موجة شديدة تضرب البلاد اليوم| وتوقعات بتخطي درجات الحرارة حاجز ال 40 مئوية    اليوم، انقطاع مياه الشرب عن مدينة الفيوم بالكامل لمدة 6 ساعات    مستقبل وطن المنيا يُطلق مبادرة "طلاب فائقين من أجل مصر".. صور    60 دقيقة تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 17 مايو 2025    العيار بكام؟.. تراجع أسعار الذهب السبت 17 مايو 2025 في أسواق الصاغة    استقرار الأخضر.. سعر الدولار أمام الجنيه اليوم في البنوك    بكام طن الشعير؟.. أسعار الأرز «عريض ورفيع الحبة» اليوم السبت 17 مايو في أسواق الشرقية    القنوات الناقلة لمباراة مانشستر سيتي ضد كريستال بالاس مباشر في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي    اللقب مصرى.. مصطفى عسل يتأهل لمواجهة على فرج فى نهائي بطولة العالم للاسكواش    موعد مباراة الأهلي ضد الخلود في دوري روشن السعودي والقنوات الناقلة    إعادة محاكمة 5 متهمين في قضية خلية المرج الإرهابية| اليوم    الطقس اليوم.. ذروة الموجة شديدة الحرارة على أغلب الأنحاء    فى عيد ميلاده ال85.. عادل إمام داخل صالة تحرير "اليوم السابع" (تخيلى)    قومية الشرقية تقدم "محاكمة تاجر البندقية" ضمن شرائح المسرح بالزقازيق    محام: أحكام الشريعة الإسلامية تسري على المسيحيين في هذه الحالة    نقيب العلاج الطبيعي: إحالة خريجي التربية الرياضية للنيابة حال ممارسة الطب    غيبوبة سكر.. نقل الجد المتهم في الاعتداء على حفيده للمستشفى بشبرا الخيمة    الأجهزة الأمنية الليبية تحبط محاولة اقتحام متظاهرين لمبنى رئاسة الوزراء بطرابلس    قافلة دعوية ل«الأزهر» و«الأوقاف» و«الإفتاء» إلى شمال سيناء    بقصة شعر جديدة، كاظم الساهر يحيي اليوم حفل دبي والإعلان عن عرض ثان بعد نفاد التذاكر    البرلمان الليبي يحقق مع الدبيبة ويمنعه من السفر    أزمة «محمود وبوسي» تُجدد الجدل حول «الطلاق الشفهي»    السيطرة على حريق شب داخل شقة سكنية بالمقطم    وزير التعليم العالى يستقبل الجراح العالمى مجدى يعقوب    الاتحاد الأوروبي والصين يعلّقان استيراد الدجاج البرازيلي بعد اكتشاف تفش لإنفلونزا الطيور    العراق يؤكد: مخرجات قمة مصر بشأن غزة تتصدر جدول قمة بغداد    اجتماع لحزب الاتحاد في سوهاج استعدادا للاستحقاقات الدستورية المقبلة    حزب الجيل: توجيهات السيسي بتطوير التعليم تُعزز من جودة حياة المواطن    بعد رباعية الجونة.. إقالة بابا فاسيليو من تدريب غزل المحلة    رئيس مصلحة الضرائب: حققنا معدلات نمو غير غير مسبوقة والتضخم ليس السبب    وليد دعبس: مواجهة مودرن سبورت للإسماعيلي كانت مصيرية    ملاك العقارات القديمة: نطالب بحد أدنى 2000 جنيه للإيجارات بالمناطق الشعبية    توافق كامل من الأزهر والأوقاف| وداعا ل«الفتايين».. تشريع يقنن الإفتاء الشرعي    ضربة لرواية ترامب، "موديز" تخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة    لكزس RZ 2026| طراز جديد عالي الأداء بقوة 402 حصان    ترامب يهاجم المحكمة العليا.. لن تسمح لنا بإخراج المجرمين    شقيقة سعاد حسني ترد على خطاب عبد الحليم حافظ وتكشف مفاجأة    حكام مباراة بيراميدز وبتروجيت في الدوري المصري    غزل المحلة يطيح ب بابافاسيليو بعد ربعاية الجونة في الدوري    ما حكم من مات غنيا ولم يؤد فريضة الحج؟.. الإفتاء توضح    عمرو أديب عن قرار لجنة التظلمات: إحنا موجودين بس عشان الأهلي يكسب    رئيس الوزراء العراقى لنظيره اللبنانى : نرفض ما يتعرض له لبنان والأراضى الفلسطينية    ترامب يلوّح باتفاق مع إيران ويكشف عن خطوات تجاه سوريا وبوتين    مدير إدارة المستشفيات يشارك في إنقاذ مريضة خلال جولة ليلية بمستشفى قويسنا بالمنوفية    انطلاق فعاليات مؤتمر التمكين الثقافي لليوم الواحد بمطروح    اشتعال الحرب بين نيودلهي وإسلام آباد| «حصان طروادة».. واشنطن تحرك الهند في مواجهة الصين!    