حالة من الترقب لتصعيد الخلافات بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والجمهورية الإيرانية في ظل التصريحات النارية المتبادلة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الإيراني حسن روحاني، والتي تزايدت في الفترة الأخيرة بعد إقدام إيران على إطلاق العديد من الصواريخ الباليستية الحديثة، مما اعتبرته أمريكا استفزازًا لها وتهديدًا للمنطقة الإقليمية بأكملها، وفي القلب منها منطقة الخليج العربي. ففي الذكرى 38 لقيام الثورة الإسلامية الإيرانية قال "روحاني" أمام حشد: إن الإيرانيين سيجعلون الولاياتالمتحدة تندم على لغة التهديد، وفي المقابل حين وجه إلى "ترامب" سؤال من أحد الصحفيين على متن طائرة الرئاسة عن تهديدات "روحاني" فرد "ترامب" موجهًا كلامه لروحاني: "احترس أفضل لك". وفي ظل هذا التصعيد المرتقب بين أمريكاوإيران والذي يخشى أن ينعكس على العراق لتكون هي الساحة الرئيسية لنشوب مثل هذا الصراع بين الندين (أمريكاوإيران)، يجد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي حائرًا بين الجانبين، خاصة وأن بقاءه في الحكومة مرهون بالدعم الأمريكي والإيراني معًا. وتزايدت حيرة "العبادي" بعد تصريحات من "الحشد الشعبي" بضرورة مواجهة الوجود العسكري الأمريكي في اليمن وباب المندب، ردًا على تصريحات سابقة للرئيس الأمريكي ترامب عن تحركه لاستعادة العراق من الهيمنة الإيرانية. يأتي موقف "العبادي" بعد المكالمة الهاتفية الأولى بينه وبين "ترامب" والتي تعرضت لعدد من الملفات الخاصة بين البلدين، وكذلك التهديدات الإيرانية للمنطقة. ورغم أن مكتب "العبادي" كان له السبق أن أصدر بيانًا عن المكالمة بين الطرفين، إلا أن البيان لم يتطرق إلى ما ورد بالشأن الإيراني، واكتفى البيان بالإشارة إلى طلب "العبادي" من "ترامب" رفع حظر سفر العراقيينلأمريكا، إلا أن البيت الأبيض قد أصدر بيانًا، الجمعة، قال فيه إن "ترامب" و"العبادي" ناقشا "التهديد الذي تمثله إيران على المنطقة بأكملها". على إثر ذلك قال "العبادي"، أمس السبت: إن العراق لا يريد أن يكون طرفًا في أي صراع إقليمي أو دولي، وذلك بعد كشف البيت الأبيض عن فحوى المكالمة التي جمعت الرئيس الأمريكي برئيس الوزراء العراقي. كان التليفزيون العراقي الرسمي نقل عن "العبادي" قوله "العراق حريص على مصالحه الوطنية ومصالح شعبه ولا يريد أن يكون طرفًا في صراع إقليمي أو دولي يؤدي إلى كوارث على المنطقة والعراق". في غضون ذلك اعتبر محللون أن حرص "العبادي" على تأكيد حياده تجاه المواجهة الأمريكيةالإيرانية المرتقبة، إنما يهدف بالدرجة الأولى تجنب غضب طهران والأحزاب والميليشيات التابعة لها، والتي وقفت ضد مساعيه لإحداث إصلاحات جذرية ومقاومة الفساد. وفي تصريحات صحفية له قال إحسان الشمري المحلل السياسي المقرب من "العبادي": إن رئيس الوزراء العراقي "يشدد مرة أخرى (في كلمته) على سياسة الحياد والنأي عن الصراع". وتجدر الإشارة هنا إلى أن "العبادي" كان تعرض لحملة هجوم شرسة من تلك الأحزاب سلم منها بعد قبوله باستمرار سيطرتها على المشهد العراقي وأن تكون قوات الحشد الشعبي جزءًا محوريًا في الحرب على الإرهاب، قبل أن يتم سن قانون باعتبارها جزءًا من المؤسسة الأمنية والعسكرية. ويشير المراقبون إلى أن القبول بأمر سيطرة إيران على خيارات الحكومة لن يترك "العبادي" في مأمن بعد أن أصبح "ترامب" رئيسًا لأمريكا وتلويحه باستعادة العراق من السيطرة الإيرانية. كان "ترامب" قد نشر في تغريدة على حسابه على تويتر قبل أسبوع، أن "إيران مازالت تتوسع أكثر فأكثر في العراق حتى بعد أن بددت الولاياتالمتحدة ثلاثة تريليونات دولار هناك منذ فترة طويلة". جدير بالذكر أن الرئيس الأمريكي لمح قبل ذلك، في حديث مع مسئولين من الاستخبارات الأميركية، إلى أن أمريكا كان يجب أن تأخذ النفط العراقي لتسديد تكاليف الغزو عام 2003، وهو ما فهم في بغداد على أنه دعوة لوضع اليد على النفط العراقي. وعادت واشنطن إلى العراق أكثر وضوحًا في الأشهر الأخيرة من إدارة باراك أوباما في إشارة إلى التراجع عن قرار الانسحاب الذي اتخذته إدارته نهاية 2011. ومن الواضح أن هذا التراجع مرتبط بهيمنة إيران على العراق. وبحسب المعنيين بالشأن العراقي فإن طهران لا تقدر على تحدي واشنطن بشكل مباشر، ولذلك يتوقع المراقبون أن تلجأ إلى تحريك وكلائها في العراق واليمن ولبنان لإطلاق تهديدات ضد المصالح الأمريكية، وهو ما بدأت به فصائل الحشد الشعبي. وعلى إثر ذلك توعد أوس الخفاجي الأمين العام لكتائب أبوالفضل العباس (إحدى فصائل الحشد الشعبي) باستهداف السفن الأمريكية قبالة سواحل اليمن. وفي شريط فيديو بثته مواقع إعلامية عراقية السبت، خاطب الخفاجي ترامب بالقول إن "المقاومة قادمة إلى أمريكا، وانتصاراتنا قادمة، وهي علامة على النصر في الأمة العربية والإسلامية، وبوارجكم المتواجدة في سواحل اليمن مهددة". وقاوم "العبادي" دعوات من سياسيين شيعة بارزين بالرد بالمثل على حظر الولاياتالمتحدة دخول العراقيين إلى الأراضي الأمريكية، وهي الخطوة التي كانت ستقود إلى تصعيد بين بغدادوواشنطن. ويرى مراقبون أن سياسة النأي بالنفس لن تقود العبادي إلى الخروج من الورطة دون أضرار خاصة أن الإدارة الجديدة جادة في تطويق إيران إقليميًا، ودفعها إلى رفع اليد عن العراق. وقال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس قبل أسبوع: "إيران هي أكبر دولة راعية للإرهاب، كما أعلنت الولاياتالمتحدة فرض عقوبات جديدة على 25 كيانًا إيرانيًا متهمة بالمساعدة في تسهيل التجربة الصاروخية".