أثارت تصريحات الرئيس الفلسطينى محمود عباس الأخيرة، فى الاجتماع المركزي، وهجومه على بعض الفصائل الفلسطينية السياسية وتعليق الاعتراف بإسرائيل واتفاق «أوسلو»، جدلًا كبيرًا لدى الجانب الفلسطينى بمختلف فصائله، والجانب الإسرائيلي، حيث علقت حركة «حماس» قائلة: «الخطاب لم يرتق إلى مستوى التحديات التى تواجه القضية الفلسطينية»، داعية المجلس المركزى إلى تعديل هذا المسار الخاطئ باتخاذ قرارات حاسمة لإنهاء أوسلو والتنسيق الأمني. كما استنكرت الحركة، فى بيان لها، هجوم عباس على القيادى فيها محمود الزهار، موضحة أنها لن ترد تقديرًا لحساسية المرحلة وحفاظًا على الوحدة الوطنية، مشددة على أن تاريخ الزهار ومواقفه المسئولة من أجل تحقيق المصالحة أكبر من أن تنال منها بعض العبارات المنفلتة. وعن تعليق الحركة على القرارات المتخذة فى الاجتماع، قال الناطق باسمها، فوزى برهوم: «الاختبار الحقيقى لما صدر عن المجلس المركزى من قرارات هو الالتزام بتنفيذها فعليًا على الأرض، ووضع الآليات اللازمة لذلك وفى مقدمتها ترتيب البيت الفلسطينى وفق اتفاق القاهرة 2011، والتصدى لمتطلبات المرحلة المهمة فى تاريخ القضية الفلسطينية والصراع مع الاحتلال». فيما علّقت حركة «المجاهدين» على القرارات المتخذة قائلة: «إذا لم توضع آليات فاعلة لتطبيق قرارات اجتماع المجلس المركزى فهى لا تساوى الحبر الذى كتبت به»، وقال مؤمن عزيز، عضو المكتب السياسى لحركة «المجاهدين» الفلسطينية فى غزة، إن المطلوب تنفيذ قرارات المجلس المركزى المتراكمة بوقف التنسيق الأمني، والانسحاب من ما تسمى ب«عملية التسوية»، وإلغاء اتفاقية أوسلو. وأضاف: «فى ظل هذه الهجمة الصهيوأمريكية الشرسة، التى يقودها الأرعن دونالد ترامب ضد قضيتنا وقدسنا، نحن لا نحتاج إلى مزيد من القرارات المهمشة التى لا ترى النور»، مطالبًا المجلس المركزى بضرورة العمل الجاد لرفع العقوبات الظالمة عن الشعب الفلسطينى المحاصر فى غزة، لتحقيق الوحدة الحقيقية على أساس الحفاظ على الثوابت الوطنية. وعلى جانب آخر، يواصل الرئيس الأمريكى ممارسة عدة ضغوط أبرزها عدم إرسال الحصة المخصصة لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، ما أدى إلى استغناء الوكالة عن خدمات أكثر من 100 موظف من العاملين لديها بالأردن، كما علقت التعيينات وربطتها ب «الحاجة» ضمن إجراءات ضبط النفقات والخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين. ويأتى ذلك نتيجة المأزق المالى الناجم عن امتناع الإدارة الأمريكية عن تحويل مساعداتها للوكالة حتى الآن، فيما يصعد العاملون بالوكالة تحركهم المضادّ للقرار الأمريكى بتقليص الخدمات، بدءًا باعتصام فى 21 يناير أمام السفارة الأمريكية فى عمَّان. ونقلت صحيفة «الغد» الأردنية عن مصادر مطلعة فى «الأونروا» قولها إن إدارة الوكالة قررت إنهاء خدمات عاملين لديها من اللاجئين الفلسطينيين، وهم عمال النظافة فى المدارس والعيادات، معتبرة ذلك تدبيرًا لتوفير التكلفة وضبط النفقات، إزاء العجز المالى الذى تكبدّته الوكالة