محسن الشوبكي يكتب: مصر والأردن.. تحالف استراتيجي لدعم غزة ومواجهة تداعيات حرب الإبادة    اليوم.. «جوته» ينظم فاعليات «الموضة المستدامة» أحد مبادرات إعادة النفايات    إصابة 4 أشخاص في حادث سقوط سيارة بترعة الفاروقية بسوهاج    غرق طالب بترعة الكسرة في المنشاة بسوهاج    اليوم| الحكم على المتهمين في واقعة الاعتداء على الطفل مؤمن    ضبط 25 طن دقيق ولحوم ودواجن غير مطابقة للمواصفات بالدقهلية    رئيسا «المحطات النووية» و«آتوم ستروي إكسبورت» يبحثان مستجدات مشروع الضبعة    جورج وسوف: أنا بخير وصحتى منيحة.. خفوا إشاعات عنى أرجوكم (فيديو)    انطلاق الدورة الثانية لمهرجان SITFY-POLAND للمونودراما    قبل الامتحانات.. 5 خطوات فعالة لتنظيم مذاكرتك والتفوق في الامتحانات: «تغلب على التوتر»    بالتعاون مع الأزهر والإفتاء.. الأوقاف تطلق قافلة دعوية لشمال سيناء    المفتي: الحج دون تصريح رسمي مخالفة شرعية وفاعله آثم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأدلة القاطعة على وجود الرأس الشريفة بمصر المحروسة .
نشر في المسائية يوم 12 - 02 - 2015

أكثر من 15 مليون صوفى يحتفلون بمولد الإمام الحسين رضى الله عنه

حكاية الباب الأخضر بالمشهد الحسينى بالقاهرة
العثمانيون و الخديوى و الرئيس جمال عبد الناصر يتأكدون بالمشاهدة من وجود الرأس الكريمة
كيف جاءت الرأس المشرفة ودفنت بمصر بعد 500 سنة من الاستشهاد؟
أهل المحروسة يحتفلون بمولده يوم دفنه بمصر وليس لتاريخ ميلاده.
تقرير : حسين الطيب
في مثل هذه الأيام من كل عام يطل علينا المتنطعون للعلوم بجهاتهم المفضوحة ويثيرون الجدل و الضجيج في محاولات مستميتة منهم لإنكار وجود الرأس الشريفة لسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين بن الإمام على زوج الكاملة السيدة فاطة الزهراء بنت حضرة رسول الله المشرف المكرم من رب العالمين عليه و على آله أفضل صلاة و أتم تسليم في العالمين .. و كأنما اثبات عدم وجود الرأس الشريفة سيرفع من شأنهم ووجودها سيحط من شأنهم ولا يعلمون أنهم بجهالتهم يحطون من شأنهم أكثر و أكثر .. وبمناسبة احتفال أكثر من 15 مليون صوفى بمولد الإمام الحسين رضى الله عنه فإننا نفضخ أكاذيبهم ونفند مزاعمهم و نؤكد بالأدلة الدامغة على انتقال الإمام الحسين إلى مصر المحروسة ودفنه بالمشهد الحسينى لكى يتوج الله إكرامه لمصر بوفادتها لأهل البيت أحياء و منتقلين .. ولأجل هذا نغوص في بحار التاريخ وبين دفات كتبه نبحر لحظة بلحظة ودقيقة بدقيقة مع رحلة قدوم الرأس الشريفة للإمام الحسين و حتى استقرارها في مشهدها المعروف بالمسجد الحسينى بالجمالية ونستعرض كذلك أهم الأثار المثبتة بسجلات الأثار و المؤكدة على الوجود الشريف .. ونقتطف بعض من البحث المميز للباحثين المستشار رجب عبد السميع و الباحث التاريخى عادل سعد زغلول اللذان استكشفا و استعرضا أهم المحطات التاريخية و الأثرية في رحلة الرأس الشريف إلى مصر .
