يبدو أن العراقيين لن يغفروا لرئيس وزرائهم السابق نوري المالكي، رئيس تحالف دولة القانون، تساهله في تسليم بلاده لسيطرة تنظيم داعش الإرهابي في عدد من محافظاته وفرار الجيش العراقي من مواجهة التنظيم الإرهابي وخلع ملابسه في مشهد يخالف كل القواعد والعقائد العسكرية في كل دول العالم. ليس هذا فحسب، بل لن ينسى العراقيون حجم الفساد الذي استشرى في عهد حكومة "المالكي" والتي استمرت 8 سنوات، كما أن العراق تحول في عهد "المالكي" إلى ولاية تابعة للهيمنتين الأمريكية والإيرانية. كل ذلك تمت ترجمته خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها نوري المالكي إلى الجنوب العراقي في محافظة ميسان (العمارة)، حيث انتفضت ضد زيارته مظاهرات عارمة رفعت فيها شعارات تذكره بفساد حكمه ودخول "داعش" للعراق في عهده. والأغرب في هذه المظاهرات أنها كانت من نفس مذهب "المالكي"، فقد انتفض شيعة الجنوب من تيار مقتدى الصدر ضد "المالكي" الذي بدأ محاولاته منذ فترة للعودة من جديد للمشهد السياسي. فقد قوبل "المالكي" برفض وغضب شديدين من المتظاهرين مطالبين بطرده واستهدافه بالأحذية والحجارة، كما رفعوا لافتات حملت عبارات معبرة عن غضبهم منها: "أهالي ذي قار لا يرحبون بك". ونجا "المالكي" من مواجهة المنتفضين ضده بدخوله اجتماعا حضره العشرات من شيوخ العشائر في "ذي قار"، وعندما ارتقى المنصة ليخطب قاطعه بعضهم، متسائلا عن نتائج التحقيق في مجزرة سبايكر. واضطرت السلطات الأمنية في ميسان إلى الدفع بقوات عسكرية كبيرة في محيط فندق إقامة المالكي، لتأمينه، فيما حاولت قوات مكافحة الشغب، تفريق المحتجين. وتجدر الإشارة إلى أن المظاهرات اشتدت في ساحة الحبوبي وسط الناصرية، كما حاصر المئات من المحتجين الفندق الذي يقيم فيه المالكي، رافعين لافتات تحمل صورته وقد خط عليها باللون الأحمر حرف "أكس". وبالسؤال عمن يقف وراء هذه التظاهرات ضد "المالكي".. فحتى الآن لم يستطع أحد الجزم بمن وراءها، إلا أن "ذي قار" و"ميسان" معقلان تقليديان للصدريين، وكانت صفحات في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تابعة للصدريين قد نشرت عن أماكن التظاهرات والعبارات التي يجب ترديدها للتعبير عن رفضهم لزيارة المالكي. وردا على هذه الانتفاضات لم يصدر عن مكتب "المالكي" أي بيانات أو توضيح لما حدث، إلا أن مصدرا بالتحالف الوطني الذي يتزعمه عمار الحكيم، أكدت أن "المالكي" يشعر بحرج بالغ مما حدث. وبحسب مراقبون عراقيون فإن هذه الاحتجاجات تكشف أن رئيس تحالف دولة القانون فقد الدعم الشعبي في المحافظات الشيعية قبل السنية، وأن سياساته التي أفضت بالعراق إلى وضع صعب أمنيا واقتصاديا جمعت ضده مختلف الطيف. جدير بالذكر، وهو ما نشرته "البوابة نيوز" في وقت سابق إبان اندلاع حرب تحرير الموصل من تنظيم داعش الإرهابي أن "المالكي" يحاول جاهدا العودة من جديد إلى صدارة المشهد العراقي، حيث وقف وراء تشويه حكومة حيدر العبادي الحالية، من خلال الاستجوابات التي قدمتها مجموعة الإصلاحات البرلمانية (مجموعة تحالفات داخل مجلس النواب الليبي) والتي كانت سببا في إقالة وزيري المالية والدفاع، وكانت هناك تلميحات بأن تلك التحركات البرلمانية قد تطول "العبادي" نفسه، مما دفعه لتفكيك جبهة الإصلاحات البرلمانية، وهو الأمر الذي جعل "المالكي" يتصل بالعبادي لطمئنته بأن الاستجوابات لن تطال شخصه وأنه ستتوقف بعد أن شعر "المالكي" بتحركات "العبادي". "المالكي" مستمر في محاولاته للعودة إلى المشهد وأبرز محاولاته تبرز في انتقاد سياسيات رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، وبمعارضة التسوية التي عرضها رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم.