيق الجهود في ضوء غياب الحل السياسي للأزمة السورية. وبدوره، قال رئيس الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية الدكتور عبدالله المعتوق - في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر - إن العالم إزاء كارثة إنسانية يعيشها الشعب السوري في الداخل والخارج، وبدأت فصولها الدامية قبل ثلاث سنوات ومازالت آخذة في التفاقم. وأضاف المعتوق أن الشعب السوري اصبح مشردا في الداخل والخارج وتعرض لعملية إبادة حقيقية تجسدت في قتل الأنفس وهدم البيوت واستخدام الأسلحة الكيميائية. وأوضح أن تقديرات الأممالمتحدة تشير إلى وجود حوالي 9.3 مليون سوري تضرروا جراء الأزمة، نزح منهم داخليا نحو 6.5 مليون شخص، في حين سُجل 3.2 مليون شخص كلاجئين في الدول المجاورة لسوريا، مشيرا إلى أن العدد الحقيقي للاجئين يفوق ذلك بكثير. واعتبر المعتوق أن العامل الإنساني ليس حاسما وحده في مواجهة تداعيات هذه الجرائم الإنسانية التي يتعرض لها الشعب السوري، داعيا إلى تدخل المجتمع الدولي للتصدي لهذا النزيف ووقف هذه المأساة. وأشار إلى أن المبالغ التي تم إنفاقها على برامج إغاثة الأشقاء السوريين منذ مؤتمر المنظمات غير الحكومية العام الماضي بلغ نحو 190 مليون دولار، بزيادة بلغت أكثر من سبعة ملايين دولار على تعهدات الجمعيات الخيرية الخليجية والإسلامية خلال المؤتمر والبالغة 183 مليون دولار. ولفت إلى أن الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية قدمت 37 مليون دولار مساعدات للاجئين السوريين في الأردن وتركيا ولبنان وأرمينيا منذ اندلاع الأزمة السورية من خلال برامج إغاثية تنوعت ما بين إسكانية وصحية واجتماعية وتعليمية، إضافة إلى استمرار تسهيل سير القوافل الإغاثية إليهم. وكشف المعتوق أن الهيئة الخيرية تعتزم إنشاء مدينة سكنية للاجئين السوريين تضم ألفي وحدة سكنية مزودة بخدمات تعليمية وطبية وذلك بتوجيهات كريمة من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، موضحا أن المدينة الجديدة تماثل "قرية الكويت النموذجية" التي أقامتها الهيئة الخيرية في منطقة "كيليس" التركية وضمت ألف وحدة سكنية، إلى جانب قرية مماثلة في مخيم "الزعتري" للاجئين السوريين في الأردن ضمت أيضا ألف وحدة سكنية، مبينا أنه مع كل قرية أنشأت الهيئة عددا من المدارس والمساجد والمراكز الطبية. وأعرب عن شكره للجمعيات الخيرية وجمعيات النفع العام الكويتية على إطلاق مشروع النداء الموحد تحت شعار "بيت من الكويت" للإسهام في بناء 10 مدن إسكانية للاجئين السوريين في دول الجوار لسوريا بتكلفة قدرها 40 مليون دينار كويتي (ما يعادل 142مليون دولار أمريكي) . ومن جانبه، قال الأمين العام المساعد للشئون الإنسانية في منظمة التعاون الإسلامي عطا المنان البخيت - في كلمته - إن مؤتمر المانحين الثاني جاء في ظرف إنساني أكثر تعقيدا يحتاج إلى حشد إنساني أكبر. وتوقع البخيت أن يكون هناك نحو 16 مليون سوري داخل سوريا بحاجة للدعم الإنساني في نهاية العام الحالي، مشيرا إلى أن المؤتمر السابق كان ناجحا بكل المقاييس حيث قدمت المنظمات الإنسانية أكبر قدر من المعونات للشعب السوري الذي يواجه اليوم تحديا أكبر. وشدد على ضرورة تحلي المجتمع الدولي بالعزيمة والمسؤولية لتكون حافزا لهم لمساعدة الشعب السوري وتنسيق الجهود في ضوء غياب الحل السياسي، معربا عن أمله في أن تكون المساعدات في إطار عالمي. ومن ناحيته، قال نائب رئيس الجمعية الكويتية للإغاثة احمد الجاسر - في كلمته نيابة عن الجمعيات الخيرية الكويتية- "إنه استشعار من تلك الجمعيات لعظم المأساة السورية فقد أطلقت مشروع "النداء الموحد من أجل سوريا "الذي نشترك فيه لأول مرة كجمعيات حكومية وغير حكومية في نداء إغاثي موحد". وأضاف إن المشروع يستهدف إنشاء عشر مدن إسكانية للاجئين السوريين بواقع ألف وحدة سكنية لكل مدينة بتكلفة تقدر بنحو أربعة ملايين دينار كويتي. وأشار إلى أن الجمعيات الخيرية الكويتية ستقوم بتوصيل المساعدات إلى مستحقيها اللاجئين السوريين بالتعاون والتنسيق مع الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية وجمعية الهلال الأحمر والمنظمات الإنسانية غير الحكومية والإقليمية والدولية. وقال الجاسر إن الجمعيات الخيرية الكويتية تعهدت خلال المؤتمر الأول للمنظمات غير الحكومية العام الماضي بجمع 183 مليون دولار لإغاثة السوريين، مشيرا إلى أنه كان للمشاريع الإغاثية التي نفذتها في مناطق اللاجئين السوريين في دول الجوار السوري أثر ملموس في استكمال الجهود الإنسانية الأخرى لتخفيف المأساة التي تفوق قدرات المنظمات غير الحكومية وتتطلب إسهامات الدول لاحتواء مضاعفاتها الإنسانية. ويأتي عقد مؤتمر المنظمات غير الحكومية المانحة للشعب السوري بالكويت قبل يوم واحد من انعقاد المؤتمر الدولي الثاني للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا.