مطران مطاي يهنئ رئيس مدينة سمالوط بعيد الأضحى    «الصحة»: 8 آلاف و481 من المهن الطبية استوفوا شروط الدراسات العليا للعام الدراسي 2023-2024    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج إنتاج وتكنولوجيا القطن بزراعة سابا باشا جامعة الإسكندرية    الزراعة حملات مكثفة على أسواق اللحوم بالمحافظات.. انفوجراف    تفاصيل محطات القطار الكهربائى الخفيف المقرر تشغيلها    زراعة 609 آلاف شجرة بالطرق العامة والرئيسية بالشرقية خلال الأيام الماضية    سعر متر التصالح في مخالفات البناء بالمدن والقرى 2024    عودة الاقتصاد المصرى إلى مسار أكثر استقرارا فى عدد اليوم السابع غدا    مظاهرات أمام الكنيست الإسرائيلي للمطالبة بإجراء انتخابات جديدة    إعلام عبري: إسرائيل أبلغت المبعوث الأمريكي بقرب انتهاء عملية رفح    الطيب يهنئ المملكة.. و«المالية»: تسهيل الإجراءات الجمركية    التشكيل الرسمي لمباراة تركيا ضد جورجيا في يورو 2024    «الفار» يلغي هدفا للأهلي أمام الاتحاد    إصابة 5 أشخاص إثر انقلاب «توك توك» في ترعة بالإسماعيلية    وفاة شاب غرقا في مياه ترعة القاصد بطنطا    الأحد.. أُسرة أبو العينين شعيشع تُحيي ذكرى رحيله بمسقط رأسه    غارة إسرائيلية بصاروخين "جو - أرض" تستهدف بلدة عيتا الشعب جنوبي لبنان    سامح حسين عن مسرحية عامل قلق : أعلى إيرادات إفتتاحية فى تاريخ مسرح الدولة    «دعم اجتماعي ومبادرات خيرية» كيف غيّرت قصة بائع غزل البنات من حياته؟    لمتبعي الريجيم.. ما الحد المسموح به لتناول اللحوم يوميًا؟    إسماعيل فرغلي يكشف عن تفاصيل إصابته بالسرطان    خروجة عيد الأضحى.. المتحف المصري بالقاهرة يواصل استقبال زواره    تامر عبدالمنعم يقدم روائع الثمانينات والتسعينات في نوستالجيا 90/80 على مسرح السامر    شرطة الاحتلال تفض مظاهرة معارضة للحكومة بعد إغلاق أحد شوارع القدس الغربية    «البيئة» توضح تفاصيل العثور على حوت نافق بالساحل الشمالي    جدول مباريات ريال مدريد بالكامل فى الدورى الإسبانى 2024-2025    الهلال يربط مصير جناحه البرازيلي بشفاء نيمار    مصرع 13 شخصا بسبب الفيضانات فى السلفادور وجواتيمالا    «الصحة» تقدم نصائح لتجنب زيادة الوزن في عطلة عيد الأضحى    المجازر تستقبل 27 ألف رأس أضحية خلال أيام عيد الأضحى    هل يؤاخذ الإنسان على الأفكار والهواجس السلبية التي تخطر بباله؟    مجدي يعقوب يشيد بمشروع التأمين الصحي الشامل ويوجه رسالة للرئيس السيسي    راموس يوضح حقيقة اعتزاله كرة القدم    محافظ الجيزة يعتمد المخطط التفصيلي للمنطقة الصناعية بعرب أبو ساعد بمركز الصف    مستشهدًا بالدوري الإنجليزي.. خبير اللوائح يحسم الجدل حول كرة الزمالك (صورة)    الجثمان مفقود.. غرق شاب في مياه البحر بالكيلو 21 بالإسكندرية    شد الحبل وكراسى موسيقية وبالونات.. مراكز شباب الأقصر تبهج الأطفال فى العيد.. صور    تنسيق الأزهر 2025.. ما هي الكليات التي يتطلب الالتحاق بها عقد اختبارات قدرات؟    