و نعود بالزمان كثيرا و تحديدا إلى منتصف العام الثامن والأربعين بعد المائة الخامسة من الهجرة وبينما كانت مداهمات الحملات الصليبية تشتد على الأراضى الشامية وسقوط الكثير منها تحت وطئة الخيانات والإخذالات الخسيسة لبعض حكام الولايات الإسلامية..فترامت إلى الأسماع أن الصليبيين لا يحملون فى صدورهم أى تقدير للمقدسات الإسلامية بل أنها أصبحت محل انتهاك وتخريب على يد جنود جاءوا إلى الشرق طمعا فى كنوزه ولياليه الزاخرة بالنساء "البيض الحسان" مما أوجس القلق والخوف داخل نفس الوزير الفاطمى ابن طلائع الذى لُقب بالصالح طلائع بعدما صار متحكما فى أمر الحكم المصرى حينما استطاع الحفاظ على جدران الدولة الفاطمية بعد مقتل الخليفة الظافر و كثرت الفتن وتهدد الحكم الفاطمي فبعثن له نسوة القصر يستنقذن به في الأخذ بثأر الظافر فسار طلائع نحو القاهرة لمحاربة الوزير نصر بن عباس قاتل الظافر والذي فر من أمامه ليدخل طلائع القاهرة ويتسلم الوزارة ونعت منذ ذلك الحين بالملك الصالح فارس المسلمين نصير الدين واستبد بالأمر لصغر سن الخليفة الفائز ومنذ ذلك الأمر أصبح الوزير ابن طلائع ذو كلمة نافذة فى حكم الشئون الفاطمية ولأنه كان عالما ومؤلفا وشاعرا وقارئا للتاريخ .. فقد أرقه انتهاك حرمة قبر رأس حفيد رسول الله الحسين بن على بن أبى طالب بعسقلان والذى كانت قد استقرت به بعد قرابة النصف قرن من موقعة كربلاء الحزينة عام 61 هجريا عن عمر يناهز السابعة والخمسون حيث طاف قتلة الحسين برأسه الشريفة على أسنة الرماح بعدما اجتزها شمر بن ذى الجوشن وذهب بها الى يزيد بن معاوية فى الشام لينال مكافاءته بولاية إحدى المدن الإسلامية فأمعن يزيد فى فعلته الشنعاء وعلق الرأس على أبواب منازل المشتركون فى المعركة بدمشق ليزيد الناس إرهابا .. وقد وجدت الرأس بخزائن السلاح بدمشق بعد وفاته وذلك بعد الطَوَاف بها العديد من المدن الإسلامية لتستقر كما ذكر المؤرخون بعسقلان حيث دفنت هناك فى تلك المدينة الساحلية بفلسطين وحتى تكون بعيدة كل البعد عن نصرة الحسين وأتباعه فاستقرت هناك قرابة الخمسة قرون حتى اشتد وطيس الحملات الصليبية على فلسطين فخاف الصالح طلائع وكان شيعيا شديد التشيع مثلما كان مشهورا عن بيت الخلافة الفاطمية بمصر فأوعز النصح للخليفة الفائز وأجزل فى نصحه له بالتفاوض مع بلدوين الثالث قائد الحملة الصليبية على عسقلان بدفع مبلغ مالى كبير مقابل الحصول على الرأس الشريفة وإعادة دفنها بمصر خاصة وأن ابن طلائع كان على علم بالأوضاع المالية السيئة للحملة وشدة احتياجها للمال لتدبير المؤن لهم.
