قد يكون من الغريب أن تكون دبي محط أنظار العالم في الفن السابع، إذ أن إنتاجها السينمائي ما زال خجولا بعض الشيء. و يبدو أن "مهرجان دبي السينمائي الدولي" الذي يقام سنوياً في المدينة المعروفة بأشهر عماراتها، وأفخم فنادقها، والمترو الأطول عالمياً، لم يضع البوصلة، إذ أعطى صورة جديدة وإضافية للمدينة، يتمثل بسحر صناعة السينما، لبناء جسور التواصل الثقافي والفكري بين صناّع السينما وعشاقها على مدار ثماني ليالي. وتمكن المهرجان من أن يكون حلقة وصل بين حاضر ومستقبل السينما العربية من جهة، وماضيها وتاريخها من جهة أخرى، فضلاً عن أنه تضمن 40 في المائة من أعمال لمخرجات نساء، ما يضفي ميزة أخرى على المهرجان، تتمثل بدعم المرأة وتشجيع أعمالها السينمائية. وعلى السجادة الحمراء، أضاء أبرز رموز صناعة الفن السابع محلياً واقليمياً وعالميا ليل دبي، ما يجعل المرء يظن لوهلة أنه في مهرجان "كان" السينمائي. واختتمت أمس السبت، فعاليات الدورة العاشرة للمهرجان، بعدما شهدت الأيام والليالي الثمانية التي استغرقها المهرجان، عروضاً ل174 فيلماً، من 57 دولة، ناطقة ب43 لغة، يتضمّن ذلك مشاركة أكثر من 100 فيلم من العالم العربي. وتضمّنت قائمة النجوم الذين توجهوا إلى دبي، لحضور الدورة العاشرة، كلاً من: مارتن شين، وكيت بلانشيت، ومايكل جوردان، وجاويد جفري، وجيم شريدان، ويوجين دومينغو، ومراد يلدرم، بورسين تيرزيفلوند، وميلتم كامبل، ويويا ياغيرا، وجستن شادويك، ومايكل بينا، وسكون كوبر، وسانجاي سوري. وقدمت خلال الليلة الافتتاحية للمهرجان، جائزة "تكريم إنجازات الفنانين" العربية للناقد المصري القدير سمير فريد، وجائزة "تكريم إنجازات الفنانين" الدولية للممثل الأميركي مارتن شين. كذلك، أقام المهرجان الحفل الخيري السنوي "ليلة واحدة تغيّر حياة الناس"، بالتعاون مع مؤسستي "دبي العطاء" و"أوكسفام". وحصد المزاد ما يزيد عن مليون دولار أمريكي بالمزايدة على مجموعة من المعروضات الحصرية والتجارب الخاصة بالمشاهير التي جرى بيعها في المزاد، ومن ضمنها مقتنيات "جيمس بوند". وسيتم تخصيص التبرعات التي جُمعت لصالح الأطفال السوريين وعائلاتهم في مخيمات لبنان في محافظة طرابلس والمناطق المحيطة ومخيمات الأردن في محافظتي البلقاء والزرقاء، من خلال تزويدهم بالمؤن الأساسية خلال شهور الشتاء الثلاثة لمساعدتهم على تخطي هذه الفترة الأصعب من العام. ومن جهة أخرى، تمّ تكريم أفضل المخرجين العرب، ومخرجين من آسيا وأفريقيا، الذين شاركوا في الدورة العاشرة، بمنحهم جوائز "المهر الإماراتي"، وجوائز "المهر العربي"، وجوائز "المهر الآسيوي الأفريقي." وكانت الدورة العاشرة قد شهدت حضوراً قوياً لأعمال مخرجين كبار من أمثال السوري محمد ملص، والمصري محمد خان، والفلسطيني رشيد مشهراوي. وبينما عرضت الأمسية الافتتاحية للدورة العاشرة من المهرجان، فيلم "عُمر"، للمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد، المُرشّح لنيل جائزة "أوسكار" أفضل فيلم أجنبي، والحائز على جائزة "غولدن غلوب"، اختير فيلم "الاحتيال الأميركي" للمخرج الأمريكي ديفيد أو راسل، ليكون فيلم ختام الدورة العاشرة للمهرجان، في عرض مهرجاني أول. ويذكر أن "الاحتيال الأميركي" هو من بطولة جنيفر لورانس، برادلي كوبر، كريستيان بيل، إيمي آدمز، جيريمي رينر، وروبرت دي نيرو. واقتبس الفيلم عن قصة حقيقية لمحتال اسمه "إيرفينغ روزنفيلد" وشريكته في الجريمة "سيدني بروسار" اللذين يُرغما على العمل مع عميل فيدرالي، للإيقاع بمجرمين ومحتالين وسياسيين، وتحديداً "أنجلو إيركتي" عمدة كامدين بولاية نيوجيرسي. ويعتبر الفيلم هو أحدث انجازات أو راسل، ويأتي عقب "المقاتل" و"كتاب اللعب - البطانة الفضية"، وحصل على سبعة ترشيحات لخوض الدورة ال 71 من جوائز "غولدن غلوب." وقال أو راسل لشبكة CNN بالعربية، إن "الإحتيال بالنسبة إلي هو شيئ جيد وسيئ، وهو محاولة أن يفعل الشخص ما يجب فعله من أجل العيش وحب الحياة، وقد يعني هذا الأمر خلق أشياء أو تغييرها." وأضاف المخرج الأمريكي: "كنت محظوظاً أن يكون لدي فريق عمل رائع، واخترعت كل هذه الأدوار لكل منهم. وأتى الممثلون بكل شجاعتهم وأدوارهم الجديدة التي لم يمثلوها من قبل. لذا أشعر بالحظ أنهم كانوا موجودين في العمل وقاموا بذلك من أجلي. من جهته، أشار المنتج والممثل الفلسطيني في فيلم "عمر" وليد زعيتر، إلى أن "الفيلم أثر في شعور الناس، الذين أحسوا بالفخر أن أشخاص من فلسطين، تمكنوا من صناعة فيلم بهذا المستوى. الفن يجمع الناس إذا قدم بطريقة إنسانية، ويمكن أن يؤثر على العالم كله، فأنا قضيتي كفنان أن أحمل علم فلسطين." أما المخرج اللبناني لفيلم "بطل المخيم" محمود قعبور فاعتبر أن "افتتاح الفيلم (بطل المخيم) قد يكون من أكبر افتتاحات الأفلام التي شاركت بالمهرجان." وأشار قعبور إلى أن "العرض الأول للفيلم كان في برج خليفة، حيث أتى أكثر من 1200 شخص لمشاهدته، وهذا شيئ تاريخي لفيلم وثائقي من المنطقة." ويُعدُّ "مهرجان دبي السينمائي الدولي" أحد أبرز وأكبر المهرجانات السينمائية في المنطقة، فقد أسهم منذ تأسيسه عام 2004، في أن يُشكّل منصة متكاملة لتشجيع أعمال صانعي الأفلام العرب، والمبدعين في القطاع السينمائي على المستوى العالمي، عبر دعم وتعزيز انتشار الحراك السينمائي في المنطقة.