أدت الحرب الأهلية في سوريا لفرار العديد من السوريين من ويلات الحرب لعدد من الدول المجاورة، فتعداد الأممالمتحدة يصل إلى حوالي 2.4 مليون لاجئ سوري، يوجد في لبنان وحده أكثر من 1.3 مليون سوري وفي الأردن أكثر من نصف مليون لاجئ، وكذلك في تركيا وفي مصر حوالي 300 ألف لاجئ، وفي العراق حوالي 206 آلاف شخص، وفي السويد 14 ألف سوري، و4500 لاجئ سوري في كل من إيطاليا وبلغاريا. لبنان ترتّب على وصول أكثر من مليون لاجئ سوري عواقب كبيرة على لبنان، ذلك البلد الصغير الذي يبلغ عدد سكانه ما يزيد قليلاً على 4 ملايين نسمة، وشكّل وجود اللاجئين في أفقر المناطق اللبنانية ضغطاً إضافياً على الاقتصادات المحلّية، وأدّى إلى حدوث توتّرات مع المجتمعات المضيفة، بالإضافة إلى هؤلاء اللاجئين السوريين، هناك عدد من اللبنانيين الذين عادوا، بسبب الصراع، ممن كانوا يعيشون ويعملون في سوريا وتقدر أعدادهم ما بين 20 و30 ألفاً. هؤلاء اللبنانيون عرضة للتأثّر بالخطر بطرق مختلفة أكثر من اللاجئين السوريين في البلاد لأنهم ليسوا مؤهّلين للحصول على المساعدات، وقد فرّ أيضاً حوالي 40 ألفاً من الفلسطينيين من سوريا إلى المخيمات اللبنانية التي تعجّ باللاجئين أصلا، والتي أنشأها برنامج وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابع للأمم المتحدة بعد الحرب العربية - الإسرائيلية في العام 1948. في الوقت نفسه، اشترى السوريون الأثرياء، أو استأجروا، منازل في لبنان، وهم ليسوا مدرجين في السجلات الرسمية للمفوضية. وهناك أيضاً أسر العمال المهاجرين السوريين الذين كانوا بالفعل في لبنان، والذين يقدّر عددهم بما يتراوح بين 300 و400 ألف شخص. ينتشر اللاجئون السوريون في جميع أنحاء لبنان، ومع ذلك، ثمّة ثلاث مناطق رئيسية وادي خالد وجنوب لبنان ووادي البقاع – تتجلّى فيها بصورة أفضل آثار الأزمة وضغوطها بين المجتمعات المضيفة واللاجئين، وهذا ناجم في الأساس عن الخصوصيات الجغرافية والدينية والديناميكيات القائمة بين المجتمعات المضيفة التي تتألف أساساً من لبنانيين سنة وشيعة وعلويين من جهة، واللاجئين السنّة بالدرجة الأولى من جهة أخرى. ويمثّل التضخّم مشكلة أخرى، فقد تضاعفت أسعار السلع ثلاث مرات في بعض الحالات، كما أن التوتّرات بين اللبنانيين والسوريين آخذة في التصاعد، وذلك نتيجة زيادة التنافس على الوظائف، وينظر إلى السوريين على أنهم عمالة رخيصة حيث يلجأ المزيد من الناس إلى السوريين الذين يتقاضون 6 دولارات في اليوم بدلاً من متوسط المعدل المحلي البالغ 20 دولارا، وكما يتضح من التطورات التي حدثت في هذه المناطق الثلاث، كان للتدفّق واسع النطاق للاجئين السوريين في لبنان أثر اقتصادي كبير على مختلف المناطق التي استقروا فيها. ويرتبط بعض هذا التأثير بزيادة الإنفاق العام الذي لا يمكن للحكومة أن تموّله بالكامل والضغط الإضافي على البنية التحتية المحلية. وفي حين لم تتمكن من تقدير التكاليف، أفادت البلديات اللبنانية بحدوث زيادة كبيرة في النفقات المباشرة وغير المباشرة. بالإضافة إلى ذلك، يؤدّي تدفق اللاجئين السوريين لتزايد المنافسة في قطاعات معينة، ويبدو هذا واضحاً بشكل خاص في قطاعي البناء والزراعة، وكذلك بين العمال غير المهرة وشبه المهرة، كما يوضح راغد عاصي، الذي يتولى إدارة أحد البرامج في برنامج الأممالمتحدة