وبعد عدة جولات مكوكية من المفاوضات استخدم فيها ابن طلائع كل حيل الترغيب والحجج والأسانيد واتفق معهم على أن يدفع الفاطميون ثلاثون ألف قطعة ذهب ( دينار) مقابل الرأس الشريفة وبالفعل تمت الصفقة بين الطرفين وذهب الأمير الأفضل ابن أمير الجيوش بدر الدين الجمالى فوقف على القبر حتى استقر عند الرأس الشريفة فحملها على صدره من عسقلان فى يوم الأحد الثامن من جمادى الأخر لتصل يوم الثلاثاء العاشر من نفس الشهر الموافق العام 548 هجريا الموافق 31 أغسطس عام1153 ميلاديا وقد سار بها فى موكب مهيب تقشعر له الأبدان وتخلج له جنبات الصدور وتنتشى بعزته كل فخور فرحا بنقل الرأس الشريفة إلى مص المحروسة التى كانت وستظل إلى أبد الآبدين كنانة آل بيت رسول الله فى الأرض وقيل أيضا أن الذى وصل بالرأس من عسقلان الأمير سيف المملكة تميم واليها حتى استلمها أمير الجيوش على الحدود المصرية .. وفى اليوم المشهود خرج السلطان الفائز بصحبة الصالح طلائع لاستقبال الرأس الشريفة عند مدخل مدينة الصالحية وقد اتخذت مصر زينتها وتهيئت وتعطرت وارتدت ثوب الفرحة واكتست بوشاح السرور و على كل باب أضيئت المصابيح إستقبالا لشرف الرأس الحسينية وابتهاجا بتشريفها الديار المصرية .. و إجلالا لشرف الإستقبال قام المصريون بخلع نعالهم حتى لم يكن بينهم مرتديا لنعله زيادة فى إجلال وتقديس صاحب الرأس الشريفة فاستقبلها القوم بكل ما تعرفه البشرية من مباهج الفرحة والمحبة والسمو الروحانى الذى سيطر على أهل مصرشوقا و انتظارا لوصول الرأس اليها .. وعلى الفور جرت مراسم التسليم الشريفة عند حدود الصالحية ليحملها الموكب السلطانى وتوضع فى كيس من الحرير الأخضر وتحمل على كرسى من الأبانوس وتسير ويسير خلفها كل من فيه الروح بأرض مصر فرحين مهللين مكبرين من الصالحية وحتى بوابة مسجد طلائع الذى تم الإنشاء خصيصا لتدفن به رأس سيدنا الحسين .. ولم تكن الرأس تمر بقرية أو مدينة حتى يلقى لها الأهالى والأحباب بالورود والعطور والرياحين فكانت الرأس ترد عليهم نفحات الطيب والعطر الذى انتشر بأرجاء المحروسة من روائح آل بيت النبوة حتى أن الحارة المجاورة لمسجد الصالح طلائع والتى مرت بها الرأس لتدخل ساحة المسجد فإذا بأهالى الحارة يستنشقون عبير المسك فى بيةتهم و أمتعتهم ومنذ هذه اللحظة و حتى يومنا هذا يطلق عليه الجميع حارة المسك, وكأن كل مراقد آل البيت فى جميع قرى ونجوع مصر قد هبوا من مراقدهم لينالوا شرف استقبال سيد شهداء أهل الجنة الحسين بن على الحاصل على شهادة الجراءة والشهامة من جده نبى الله عليه وعلى آل بيته أجل تحية وأشرف تسليم وأتم صلاة الى يوم الدين .
وسادت احتفالات المصريين بقدوم الرأس أياما وليالى حتى استقرت بمسجد طلائع فى كيسها الحريرى الأخضر الذى بناه لينال شرف افتخار دفن الرأس الشريفة به وهو أحد ثلاثة مساجد معلقة بمصر ولعل الناظر الى المسجد يشعر وكأنه قد بنى على استعجال حتى يحوى ثراه الرأس مما يؤكد أن المصريين لم يكن لهم تخطيطا مسبقا فى الحصول على رأس الحسين ولكن الحملات الصليبية هى التى جعلت من الحصول على الرأس حتمية لابد منها فأمر ابن طلائع ببناء المسجد خارج القاهرة وفى الجهة الشرقية المقابلة لباب زويلة وكأن المسجد قد بنى لترقد به الرأس ناظرة على بوابة القاهرة القديمة .. وأخيرا تدخل من بوابة المسجد الى ساحته فتوضع على لوح من خشب معطرة بالمسك وأطيب العطور الزكية ولازالت تلك الخشبة موجودة أعلى واجهة المسجد من الداخل وكأن ابن طلائع وضعها كدرة التاج للمسجد ويعرفها جيدا أهالى الدرب الأحمر بالقاهرة الفاطمية وهم يعرفونها بمغسلة سيدنا الحسين وموجودة بهذا المسجد ويؤيد هذه الرواية ما كشفت عنه الحفائر التى أجريت عام 1945 من وجود مبان بجوار الجهة الشرقية للواجهة البحرية لجامع الصالح طلائع عليها كتابات آثرية منها ( ادخلوها بسلام أمنين ) ومثل هذه العبارة تكتب عادة على مداخل المدافن ولذلك فإنه من المرجح أن تكون هذه الآية من بقايا المشهد الذى بناه الصالح طلائع مجاوراً لمسجده لكى يدفن فيه رأس الأمام الحسينى كما ذكره ابن دقاق .
