أعلن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، رفضه لمسمى "فريق اللات" الذي أطلقته الدول الأوروبية على فرقة القضاء على "الفرانكوفونيين الداعشيين"، مؤكدًا أنها تمثل استدعاء لصنم عُبد بالجاهلية، ويحمل دلالات غير واضحة. وسلط تقرير صادر عن المرصد اليوم السبت، الضوء علي حالةٌ من التربُّصِ والقلقِ تعصِفُ بحكوماتِ القارة العجوز بشأن التعامل مع ملف عودة رعاياها من صفوف تنظيم "داعش" إلى بلدانهم الأصلية، لا سيما بعد ما بدأوا رحلة الفرار إثْرَ سقوطِ التنظيم، متسائلًا فماذا ستفعل فرنسا لتلاشي خطر مواطنيها الذين كانوا بين صفوف هذا التنظيم الإرهابي والذين لا يزالون طلقاء في مناطق الصراع، في العراقوسوريا، بعد أن فَقَدَ التنظيمُ الأراضي التي كان يسيطر عليها؟. وتساءل المرصد في تقريره، هل سيكون نهجُها متماشيًا مع ما أكَّدَت عليه وزيرةُ الدِّفاع الفرنسية، "فلورانس بارلي"، أنَّ القضاءَ على أكبر عدد ممكن من مقاتلي داعش من الأجانب في مناطق الصراع سيكون أفضل بكثير لأوروبا، وهو ما يتشابه مع النهج الأمريكي، الذي لخصه "بريت ماكغورك"، المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي المناهض لداعش، حيث قال "إن مهمتنا هي التأكُّد من أنَّ أيَّ مقاتلٍ انضم إلى "داعش" من بلد أجنبي، سيموت في سوريا". وتابع: يبدو أنَّ "سياساتِ السجن" التي تنتهجها الحكومات الغربية تجاه المقاتلين العائدين إلى ديارهم، ستؤدي إلى إرجاء وتفاقم المشكلة، لذا سعت فرنسا إلى "تحييد"الفرنسيين الذين كانوا في صفوف تنظيم "داعش" ولا يزالون في العراقوسوريا، إيمانًا بأنَّ هؤلاء الفرنسيين حملوا السِّلاح ضِدَّ فرنسا، ولا بُدَّ وأن يدفعوا ثمنَ ما اقترفته أيديهِم من جرائم. فمنذ عام 2015م، شَنَّتْ أجهزةُ المخابراتِ الفَرَنْسية حربًا سرية من أجل القضاء على الإرهابيين الناطقين بالفرنسية، والذين لا يزالون في صفوف تنظيم "داعش"، ولا يزالون يشكلون تهديدًا حتي بعد سقوط التنظيم في الموصل والرَّقَّة. وأردف: يبدو أنَّ الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" يُتابع كسالفه سياسة "التحييد"، والتي تُطبق بسرية كاملة وبمساعدة حلفائِهِ من القوات الأمريكيةوالعراقية والكردية، مشيرًا إلي سعي فريقٌ من الخبراء الفرنسيين، في مكاتبهم الموجودة في قلب مبني المديرية العامة للأمن الداخلي (DGSI)، في "لوفالوا– بيري"، كل يوم إلى تقييم المعلومات التي يمكنهم جمعها حول "هؤلاء الفرنسيين". مهمة هذا الفريق هي "تحييد" هؤلاء الفرنسيين إما عن طريق "اعتقالهم" أوعن طريق "القضاء عليهم"، حيث يتكون هذا الفريق من ثمانية هيئات استخباراتية داخلية وخارجية، ويحمل هذا الفريق اسم "اللّات"، تيمنًا باسم أحد آلة الجاهلية فيما قبل الإسلام، والذي تم إنشاؤه لاقتفاءِ أثَرِ الإرهابيين الفرنسيين الذين غادروا أو عادوا من سورياوالعراق. وبين التقرير أن هذا الفريق يعمل بالتنسيق مع خلية أخري مشتركة بين الوحدات، تحمل اسم حركي "هيرميس"، وتترأسها مديرية الاستخبارات العسكرية (DRM)، وتعمل في الخفاء، تحت اسم مركز تخطيط وإدارة سلوك العمليات (CPCO)، في المبني الجديد لوزارة الدفاع الفرنسية "Balardgone"، حيث يقوم الفريق بإعداد "ملفات استهداف" وعرضها على هيئة أركان الجيوش الفرنسية. من بين 1700 فرنسيًا مُدْرَجة اسماؤهم في ملفات فريق "اللات"، هناك أكثر من 300 فرنسيًا عادوا بالفعل إلى فرنسا ويتم متابعتهم، وهناك ما لا يقل عن 300 فرنسيًا قُتِلوا في العراقوسوريا، كما أنَّ هناك أقل من مائة فرنسيًا تم اعتقالهم وسجنهم هناك. وألمح إلى قول أحد الخبراء أن "عدد الوفيات غير دقيق، بسبب الفوضة العارمة التي تجعل التأكد من أعداد وهويات المتوفين صعبًا للغاية"، الأمر الذي يحول دون تحديد مصائر أكثر من ألف فرنسيًا في مناطق الصراع، موضحًا أنَّ بعضَ هؤلاء الفرنسين المتواجدين بمناطق الصراع أُدْرِجَت أسماؤهم على رأس قوائم "أهم الأهداف"، أهمهم "عبدالإله هميش" المطلوب "للقتل" إلى جانب مقاتلين فرانكوفونيين آخرين مدرجين أيضًا على هذه القائمة. على رأس هؤلاء الفرانكفونيين يأتي "سالم بن غالم"، سجّان سابق للصحفيين الفرنسيين في سوريا، و"بيتر شريف"، من مخضرمي الإرهاب في العراق، وعلى صلة بالأخوين "كواشي"، و"فابيان كلين"، مُعلم القتال في مدينة "تولوز"، وصاحب الصوت الذي تبنى هجمات باريس في الثالث عشر من نوفمبر2015م وآخرين. كما تساءل التقرير حول وجهة "عبدالإله هميش"، الجندي الفرنسي السابق من أصل مغربي، والملقب ب "أبي سليمان الفرنسي"، والذي كان قد قام بدور محوري في هجمات باريس في نوفمبر 2015م، وهجمات بروكسل في مارس 2016م، حتي قالت عنه المخابرات الفرنسية إنه هو المخطط الرئيسي وراء هجمات باريس؟ ويشغل مصيرُ هذا الفيلق السابق، الذي أصبح مسئولًا كبيرًا في تنظيم "داعش" اهتمامَ العديد من المتخصصين في الاستخبارات الفرنسية. لا سيما بعد أن تَمَّ رصدُهُ في سوريا، إلا أنه قد اختفى عن الأنظار منذ نهاية عام 2017م. واختتم المرصد تقريره بالسؤال عن سِرِّ هذه التسمية (فريق اللّات) الذي أُعِدَّ خصّيصًا للقضاء على الإرهاب ذلك الصنم الذى كان يعبده كفار مكة قبل مجىء الإسلام، لا يستطيع أحد الجزم بإجابة محددة لأسباب هذا الاختيار، مؤكدًا رفضه لهذه التسمية لما تحمله من استدعاء لعبادة الأوثان واضطهاد أهل الشرك لأتباع الدين الإسلامي الضعفاء الذين آمنوا مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مشددًا أن ما تقوم به داعش من عمليات عنف وقتل وإرهاب وترويع للآمنين لا تمت لتعاليم الدين الإسلامي التى تدعو للرحمة والعدل والتسامح بأية صلة.