أسعار العملات اليوم الجمعة 19-4-2024 مقابل الجنيه.. مستقرة    وزير الإسكان: تنفيذ أكثر من 900 حملة ضمن الضبطية القضائية بالمدن الجديدة    إنطلاق موسم حصاد القمح في الشرقية وسط فرحة المزارعين    عضو ب«الشيوخ»: النظام الدولي فقد مصداقيته بعدم منح فلسطين عضوية الأمم المتحدة    مصر تعرب عن قلقها تجاه التصعيد الإيراني الإسرائيلي: نتواصل مع كل الأطراف    مراسلة «القاهرة الإخبارية» بالقدس: الضربة الإسرائيلية لإيران حملت رسائل سياسية    رقم سلبي يطارد كلوب بعد خروج ليفربول من الدوري الأوروبي    باير ليفركوزن ينفرد برقم أوروبي تاريخي    ارتفاع درجات الحرارة الأسبوع المقبل.. التقلبات الجوية مستمرة    أمين المجلس الأعلى للجامعات التكنولوجية: تعميم الساعات المعتمدة بجميع البرامج التعليمية    فتاة تتخلص من حياتها لمرورها بأزمة نفسية في أوسيم    هشام ماجد ينافس على المركز الثاني بفيلم فاصل من اللحظات اللذيذة    جدول مباريات اليوم.. ظهور مرموش.. افتتاح دوري "BAL" السلة.. ولقاء في الدوري المصري    «التوعوية بأهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي لذوي الهمم».. أبرز توصيات مؤتمر "تربية قناة السويس"    «النواب» يبدأ أولى جلساته العامة بالعاصمة الإدارية الأحد بمناقشة «التأمين الموحد»    الدولة ستفي بوعدها.. متحدث الحكومة يكشف موعد الانتهاء من تخفيف أحمال الكهرباء    وزير المالية يعرض بيان الموازنة العامة الجديدة لعام 2024 /2025 أمام «النواب» الإثنين المقبل    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 19 أبريل 2024.. «الدلو» يشعر بصحة جيدة وخسائر مادية تنتظر «السرطان»    9 مليارات دولار صادرات مستهدفة لصناعة التعهيد فى مصر حتى عام 2026    بسبب ال«VAR»| الأهلي يخاطب «كاف» قبل مواجهة مازيمبي    ارتفاع أسعار الأسماك اليوم الجمعة في كفر الشيخ.. البلطي ب 95 جنيهًا    طائرات الاحتلال تشن غارتين على شمال قطاع غزة    أمريكا تعرب مجددا عن قلقها إزاء هجوم إسرائيلي محتمل على رفح    مطارات دبى تطالب المسافرين بعدم الحضور إلا حال تأكيد رحلاتهم    الدولار على موعد مع التراجع    «العشرية الإصلاحية» وثوابت الدولة المصرية    موضوع خطبة الجمعة اليوم بمساجد الأوقاف.. تعرف عليه    أخبار الأهلي : موقف مفاجئ من كولر مع موديست قبل مباراة الأهلي ومازيمبي    أحمد شوبير يوجه رسالة غامضة عبر فيسبوك.. ما هي    طلب عاجل من ريال مدريد لرابطة الليجا    أحمد كريمة: مفيش حاجة اسمها دار إسلام وكفر.. البشرية جمعاء تأمن بأمن الله    مخرج «العتاولة»: الجزء الثاني من المسلسل سيكون أقوى بكتير    شريحة منع الحمل: الوسيلة الفعالة للتنظيم الأسري وصحة المرأة    فاروق جويدة يحذر من «فوضى الفتاوى» وينتقد توزيع الجنة والنار: ليست اختصاص البشر    سوزان نجم الدين تتصدر تريند إكس بعد ظهورها مع «مساء dmc»    هدي الإتربي: أحمد السقا وشه حلو على كل اللى بيشتغل معاه    مسؤول أمريكي: إسرائيل شنت ضربات جوية داخل إيران | فيديو    منهم شم النسيم وعيد العمال.. 13 يوم إجازة مدفوعة الأجر في مايو 2024 للموظفين (تفاصيل)    انهيار منزل من طابقين بالطوب اللبن بقنا    تعديل ترتيب الأب.. محامية بالنقض تكشف مقترحات تعديلات قانون الرؤية الجديد    محمود عاشور يفتح النار على رئيس لجنة الحكام.. ويكشف كواليس إيقافه    والد شاب يعاني من ضمور عضلات يناشد وزير الصحة علاج نجله (فيديو)    الجامعة العربية توصي مجلس الأمن بالاعتراف بمجلس الأمن وضمها لعضوية المنظمة الدولية    الإفتاء تحسم الجدل بشأن الاحتفال ب شم النسيم    وزير الخارجية الأسبق يكشف عن نقاط مهمة لحل القضية الفلسطينية    أحمد الطاهري يروي كواليس لقاءه مع عبد الله كمال في مؤسسة روز اليوسف    سكرتير المنيا يشارك في مراسم تجليس الأنبا توماس أسقفا لدير البهنسا ببني مزار    بسبب معاكسة شقيقته.. المشدد 10 سنوات لمتهم شرع في قتل آخر بالمرج    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    دعاء للمريض في ساعة استجابة يوم الجمعة.. من أفضل الأوقات    جريمة ثاني أيام العيد.. حكاية مقتل بائع كبدة بسبب 10 جنيهات في السلام    إصابة 4 أشخاص فى انقلاب سيارة على الطريق الإقليمى بالمنوفية    طريقة عمل الدجاج سويت اند ساور    نبيل فهمي يكشف كيف تتعامل مصر مع دول الجوار    شعبة الخضر والفاكهة: إتاحة المنتجات بالأسواق ساهمت في تخفيض الأسعار    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    أخبار 24 ساعة.. مساعد وزير التموين: الفترة القادمة ستشهد استقرارا فى الأسعار    فحص 1332 مواطنا في قافلة طبية بقرية أبو سعادة الكبرى بدمياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية شعب فى المنفى «الشروق» ترصد معاناة السوريين فى مخيمات اللاجئين
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 03 - 2014

«ما حدا يقدر يحلم إلا في بلده»، هكذا أجابت إيناس ذات الخمسة عشر عامًا، التي جاءت من موطنها في درعا لبيروت على السؤال عما تتمناه؛ لتلخص بهذه الكلمات، معاناة اللاجئين السوريين الذين توزع أغلبهم على دول الجوار، لبنان وتركيا والعراق.