ولكن بيت الحكم الفاطمى بمصر لم يرض بأن تدفن الرأس الحسينية بعيدا عن مقر الحكم وأن ينال شرف وفخار احتضان الرأس المكرمة غيرهم فدب الخلاف بين الصالح طلائع والخليفة الفائز على شرف دفن الرأس بالقرب منه حتى استقر الأمر بينهما بأن تغسل الرأس فى مسجد طلائع وتدفن فى قصر الزمرد .. وهنا نتسأل كيف تغسل رأس الحسين وهو شهيد وأيضا قد مر على دفنه بعسقلان قرابة الخمس مائة سنة ؟ فكانت الإجابة لدى المؤرخون بأن حاكم عسقلان و رسل الخليفة الفاطمى حينما حفروا لاستخراج الرأس من مرقدها وجدوا دمائها لم تجف وكذلك قد تعفرت من التراب المهال فوقها فكان الغسل لها ليس تغسيلا بمعناه المفهوم لدى العامة ولكنه تنظيفا وتعطيرا وتضميدا لجرح مازال ينزف بقلب كل مسلم محب لآل بيت رسول الله .وبعد الاتفاق بين طرفى الحكم بمصر تم حفر نفق يقول المؤرخون أنه مازال موجودا بدايته أسفل باب زويلة ونهايته بمحل دفن رأس الحسين رضى الله عنه بقصر الزمرد أسفل قبة الديلم فى دهليز باب الخدمة بقصر الزمرد عند الباب الأخضر والمعروف حاليا بالمآذنة القديمة لمسجد الحسين وذلك لاتمام اجراءات نقل الرأس بعد مكوثها بمسجد طلائع وحتى لايعاد مشهد النقل ثانية بين العامة من الناس حيث تم وضع رأس سيدنا الحسين فى الكيس الحريرى ووضعت على كرسى من الأبانوس وقيل من خشب الساج صنع لها خصيصا و عليه طست من الذهب وكان ذلك عام 549 هجريا ليصبح ذلك اليوم احتفالا لدى شعب مصر معروفا عند الجميع بمولد سيدنا الحسين وهنا نكتشف أن ميعاد مولد الحسين لم يكن يوم مولده وانما يوم دفنه تحت قبة الديلم فى مصر وانما ولد الحسين عليه السلام فى الخامس من شهر شعبان فى السنة الرابعة من الهجرة النبوية الشريف .وبفعل التاريخ تحول أحد مقار الحكم الفاطمى من قصر الزمرد الى مسجد سيدنا الحسين ليكون مقصدا للمسلمين من شتى بقاع الأرض .. ولقد دخلنا من الباب الأخضر نسبة الى الحرير الأخضر الذى يكسو الرأس الشريف ولاحظنا بأسفل المآذنةشباك من الطوب المسدود وكأنه كان على شكل طاقة رؤيا من تلك التى كانت معروفة قديما فى العمارة الاسلامية. وتم سد الطاقة بعد التجديدات والتوسعات الأخيرة للمسجد عام 1965 حيث كان الشباك يطل مباشرة على سرداب الدفن الذى يحوى الرأس الشريفة فى حجرة يتوسطها الطست الذهبى. واعتلى المرقد تابوت خشبى (مقصورة خشبية )من أجود أنواع الأخشاب الهندية ومحفوظة الأن فى متحف الفن الاسلامى تحت رقم( 15025) و الذى عثر عليه ملاصقا لجدار الغرفة التى تحت أرض القبة الحالية لهذا المشهد بالقاهرة وصاحب الفضل فى العثور عليه المرحوم حسن عبد الوهاب. كما ورد فى عبد العزيز مرزوق، الفن الإسلامى فى العصر الأيوبى، ص 25.
