نشرت "بي بي سي" الناطقة بالانجليزية تقريرا مطولا عن رياك مشار النائب السابق لرئيس جنوب السودان، وصفته بالشخصية المحورية في سياسة السودان وجنوب السودان على امتداد 3 عقود. غالبا ما يتم وصف مشار بالسياسي الماكر، فقد تحول في فترات الصراع بين الشمال والجنوب إلى الجانبين عدة مرات، وسعى إلى تعزيز وضعه الخاص عبر قبيلة النوير. ولد مشار عام 1953، وتزوج من إيما ماكيون في عام 1991 وتوفيت بعدها بعامين، وهي حبلى في حادث سيارة في نيروبي عاصمة كينيا، ووصفتها وسائل إعلام ب"زوجة أمير الحرب" في إشارة إلى دور مشار كقائد في جناح عسكري في الحركة الشعبية لتحرير السودان، التي كانت تقود حربا من أجل استقلال جنوب السودان عن الشمال. وبعد توقيع اتفاق السلام في عام 2005 مما بشر بنهاية الصراع، حانت وفاة زعيم الحركة الشعبية جون قرنق، وعينت الحركة الشعبية مشار في منصب نائب رئيس حكومة جنوب السودان. واحتفظ مشار بمنصبه حتى بعد استقلال جنوب السودان في عام 2011، مما يشير إلى نفوذ كبير تمتع به حتى إقالته في يوليو من هذه السنة في تعديل وزاري. وينحدر النائب الأسبق من النوير ثاني أكبر مجموعة عرقية في جنوب السودان، مما أثار الاحتقان بين قبيلة الدنكا، الأكبر في جنوب السودان. يقول ديفيد آمانور مراسل "بي بي سي" في أفريقيا الذي قابل مشار في عام 2005 أنه صاحب نظرة قوية ولكنها لطيفة، وهو متحدث جيد، وصاحب تعليم جيد. وأظهر مشار خبرة تفاوضية كبيرة بين جيش الرب وحكومة أوغندا، وكان يرى في الأولى تهديدا لاستقرار جنوب السودان، حيث كان لديها معسكرات للجيش، وعلى الرغم من ذلك فشلت مبادرة السلام، ولكن الوكالة البريطانية تصفه بالوسيط الرائع، وأظهر صبرا كبيرا ومهارات دبلوماسية في مفاوضاته. وتزوج مشار سياسية من جنوب السودان أنجلينا تيني، ووصفت فريقه بأنه كان قاسيا عندما قام بحرب ضد زعيم متمرد بارز من جنوب السودان "جورج أتور"، وتم اتهامه بأنه يخوض حربا بالوكالة نيابة عن حكومة الخرطوم. في ديسمبر 2011 أي بعد 5 أشهر من الاستقلال، أعلن مشار مقتل أتور بالقرب من الحدود بين السودان وجنوب السودان. وأقال سلفا كير مشار من منصبه كنائب للرئيس في يوليو من هذا العام دون إبداء سبب واضح، واستجاب مشار قائلا أنه يعتزم تحدي كير لقيادة الحزب الحاكم للحركة الشعبية ليتمكن من الترشح للرئاسة في انتخابات عام 2015. وفي الوقت نفسه دعا مشار أنصاره بعدم اللجوء إلى العنف محذرا كير من استخدامه كذريعة لإعلان حالة الطواريء. اتهمه كير رئيس جنوب السودان بالتخطيط للانقلاب، ووصفه بأنه "نبي الموت"، ومستمر في أفعاله الماضية، في إشارة واضحة إلى ما حدث منه من تحدي لسلطة قرنق، زعيم الحركة الشعبية وأحد مؤسسيها، وذلك في أوائل تسعينات من القرن المنصرم. ورفض مشار التوقيع على إعلان سلام مع قرنق واعتبر ذلك الموقف ضربة قوية لجهود العديد من الحكومات الأفريقية والغربية لتقديم جبهة موحدة ضد حكومة الخرطوم، وحينها قاد مشار جماعة متمردة منشقة، ووقع اتفاق سلام مع حكومة البشير في عام 1997، وعينه البشير مساعدا للرئيس، ولكنه استقال بعد ذلك، واستأنف تمرده ضد حكومة الخرطوم. وما يحدث الآن لمشار هو مشهد بعيد عما كان عليه وهو طالب في المملكة المتحدة البريطانية، وحصل على درجة الدكتوراة في الفلسفة والتخطيط الاستراتيجي من جامعة برادفورد في منتصف الثمانينات. وتقول "بي بي بي": مشار اختار الانضمام إلى المعركة، ولم ينظر خلفه.