«الشروق» قامت بجولة بين المخيمات ومراكز الإيواء التي تضم اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان، ورصدت معاناتهم، كذلك الضغوط التي تعاني منها الدول المضيفة في محاولة لتوصيل أصوات هؤلاء الذين طغت انفجار البارود على نداءاتهم.
الزعترى.. مقبرة ضمير الإنسانية
•الجهود الدولية تنجح فى توفير الخبز.. وتعجز عن توفير «الكرامة»
•دينا القصبى المستشار فى «برنامج التغذية»: نصيب الفرد 240 جرامًا من الخبز.. ونوزع البسكويت فى المدارس لتشجيع الأهالى على إرسال أطفالهم
•360 مدرسة لتعليم 12 ألف طفل.. و«كارفانات» للأسر بعد عامين من المعاناة فى الخيام
فى مخيم الزعترى، ثانى أكبر مخيم للاجئين فى العالم، يمكن أن تشعر وترى وتشم الأزمة السورية بكل أبعادها، فهناك بدلا من أن يذهب الأطفال للمدارس، يعملون لإعالة أسرهم التى فقدت معيلها فى الحرب بين شهيد ومحارب. الشعور بعدم الأمان فى خيمة يتم استبدالها الآن بكرافانات قد تمنحهم بعض الخصوصية يتزامن مع الشعور بالغضب مع سماع دوى القنابل التى تضرب بلادهم عبر الحدود، بينما يرون أن المجتمع الدولى لا يقوم بما هو كافٍ لوضع حد لأزمتهم.
لدى دخول المخيم تلحظ شعارات الدول والمنظمات المختلفة التى تقدم المنح والمساعدات للاجئين، فى محاولة لتخفيف معاناة نحو 85 ألف لاجئ سورى.
فى حوالى الخامسة صباحا، تصل الدفعة اليومية من الخبز إلى المخيم، وفى الخامسة والنصف يبدأ يوم اللاجئين بالوقوف فى طوابير سريعة تفصل الرجال عن النساء للحصول على نصيبهم من الخبز باستخدام الكارت الذى يوضح عدد أفراد الأسرة المستحقين للمساعدات، ويحدد الحصة التى يحصلون عليها من برنامج الأغذية العالمى التابع للأمم المتحدة.
تقول مستشارة التقارير والإعلام فى برنامج الأغذية بالمخيم، دينا القصبى، إنه يتم يوميا توزيع ما يعادل 22 طنا من القمح تأتى من المخابز الأردنية، حيث يحصل كل فرد على 240 جراما، بالإضافة إلى توزيع حصص أخرى من سلة الغذاء الأساسية مرتين شهريا، تسد الاحتياج اليومية.
«فى البداية كانت الحصة تحوى الأرز والبرغل والعدس والسكر والزيت والملح، لكن وجدنا أنهم بحاجة ليشعروا بالحرية فى اختيار ما يريدون وينوعوا ما يأكلون، لذلك الآن نوزع نصف الحصة والباقى عن طريق كوبونات ليشتروا ما يريدون من لحوم وغيرها من منافذ البرنامج أيضا»، بحسب القصبى، التى تؤكد أن البرنامج يحصل على هذه المنتجات من تجار أردنيين لتشجيع الاقتصاد، علما بأنهم يشترونه بنفس الأسعار التى تباع فى الخارج حتى لا تؤثر على التضخم فى البلاد.
وعلى مقربة من أماكن التوزيع تواجد عدد من المقيمين فى المخيم يعملون مع المنظمات الشريكة مع مفوضية اللاجئين فى إدارة المخيم، حيث أكدت القصبى أن المنظمات كلها تسمح بعمل اللاجئين طالما كانوا فى السن القانونية.
لكن بعيدا عن المنظمات هذا لم يمنع من أن يكون هناك أطفال يعملون داخل المخيم لإعالة أسرهم، مثلما يفعل سيف، الذى يبلغ نحو 12 عاما، حيث يقوم بنقل صناديق السلع للاجئين الآخرين مقابل دينار أو دينار ونصف الدينار، حسب المسافة التى يقطعها مستخدما عربة حديدية صغيرة يدفعها أمامه.
«نعمل على عربيات المونة من الصباح، وأحيانا نلعب مع بعض»، هكذا يصف سيف كيف يقضى يومه.
وبحسب بينات مفوضية اللاجئين فهناك أكثر من 270 معلما أردنيا فى مدارس المخيم الابتدائية والثانوية، برفقة 90 مساعدا سوريا، ويقدر عدد الطلبة المترددين على هذه المدارس بحوالى 12 ألف طفل، فيما تم تطوير 33 مساحة صديقة للأطفال، ويولد عشرة أطفال فى المخيم كل يوم.
تقول القصبى إن برنامج الغذاء العالمى يقوم بتوزيع بسكويت بتمر فى المدارس غير الرسمية التى أقيمت فى المخيم، لتشجيع الأهالى على إرسال أبنائهم لها، لكن يبدو أن هذا غير كاف فى ظل الاحتياجات الأكبر التى يتطلعون لها.
إلى جانب الغذاء، تأتى مشكلة أماكن الإقامة، فبعد نحو عامين من الإقامة فى خيام، لا توفر أى نوع من الخصوصية أو الأمان، بدأ فى نوفمبر الماضى استبدالها بمنازل متنقلة (كرافانات) يمكنهم إغلاق أبوابها بالمفاتيح.
عبدالكريم بكاوى أب لعشرة أطفال أكبرهم عمره 16 عاما ومعه زوجته وحماته، كان يقف على مقربة من أماكن توزيع المنازل المتنقلة فى انتظار معرفة متى يحصل على واحد خاص به، للتخلص من جحيم الخيمة.
