شهدت فرنسا اليوم الخميس جولة ثانية من المظاهرات والإضرابات الواسعة احتجاجا على مشروع قانون العمل، الذي يرى معارضوه أنه منحاز بدرجة كبيرة لأرباب الأعمال على حساب الموظفين. واحتشد في العاصمة الفرنسية "باريس" 16 الف متظاهر بحسب الشرطة فيما تقول النقابات إن عددهم 55 ألفا، بالإضافة إلى احتجاجات في مدن "تور" و"رين" و"مونبولييه" و"نيم" و"مارسيليا" و"كاين"، مع تراجع عدد المشاركين مقارنة بالمظاهرات السابقة. وتأتي هذه الاحتجاجات تلبية للدعوة التي أطلقتها الكونفدرالية العامة للعمل للضغط على الحكومة عشية اجتماع لمجلس الوزراء للتصديق على التطبيق الفوري للمراسيم الخاصة بقانون العمل. وكانت باريس وعدد من المدن شهدت مظاهرات واسعة في 12 سبتمبر ضد قانون العمل بمشاركة 223 ألف شخص، بحسب الشرطة، و500 ألف، وفق المنظمين للاحتجاج على ما يعتبرونه بانه "تراجع اجتماعي". وتتشابه هذه الأرقام مع المظاهرات الأولى التي عاشتها البلاد في عام 2016 ضد قانون العمل السابق و التي لم تمنع من اعتماد القانوني من قبل الحكومة الاشتراكية آنذاك. ويحدد مشروع قانون العمل سقفا للتعويضات في حالات التقاضي بسبب الفصل التعسفي. و يتيح التفاوض دون إشراك النقابات في الشركات التي يقل عدد موظفيها عن 50. وتؤكد الحكومة أن مشروع قانون العمل سيسمح بالحد من معدلات البطالة المرتفعة التي تصل إلى %9.6 بينما المتوسط في أوروبا %7.8. كما تسعى باريس لكسب ثقة ألمانيا التي تطالبها منذ فترة بإجراء إصلاحات هيكلية. وتترقب فرنسا مظاهرات بعد غد السبت بدعوة من حون لوك ميلونشون زعيم حركة "فرنسا الآبية" (يسار متطرف) و يوم 28 سبتمبر من قبل المتقاعدين اعتراضا على زيادة الضرائب وكذلك يوم 10 أكتوبر من جانب الموظفين المستائين من شطب الوظائف و تراجع قدرتهم الشرائية. ويرى المراقبون أن تراجع عدد المشاركين في الاحتجاجات يشير إلى أن الفرنسيين سيرضخون في النهاية للأمر الواقع، وسيقبلون بهذه الإصلاحات. وكان الرئيس ايمانويل ماكرون التي تأتي هذه الإصلاحات ضمن وعوده الانتخابية قد أكد الثلاثاء لقناة (سي إن إن) من نيويورك تعقيبا على هذه الاحتجاجات أنه يُؤْمِن بالديمقراطية، مشددا في الوقت ذاته على أن الديمقراطية ليست الشارع. وأوضح:" احترم من يتظاهرون ولكني أحترم أيضا الناخبين الفرنسيين الذين صوتوا من أجل التغيير".