الأدلة الدامغة على وجود الرأس الشريف بمصر
وبعد رحلتنا مع الرأس الشريفة من عسقلان وحتى مدفنها بقصر الزمرد سوف يتسأل الكثيرون والمعرضون والمتشككون فى رحلتنا مع الرأس انتهاجا لبعض الأقاويل المكذبة لحقيقة وجود رأس الحسين بمصر وإذا كان البعض يقولون بأن الشيعة قد اخذوا الرأس ودفنوها مع الجسد فى كربلاء فنحن نقول لهم أن الأولى لهم أن يأخذوها تدفن تحت ولايتهم وأمام أعينهم وفى مقر حكمهم بمصر وليس من الفطنة الذهاب بها إلى العراق مقر الحكم العباسى ومعروف للجميع العداء الواقع ما بين الفاطميين والعباسيين من خلافات وحروب وأيضا لدرء الشبهات فسوف نعرض فى السطور القادمة خلاصة البحث الذى قاما به الباحث عادل سعد زغلول والمستشار رجب محمد فى كتابهما (تصحيح مفاهيم خاطئة فى طريق النصرة الواجبة ..تحقيق واثبات مراقد مشاهير ال البيت فى مصر) والذى أشرف على إعداده دكتور السعيد محمد إمام مسجد سيدنا الحسين .. وللحقيقة فإن بحثهما الذى جمعا ودققا فيه كل ما ورد عن انكار أو اثبات وجود الرأس بمصر وكذلك ردهم على الانكار بمباحث دقيقة تنفى المزاعم الكاذبة لنكران دفن الرأس بمصر المحروسة .. قد استطاعا فيه رفع اللثام عن الكثير من التساؤلات التى كانت تدور برؤوس الكثير من المصريين وفى البداية يجيب الباحثان عن نقطة مهمة دائما ما يتخذها المنكرون دليلا للانكار و هي أن الفاطميين لم يكونوا بحاجة إلى أن يروجوا صحة إثبات هذا المشهد ليوهموا الناس بصحة نسبتهم حيث لا علاقة بين إقامة المشهد بعسقلان أو نقله لمصر والنسب سالف الذكر فلم يكن هناك حاجة أو نية لخداع الناس والترويج لحب آل البيت بإنشاء المشهد القاهرى، كما زعم ابن تيميه ومقلدوه فكل من الحجاز ومصر وبلاد الشام كانت تحت سلطان الفاطميين وسيطرتهم ولماذا النقل للقاهرة عاصمة الفاطميين بما يحمله من مشقة وأموال ضائعة !! وكان الأولى بهم إقامة المشهد الحسينى فى المدينة حيث كانت بلاد الحجاز بأيديهم فضلاً على أن المشهد نقل بعد قيام الدولة بقرابة مائتى عام وعليه لم يكن هناك داع لإيهام أو خداع الناس بذلك وكان الأحرى بهم القيام بذلك فى بداية عهد الدولة الفاطمية (358 ه) لا أن يتأخر ذلك إلى سنة (548 ه) فى أواخر دولتهم ولو كان فى نيتهم نقل الرأس لما أنشأوا المشهد العسقلانى أصلا ولا شيده وعمروه فى عهد بدر الجمالى وابنه الأفضل وأقاموا عليه مسجداً كبيراً حيث ظل المشهد العسقلانى مدة 56 سنة أو يزيد فى عسقلان قبل النقل للقاهرة ولما أهدى إليه الخلفية الفاطمى الأمر بأحكام الله قنديل من ذهب وآخر من فضة كما ورد فى رواية المقريزى، كما أن الرأس عندما جاءت مصر لم يكن هناك مشهد معد لها مسبقاً بل أنها دفنت فى قصر الزمرد لمدة عام ومما يدل على عدم نية الفاطميين فى نقل الرأس الشريفة أن الاحتفال باستشهاد الإمام الحسين كان يقام بالجامع الأزهر قبل إنشاء المشهد الحسينى.
ولقد وردت كيفية النقل فى العديد من روايات المؤرخين مثل الصبان والشعرانى والمقريزى وموفق الدين بن عثمان، والقلقشندى، وبن عبد الظاهر، والنويرى كما عثر الباحثون بالمتحف البريطانى بلندن على نسخة خطية محفوظة من (تاريخ امد) لابن الأورق المتوفى عام (572 ه) مكتوبة عام (560 ه) أى قبل وفاة المؤرخ بإثنتى عشرة سنة ومسجلة بالمتحف تحت رقم (58/3 شرقيات) اثبت فيها بالدليل نقل الرأس من عسقلان للقاهرة عام (549 ه) أى فى عهد المؤرخ وتحت سمعه وبصره وبوجوده ومشاركته ضمن جمهور مصر العظيم فى استقبال الرأس الشريف وهو ما أكدته وثائق هيئة الآثار ، وتم الإجماع على أن الرأس الطاهر وصل القاهرة من عسقلان فى (يوم الأحد الثامن من جمادى الآخر سنة خمسمائة وتسع وأربعين) فحمله الأمير (سيف المملكة مكين) والقاضى (ابن مسكين) إلى السرداب الخليفى العظيم بقصر الزمرد فحفظ مؤقتاً بالسرداب فى العاشر من جمادى الآخر فى خلافة (الفائز الفاطمى) على يد وزيره (الصالح طلائع بن زريك) حتى بنى المشهد الحالى والقبة عند باب الديلم الواقع وقتئذ فى الجنوب الشرقى من القصر الكبير والمعروف الآن بالباب الأخضر، فحمل الرأس الشريف من السرداب العظيم إلى القبر، ودفن به فى الثلاثاء الأخير من ربيع الآخر على المشهور من العام التالى، وهو موعد الذكرى السنوية الكبرى بمصر للإمام الحسين ().