يقول بكاوى، الذى حضر للمخيم منذ مايو 2013، «الخيمة لا توفر أبسط مقومات الحياة، ليلا تكون برد، وبالنهار حر وغبرة، كما أنها مفتوحة للحشرات والزواحف، وفى أيام الأمطار نكون سابحين فى المياه مع أشيائنا».
مساحة المنزل المتنقل تبلغ 15 مترا مربعا، ويسلم للأسر المكونة من 5 أفراد فأكثر، بدون حد أقصى، بحسب أحد العاملين مع مفوضية اللاجئين فى المخيم، الذى يشير إلى أن تكلفة المنزل المتحرك تتراوح بين ألفين إلى ثلاثة آلاف دولار، يحصل عليها اللاجئون خالية، ويضعون بها ما يريدون، لكنها لا تحتوى على أساسيات مثل دورات المياه، التى يستخدمها أهالى المخيم بشكل مشترك، فيما يقوم البعض بالاحتفاظ بالخيم القديمة لتوسيع المنزل.
محاولات مختلفة تقوم بها مفوضية اللاجئين لجعل هذه الحياة مقبولة، إلا أن حالة من الغضب تحت السطح، التى تظهر من وقت لآخر، جعلتهم يحاولون الحديث أكثر مع أهالى المخيم لفهم ما يدور فى ذهنهم.
يقول كلين شميت، ممثل مفوضية اللاجئين فى المخيم: «ذهبنا للناس بعد معركة ضخمة بين اللاجئين والشرطة، قلنا لهم لا يمكن أن تكونوا غير سعداء من المياه والطعام، لأنكم أفضل من كثيرين فى العالم لديهم نفس ظروفكم»، مشيرا إلى أنهم وجدوا أن تحول الحرب إلى العنف الذى وصلت إليه، والعنف الجنسى الذى شاهدوه من قبل، وشعورهم بالأرض تهتز من تحتهم فى بعض الليالى جراء القذف عبر الحدود فى سوريا، كل هذا جعلهم يشعرون بشىء من الغضب الدفين.
وتابع: «سبب آخر للغضب هو المجتمع الدولى الذى يرون أنه لم يتدخل لإنهاء الأزمة، فكثيرون يرون أن بشار لابد أن يعزل بالقوة، ولا يتقبلون فكرة المفاوضات، ويتساءلون، لقد ضربتهم القذافى وصدام، لماذا لا تفعلون نفس الشىء مع بشار؟".
يشير شميت إلى أنهم أقاموا نوع من العلاقات الإنسانية مع أهالى المخيم، موضحا: «بدأنا نتعامل مع الناس كأفراد ونفكر فى قصصهم وخلفياتهم وما يمرون به، ووجدنا أن هدفهم هو الحرية ومن أجلها كانوا يرفضون الرضوخ للقواعد الموضوعة».
«ما ساعدنا هو أنهم أدركوا أنهم مضطرون للبقاء، فلو كانوا يعرفون أن فترة بقائهم قصيرة ما تعاونوا معنا، بل وعلمونا كيف ننظم الأمور»، مشيرا إلى أنه بمساعدة اللاجئين تم إقصاء من يريدون السيطرة على المكان، وإساءة استخدام المساعدات التى تصلهم والحصول على أكثر من نصيبهم.
«أعرف أن المخيمات يمكن أن تحرم الناس من أخر ما تبقى لهم وهى الكرامة الإنسانية، لكنها فى نفس الوقت تجعل الأمور أسهل من حيث الأمن والنواحى اللوجيستية، لذا نحاول أن تطويره ليكون مناخا مناسبا لهؤلاء الذين من المقرر أن يعودوا لسوريا بعد انتهاء الحرب لإعادة بنائها»، بحسب شميت.
«شانزليزيه الزعترى» انسَ التشرد وابدأ الحياة
•مطاعم ومتاجر للملابس وتجهيز العرائس ومقاهٍ للإنترنت.. أهل الشام يراهنون على الغد
الشارع التجاري القديم في قلب المخيم
حياة تجارية كاملة تجدها لدى دخولك لمخيم الزعترى شمال الأردن، فيما يطلق عليه «شارع الشانزليزيه»، الذى يثبت قدرة سكان هذا المخيم على تحدى وضعهم كلاجئين لا يملكون من الحياة سوى الخيمة التى تأويهم والمساعدات العينية التى تقدمها لهم مفوضية اللاجئين والمنظمات المتعاونة معها.
على طول نحو كيلومتر تتجاور محال تجارية بدائية، تضم جميع الاحتياجات التى يتطلبها أى مجتمع، بدءا من المنتجات الغذائية بأشكالها، والمطاعم، إلى الملابس والأحذية، والصرافة، والمصوغات، ومحال تجهيز العرائس، والأدوات الكهربائية، بل ومقاهى الإنترنت.
رشدان، واحد من سكان المخيم، الذى يضم نحو 85 ألف لاجئ سورى حاليا، كان طالبا فى كلية العلوم المصرفية فى سوريا، قبل أن يأتى للأردن عقب تطور الأزمة فى موطنه ليجد فى هذا الشارع سبيلا للعمل، حيث قام بافتتاح متجر لبيع الأدوات الكهربائية.
كانت لرشدان محاولة للعمل خارج المخيم لكنه سرعان ما عاد إليه، لعدم تحمله ظروف العمل خارجه، «فأصحاب الأعمال يعاملوننا كالعبيد»، على حد قوله، ليختار الأدوات الكهربائية لعلمه باحتياجات المخيم للكهرباء.
أول من أطلق التسمية «الشانزليزيه» على الشارع هم العاملون ضمن طاقم مفوضية اللاجئين بالمخيم، حسبما قال مساعد الإعلام والاتصال بالمخيم، نصر الدين طوايبية، مشيرا إلى أنه لا يعرف كيفية دخول هذه المنتجات إلى المخيم، حيث إن المسموح بدخوله فقط هو المساعدات التى يتم توزيعها على اللاجئين.