الإنمائي. وفي المناطق الأخرى ذات الكثافة العالية من اللاجئين، أدّى التفاوت بين اللاجئين والسكان المحليين إلى إثارة توتّرات اجتماعية، إذ ينظر في كثير من الأحيان إلى اللاجئين على أنهم يستفيدون من امتياز الوصول إلى الموارد غير المتاحة لمضيفيهم المحليين، والذين يحاولون بدورهم استغلالهم. يشكّل وجود اللاجئين السوريين وتزايد التوتّرات الثنائية بين لبنانوسوريا تهديداً أمنياً وسياسياً متزايداً للبنان، فقد أصبحت الحوادث الحدودية أكثر تواتراً وشيوعاً. كما يزيد وجود اللاجئين السوريين في لبنان من إمكانية حدوث فتنة وجرّ البلاد مباشرة إلى الصراع السوري. فهناك بعض البلديات اللبنانية المنخرطة مع المعارضة السورية. الأردن يشكل اللاجئون السوريون عشر سكان الأردن، فقد أشارت دراسة المانية إلى أن هناك ارتفاعا مستمرا في كلف المعيشة، في حين تظل الأجور نفسها بل، وتستمر في التناقص بسبب العمالة السورية الرخيصة. وقالت الدراسة إن هناك تضاعف الإيجارات في المدن الشمالية في كل من أربد والرمثا، ولم تتوقف فقط عند هذه المدن الشمالية بل إن الإيجارات في العاصمة عمّان آخذة في الارتفاع. كما أشارت الدراسة، التي أعدتها مؤسسة كاس الألمانية، إلى أن الأردن يعاني على مدى عقود من مشكلة البطالة ومن ارتفاع مستمر للأسعار إلى جانب التضخم وارتفاع الدين العام، والتي تقف حالياً عند 18 مليار يورو، وبالتالي فهي تمثل نسبة 75% من الناتج المحلي الإجمالي. ويعتبر الفقر مشكلة أخرى يعاني منها الأردن، فوفقاً للمصادر الرسمية فإن 13.5 % هي نسبة السكان التي تتأثر بمشكلة الفقر، وتبقى هذه المشاكل في تفاقم مستمر من خلال اللاجئين السوريين. وتعتبر آثار تدفق اللاجئين السوريين على السوق العمل الأردني جسيمة، ووفقاً لمصادر رسمية فإن معدلات البطالة في الأردن تبلغ إلى نسبة 14 % إذ أن نسبة الباحثين عن عمل الذين هم دون سن ال30 بلغت 70 %. ورغم أنّ اللاجئين السوريين لا يستطيعون العمل في البلاد بشكل قانوني، غير أن وزارة العمل الأردنية سجلت ما يقارب حوالي 160 ألف لاجئ سوري يعملون في البلاد حالياً بطريقة غير مشروعة. ويعود ذلك لأسباب متعددة منها قبولهم أقل من الحد الأدنى للأجور وكما أنهم على استعداد للعمل لفترات أطول. ويعاني التجار المحليون لا سيما في شمال البلاد في المنطقة المجاورة لمخيم الزعتري من اللاجئين السوريين، الذين يقومون بتهريب السلع بشكل متزايد من خارج المخيمات، وبيعها بأسعار منخفضة، ما اضطر رجال الأعمال المحليين لإغلاق محلاتهم، ويعود ذلك إلى السوريين الذين يقومون بفتح مشاريعهم الخاصة إذ يبيعون المساعدات الغذائية التي يتلقونها من وكالة المعونة الدولية بأسعار معقولة جداً. ومن جانب آخر، عاش العديد من السكان المحليين قبل الحرب الأهلية على مصدر عيشهم من التجارة مع سوريا، والتي حان الآن وقف هذه التجارة بشبه كامل. وتكتمل هذه المسألة من ناحية أصحاب المحال التجارية بتخوفهم المتزايد من السوريين الذين لا يتمكنون من تسديد ديونهم ما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية لجميع سكان المنطقة وكجزء من التعويض يؤدي هذا إلى ارتفاع أسعار العناصر الأساسية من ضرورات الحياة اليومية. تركيا تزداد معاناة اللاجئين السوريين داخل تركيا مع تزايد أعدادهم، ويعتبر إيجاد السكن المناسب إحدى الصعوبات التي