الباب الأخضر المشرف برأس الإمام الحسين
عبارة عن كتلة من البناء بالحجر المنحوت ، عرضها نحو 6.65 متر وارتفاعها 5.85 متر ، توازى الواجهة الجنوبية لمشهد الإمام الحسين قرب الناحية الجنوبية لحجرة الضريح، وكان يسمى قبل ذلك باب الحسين حسب ما اثبتته خريطة الحملة الفرنسية سنة 1798 ميلادية وهذا الباب هو الأثر الفاطمى الوحيد الباقى من مشهد الحسين الذى بنى ليحتوى على رأسه المحفوظ فى صندوقٍ من الفضة وشّيد جامع بجواره حسب أقوالِ ابنِ جبير الذى زار مِصْرَ فى سنة 572 ه / 1184 م وتم ذلك عقب نقل الرأس من مشهد الإمام الحسين فى عسقلان ، ووصوله إلى القاهرة فى 8 جمادى الآخرة 548 ه / 1153 م ، لإنقاذه من الوقوع فى ألآيدى الإفرنج الذين كانوا يهدون المدينة وفتحة المرور فى الباب الأخضر عرضها يقرب من مترين وارتفاعها نحو مترين ونصف ووضعت الفتحة داخل حشوة عريضة عالية يتوجها عقد مدبب وفوقه فتحة الممر وضعت حشوة على هيئة شباك مسدود لها عقد ذو حليات من نوع منتشر فى العمائر الفاطمية وإلى الجانب الأيسر من عقد الحشوة الكبرى وضعت سرة محفورة فى الحجر تملأ دائرتها الوسطى زخارف هندسية مفرغة فى الحجر فى دقة واتقان تامين.
ورصعت حولهما فصوص نصف دائرية عميقة وزخارف نباتية من الطراز الفاطمى الأصيل وتماثلهما سرة اخرى إلى يمين العقد. ويتوج كتلة الباب الأخضر بقايا سياج من ضلوع تتشابك فى وحدات هندسية صنعت من الجص وضع بين بقايا هذا السياج لوح حفرت عليه كتابة تسجيلية ذكر فيها تاريخ بناء المئذنة الأيوبية التى شيدت فوق كتلة الباب الأخضر وذلك فى شهر شوال سنة 634 ه / 1237 م والتى لازال جزؤها المربع الأسفل باقياً .
المحاولات الملكية والعثمانية والجمهورية للتحقق من المقام الكريم بالمحروسة
1 - جاء فى كتاب (العدل الشاهد فى تحقيق المشاهد): "أن المرحوم عبد الرحمن كتخدا القزدغلى، لما أراد توسيع المسجد المجاور للمشهد الشريف (سنة 1175 ه)، قيل له: إن هذا المشهد لم يثبت فيه دفن، فأراد تحقيق ذلك فكشف المشهد الشريف بحضور جمع من الناس، ونزل فيه (الأستاذ الجوهرى الشافعى والأستاذ الشيخ الملوى المالكى)، وكانا من كبار العلماء العاملين، وشاهدا ما بداخل البرزخ، ثم ظهرا بما شاهداه، وهو كرسى من الخشب الساج، عليه طست من ذهب، فوقه ستارة من الحرير الأخضر، تحتها كيس من الحرير الأخضر الرقيق، داخله الرأس الشريف، فانبنى على إخبارهم تحقيق هذا المشهد، وبنى المسجد والمشهد ، وأوقف عليه أوقافاً يصرف على المسجد من ريعها".