أحد اللاجئين، الذى طلب عدم ذكر اسمه، قال ل«الشروق»: «ما فى شىء قانونى، ناس من الخارج يقومون بإدخال سيارات بتصريح يختلف سعره حسب التاجر التابعة له».
ويقدر العاملون فى مفوضية اللاجئين فى مخيم «الزعترى» حجم عائدات المحال فى شارع الشانزليزيه بحوالى 10 آلاف دولار شهريا، مشيرين إلى أن أوائل الأفراد الذين وصلوا للمخيم هم من يسيطرون على هذا المكان ويديرونه.
وعن الأموال التى يتم بها شراء المنتجات المعروضة فى هذا الشارع، أوضح أن المخيم يصله شهريا نحو مليون ريال أردنى من أقارب اللاجئين العاملين فى دول الخليج.
مصدر آخر للأموال التى يتم بها التعامل فى هذا الشارع، وهو كراتين المساعدات العينية التى يحصل عليها اللاجئون من برنامج الغذاء العالمى داخل المخيم بشكل نصف شهرى، والتى تضم الأرز والبرغل والعدس والسكر والزيت والملح، التى قد تراها موجودة فى هذه السوق.
يقول اللاجئ: «هذه الأشياء غالية على الأردنيين فى الخارج، وسكان المخيم أصبح لديهم اكتفاء منها فيبيعونها لتجار فى الخارج».
شهرة أهل سوريا بالتميز فى التجارة، يثبتها هذا الشارع الذى لا تنقطع عنه الحركة على مدار اليوم، والذى مدى تمسك هؤلاء اللاجئين بحياة أفضل من خلال الإمكانات المتاحة لهم، ليستفيدوا ويفيدوا باقى البلد.
خالد.. عبدالله.. تعددت الأسماء والهم فى لبنان واحد
•شقة 35 مترًا.. الحصير «فرش وغطا».. فاتورة الكهرباء 100 دولار.. حمام بدائى
•جويل عيد: الأولوية فى المساعدات للأسر المستضعفة .. ليزا أبوخالد: 250 مخيمًا فى منطقة البقاع يشغلها 270 ألف لاجئ.. و30 ألفًا فى الانتظار
فى بناية، قد تظن للوهلة الأولى أنها مهجورة، يقيم عبدالله مع والديه وشقيقاته الثلاث وشقيقه، فى شقة لا تتجاوز مساحتها 35 مترا مربعا، أصبحت هى المأوى الوحيد للعائلة بعد أن فروا من منزلهم فى قرية الغوطة الشرقية فى سوريا.
عائلة عبدالله تقيم فى هذه البناية فى منطقة قضاء الشوف بجبل لبنان مع 18 عائلة أخرى فى شقق مماثلة، بعد أن قامت مفوضية اللاجئين مع المنظمات الشريكة بتأجير هذه البناية، غير المكتملة، من صاحبها لتكون مركزا للإيواء بديلا عن المخيمات الرسمية التى ترفض الدولة اللبنانية إقامتها على أراضيها للاجئين السوريين المتدفقين عليها.
فرشت أسرة عبدالله أرض الشقة بالحصير والوسائد، وحصلوا على ثلاجة مستعملة (تتعطل من وقت لآخر) وبوتاجاز صغير، بالإضافة إلى تلفاز صغير للتعرف على آخر التطورات فى بلادهم.
عبدالله كان طالبا فى السنة الرابعة بكلية الحقوق فى بلاده، قبل أن يضطر منذ عام تقريبا إلى الهرب من ويلات الحرب إلى لبنان، حيث وجد فرصة عمل لسد احتياجات أسرته قبل أن يفقدها منذ 4 أشهر، لتتحول المسئولية كلها على شقيقه الأكبر عمر، خاصة بعد توقف المساعدات المادية التى كانوا يحصلون عليها من مفوضية اللاجئين.
يقول عبدالله إن قيمة فواتير المياه والكهرباء فقط «تبلغ حوالى 100 دولار شهريا»، فضلا على ما يدفعونه لصاحب المقهى القريب منهم للحصول على وصلة حين ينقطع التيار.
تقول جويل عيد، مساعد الإعلام فى مكتب المفوضية فى لبنان: «فى بداية الأزمة كان أغلب اللاجئين يقيمون مع أسر لبنانية، لكن حاليا يستأجر نحو 70% منهم غرف وشقق، بينما يتواجد الباقون فى مراكز الإيواء الجماعية التى تحددها المفوضية وشركاؤها وتعيد تأهيلها ليقيموا بها».
«73% فقط يحصلون على المساعدات»، بحسب جويل عيد، مشيرا إلى أن الأولوية تكون للأسر المستضعفة، كالنساء والأطفال والمرضى الذين لا يستطيعون أن يعيلوا أنفسهم.
ورغم ما يعانيه عبدالله من ضيق الحال مقارنة بما كان عليه فى وطنه، فإنه يظل أفضل من نظرائه المقيمين فى المخيمات العشوائية، التى بلغ عددها حوالى 300 مخيم فى لبنان التى ترفض إقامة مخيمات رسمية على أرضها.
فى قرية غزة بسهل البقاع تتراص الخيام البلاستيكية بجوار بعضها البعض حيث يعيش آلاف اللاجئين السوريين، الذى جاء أغلبهم من مدن حمص وحلب وحماة، فى ظروف معيشية صعبة.
لدى دخول المخيم تضرب رائحة سيئة الأنوف، لتعكس البيئة غير الصحية التى يعيشها سكانه، فكثيرا ما تتأخر عملية نزح بيارات الصرف الصحى، مما يضطر بعضهم إلى القيام بذلك بأنفسهم بالتعاون فيما بينهم، ويشكون من عدم وصول أغلب المساعدات لهم.
خالد (30 عاما) يقيم مع زوجته وابنتيه فى أحد هذه المخيمات منذ عامين فى خيمة بلاستيكية مثل آلاف آخرين، بها مدفئة، وحمام بدائى، يشكو من توقف المساعدات المادية، وتسليم حصص الغذاء المازوت اللازمة لتشغيل المدافئ.