خبير سياحي: الدولة وفرت الخدمات بالمحميات الطبيعية استعدادا لاستقبال الزوار    الصحة: فحص 14 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى.. «اللهم إياك أرجو ولك أدعو»    احذر الحبس 10 سنوات.. عقوبة تزوير المستندات للحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة لذوي الإعاقة    دار الإفتاء: ترك مخلفات الذبح في الشوارع حرام شرعًا    طريقة تحضير كبسة اللحم بالأرز البسمتي    دعاء ثالث أيام عيد الأضحى.. اللهم إني أسألك إيمانا دائما وعلما نافعا    الحرس القديم سلاح البرتغال في يورو 2024    طرق حجز تذاكر قطارات السكة الحديد.. وأنت في بيتك احجز تذكرتك    انقطاع الكهرباء عن قرى جنوبية في لبنان جراء قصف إسرائيلي    "سويلم" يوجه باتخاذ الإجراءات اللازمة للاطمئنان على حالة الري خلال عيد الأضحى    هل يجوز للزوجة المشاركة في ثمن الأضحية؟ دار الإفتاء تحسم الأمر    عبد الله غلوش: «إفيهات» الزعيم عادل إمام لا تفقد جاذبيتها رغم مرور الزمن    مدرب بلجيكا: لم نقصر ضد سلوفاكيا ولو سجلنا لاختلف الحديث تماما    تعرف على حكام مباراة الاتحاد والأهلي    العثور على جثة شخص بجوار حوض صرف صحى فى قنا    التفاصيل الكاملة لوفاة كابتن الطائرة المصرية حسن عدس    مصرع شخص وإصابة 5 فى حادث تصادم بالدقهلية    البطريرك يزور كاتدرائية السيّدة العذراء في مدينة ستراسبورغ – فرنسا    «حضر اغتيال السادات».. إسماعيل فرغلي يكشف تفاصيل جديدة عن حياته الخاصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذهب إسلامي جديد.. "شيعة مرسي"
نشر في البوابة يوم 29 - 11 - 2013

حتى زمن قريب، كان المسلم المصري يعلم عن أسرته أنه مسلم، وأنه مثل أبيه أو أستاذه على مذهب أبي حنيفة النعمان، أو على مذهب أحمد بن حنبل، أو على مذهب الشافعي، أو على مذهب مالك، هذا إضافة إلى مذهب مخالف للمذاهب الأربعة السُنية، هو المذهب الجعفري لشيعة الإمام علي واّل البيت، الأربعة السُنية لها نفس المساجد ونفس المعاهد الدراسية ونفس الصلوات ونفس الأذان، والاختلافات بينها ليست في العقائد، ولكن في تفاصيل الفقه التشريعي "المعاملاتي"، ويتباعد عنها الجعفري الشيعي - سواء في العقائد، كالاعتقاد بأنه كما أن محمداً هو رسول الله، فإن علياً هو ولي الله وسرّ قدسه - وكما للشيعة مساجدهم الخاصة بهم وطريقة صلاة خاصة بهم، فيضعون الجباه في السجود على تربة من تراب كربلاء، ويختمون الصلاة بالضرب على الأفخاذ، ويضعون بالأذان إقراراً بولاية الإمام علي بن أبي طالب على المسلمين، كل هذا معلوم لدى المسلمين، وكانت تتم ممارسته دون حظر أو تبديع إلا في أزمان الأزمات، ما بين الكبيرين: السُني والشيعي، وعندما ظهر محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية، قدم للإسلام قراءة هي الأشدّ تشدُداً أو نصيّة بين المذاهب جميعاً، قراءة تجعلك تشعُر أنك أمام دين جديد، أو دعوة جديدة غير دعوة محمد التي نعرفها، ويبدو أن صاحبها "محمد بن عبد الوهاب" كان يُضمر ذلك، فلم يُطلق على ما قدّمه من فهم للإسلام اسم مذهب، ولم يقف في طابور المذاهب السُنية خلف الدعوة المحمدية، وإنما سمّى ما قدمه باسم "الدعوة"، لتقف الدعوة الوهابية في مقدمة الصفوف إلى جوار الدعوة المحمدية، ولم تُقدّم نفسها مذهباً، وإنما بديل وحيد عن كل المذاهب، ومن بعدها يلحظ الباحث أن الوهابية أينما حلّت وتمكّنت، اختفت معها المذاهب الأربعة السُنية، وقيادتها "الدعوة المحمدية"، ووضعت المسلمين بين خيارين: الدعوة الوهابية المتشدّدة في التدين الظاهري، أو المذهب الشيعي المُتمَسك بمذهبيتِهِ وإسلامه المُمتَد إلى الدعوة المُحمدية.