منذ بداية العام، والمقدر بنحو 174 مليون دولار، جراء عدم حسم الموقف الأمريكي، والمرشح للزيادة فى حالة حجب الدعم أو تخفيض قيمته. وقال الناطق الرسمى لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين فى الشرق الأدنى، سامى مشعشع: «إن الوكالة، وعلى الرغم من أى إجراءات تقشفية فهى مستمرة وملتزمة بمواصلة خدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين، وهذا الالتزام لن يتأثر بأى نية للولايات المتحدةالأمريكية لحجب المساعدات عن الأونروا». وأوضح الناطق الرسمي، فى بيان له، أمس الثلاثاء، أن من إجمالى ميزانية الوكالة العادية وميزانية الطوارئ وميزانية المشاريع، والتى تبلغ قيمتها الإجمالية مليارًا و300 مليون دولار، تتبرع الولاياتالمتحدة بمبلغ 300 مليون من قيمة التبرعات الإجمالية للوكالة. وأكد أنه حتى إن لم تترجم التعهدات المالية الأمريكية هذا العام إلى واقع، فإن «الأونروا» لن تترك لاجئى فلسطين وحدهم، وستستمر على رأس عملها فى سوريا، ولبنان، والأردن، والضفة الغربية، وغزة، بالإضافة إلى خدماتها فى القدسالشرقية. وشدد مشعشع على أن «الأونروا» تقدم خدماتها لأكثر من خمسة ملايين و900 ألف لاجئ فلسطينى مسجل لديها، ومدارسها ال711، وعياداتها ال143، وكافة خدماتها الاجتماعية، والإغاثية، والإقراضية، وتعليمها المهنى والفنى فى معاهدها مستمر دون انقطاع، فى الوقت الذى تسعى فيه جاهدة لتوفير الحماية للاجئين الفلسطينيين، والحفاظ على كرامة وحقوق اللاجئين. ولفت إلى أن جهودًا كبيرة تبذل من قبل إدارة «الأونروا» لحشد الموارد المالية، وتوسيع رقعة الدول المتبرعة، وإيجاد آليات للتمويل من جهات جديدة، كالبنك الدولي، ومن صناديق الدعم العربية والعالمية، والتوجه إلى مصادر الدعم الآتية من أموال الزكاة، وغيرها، فى محاولة للإبقاء على الخدمات، والوفاء بالتزاماتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين. فيما طالب المندوب الإسرائيلى لدى الأممالمتحدة، دانى دانون، بإدانة تصريحات الرئيس الفلسطينى الأخيرة، التى دعا فيها إلى إعادة النظر فى الاتفاقات المبرمة مع تل أبيب ورفض الوساطة الأمريكية بين الطرفين، معتبرًا أن خطاب عباس يشبه التصريحات العنصرية الصادرة عن أسوأ أنظمة القرن الماضي. وأشار إلى أنه بين العديد من الادعاءات المفبركة الموجهة ضد دولة إسرائيل، كرر عباس كذبًا مفاده أن إعادة إقامة الشعب اليهودى دولة له فى وطنه التاريخى هو مشروع استعمارى لا علاقة له باليهودية، منددًا باتهام الرئيس الفلسطينى القوى الأوروبية بنقل اليهود من القارة العجوز إلى الشرق الأوسط، ضمن خطة تخدم مصالحها الاقتصادية. وأعرب دانون عن أسف إسرائيل من سوء استجابة عباس مرة أخرى للمبادرات الجدية الداعية للحوار، والمطروحة من قبل إسرائيل والولاياتالمتحدة وغيرهما من أعضاء المجتمع الدولي، مشددًا على أن تصريحات الكراهية من السلطة الفلسطينية، والتى تشكك فى حق دولة عضو فى الأممالمتحدة فى الوجود، غير مقبولة إطلاقًا، وينبغى إدانتها بشكل قاطع، على حد تعبيره.