يقول خالد: «أول ما سجلنا كنا نأخذها لكن بعض فترة رفضوا ثلاثة أرباع الناس»، مشيرا إلى أنه بعد توقف المساعدات كانت هناك محاولة لاستئناف الطلب، وبالفعل قاموا بها وجاء عاملين بالمنظمات الشريكة منذ ثلاثة أشهر تقريبا للكشف على حالتهم، وقالوا إن المساعدات ستعود مرة أخرى بعد شهر ولم يحدث.
وردا على هذا تقول مساعدة قسم العلاقات الخارجية فى مفوضية اللاجئين فى لبنان، ليزا أبوخالد، «فى منطقة البقاع هناك 250 مخيما يقيم بها 270 ألف لاجئ مسجل فى المفوضية بالإضافة إلى 30 ألفا فى انتظار التسجيل. وبالفعل ستجدون كثيرين يتحدثون عن توقف المساعدات، لكن حتى هؤلاء مازالوا يحصلون على مساعدات الشتاء التى تشمل المدافئ والمازوت والبطانيات الحرارية»، مشيرة إلى أن هناك حوالى 50 جمعية، ليس كلهم شركاء مع المفوضية يقسمون المخيمات فيما بينهم لتقديم المساعدات.
ويقوم المقيمون فى هذه المخيمات بتأجير الأرض الواقع عليها المخيم من أصحابها مقابل 200 إلى 300 دولار سنويا.
يشار إلى أن أهالى البقاع كانوا معتادين على قدوم السوريين إلى منطقتهم فى موسم الزراعة للمساعدة، ثم يعودوا لبلادهم بعد ذلك، إلا أنهم أصبحوا الآن سكان دائمين.
وعلى المستوى الصحى، وبسبب عدم وجود مستشفيات أو مراكز صحية خاصة بمفوضية اللاجئين، يسمح للاجئين بالذهاب للمراكز التابعة للدولة أو المنظمات الأهلية لتلقى العلاجات الأساسية بمقابل مادى صغير مثلهم فى ذلك مثل اللبنانيين.
تقول جويل عيد: «ما نفعله هو تجهيز هذه المراكز أو ندعم الوزارة بأموال من خلال شركائنا لمساعدتها على تحمل العبء الزائد»، موضحة أن اللقاحات مثلا تقدمها منظمة الطفولة والأمومة (يونيسيف)، إلا أن علاج الأمراض المزمنة مثل السرطان لا تستطيع المفوضية أن تتحمله.
«القديسة تامارا».. مداواة الألم بالابتسامة
•كنا نستقبل اللاجئين فى بيت الضيافة ونجلس بجوارهم نبكى.. والشتاء هو عدونا الأول
القديسة تامارا
بوجهها الهادئ الذى لا تغيب عنه الابتسامة، تحاول تامارا بكز يوميا أن تخفف عن اللاجئين السوريين معانتهم بعد أن أصبحوا بلا مأوى ولا يعرفون مصيرهم، فأصبحت أبواب مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لشئون اللاجئين، هى مصدر الأمل الوحيد فى أن يتمكنوا من العيش يوما آخر بكرامة بعيدا عن وطنهم.
فى الأردن التى أصبحت ثانى أكبر بلد مستقبل للاجئين السوريين فى العالم، بدأت تامارا عملها فى مفوضية اللاجئين عام 2010، وكان وقتها أكثر من تعمل معهم هم اللاجئين العراقيين النازحين للأردن عقب الغزو الأمريكى، وما لبثت الأوضاع أن هدأت حتى اندلعت الأزمة السورية، وبدأ تدفق اللاجئين السوريين.
يبدأ يوم تامارا، التى تعمل ضمن فريق عمل المفوضية فى الأردن، بتحديد مهمة اليوم؛ ففى بعض الأيام تتركز مهمتها فى التواجد فى مكتب المساعدة لتقديم المشورة للاجئين الموجودين خارج العاصمة عمان أو تحديد مواعيد التسجيل أو التجديد لهم، أو الإجابة عن أسئلتهم الخاصة بالرعاية الصحية والتعليم والمساعدات المادية، كما يمكنها الحصول منهم على معلومات عن آخرين لا يمكنهم الوصول لها.
فى أيام أخرى تقوم تامارا، مع آخرين فى المكتب، بالذهاب لغير القادرين ماديا أو كبار السن والمعاقين، الذين لا يستطيعون الذهاب للمكتب بأنفسهم للتسجيل للحصول على المساعدات التى تقدم للاجئين المسجلين، أو تقوم بالإشراف على توزيع هذه المساعدات التى تأتى من المفوضية أو من جمعيات أهلية أخرى تتعاون معهم.
كما تقوم تامارا فى أيام أخرى بالذهاب فى حملات تسجيل متنقلة فى المحافظات المختلفة، التى يعرفون أن بها مجموعات كبيرة من اللاجئين خاصة فى محافظات معان والعقبة واربد، فضلا على تفقد المخيمات العشوائية التى تظهر بعيدا عن المخيم الرسمى فى الزعترى للتأكد من وضعهم القانونى والمادى والصحى.
وتقدر أعداد اللاجئين فى محافظة أربد بنحو 126 ألف لاجئ سورى مسجل، فيما يبلغ عددهم فى محافظة المفرق حوالى 62 ألف لاجئ.
تقول تامارا: «أحيانا من كثرة الحالات التى نستقبلها فى مكتب المساعدة نشعر بأن الأعداد أكبر بكثير»، مشيرة إلى أنهم شعروا بمأساة حقيقية فى فترة الشتاء.
تامارا واحدة من ضمن 600 موظف فى مكتب مفوضية اللاجئين فى الأردن، منهم 200 عامل يعملون فى مخيم الزعترى، أكبر المخيمات فى الأردن.
«فى بداية الأزمة كنا نستقبل اللاجئين فى بيت الضيافة ونجلس بجوارهم نبكى، ومع الوقت وجدت أنه لكى نسيطر على توازنا النفسى ونساعدهم لابد أن نضع مشاعرنا جانبا حتى نكون عادلين معهم»، هكذا تشرح تامارا طريقة تعاملها مع اللاجئين السوريين، الذى تشعر تجاههم بالمسئولية، كما تروى.