يواجهها اللاجئون، لا سيما الجدد منهم. ورغم بناء الحكومة التركية أكثر من عشرين مخيما، فإن هناك لاجئين لم يجدوا سوى المساجد والحدائق العامة لقضاء ليلهم. فهناك مشكلتان رئيسيتان تواجه اللاجيئن السوريين بتركيا، تتمثل الأولي بشكل أساسي في عدم قدرة المخيمات علي استيعاب الإعداد الكافية من اللاجئين، فيما تدور الأخري حول وجود أعداد من اللاجئين الذين يعشيون بالمناطق الحضرية خارج المخيمات، وهؤلاء يعانون من مشاكل وأعباء تتعلق بتوفير الاحتياجات المالية اللازمة لمواصلة الحياة. فبالنسبة لداخل المخيمات فهناك عملية تسجيل للأفراد الذين يعيشون داخل المخيم، وتبدأ المعاناة في ظهور أعداد جديدة من اللاجئين تفوق طاقة المخيم، ومع الأعداد الضخمة تبدأ ظهور مشاكل الرعاية الصحية لاسيما للأطفال وتوفير الماء والصرف الصحي والكهرباء وإمكانية تفشي الأمراض الوبائية، ومشاكل الأمن الصناعي والبيئي وإمكانية نشوب حريق يلتهم الخيام جراء استخدام أجهزة التدفئة والطبخ داخل الخيام. إلى جانب أن طبيعة مناخ تركيا قارس شتاءً ويصاحبه سقوط الثلوج، وهو ما يؤدي لتدمير المخيمات ودخول المياه للخيام مع ذوبان الثلج، وتقص في الفرش والأغطية للوقاية من البرد المميت، وحينها تشبه الحياة شبه مستحيلة في مثل هذه الظروف. وبالنسبة لمن يعيشون داخل المدن: هناك معاناة أمنية، حيث منهم دخل تركيا بشكل غير رسمي أو غير مسجل، وهو ما يعني حرمانهم من أي دعم مادي تقدمه المفوضية الأممالمتحدة، وبالتالي تبدأ معاناتهم من حيث توفير السكن والعمل، إلى جانب ارتفاع معيشة الحياة في داخل تركيا وهو ما يمثل لهم عبئًا ماديًا. يمثل اللاجئون السوريون تحدياً كبيراً للحكومة التركية، حيث تعجز عن رفض الأعداد الضخمة التي تتدفق إلى أراضيها خشية من ردة فعل الموقف الدولي، إلى جانب أنها تتبنى دعم المعارضة والمطالبة بإسقاط حكومة الأسد. وهذا العبء يمثل تحدياً أيضاً لحكومة الحزب الحاكم العدالة والتنمية، التي تولي قضية اللاجئين السوريين اهتماماً خاصاً، وهو ما يجعلها موضع نقد من جانب المعارضة. فهناك إحصائيات تتحدث عن إنفاق الحكومة التركية ما يقرب من المليار دولار في دعم اللاجئين السوريين. إلى جانب أن وزير شئون الاتحاد الأوروبى فى تركيا، أجمن باجتش، كان قد صرح، أن مسألة اللاجئين السوريين تؤثر على علاقة تركيا بالاتحاد الأوروبي، حيث رفضت أنقرة التوقيع على اتفاق إعادة القبول فى الاتحاد الأوروبى، حيث يتطلب الاتفاق إعادة رعايا الدول الأخرى المهاجرين إلى أوروبا بطريقة غير شرعية إلى دولهم، والآلاف من السوريين دخلوا البلاد بشكل غير رسمي. بالإضافة إلى المشاكل الاقتصادية والأمنية، فهناك سوريون في الداخل التركي، وهو ما يعني احتلال فرص عمل الشباب الأتراك، وهو ما أثار مخاوف الشارع التركي، بعد انخفاض أجور العاملين، وارتفاع أعداد البطالة بين الشباب التركي، لاسيما أن السوريين احتلوا أماكن العمال الأتراك في المصانع والمحال التجارية والمطاعم. وأشارت إحصائيات إلى أن اللاجئين السوريين فى تركيا حاليًا، يمثلون أكثر من 28% من سكان المقاطعات الحدودية، الأمر الذى بدأ يثير مخاوف الشارع التركي وخاصة فى منطقة ديار بكر، التى استقبلت وحدها ما يزيد على 64% من اللاجئين السوريين من قلة فرص العمل وارتفاع نسبة البطالة الذى قد يؤثر سلبيًا على الاقتصاد التركي.