في وطني مصر - وفي مسقط رأسي - كنت أعلم أن أبي كان شافعياً، وأن عمي كان حنفياً، وكان النِقاش بين الطرفين يدور حول قضايا تبدو إسلامية، ويأخذونها بجدية شديدة، وهي لا تٌقدم ولا تؤخّر، وفي النهاية يؤمّ أحدهما صلاة الجماعة دونما تحفّظ من الثاني.
في ذات الوطن - وبعد الغزو الوهابي الجديد - لم تعُد تجد مُسلماً يعرف شيئاً عن مذهبه، ناهيك عن معرفته بإسلامه أصلاً، والخطر في هذا أن أشدّ الناس تطرُفاً في التعصب للدين، هم أشدّهم جهلاً به، وقد حدث هذا الجهل بتراجع كتب المذاهب الكُبرى، لتبقى بأيدينا دعوة وهابية بديلة للدعوة المحمدية، تنشطر إلى عدة فصائل أو مذاهب، منها الإخوان ومنها السلفيون ومنها الجهاديون، لم يعُد المصري يقف في صف ابن حنبل، أو صف الشافعي، بل أصبح يجهل من هما، أصبح إما مسلماً إخوانيّاً أو مسلماً سلفيّاً أو مسلماً جهاديّاً، وغير ذلك هو كافر، وخاصة الشيعي، أصبح لدينا دين جديد بمذاهب جديدة، الأدهى من هذا كله، هو استعادة الدين الجديد لأسوأ ما كان في تاريخ الدين القديم، وضمن هذه السيئات، حروب الصحابة ضد بعضهم البعض في فتن متلاحقة كارثية.
للتذكرة فقط بما هو معلوم، فإن هناك من وقف في صف جنود "عائشة"، ضد من وقف في صف جنود الإمام علي، وهناك من وقف في صف معاوية ضد من وقف في صف علي، وهناك صحابة وتابعون وقفوا في صف ابن الزبير في استقلاله بمكة عن الحُكم الأموي الناشئ، وهناك صحابة وتابعون شاركوا الجيش الأموي في واقعة الحرة المُخزية، واستباحة مدينة رسول الله واغتصاب نساء الصحابة وبنات الصحابة المقيمين بالمدينة، حتى حبلت ألف عذراء من سِفاح، فمَن بين هؤلاء جميعاً كان يُحارب في سبيل الله؟، ومن كان منهم يُجاهِد في سبيل الله ونشر دينه؟، إن الصحابة كلهم عدول، وعلينا الغَض عن أخطائِهم، هذا ما أمرنا به قرار المذهب السُني.