محاولات السيطرة على المشاعر هذه كثيرا ما تفشل مع استمرار الأزمة السورية، وتوافد اللاجئين، حيث تؤكد تامارا: «حتى اليوم كثيرا ما نتأثر وكثيرا ما نعود لنفكر كيف يمكن أن أفعل شيء أكثر لمساعدة عائلة ما بعينها».
تروى تامارا عن واقعة حدثت معها أثناء العاصفة أليكسا التى ضربت منطقة الشرق الأوسط فى ديسمبر الماضى، وتسببت فى تراكم الثلوج وانقطاع التيار الكهربائى، وبالتالى انقطاع الاتصال مع مراكز تسجيل اللاجئين فى ظل عدم قدرة أحد على التحرك.
تقول تامارا: «جاءنى اتصال من أحد اللاجئين رابع يوم الثلج يترجانى أن أوفر له دفاية لأن أولاده وصل بهم الحال إلى أنهم يتبولون لا إراديا بسبب البرد الشديد، وحاولت بشكل شخصى أن أحل له مشكلته».
وتابعت: «كثيرا أشعر أنى مسئولة عن أرواح ناس وهم يلجأون لنا، لكن لا أستطيع مساعدتهم كلهم»، مشيرة إلى أن أمنيتها الكبرى هى أن تتمكن من توفير أكبر قدر من الإمكانات النادية لتغطية احتياجات جميع اللاجئين داخل الأردن من أجل القضاء على جميع مشاكلهم.
فى الأردن.. «نجاة» بلا عمل
•عمار أفلت من الموت وهرب بأولاده تاركًا والديه فى حمص.. ولم يتمكن من الإفلات من الفقر
عمار وأسرته
عمار هلال أب سورى لثلاثة أطفال أكبرهم سمية (4 سنوات) هرب من منزله فى مدينة حمص السورية، بعد أن شاهد قتل جيرانه أمام عينه «من قبل قناصة النظام»، ليصل إلى أحد مخيمات الأردن، قبل أن يخرج منه بكفالة لينضم إلى باقى عائلته التى سبقته إلى هناك.
يقول هلال: «أصبح من غير الممكن المرور من الشارع الذى كنا نقيم به وإلا سيتم قنصنا. طلعنا أنا وأسرتى ومعى أخى ومعه ولده وجئنا بسيارة على الأردن، حيث كانت هناك منطقة نازحين بالتعاون بين الثوار وحرس الحدود، ودخلنا ليلا»، مشيرا إلى أنه ترك خلفه والداه وشقيقه الآخر فى سوريا قبل أن يلحقا به بعد فترة قصيرة، بينما بقى شقيقه هناك. ويضيف إنه لدى دخول للأراضى الأردنية تم التحقيق معه قبل السماح له بالانضمام لأحد المخيمات، التى بقى بها لنحو شهر قبل أن يأتى أقاربه الذين سبقوه هناك بمواطن أردنى ليكفله، ويتمكن من الخروج من لمخيم.
يتذكر هلال يوم وصوله للأردن هربا من سوريا 3 أبريل 2012، كما يتذكر أنه كان يتمتع هناك بالاستقرار المادى الذى كان يحققه له محل مشويات يمتلكه فى بلدته، قبل تدهور الأوضاع هناك، ليصبح الآن عاطلا ينتظر المساعدات التى تصله سواء من مفوضية اللاجئين أو من المنظمات غير الحكومية. «أول ما وصلت عملت نحو 4 أشهر وبعدها صار هناك تضييق على السوريين وأصبح النظام مثل السعودية، ولابد من وجود تصريح عمل»، بحسب هلال، مشيرا إلى أنه يحاول أن يعمل بشكل جزئى يومى الخميس والجمعة فى المطاعم التى تستعين بالسوريين لمساعدتهم مقابل أجر قليل، مما يساعده فى تحمل تكاليف الحياة.
يقيم هلال مع أسرته الصغيرة فى شقة تغطى أرضها سجادة بسيطة وعدد من الوسادات على الأرض، بها حمام بدائى، والأدوات المنزلية الأساسية. إيجار الشقة يبلغ 200 دينار، فضلا على تكاليف الكهرباء والمياه، بينما يحصل هلال على 100 دينار فقط كإعانة شهرية من مفوضية اللاجئين. «ممنوع العمل فى الأردن بدون تصريح، خاصة أنى دخلت بدون جواز سفر ومثلى لا يمكنهم الحصول على تصريح العمل من الأساس»، يقول هلال وهو يحتضن ابنتيه سمية وسارة وينظر إلى ابنه الأصغر حمزة النائم فى حضن والدته، معترفا بأن الموارد فى الأردن ضعيفة بالفعل ولا يوجد فرص عمل كثيرة، وأنه مع تدفق اللاجئين السوريين أصبح لا مجال لعمل الجميع مما يجعل تصريح العمل مرتبطا بوجود جواز السفر.
لدى دخوله الأردن، لم يكن يعلم هلال بمكتب مفوضية اللاجئين، وأخبره به أقاربه الذى كانوا قد سبقوه إلى هناك، حيث حصل على موعد لمقابلة يوم 20 من نفس الشهر الذى وصل به، إلا أن الراتب الشهرى الذى تصدره المفوضية لم يخرج إلا بعد سنة تقريبا. يقول هلال: «حالتى المادية كانت مليحة فى سوريا وكان معى بعض الأموال التى أحضرتها معى من هناك وصرفتها وعملت بعض الوقت ومشينا حالنا». هلال لا توجد لديه خطط للغد، ورغم هذا الوضع الصعب الذى يعيشه مع أبنائه وزوجته فى الأردن، إلا أنه يستبعد العودة إلى سوريا حتى لو سقط نظام بشار الأسد، موضحا «ما رأيته عام 2012 عندما تركت سوريا يقول أننا نحتاج عشر سنوات لتعود لما كانت عليه».