2 - لما قدم مصر السلطان عبد العزيز سنة 1279 ه، وزار المقام الحسينى الشريف أمر الخديوى إسماعيل بعمارته وتشييده على أتم وأحسن نظام، وتكررت محاولات الكشف عن الرأس الشريف مرة ثانية بحضور الخديوى ذاته الذى رأى بعينيه بما لا يدع مجال للشك ، وقد استغرقت هذه العملية بإشراف راتب باشا عشر سنوات إذ تمت سنة 1290 ه، وقد أسهب على مبارك فى خططه فى وصف المسجد، وهو البناء الحالى، وما بذله الخديوى إسماعيل الذى فتح بجوار المشهد (سنة 1295 ه / 1878 م) شارع السكة الجديدة من آخر الموسكى شرقاً حتى وصل إلى تلول البرقية المعروفة ب (الدراسة) الآن، و (الموسكى) نسبة إلى (موسك) أحد كبار الدولة الأيوبية الذى أنشأ هذا الشارع.
3 - جاء فى كتاب (مخلفات الرسول فى المسجد الحسينى) أن التوسعات الجديدة التى حدثت فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وهى أكبر توسعات معمارية شملت المسجد فى العصر الحديث شكلت لجنة من كبار رجال الأوقاف والآثار برئاسة وكيل الوزارة الشيخ / منصور رفاعى عبيد، للكشف على المشهد للمرة الثالثة ، وقد تأكدوا جميعاً بما لا يدع مجال للشك : بثبوت وجود الرأس الشريف فى مشهده الحالى .
4- وجاء فى خطط المقريزى (ج 2، ص 285) ان طلائع بن زربك بنى مسجداً للرأس خارج باب زويله من جهة الدرب الأحمر وهو المعروف بحامع الصالح طلائع الآن وكشف الحجب عن تلك الذخيرة النبوية فوجد دمه لم يجف ووجد له رائحة اطيب من المسك فغسله فى المسجد المذكور على الواح من الخشب، وجاء فى الببلاوى (بأعلى حائد مسجد الصالح طلائع الواح الآن يقال انها هى التى كان عليها الغسل). ويؤيد ذلك ما كشفت عنه الحفائر التى أجريت سنة 1945 م من وجود مبان بجوار الجهة الشرقية للمواجهة البحرية لجامع الصالح طلائع عليها كتابات أثرية منها (ادخلوها بسلام آمنين) وعليه فمن المرجح أن تكون هذه الكتابات من بقايا المشهد الذى بناة الصالح طلائع محاورا لمسجده لكى يدفن فيه رأس الحسين كما ذكر ابن دقمان وبنى الظاهر الفاطمى مسجد الفكهانى ليجعل الرأس فيه أيضاً إلا أن الخليفة لم يمكنهما من ذلك وقال لا يكون إلا داخل القصور الزاهرة وبنى المشهد الموجود الآن. وهو قصر الخلافة الفاطمية فى ذلك الوقت وكان ذلك فى خلافة الفائز الفاطمى سنة (549 ه، 1154 م) وحمل الرأس الشريف فى سرداب طويل حفر تحت الأرض من باب زويلة إلى القبة الشريفة (فى قصر الزمرد) ثم دفن عند قبة الديلم بباب دهليز الخدمة فكان كل من يدخل الخدمة يقبل الأرض امام القبر. وعليه بقى الرأس الشريف مدفوناً فى قصر الزمرد حتى انشئت له خصيصاً قبة هى المشهد الحالى وذلك سنة 549 ه.
ولقد ذهبت الدول وبقى الإمام الحسين () منارة خفاقة فى سماء مصر مع أخته عقيلة بنى هاشم السيدة زينب (رضى الله عنهما) تنير الدرب للسالكين إلى طريق الله ورسوله () ولم ولن تنطفئ أنوار هذه المنارات وأن تنتكس أبداً تلك الرايات الخفاقة أعلام آل بيت النبى () من على أرض مصر إن شاء الله تعالى .
وفى نهاية رحلتنا ما بين مؤيدى وناكرى وجود الرأس فى مصر فإننا نختتم رحلتنا مع الرأس الشريفة داخل مصر بأنها إن لم تكن دفنت بمصر فكيف تناقل الرحالة والمؤرخون مراحل انتقالها ودفنها وتجديدات مرقدها فى مصر وإلا فإن كل هؤولاء سكارى والمنكرون على أدلة واهية هم فقط المتنبهون والعالمون بما لا يعلمه البشر على مدار أكثر من 1300 سنة هجرية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.