أثارت موافقة مجلس النواب على قانون الجمعيات الأهلية، خلال الجلسة التى عقدها الإثنين الماضي وإساله لمجلس الدولة، ردود أفعال صاخبة، بعدما شهدت الجلسة جدالًا ساخنًا بين البرلمان والحكومة حول مشروع القانون. من جهته قال ولاء جاد الكريم رئيس مؤسسة «شركاء من أجل الشفافية»: إن القانون أصبح أمرًا واقعًا، فُرض على الجميع دون انتظار رد الحكومة، وليس منظمات المجتمع المدنى وحدها، مشيرا إلى أن هناك العديد من الملاحظات على القانون أبرزها التسرع فى إصداره، وعدم طرحه للحوار المجتمعى، موضحًا أن تفاصيله متشابهة إلى حد ما مع مشروع قانون الحكومة، لكن دون ضمانات كافية لتطبيق القانون بشكل ليس فيه تعسف ضد منظمات المجتمع المدنى. وأوضح جاد الكريم، أن القانون الجديد ظاهريًا يقر الإشهار بالإخطار، وآليات لعملية تلقى التمويل الأجنبى للمنظمات التى يوافق عليها الجميع، مشيرًا إلى ضبابية السلطة التقديرية سواء للجهاز القومى لتنظيم عمل المنظمات، الذى يضم عدة جهات رقابية وأمنية، ووزارة التضامن الاجتماعى. وأكد رئيس مؤسسة «شركاء من أجل الشفافية» ضرورة إعادة صياغته، موضحًا أن القانون كان يحتاج إلى المزيد من الوقت للمناقشة والتروى لضبط صياغة مواده بشكل أفضل، قبل إصداره من البرلمان، مضيفا أنه أصبح أمرًا واقعًا لا نملك مخالفة مواده وسنخضع لأحكامه، ومن خلال الآليات القانونية والديمقراطية سنسعى إلى تغييره، وبخاصة أن البعض يشكك فى عدم دستورية بعض المواد. من جهته انتقد المحامى الحقوقى أيمن عقيل، رئيس مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، القانون الذى أقره البرلمان دون إجراء حوار مجتمعى حوله، لافتًا إلى أن مشروع القانون خرج من كونه منظمًا للعلاقة بين الدولة والمجتمع المدنى إلى مرحلة التقييس، حيث إنه رفض التضييق على الجمعيات. وقال: إن مؤسسته حصلت على تمويل أجنبى وفقًا للأطر المشروعة التى حددها قانون 84 لسنة 2002، وبمعرفة الحكومة، مضيفًا أنه يرفض التضييق على الجمعيات الأهلية، وأن قانون العقوبات يحتوى على مواد باستطاعتها معاقبة المنظمات التى تمول الإرهاب أو تتخذ مؤسساتها ستارًا لغسيل الأموال، مشددا على أن حق الحكومة مراقبة تمويل منظمات المجتمع المدنى، دون أن تعوقها عن أداء دورها المكمل للحكومة، وخاصة فى المجال التنموى. من جانبها أشادت مارجريت عازر وكيل لجنة التضامن بالمجلس بالقانون، مشيرة إلى أنه احتوى على نصوص واضحة ويخدم الجمعيات بشكل قوى، ويساعد على العمل التطوعى وتنمية المجتمع، مؤكدة أنه يعطى حماية لمؤسسات المجتمع المدنى فى تلقى الأموال وأخذ إذن بها، إضافة لمعرفة الجهة التى سيتم تمويلها والمشروع الذى يتم تمويله، لافتة إلى أن القانون أعطى حماية للجمعيات الأهلية من خلال عمل صندوق لدعم الجمعيات الصغيرة التى لا تستطيع الحصول على تمويلات، من أجل العمل التنموى والتطوعى. من جانبه قال الدكتور عاطف مخاليف عضو مجلس النواب، إن «مشروع قانون الجمعيات الأهلية كان مطلوبًا للغاية لضبط العمل الأهلى»، مؤكدا أن «جميع المواد المتواجدة فى قانون الجمعيات الأهلية جيدة ومحترمة وهى 89 مادة، ولم يحدث خلاف إلا حول 5 مواد فقط». وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن جزءا من السياسات الغربية والأمريكية يدعم رفض القانون، موضحا أن بعض الجمعيات التى تحصل على تمويل أجنبى فى الظلام ترفض القانون، لأنها متضررة منه وتسعى لتشويهه. وأيد النائب محمد عبدالعزيز الغول، وكيل لجنة حقوق الإنسان بالمجلس القانون، مؤكدا أنه جاء متفقًا مع توجه الدولة نحو تقنين التمويل الذى يدخل البلاد بلا ضابط أو رابط، مشيرا إلى أن المنتفعين من التمويل أوائل الرافضين لهذا القانون، مطالبا الجميع بضرورة إعلاء المصلحة الوطنية وحقوق الدولة قبل أى شيء، قائلا: «العشوائية وعدم وضع معايير لهذا الأمر تدمر البلاد، ولا توجد دولة فى العالم لا تضع ضوابط لمثل هذه التمويلات، لذلك لا بد أن يكون هناك تقنين».