يتمنى هلال أن تفتح المملكة السعودية الباب أمام اللاجئين السوريين ليذهب للعمل هناك، حيث يواجهون فى الأردن غضب البعض من الشعب الذين يرون أن السوريين يؤثرون عليهم ماديا، لكنه فى نفس الوقت يخشى القدوم لمصر قلقا من التطورات السياسية، أو السفر لدولة غربية غير معتاد على عاداتها وتقاليدها.
«التفكير فى هذه الدول الغربية يثير صعوبة الشعور بالغربة أكثر من الدولة العربية، كما أن شروط اللجوء إليها كثيرة، كما أن كل أقاربى هنا فى الأردن واعتدت على الوضع»، يقولها هلال لاعنا بشار الأسد، الذى حوله إلى ما هو عليه: «بشار خاف أن يسقط فوصل الموضوع لمشكلة طائفية حتى يقول العالم بشار أرحم».
يوميات الطفلة روعة فى البقاع الغربى
•بين المدارس الرسمية والفترات المسائية .. محاولات مستميتة للبقاء فى فصل دراسى
الطفلة روعة ....... الابتسام في قلب المحنة
مستوى ضعيف للطلبة السوريين بسبب الضغوط النفسيةتذهب روعة، الطفلة ذات العشر سنوات، يوميا من التاسعة صباحا حتى الواحدة والنصف ظهرا إلى المدرسة غير الرسمية، التى أسستها منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» فى أحد المخيمات غير الرسمية فى قرية غزة بالبقاع الغربى فى لبنان.
روعة التى جاءت لهذا المخيم منذ عام من مسقط رأسها فى مدينة حمص بسوريا هربا من ويلات الحرب هناك، إلا أن هذه الظروف القاسية لم تفقدها ابتسامتها أو رغبتها فى الاستمتاع بأقل القليل الذى تقدمه لها الحياة.
«عندنا 3 مدرسين فقط، ويقسموننا على حسب عمرنا، وندرس العلوم واللغة الإنجليزية والرياضيات واللغة العربية، لكن كنا ندرس أكثر من ذلك فى مدارسنا فى سوريا»، تشرح روعة، التى جاءت لهذا المخيم مع والديها وأشقائها الخمسة، مشيرة بأصابعها إلى عدد محدود من المراجيح التى وضعت بجانب الخيمة، التى خصصت للتعلم بها، وطبع عليها شعار «يونيسيف»، ليلعب بها الأطفال الذين يرتادون المدرسة، لكنها تقول: «نتخانق على المراجيح، ما بنلحق نلعب كلنا عليها».
بحسب إحصاءات مفوضية الأمم المتحدة السامية لشئون اللاجئين، فهناك نحو 280 ألف طفل سورى فى سن الدراسة موجودون فى لبنان،، منهم 90 ألف فقط يستفيدون من التعليم المجانى، بينما يبلغ عدد الأطفال اللبنانيين من نفس الفئة العمرية حوالى 300 ألف، مما يضع عبئا زائدا على المدارس اللبنانية التى تعانى من سوء الأوضاع من قبل.
أسرة روعة لم تكن تعلم أن مفوضية اللاجئين توصلت لاتفاق مع الحكومة اللبنانية للسماح بفصول مسائية ليتمكن الطلبة السوريين من مواصلة دراستهم، بحيث تقدم الدولة المكان، وتدفع المفوضية وشركائها تكاليف الأساتذة والكتب والأدوات المكتبة وغيرها من المستلزمات.
تقول روعة: «لا أعرف شيئا عن هذه المدرسة، ولا أستطيع الخروج من المخيم حتى عالسوق، لكن سأقول لأمى».
لكن المشكلة ليست فى المعرفة بوجود هذه الفرصة فى الفصول المسائية أم لا، فعلى باب أقرب مدرسة للمخيم، جاءت أم سورية لتقدم طلبا جديدا لإلحاق أبنائها بها، إلا أن مديرة المدرسة، خنساء حمدانية، قابلت طلبها بالرفض لاكتمال الأعداد التى تسمح بها الإدارة التعليمية. تقول الأم بحزن: «كل يوم نأتى لإدخال الأولاد المدرسة لكن يقولون لنا لا توجد أماكن. ماذا نفعل؟ الأولاد كل يوم يبكون يريدون الذهاب المدرسة».
مديرة المدرسة ردت على حديثها قائلة «سجلنا وأغلقنا التسجيل لكن هناك حالات قليلة إذا هناك إمكانية سنقوم بإلحاقهم بدلا من البقاء فى الشارع»، مشيرة إلى أن المدرسة تضم حاليا 210 طلاب سوريين، و383 لبنانيا فى الفترة الصباحية، بينما يصل عدد الطلبة السوريين فى الفترة المسائية إلى 591 طالبا، ويتم تدريس المناهج اللبنانية لهم جميعا.
وتشير الخنساء إلى أنها لاحظت أن مستوى الطلبة السوريين ضعيف مقارنة بأقرانهم اللبنانيين، وهو ما فسرته بما تعرضوا له من ضغوط نفسية خلال الفترة الماضية، مما جعلها تستعين بإخصائيين اجتماعيين لمتابعة وضعهم.
المتحدث الرسمى الإقليمى لمفوضية اللاجئين: الأردن ولبنان يتحملان فاتورة الحرب السورية
•لاجئون: الأردنيون غاضبون من وجودنا ويتظاهرون فى الشوارع.. وسائق تاكسى لبنانى: «خربوا البلد قبل وبعد الحرب»
بيتر كيسلر
«أرى أن أهم الدول المانحة هى العراق، ولبنان، والأردن، ومصر، وتركيا، لأنهم يمنحون حق اللجوء»، قالها المتحدث الرسمى الإقليمى للمفوضية السامية لشئون اللاجئين، بيتر كيسلر، مشيرا إلى أنه منذ بداية الأزمة بلغ عدد النازحين من سوريا نحو 2.3 مليون فى المنطقة.
هذه الأعداد تمثل ضغطا مباشرا على اقتصاديات الدول المضيفة، خاصة الأردن ولبنان، حيث تعانى البلدين بالفعل من عجز فى الموارد ومشاكل اقتصادية كثيرة، منها ارتفاع أجور البيوت، وأسعار السلع الأساسية، وتأزم مشكلة البطالة فى البلاد.
