تضاربت الروايات حول مكان استقرار رأس الإمام الحسين بن على، وحفيد رسول الله، فى بلدة واحدة، وادعت عدة مدن احتواءها على الرأس الشريف. وتبدأ المأساة منذ أمر يزيد بن معاوية، قائد جنده زياد بن أبيه، بإحضار رأس الحسين عقب موقعة كربلاء، وتنازعت الحكايات بعده، إلا أن أغلبها أكد وجود الرأس فى المدينة، أو كربلاء، أو دمشق، أو عسقلان، أو القاهرة، ما جعل المسلمون لا يجدون ضالتهم فى البحث عنه إلا بتسليم فؤادهم لمكانٍ يزورونه، ليذهب عنهم البأس ويدخل فى قلوبهم الراحة والسكينة. روايات مختلفة جعلت الرأس الشريف فى مدينة رسول الله إلى جوار أمه السيدة فاطمة الزهراء، ودعمها ابن تيمية بقوله إن جميع المشاهد الموضوعة للحسين مجرد أكذوبة، وأنها تعتمد على رأس راهب، فى حين يدعى شيعة العراق وجوده بكربلاء منذ اليوم الأربعين لقتله رفقة السيدة زينب، بينما يذهب أهل الشام إلى أنه بدمشق؛ حيث أمر الخليفة الخامس عمر بن عبدالعزيز بإكرامه ودفنه حماية له من عبث الأمويين، ويدعم تلك الراوية ما ذكره الذهبى فى تاريخ الإسلام، إلا أن وجوده فى القاهرة دعم بكثير من الروايات أبرزها ما ذكره المقريزى فى خططه حين قال: «نقل رأس الحسين من عسقلان إلى القاهرة، يوم الأحد، ثامن جمادى الآخرة سنة 548 ه، 31 أغسطس سنة 1153م، وكان الذى وصل بالرأس من هناك، والى عسقلان، الأمير سيف المملكة تميم، وحضر فى القصر يوم الثلاثاء 10 جمادى الآخرة، 2 سبتمبر سنة 1153م، ثم قدم بالرأس، مكنون عشارى، من عشاريات الخدمة، وأُنزل به إلى الحديقة، ثم حمل فى السرداب إلى قصر الزمرد، ثم دفن فى قبة الديلم بباب دهليز الخدمة، وبنى الصالح طلائع مسجدًا للرأس، خارج باب زويلة من جهة الدرب الأحمر، وهو المعروف بجامع الصالح طلائع، فغسلها فى المسجد المذكور على ألواح من خشب، يقال إنها لا زالت موجودة بهذا المسجد». رواية أخرى للشيخ محمد متولى الشعراوى فى كتابه «أنا من سلالة آل البيت» تدعم وجوده بالقاهرة، تتمثل فى أن نقل الرأس إلى مصر، قادمًا من مدينة عسقلان الفلسطينية، مع منتصف العام الثامن والأربعين بعد المائة الخامسة من الهجرة، مشيرًا إلى أن الوزير الفاطمى الصالح طلائع نقله من عسقلان خشية أن ينتهك حرمته الصليبيون، بعد نصف قرنٍ من موقعة كربلاء؛ حيث اتفق على دفع ثلاثين ألف قطعة ذهب «دينار» مقابل الحصول عليه، وذهب الأمير الأفضل ابن أمير الجيوش بدر الدين الجمالي، فوقف على القبر حتى استقر عند الرأس الشريف فحمله على صدره من عسقلان فى الثامن من جمادى الآخرة 548 ه، 31 أغسطس عام 1153 ميلاديًا. ويتابع، «سار به فى موكب مهيب وعند مدخل مدينة الصالحية، وإجلالًا لشرف الاستقبال قام المصريون بخلع نعالهم حتى لم يكن بينهم من كان مرتديًا نعله، وذلك زيادة فى إجلال وتقديس الرأس، وعلى الفور جرت مراسم التسليم الشريفة عند حدود الصالحية، ليحمله الموكب السلطانى ويوضع فى كيس من الحرير الأخضر، ويحمل على كرسى من الأبانوس ويسير ويسير خلفه كل من فيه الروح بأرض مصر فرحين مهللين مكبرين من الصالحية، وحتى بوابة مسجد طلائع الذى كان تحت الإنشاء حيث تم بناؤه خصيصًا ليدفن به رأس الحسين- رضى الله عنه.