المستشار إسماعيل الجوسقى هو محافظ الإسكندرية الأسبق، ظل محافظًا لها على مدى 11 عامًا «من 10 يوليو 1986 إلى 8 يوليو 1997» كان الحاكم الآمر الذى لا يقهر، وفى عهده ارتكبت أخطاء كثيرة لم يكن أحد يستطع أن يتحدث عنها، بداية من العقارات المخالفة التى انتشرت فى عهده ولم يستطع أى محافظ جاء بعده أن يحل مشاكلها، بل زادت بسرعة رهيبة وأصبحت مسمارًا فى نعش كل محافظ، لأنها من الكثرة بما يجعلها تقصم ظهر أى مسئول وتتسبب فى إقالته! من أبرز الملفات الشائكة فى الإسكندرية تصدرها عمارات الموت فى مصر، فلا أحد يمكنه نسيان عمارة لوران، التى سقطت وراح ضحيتها 36 شخصًا، وعمارة فلمنج، التى حصدت 21 شخصًا منذ عدة سنوات، ثم عمارة خلف الله فى باكوس، التى راح ضحيتها 11 فردًا من سكانها عام 2008، والذى أثبتت التحقيقات حينئذ أنها كانت مبنية بنظام الحوائط الحاملة «أى لا يوجد بها أعمدة»! ويضم 12 شقة، ويرجع تاريخ بنائها لعام 1975، أى فى عهد الجوسقى، وانهيار عقار غربال، الذى خلف 11 ضحية، يليه مصنع محرم بك، الذى أودى بحياة 26 شخصًا بخلاف 10 مصابين! كل الأدلة تشير إلى وجود مخالفات فى البناء، منها الحصول على ترخيص ببناء دور أو اثنين، ولا يتم الالتزام به، ونتيجة لوجود ما يطلقون عليه تشكيلات عصابية لأعضائها نفوذ غير عادى داخل الأحياء، يتحكمون فى إصدار التراخيص، وربما يكونون أقوى من أى محافظ، لأنهم يستمرون والمحافظ يتغير، وهو ما يضع العديد من علامات الاستفهام؟! ملف العشوائيات من الأزمات التى عانت وما زالت تعانى منها الإسكندرية، فهناك مناطق تصنف بالخطرة غير صالحة للسكن، فعلى الرغم من وجود تقارير تؤكد أن عدد المناطق العشوائية 34 فقط، فإن الحقيقة والواقع يقران بأنها ربما تزيد على الخمسين، وأشهرها عزبة وابور الجاز والطوبجية وشارع الرحمة وكوم الملح ونجع العرب وعزب خورشيد والمساكن الصينية وعزبة العرب وعزبة محسن والدخيلة الجبلية.. وفى عام 2010، أى قبل قيام «ثورة يناير» التى يلصق كل مسئول بها أسباب الانهيار الذى أصاب المحافظة، صدر تقرير رسمى من صندوق تطوير المناطق العشوائية التابع لمجلس الوزراء المشكل عام 2008، الخاص بحصر المناطق العشوائية وتطويرها وتنمية ووضع الخطة اللازمة لتخطيطها عمرانيًا، وإمدادها بالمرافق الأساسية من مياه وصرف صحى وكهرباء، عن وجود 10 مناطق سكنية غير آمنة فى الإسكندرية، وهو الرقم الذى شكك فيه خبراء فى مجال العمل الأهلى بالمحافظة، مؤكدين أنه يفوق الخمسين منطقة عشوائية. وذكر التقرير الرسمى أن عدد المناطق السكنية غير الآمنة فى المحافظة يبلغ 281 منطقة، تشمل 121285 وحدة سكنية! ولك أن تتصور أن هذه المشكلة التى برزت منذ عدة سنوات ما زالت قائمة حتى الآن، وهى سبب رئيسى فى انتشار معدلات الجريمة والفقر وانتشار ظاهرة التسرب من التعليم وأطفال الشوارع! وإن كان الخبراء يؤكدون أن العشوائيات بدأت فى الإسكندرية من 1960 إلا أن الواقع يؤكد أنها لم تشغل بال أى محافظ جاء المدينة! من الملفات المهمة التى كان لها صدى فى عهد الجوسقى «ترعة المحمودية»، وإن كان هناك من أيد فكرة الجوسقى فى تطوير الترعة، إلا أنها كانت مصدر تلوث وقلق وانتشار للأمراض طوال سنوات التطوير، والبعض من أهالى الإسكندرية كانوا ينظرون إلى محاولات المحافظ فى التطوير على أنها «بيزنس اقتصادى ليس أكثر»، لذلك تعرض المحافظ لهجوم واسع فى ذلك الوقت. بالتأكيد، ما رصدته جزء مما حدث فى عهد الجوسقى، الذى كان أقوى محافظ فى ذلك الوقت، وإن كان اللواء عبدالسلام المحجوب حاول إصلاح مشاكل عديدة بالمحافظة طوال فترة توليه المحافظة، التى استمرت من «9 يوليو 1997 إلى 28 أغسطس 2006» لا أن الوقت لم يكن كافيًا لإصلاح ما خلفه سلفه، وبطبيعة الحال كان كل محافظ يأتى يركز فى ملف على حساب الآخر، فيتضخم الملف المتروك ويصبح بداية النهاية للمحافظ، فقد توالت على المحافظة أسماء عديدة، منها اللواء عادل لبيب من «أغسطس 2006 إلى فبراير 2011»، الدكتور عصام سالم «13 إبريل 2011 إلى يوليو 2011»، الدكتور أسامة الفولى «4 أغسطس 2011 إلى يوليو 2012»، المستشار ماهر بيبرس «16 يونيو 2013 إلى 12 أغسطس 2013»، اللواء طارق المهدى «13 أغسطس 2013 إلى 6 فبراير إلى أكتوبر 2015»، هانى المسيرى «7 فبراير 2015 إلى 25 أكتوبر 2015»، محمدعبدالظاهر «26 ديسمبر 2015 إلى 7 سبتمبر 2016»، رضا فرحات سبتمبر إلى فبراير 2017»، الذى اهتم بملف المطار وترك باقى الملفات، والملاحظ أن هناك محافظين لم يستمروا إلا شهورًا على كرسى المسئولية، والآن ونحن نستقبل محافظًا جديدًا بالإسكندرية، التى عانى شعبها وما زال من سيناريو الإهمال، فهل يعالج المسئول الجديد ما عجز عنه الآخرون، أم سيكون ضحية هو الآخر لأخطاء الجوسقى؟!.