يختتم الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، اليوم الاثنين، زيارة دولة استمرت ثلاثة أيام إلى الهند برحلة إلى فاراناسى فى قلب البلاد إحدى أقدم المدن فى العالم والموقع المقدس للهندوسية. ويزور ماكرون سهل الغانج مهد الهندوسية بصحبة رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى الذى التقاه مرات عدة خلال الزيارة التى تهدف إلى تعزيز العلاقات بين باريس ونيودلهى. ويدشن المسئولان قبل الظهر محطة للطاقة الكهربائية الضوئية بقوة 100 ميجاواط فى ميرزابور (50 كلم غرب فاراناسي) والتى شيدتها مجموعة "إنجي" الفرنسية، وتندرج هذه المبادرة فى إطار تعزيز الطاقة الشمسية خلال زيارة ماكرون إلى الهند، وتأتى غداة القمة التأسيسية للتحالف الشمسى الدولى التى شارك فى ترؤسها وينتقل ماكرون بعدها بصحبة مودى إلى ضفة الغانج حيث يأتى ملايين المؤمنين كل عام للصلاة عند الدرج الذى ينتهى تحت النهر المقدس. تشكل فاراناسى علاوة على تاريخها وطابعها الديني، واجهة للقوميين الهندوس الحاكمين حاليا فى البلاد، فقد ترشح مودى فى هذه الدائرة فى الانتخابات التى أوصلته إلى السلطة، وهو يريد أن ينتقل بهذه المدينة نفسها إلى العصر الحديث مع جعلها رمزا لمشروعه "المدن الذكية" الذى يقوم على مدن خضراء متصلة بشبكة الهند المستقبلية. وبحسب الديانة الهندوسية فإن الوفاة وإحراق الجثمان فى فاراناسى يحرران الروح ويضعان حدا لدورة التقمص اللامتناهية. وكثف ماكرون خلال زيارته المبادرات والتصريحات الودية إزاء الهند ورئيس حكومتها، وأعرب عن الأمل فى أن تصبح فرنسا "بوابة دخول" عملاق جنوب آسيا إلى أوروبا بعد الفراغ الناجم عن بريكست. وترأس ماكرون ومودى الأحد القمة التأسيسية للتحالف الشمسى الدولى الذى يهدف إلى توفير "البيئة" التى تؤمن الحلول التكنولوجية والموارد المالية والقدرات الإنتاجية على نطاق واسع للدول ال121 الواقعة على مدار السرطان. كما تباحثا مطولا قبلها بيوم فى العاصمة الهندية، ووقعت فرنساوالهند فى هذه المناسبة اتفاقية للتعاون اللوجستى فى المحيط الهندى حيث يثير التواجد المتزايد للصين قلق نيودلهى. وتناولا أيضا مشروع بناء محطة نووية من ستة مفاعلات من طراز "أيه بى أر" ستشيدها مجموعة "او دى اف" الفرنسية فى جايتابور (الساحل الجنوبى الغربى للهند)، ورحب الوفد الفرنسى ب"تقدم ملفت" فى هذا الملف الذى لا يزال قيد الدرس منذ عقد إذ يثير احتجاجات محلية شديدة متعلقة بمخاوف حول البيئة. وبعد ظهر الأحد، زار ماكرون مع زوجته بريجيت ضريح تاج محل التاريخى جنوبنيودلهي، حيث أبدى إعجابه بهذا الموقع "المذهل" قائلا إنه "يروى الكثير عن الروح البشرية والآلام الكبيرة وعن حضارة امتدت من الهند إلى منغوليا ومن الصين إلى تركيا". وقد شكل تاريخ معلم تاج محل خلال الأشهر الأخيرة موضع تشكيك من جانب فئة من القوميين الهندوس، فى جدل يندرج فى سياق حالة أوسع فى الهند تطاول منذ سنوات الإرث المسلم فى البلاد. وشدد ماكرون أمام هذا الصرح على أن "قوة الهند مردها إلى قدرتها فى التوفيق بين الديانات والحضارات فيها".