«الصيف الماضى كثير من الشباب اضطروا إما لتأجيل زيجاتهم أو إلغاءها لعدم وجود أماكن للسكن»، بحسب مدير المكتب الإعلامى الأردنى، أيمن عربيات، موضحا أن المستأجرين يفضلوا تسكين السوريين للحصول على إيجارات أعلى.
وبحسب التقديرات الرسمية للحكومة الأردنية فإن إجمالى عدد اللاجئين السوريين الموجودين فى الأردن بلغ مليونا و330 ألفا، منهم 583 ألفا وزعوا على المخيمات، بقى منهم 20% فقط داخلها، والبقية خارجها.
تأثير اللاجئين السوريين على الأردن ليس فقط على الموارد وفرص العمل، حيث يتوقع البعض أن المخيمات الرسمية التى بلغ عددها حتى الآن لن تنتهى بانتهاء الأزمة السورية، وذلك بعد تحول 11 مخيما فلسطينيا إلى مناطق رئيسية فى الأردن لأهلها حقوق مماثلة تقريبا لنفس حقوق الأردنيين.
وفى المقابل يشكو لاجئون من غضب الأردنيين من وجودهم، حيث كثيرا ما تخرج مظاهرات فى المناطق التى يتمركزون بها، معلنين عن استيائهم من الظروف المعيشية السيئة التى آلت لها البلاد وندرة فرص العمل.
ويشير كسلر إلى أن الدول المضيفة تقدم طلبات للحصول على مساعدات دولية لدعم الاحتياجات الأساسية للبلاد مثل المدارس والرعاية الصحية والمياه، وهى الطلبات التى تدعمها المفوضية فى النداء الدورى الذى تطلقه للدول المانحة.
فى يونيو الماضى كانت المرة الأولى التى تطلق فيها الحكومة اللبنانية نداء مع المنظمات الدولية التى تطلق نداءات دورية للدول المانحة، حيث طلبت نحو 500 مليون دولار لدعمها على تحمل أعباء اللاجئين المستمرين فى النزوح، إلا أن شيئا لم يصلها، فى ظل ضيق فى التمويل بشكل عام، يجعل دائما هناك فجوة بين الاحتياجات والمتاح.
تقول جويل عيد، مساعد الإعلام فى مكتب المفوضية فى لبنان، إن رئيس جمهورية لبنان أعلن فى 2011 أنه لن يتم إبعاد أى سورى من لبنان، وهو بالفعل ما حدث، «كل من نعرفهم لم يرحلوا، والدولة متعاونة فى هذا الصدد رغم الضغوط، فلكم أن تتخيلوا أنه تم نقل شعب المكسيك كله للبنان فى حوالى ستة أشهر لسنة»، على حد قولها.
ورغم احتواء الدولة للاجئين السوريين، فإن حالة من الغضب المكتوم تسرى بين المواطنين اللبنانيين، حتى إن الجملة المشتركة بين أغلبهم أصبحت «السوريين صاروا أكثر من اللبنانيين».
يقول على، عامل فى أحد المحال، إن نصف عمال البنايات أصبحوا من السوريين، معربا عن استيائه من ارتفاع أسعار الإيجارات، موضحا «الشقة اللى كان إيجارها 400 دولار صار 800 دولار، وصار هناك محال تدخلها تجد كل من يعمل بها من السوريين». وبحسب إحصاءات البنك الدولى، فإن نسبة البطالة فى لبنان تبلغ نحو 10%، ومن المتوقع أن تصل إلى 20% بنهاية العام الحالى، 2014.
مارسيل، سائق تاكسى، أبدى تذمره بدوره من ارتفاع أعداد اللاجئين السوريين فى لبنان، قائلا: «خربوا البلد قبل الحرب وبعد الحرب»، مشيرا إلى أنهم كسائقين تاكسى متأثرون لقيام كثير من السوريين بنفس عملهم، رغم أن القانون يمنع هذا بدون تصريح.
كما يربط مارسيل بين تزايد معدلات التفجيرات، التى أصبحت تحدث بمعدل شبه أسبوعى فى لبنان، وبين تدفق اللاجئين السوريين على لبنان، قائلا «التفجيرات رد على المشاركين فى الحرب».
«نحن فى غربة والغربة ما بترحم، وصار هناك استغلال للسوريين فى كل شىء»، تقولها إيناس ذات ال15 سنة، لتعبر عن شعور الآلاف من أهل بلدها، معربة عن أملها فى العودة لوطنها لأنه «فى النهاية هذا البلد ما هو وطنا ولن يحضنا مثل وطنا».
%95من المقيمين فى مخيم الزعترى جاءوا من مدينة درعا الواقعة عبر الحدود.
600ألف لاجئ سورى تضمهم المخيمات تحوى تركيا وحدها.
أثناءالتواجد فى شارع الشانزليزيه سمع صوت انفجار ثم ظهر دخان كثيف فى الهواء وجرى الجميع نحوه، وسريعا وصلت سيارة الإسعاف والمطافئ، وتبين أنه نتيجة لانفجار أنبوب بوتاجاز.
تصرالمدارس الحكومية فى الأردن على وجود وثيقة اللجوء للسماح للأطفال السوريين بالالتحاق بها.
22 مخيما بينما يوجد فى الأردن 3 مخيمات أكبرها الزعترى.%54 من ضمن سكان مخيم الزعترى من النساء و56% من الأطفال أقل من 18 سنة، يشكلان معا ثلاثة أرباع سكان المخيم.
%99 من اللاجئين السورين المسجلين فى لبنان يتبعون المذهب السنى، ويقيم نحو 100 ألف لاجئ فى جنوب لبنان.
10 سنوات من التنمية تخسرها سوريا سنويا، مما يعنى أنها الآن فى مرحلة الثمانينيات.
2.3 مليون لاجئ سورى منتشرون فى دول الجوار بينهم 75% نساء وأطفالا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.