الآن يقوم الإخوان بمثل هذا الجهاد، ليس لفَتح وليس لنشر دين وليس في سبيل الله، وحتى ليس في سبيل الوطن بالمفاهيم الحديثة، كان الصحابة يتقاتلون من أجل الدنيا وتدعيم كلٍ منهم لسلطانه، وليس لردِ كافرٍ ولا لنشرِ دعوة، وهو ما يفعله اليوم الإخوان بمصر وسائر بلاد العُرب والمسلمين، وكما انقسم أصحاب دعوة محمد إلى شيعة وسُنة، فقد قرر الإخوان تقسيم المجتمع المصري المسلم إلى مسلمين كافرين بولاية مرسي، كالسُنة الكافرين بولاية علي، فهُم كافرون بالدعوة، وشيعة مرسي، هم المؤمنون المجاهدون في سبيل عودة مرسي، وعند عودتِهِ يتوقف الجهاد، فلا جهاد هنا للإسلام ولا لنشر دعوة، هو في سبيل مرسي وليس في سبيل الله، لذلك اعتزل الإخوانُ عامةَ المصريين في الصلاة، واتخذوا لهم مساجدَ خاصة كما حدث من شيعة علىٍ من قبل، وفي العيد الماضي أدوا الصلاةَ في ساحاتٍ خاصة بهم لا يدخلُها سواهم، ولم يعودوا مع جماعة المسلمين التي لها إمامها - شيخ الأزهر - فقد جعلوا لأنفسهم إماماً غير إمام المسلمين، هو سئ الذكرِ "يوسف القرضاوي"، وكما أصبح لهم إمام خاص ومسجد خاص، فقد صنعوا لأنفسهم فقههم الخاص الذي دبّجه "سيد قطب"، ولهم رؤيتهم الخاصة في فهم المجتمع من كتابه "معالم في الطريق"، الذي يجعل الإخوان أهمّ السادة العارفين بالله وكتبه، وهم الصحابة الجدد رضي الله عنهم، وهم سادة العالمين القادمين وأساتذة العالم، ويرون غيرهم ممّن يعيشون معهم قد مرقوا من الإسلام وعادوا جاهليين، يصحُ قتالهم وقتلهم وسلبهم وسملهم بثواب الخلد في النعيم، جزاء حسنا عن القتل والتخريب والتدمير، أصبح لهم فقههم الخاص الذي لا يرتبط إلا ب "ابن حنبل"، بفهم ابن القيم، وقواعد ابن تيمية، أصبحوا مسلمين غير المسلمين، لوناً جديداً من العقائد يعود إلى دعوة جديدة، ودعوتهم الجديدة لا تشغلها الدعوة المحمدية الأولى القديمة، إلا كوسيلة تستخدمها لخدمة الدعوة الجديدة، وتحوّل "الإخوان" إلى شيعة الدعوة الجديدة، التي تُقاتل لنصرة الإمام مرسي، كما قاتلت شيعة الدعوة الأولى لنصرة الإمام علي، وأغلقوا مجتمعهم على أنفسهم، فهم لا يتزاوجون من عامة الشعب، ولأن دعوتهم الجديدة ليست في سبيل الله أو الإسلام، فقد اختفت شعاراتهم التي كانوا يرفعونها مزايدة أنهم المسلمون الصحاح، مثل: "القراّن دستورنا والنبي إمامنا والإسلام هو الحل"، وعندما تمكّنوا من العمل السياسي - حكم مصر - غابت الشعارات وأصبح الكرسي والسيادة هما هدف الجهاد.
وبمناسة انقضاء 100 يوم على سقوط مرسي، وقفوا يندبون حظهم على "مرسي" كما يندب الشيعة على "الحسين بن علي" في عاشوراء، وكما تقاتل الصحابة على الدنيا، ولا نستطيع الحكم عليهم بدخول جهنم، وكما لا نستطيع الحكم على "عثمان" بفساد الذمة عندما أخذ من بيت مال المسلمين، ولا نستطيع الحكم فيمن قتلوه - وفي مقدمتهم محمد بن أبي بكر - ولا نستطيع الحكم على صحابي مثل "علي بن أبي طالب"، كاتب الوحي، وصحابي مثل معاوية بن أبي سفيان - كاتب الوحي - أو مبَشَر بالجنة مثل "عثمان"، بأنهم كانوا يحاربون بعضهم في سبيل الله.
هذا هو التاريخ الذي يستند إليه الإخوان، ويلقبون اّحادهم بلقب رضي الله عنه، ويسمّون أنفسهم بالصحابة، لذلك يخوضون الفتنة الكبرى المعاصرة وهم مطمئنون أنهم أكفاء للصحابة وأنداد لهم، ويجوز لهم ما جاز للصحابة دون التعرض للمساءلة، إنهم الصحابة رضوان الله عليهم في الدين الجديد، الذي دعى إليه محمد بن عبد الوهاب، هم في سيناء وكرداسة وأسوان ينادون بعضهم بالمجاهدين، في اقتتال دنيوي سياسي لا علاقة له بالجهاد، وليس في ديننا - ولا في شرعنا ولا حتى في عاداتنا - الجهاد من أجل "مرسي".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.